تعرف على أسعار اللحوم بكفر الشيخ الخميس 21 أغسطس 2025    وكيل "تضامن الأقصر" الجديد يتابع وحدة الشئون بالكرنك ويلتقى مسؤولى حياة كريمة    قيود جديدة على استخدام الموبايل فى المدارس الأمريكية تشمل 35 ولاية    حسام زكى: ندعم قرار لبنان حصر السلاح بيد الدولة وعلى الجميع وأد الفتنة    إلغاء انتخابات أندية بلدية المحلة والمنصورة والشمس والترسانة بعد تعديلات قانون الرياضة    ضبط 3 أطنان أحشاء حيوانية غير صالحة للاستهلاك الآدمى فى أوسيم.. صور    طقس شديد الحرارة غدا واضطراب الملاحة ونشاط رياح والعظمى بالقاهرة 36 درجة    المشدد 15 سنة لغفير خصوصى لاتهامه بخطف واستدراج طفلة والتعدى عليها بالقناطر    خالد الجندى ب"لعلهم يفقهون": الإسلام لا يقتصر على الأركان الخمسة فقط    حماس تعليقًا على عملية رام الله: سنواصل ضرب المحتل حتى تحرير الأرض والمقدسات    جامعة أسوان تختتم فاعليات الأسبوع الأول من مبادرة "كن مستعدًا"    البورصة تخسر 5 مليارات جنيه بختام تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    جامعة الطفل تشارك في المعسكر الصيفي التاسع للمراهقين بالصين    تعيين الدكتورة هالة السعيد مستشارًا للجامعة الأمريكية بالقاهرة    معاون وزير السياحة يكشف تفاصيل استخراج الآثار من قلب بحر الإسكندرية.. فيديو    بدرية طلبة تواجه عقوبة الإيقاف أو الشطب بعد إحالتها لمجلس التأديب    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية يتفقد "المشروع الصيفى للقرآن الكريم" بأسوان    المحافظ ونائب وزير الصحة يفتتحان جهاز تفتيت حصوات الكلى بمستشفى دمياط العام    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    رئيس مركز القدس للدراسات: الحديث عن احتلال غزة جزء من مشروع "إسرائيل الكبرى"    وزير الثقافة يعلن محاور وأهداف المؤتمر الوطني «الإبداع في زمن الذكاء الاصطناعي»    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    مستخدمًا سلاح أبيض.. زوج ينهي حياة زوجته ويصيب ابنتهما في الدقهلية    «الصحة»: وفاة شخصين وإصابة 18 في حادث تصادم طريق «الإسكندرية - مطروح»    الزمالك يناشد رئيس الجمهورية بعد سحب ملكية أرض أكتوبر    بينها إسقاط الجنسية المصرية عن مواطنين.. رئيس الوزراء يصدر 4 قرارات جديدة اليوم    «الأرصاد» تحذر من حالة الطقس يومي السبت والأحد.. هل تعود الموجة الحارة؟    نائب وزير الصحة يبحث مع رئيس الأكاديمية العربية للنقل البحري سبل التعاون    كيفية صلاة التوبة وأفضل الأدعية بعدها    تقرير: تطور مفاجئ في مفاوضات تجديد عقد فينيسيوس جونيور مع ريال مدريد    «غير من شخصية الأهلي».. شوبير يكشف موقف الخطيب من ريبيرو    في جولة مفاجئة.. عميد طب قصر العيني يطمئن على المرضى ويوجه بدعم الفرق الطبية    نائب وزير الصحة يشارك في ختام فعاليات المؤتمر العلمي الشامل لزراعة الأسنان بمستشفى العلمين    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    «انتصار حورس» يفتتح الدورة ال32 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمي ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد    إيفرتون يدرس التعاقد مع مدافع مانشستر سيتي    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    دار الإفتاء: سب الصحابة حرام ومن كبائر الذنوب وأفحش المحرمات    بداية عهد جديد للتنقل الذكي والمستدام چي پي أوتو تطلق رسميًا علامة "ديبال" في مصر    ألسن عين شمس تستعرض برامجها الجديدة بنظام الساعات المعتمدة    جودة غانم: بدء المرحلة الثالثة لتنسيق الجامعات الأسبوع المقبل    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    "الأمور صعبة".. الأهلي يصدم حسام حسن بشأن إمام عاشور    انخفاض الأسمنت.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    بعد بلاغ وزارة النقل.. البلشي: مواجهة الصحافة بالتقاضي تهديد لحرية تداول المعلومات    مواعيد مباريات اليوم الخميس 21 أغسطس والقنوات الناقلة    نتنياهو يرفض مقترح الهدنة ويصر على احتلال غزة بالكامل    أخبار مصر: اعترافات مثيرة ل"ابنة مبارك المزعومة"، معاقبة بدرية طلبة، ضبط بلوجر شهيرة بحوزتها مخدرات ودولارات، إعدام سفاح الإسماعيلية    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    إذاعة القرآن الكريم| من رفعت إلى نعينع.. أصوات صنعت وجدان المسلمين    رسميًا بعد الارتفاع الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الخميس 21 أغسطس 2025    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغول
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 08 - 2009

العدو المباشر الصريح فى عداوته، ومهما تكن شراسته ودمويته..خير من عدو خفى يتسلل فى خبث وعلى مهل إلى أعز الناس، مختطفا إياهم من سياق الحياة، محولا دنياهم إلى ألم مستمر ساحق يفتت الجسد ويزهق الروح، ولا خلاص منه سوى بغيبوبة، تلك الآلام وهذه الغيبوبة التى تحول حياة ذويهم من الأهل والأحباب إلى جحيم..حتى يخرج بعضهم عن رشده، فيتمنى لهذا المغدور الموت رحمة له من ألم لا قبل للبشر بتحمله.
عن السرطان أكتب..وياله من موضوع لم أكن أتمنى أن أكتب فيه يوما، تفرض الحياة وتقلباتها على الكاتب سطورا لم تكن تخطر على قلبه، وهو عرف ارتضاه معشر الكتاب من قديم، وإلا فليس أمامهم سوى الأبراج العاجية، وهى النهاية القاطعة لأى قلم.
لكن ما العمل ووحش السرطان يختطف منا الأحباب الواحد تلو الآخر ؟ ما العمل والأرقام المؤكدة تقول إن هناك مائة ألف مريض بالسرطان انضموا إلى معهد الأورام هذا العام وحده؟ وإنه من بين كل مائة ألف مصرى يوجد 150 شخصا مصابين بالمرض اللعين؟ ليس هذا الموضوع مما يمكن للكاتب أن يتجاهله، إن كان حقا مهموما بالوطن وناسه الطيبين، أهلنا فى الريف وفى الأحياء الشعبية يسمونه (المرض الخبيث) اتقاء لذكر اسمه مجردا، يعافون ذكر الاسم، لكنهم موقنون من أن تسميته بالخبيث لا تلغى وجوده المحسوس المرعب ..!
السرطان غول متوحش، وهو ذكى..وذكاؤه شرير لا شك فى ذلك، إن لدى السرطان حاسة استشعار دقيقة للغاية بأهمية الضحايا الذين يقتنصهم، صحيح أن بعض هؤلاء الضحايا يصمد ويكتب له الله النجاة، ولكن حتى هؤلاء المرضى الاستثنائيين يمثلون شريحة محدودة من بين المصابين على وجه العموم بالمرض الخبيث، إنه يختار ضحاياه بعناية فائقة، وكأنه يريد على الدوام أن يذكرنا بخطورته وقدرته على سلبنا أخطر أسلحتنا الحضارية والإنسانية على الإطلاق: العباقرة والموهوبين.
السرطان حين يختار كاتبا أديبا وناقدا يختار الراحل الكبير رجاء النقاش، وحين يطعن شاعرا يختار أمل دنقل، وحين يحاول النيل من كاتب صحفى يختار يوسف الشريف وحسن شاه، ويقتنص من الفنانين أنور وجدى ومحمد فوزى وأحمد زكى ورشدى أباظة وناهد شريف ومديحة كامل وسعد الدين وهبة وعبد السلام أمين، ومن الأديبات نعمات البحيرى، وهو يحاول الآن محاولاته الخبيثة مع السيناريست الكبير أسامة أنور عكاشة، والقائمة تطول.
يختار السرطان إذن أن يباغت بشره المستطير أعز المصريين على قلوبنا، هؤلاء الذين لو خسرناهم كانت الخسارة فادحة بحق، إنه يبدو كمن يسعى لخلع درر التاج منا واحدة فواحدة ليستخلصها لتاجه هو، تاج الموت الأسود المؤلم ، وتاج عناء الأهل والأحباب وهم يرون أعز الناس يتألمون أمامهم وهم لا يملكون لهم ضرا ولا نفعا.
نعم..هناك حالات نجاها الله، وتمثلت فيها طفرات طبية عبقرية سواء فى مصر أو خارجها، ومنهم من امتلك عزيمة جبارة وحبا بلا حدود للحياة، فكتب له عمر جديد وهزم السرطان، لكن الأغلبية من المصابين قد لا يستطيعون خوض المعركة ذاتها، والمأساة تكتمل بعوامل متعددة..
فالتكلفة العلاجية باهظة والأعداد تتزايد، والعلاج الناجع لم يتوافر بعد، الطب فى مصر وفى العالم يستميت محاولا إيجاد سبيل للعلاج، لكنه لم يحقق هذا الحلم بعد حلم خلاص البشرية من رعب السرطان. والسرطان لم يكتف بمهاجمة هؤلاء الأعزاء وانتزاع دررهم من التاج، لكنه فى نهمه مضى يغدر بالأطفال، متلذذا بآلامهم التى تنهش قلوب الكبار وتعذبهم أكثر من أطفالهم المصابين بالسرطان..وبهذا يجد الكبار والصغار أنفسهم فى معركة ممتدة متعددة الأبعاد والعذابات مع هذا الوحش.
إنها ليست بكائية على أرواح الأعزاء الذين اختطفهم المرض الملعون، ولا هى دعوة للمزيد من الرعب منه، ربما العكس هو الصحيح والعكس هو المطلوب والضرورى. إنها معركة جديدة أمامنا ..معركة ندافع فيها عن الحياة ذاتها، دافعنا عن الأرض وحميناها واستشهد عشرات الآلاف من خيرة شبابنا ذودا عن حياضها، لكننا هذه المرة أمام هجوم سرى تسللى دنيء ، يريد اختطاف سر الحياة ذاته من أرواح أغلى الناس على أرض الوطن، وأول سلاح فى هذه المعركة أجدنى أفتقده فى الناس هو الأمل فى الشفاء، وفى أن يكتب الله النجاة للمغدورين ، هذا الأمل يضخ الحياة فى الشرايين ويقوى الجسم فى مواجهة العدو الدنيء، ومطلوب للمصريين (ثقافة) مضادة لهذا المرض، يعترفون فيها بوجوده ولا يتجاهلونه أو يدفنون رؤوسهم فى الرمال منه، وأن يمتلكوا من الأمل وإرادة الحياة ما يكفل لهم الصمود فى وجه هذا العدو الذى يحرص على ألا يرينا وجهه إلا حين يتمكن من توجيه ضرباته القاتلة.
نحن المصريون غلبنا جميع أعدائنا فى ساحات القتال، وصار علينا أن ننتصر فى هذه الساحة الجديدة التى فتحتها الأقدار على عشرات الآلاف من أعز موهوبينا وعباقرتنا ورموزنا وأطفالنا أيضا..معركة للطب فيها دور كبير، والأمل معقود بنواصى أطباء شبان يستطيعون أن يخلصونا من هذا الوحش بالعلم، نعم هو العلم والأمل..سلاحان وحيدان فاعلان معنا فى هذه المعركة، التى ستنتهى يوما بانتصار البشرية على سرطان الجسد، وليكن الله فى عون من أصابه سرطان الروح، وما أكثر السرطانات فى دنيانا، ولكن الناس لا يعلمون!
* نقلا عن المصور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.