أخيرا ستفتح الملكة إليزابيث الأم قلبها بأسرار ظلت خفية لسنوات طويلة، خلال كتاب سيصدر 17 سبتمبر القادم، وتننتظره بلهفة إنجلترا بأكملها. حيث سجلت هذه الملكة قبل عام واحد من وفاتها عام 2002 ساعات من الأحاديث بينها وبين صديق قديم، هو السير إيريك أندرسون، معلم الأمير تشارلز السابق، كشفت عن رؤيتها لموضوعات متعددة، منها الحرب العالمية الثانية ورئيسة ومارجريت ثاتشر والأميرة ديانا. كانت الملكة اليزابيث الأم، زوجة الملك جورج السادس، تبلغ من العمر 101 عاما، عندما سجلت هذا الحديث، الذى يُعتبر بدوره أمر غير عادى بالنسبة للعائلة المالكة التى لا يعطى أفرادها أحاديث إلا فى أقل قدر ممكن. لم تكن الملكة اليزابيث الأم قد أجرت إلا حوارا واحدا فقط فى حياتها، وكان ذلك قبل زواجها من جورج السادس. وهو ما أرعب المحيطين بها والحكومة وجعلها لم تتحدث منذ ذلك الوقت مجددا حتى وفاتها إلى الصحافة. وهو الأمر الذى يجعل من الغرابة فكرة اختيار العائلة المالكة للصحفى الشهير وليم شوكروس لكتابة السيرة الذاتية للملكة الأم. وهو معروف بكتبه الثرية التى كشفت أسرارا عن كيسنجر وحرب نيكسون السرية فى كمبوديا. تقول صحيفة "لوفيجارو" إن شوكروس لا يعتمد فى كتابه فقط على تسجلات الملكة الأم، ولكنه أيضا يستند إلى مقابلات أجراها مع الملكة اليزابيث الثانية والأمير تشارلز. وهو ما أتاح الفرصة أمام الكاتب لتسليط الضوء على لغز هذه الملكة التى عشقها رعاياها، ونجحت فى سحر قلب شعبها فقط لمجرد ابتسامها. فقد كانت ابتسامتها تلك أحد التجديدات التى أدخلتها هذه الملكة حين تزوجت على أسرتها الجديدة التى لم يكن أفرادها يظهرون أسنانهم عند التقاط الصور لهم. كان من المعروف أن قصة زواجها تشبه الأسطورة، حيث تحول من مجرد زواج عقل إلى حب جمع بين هذه الملكة التى نشأت فى القلاع الجليدية، وبين جورج السادس، الذى كان معروفا بأنه أقل أبناء الملكة مارى جاذبية، حيث كان عصبى المزاج ويعانى من التعثر فى الكلام. وقد أصبح هذان الزوجان الملكيان رمزا للشجاعة الإنجليزية أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما ردت الملكة إليزابيث على اقتراح برحيل الأسرة إلى أميركا فى عام 1940 قائلة: "لن يرحل أطفالى من دونى، وأنا لن أرحل بدون الملك والملك لن يرحل أبدا عن البلاد". وقد أخذت وقتها دروسا فى إطلاق النار، فى حالة هاجمها هتلر فى غرفة نومها. إلا أن الشخصية الحقيقية للملكة إليزابيث الأم ظلت مجهولة إلى حد كبير. ومن ثم من المتوقع أن تكشف التسجيلات السرية للملكة مع السير إيريك أندرسون النقاب عن ما يقرب من ثمانين عاما من الحكم الملكى فى بريطانيا. وتضيف الصحيفة أنه من المتوقع كذلك أن يلقى الكتاب الضوء على الاتهامات الموجهة إلى الملك جورج السادس بكونه شريكا، مع زوجته، فى عقد سلام منفصل مع ألمانية النازية، كما تشير الملفات التى نشرها فى عام 2000 السير وولتر مونكتون، كاتم أسرار إدوارد الثامن، شقيق الملك جورج السادس، الذى أصبح دوق وندسور والذى كان معروفا بتعاطفه مع النازية. وينتظر أيضا أن يعرض هذا الكتاب لآراء الملكة الأم فى رؤساء وزراء بريطانيا. ويقال إنها كانت تعشق مارغريت ثاتشر، فى حين كانت تراها ابنتها الملكة إليزابيث الثانية "ليبرالية جدا". كما أنه من المنتظر أن يتطرق الكتاب للدور الهام الذى لعبته الملكة الأم، والذى لا يعرف تفاصيله تماما حتى الآن، فى الفضيحة التى كانت تهدد بزعزعة استقرار النظام الملكى البريطانى، وهى قضية الأميرة ديانا. الملكة إليزابيث الأم شاركت فى اختيار الليدى ديانا سبنسر زوجة لحفيدها الأكبر، وذلك قبل أن تتخذ موقفا آخر تجاها أكثر غموضا. ومن جانبها كانت الأميرة ديانا قد صنفت هذه الملكة ضمن "أعدائها"، وتحدثت عن نظرتها المرعبة التى تثير "مزيجا من الاهتمام والشفقة".. نظرة آتية من أعماق الزمن ستقدم مما لا شك فيه تسجيلات الملكة الأم لمحة رائعة عنها.