مصطفى بكري: تعديل وزاري يشمل 15 منصبًا قريبا .. وحركة المحافظين على الأبواب    خلال 24 ساعة.. إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية وبناء مخالف بالغربية    التنمية المحلية: انتهاء كافة الاستعدادات لانطلاق الموجة الأخيرة لإزالة التعديات    محافظ قنا: بدء استصلاح وزراعة 400 فدان جديد بفول الصويا    «القومي للمرأة» ينظم عرض أزياء لحرفة التلي.. 24 قطعة متنوعة    القوات الأوكرانية تسقط 4 طائرات مسيرة روسية في أوديسا    الأمم المتحدة: تقارير تشير لانتشار الأوبئة والأمراض بين الفلسطينيين في غزة    «التحالف الوطني» بالقليوبية يشارك في المرحلة ال6 من قوافل المساعدات لغزة    استشهاد امرأة فلسطينية إثر قصف طائرات إسرائيلية لرفح    «الجنائية الدولية» تنفي ل«الوطن» صدور مذكرة اعتقال بحق نتنياهو    كيف يعالج جوميز أزمة الظهيرين بالزمالك أمام دريمز بالكونفدرالية ؟    «ليفركوزن» عملاق أوروبي جديد يحلق من بعيد.. لقب تاريخي ورقم قياسي    مرموش يسجل في فوز آينتراخت على أوجسبورج بالدوري الألماني    عاجل.. مفاجأة في تقرير إبراهيم نور الدين لمباراة الأهلي والزمالك    البحث عن مجرم مزق جسد "أحمد" بشبرا الخيمة والنيابة تصرح بدفنه    أحمد فايق يخصص حلقات مراجعة نهائية لطلاب الثانوية العامة (فيديو)    فيديوجراف| صلاح السعدني.. وداعًا العمدة سليمان غانم    تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة صلاح السعدني.. مات على سريره داخل منزله    أسرع طريقة لعمل الشيبسي في المنزل.. إليك سر القرمشة    حصل على بطاقة صفراء ثانية ولم يطرد.. مارتينيز يثير الجدل في موقعه ليل    افتتاح المؤتمر الدولي الثامن للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان    محافظة الجيزة: قطع المياه عن منطقة منشية البكاري 6 ساعات    وزارة الهجرة تطلق فيلم "حلقة وصل" في إطار المبادرة الرئاسية "أتكلم عربي"    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    الهنود يبدءون التصويت خلال أكبر انتخابات في العالم    مطار مرسى علم الدولي يستقبل 149 رحلة تقل 13 ألف سائح من دول أوروبا    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    مهرجان كان السينمائي يكشف عن ملصق النسخة 77    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    وزير الصحة يتفقد المركز الإفريقي لصحة المرأة ويوجه بتنفيذ تغييرات حفاظًا على التصميم الأثري للمبنى    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    إسلام الكتاتني: الإخوان واجهت الدولة في ثورة يونيو بتفكير مؤسسي وليس فرديًا    محاكمة عامل يتاجر في النقد الأجنبي بعابدين.. الأحد    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 4 مجازر في غزة راح ضحيتها 42 شهيدا و63 مصابا    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    ألونسو: مواجهة ريال مدريد وبايرن ميونخ ستكون مثيرة    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياسر السرى فى رسالة خاصة لليوم السابع: كامب ديفيد حرام شرعاً والشعب المصرى أكثر المتضررين

ستظل معاهدة كامب ديفيد التى وقعها الرئيس الراحل أنور السادات مع مناحم بيجين رئيس الوزراء الإسرائيلى عام 1979، مثار جدل واسع بين كل التيارات، وبصفة خاصة، التيار الإسلامى الذى بنى فتوى اغتيال السادات على توقيعه على هذه الاتفاقية، ياسر السرى أرسل لليوم السابع، رسالة خاصة أكد فيها أن كل الفتاوى التى أصدرها علماء الدين منذ الصراع مع العدو الصهيونى وحتى الآن تؤكد على تحريم الصلح مع العدو، مشيراً إلى أن قضية فلسطين هى قضية إيمان أو كفر وقضية عقيدة ودين، وواجب على المسلمين إعداد العدة لجهاد الغاصبين لها المعتدين على الحرمات والمقدسات فيها، ولن تكون بقضية وطن أو شعب أو دار سلام لإسرائيل ما بقى فى المسلمين عرق ينبض ونفس يدخل ويخرج.
وهذا نص الرسالة التى بعث بها ياسر السرى لليوم السابع
بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.. من يُطع الله ورسوله فقد فاز ورشد، ومن يعص الله ورسوله فلن يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئاً..
أما قبل..
فإنى أعوذ بالله من فتنة القول كما أعوذ به من فتنة العمل، لقد بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن نقول الحق أينما كنا ولا نخشى فى الله لوّمة لائم، ولذلك أعلن أولاً أن قوله تعالى: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)، وقوله عز وجل (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِى شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) نص قرآنى، وبيان إلهى، لم يُنسخ حتى الآن بنص دستورى أو قرار جمهورى أو اجتهادات أو مراجعات أو أى مواقف أو قوانين وضعية!
وبعد
بادئ ذى بدء، أسرد حكاية تنطبق على واقع ما نعيشه فى مصر. وملخص الحكاية أنه كان هناك شخص يقوم بمراقبة المدفن القريب من القرية فى انتظار أى عائلة تقوم بدفن ميتها، وعندما يسدل الليل ستاره ويخيم الظلام يأتى هذا الشخص إلى المدفن، ويقوم بنبش القبر ويسرق الكفن ويعيد الجثة إلى مكانها ويردم القبر ويذهب كى يبيع الكفن إلى عائلة متوفى آخر.
وكان هذا العمل مصدر رزقه الرئيسى لإعالة عائلته، لذا فإنه لم يترك ميتاً فى القرية إلا وسرق كفنه وباعه إلى عائلة ميت آخر كى تدفن به ميتها. وبعد مرور الزمن توفى الرجل وكبر ابنه. ووجد الابن أن أهل القرية يعلنون أباه فسأل أمه عن السبب فقالت له أن أبوك كان يسرق الأكفان ثم يعيد دفن الجثة، فأقسم أن يجعل أهل القرية يترحمون على أبيه وقال: والله لأجعلن الناس يترحمن على أبى، لذا كان يسرق الكفن ويترك الجثة فى العراء فأخذ الناس يترحمون على الأب لأنه لم يكن يفعل ما يفعل ابنه. وعلى ضوء هذا المثل يمكن الترحم على عهد السادات مقارنة بعهد مبارك.
كان من الأفضل أن يقول القائل: ليس بالإمكان أحسن مما كان أن يقول أن عهد السادات كان أفضل من عهد مبارك وأن يترحم على السادات مقارنة بمبارك بدلاً من القول: "إن كامب ديفيد رغم سلبياتها الكثيرة إلا أنها كانت أفضل المتاح أمام مصر وقتها.. وأن مصر بظروفها المحلية والإقليمية والدولية لن تستطيع أن تعيش باستمرار فى حالة حرب متصلة مع إسرائيل..".
إظهارًا للحق وإبطالًا للباطل، أقول إن اللين فى مواطن الشدة غلط، والشدة فى مواطن اللين غلط.. فواجب على المحتسبين أن يشتدوا فى الإنكار فى مواطن الشدة، ويلينوا فى مواطن اللين، وواجب على عموم المسلمين أن يحتسبوا على أهل المنكرات فيأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، ولا تكن المواقف مرتبطة بمصالح دنيوية أو طبقاً لتوجيهات سياسية أمنية، ويعلم الله كم ترددت فى الكتابة فى هذا الموضوع وغيره من الموضوعات احتساباً لله وحتى لا تكن هناك مهاترات يستفيد منها النظام.. وتبيينًا للأمور وتثبيتًا للصواب أقول وبالله التوفيق:
إن قضية فلسطين هى قضية إيمان أو كفر وقضية عقيدة ودين، وواجب على المسلمين إعداد العدة لجهاد الغاصبين لها المعتدين على الحرمات والمقدسات فيها، ولن تكون بقضية وطن أو شعب أو دار سلام لإسرائيل ما بقى فى المسلمين عرق ينبض ونفس يدخل ويخرج.فمن الناحية الشرعية وباتفاق جميع العلماء منذ القرن الماضى إلى الآن لا يجوز التنازل عن شبر أو ذرة من أراضى فلسطين، وفيما بعض هذه الفتاوى الجماعية:
فتوى علماء فلسطين فى القدس الشريف (26/1/1935) التى اعتمدت على فتاوى العلماء فى مصر والعراق والهند والمغرب وسوريا وبقية الأقطار الإسلامية، نصوا فيها على عدم جواز التنازل عن ذرة من أرض فلسطين، وعلى عدم جواز بيع أرض فلسطين لليهود، وأن من يفعل ذلك فهو مؤذ لله تعالى ولرسوله وخائن لهما، ومتخذ اليهود أولياء. وقد صدرت قبل ذلك فتوى فردية بما سبق من الشيخ محمد رشيد رضا، ومن رئيس هيئة العلماء المركزية فى الهند.
فتوى الأزهر الشريف عام 1956، وتأكدت بفتوى مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، وفتاوى شيوخه، وجميع العلماء الثقات، كلها تؤكد على حرمة الاعتراف بإسرائيل والصلح الدائم معها.
ومن المعلوم أن السادات قد وافق فى كامب ديفيد على اعتبار سيناء منزوعة السلاح بموجب نص المادة الثانية من الملحق رقم 1 بالاتفاقية تحت عنوان "تحديد الخطوط النهائية لمناطق نزع السلاح بسيناء"
ولننظر ماذا قال السفير محمد بسيونى رئيس لجنة الأمن القومى بمجلس الشورى حين قال فى 12 يونيو 2006 فى مجلس الشورى أن الحكومة لا تمتلك الإرادة الوطنية، وأبدى تخوفه من أن تكون هناك ضغوطا أمريكية صهيونية لعدم تنفيذ برامج التنمية بسيناء حتى تظل خالية من التجمعات البشرية والصناعية وذلك بمقتضى اتفاقية كامب ديفيد..
وإنه من الثوابت إن معاهدة "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل قد نصت على أن تبقى شبه جزيرة سيناء منطقة منزوعة السلاح.. ولقد ضيعت معاهدة كامب ديفيد الكرامة والسيادة كما ضيعت أم الرشراش المصرية (إيلات الإسرائيلية).
فمن الجدير بالذكر أن البحر الأحمر والأبيض هما المنفذان الوحيدان لإسرائيل إلى العالم الخارجى فان كانت تتصل بأوربا عن طريق البحر الأبيض فهى أحوج ما تكون إلى البحر الأحمر لتتصل بإفريقيا واسيا وإيران والهند واستراليا. والبحر الأحمر يعد الطريق الرئيسى لاستيراد البترول والمواد الإستراتيجية بالنسبة لها وهو أيضا يعد الطريق السرى لتصدير الأسلحة لأفريقيا، إذن البحر الأحمر هو شريان الحيان بالنسبة لإسرائيل التى لم يكن لها عليه أى منفذ حتى عام 1949 عندما احتلت ميناء أم الرشراش المصرى المعروف بميناء ايلات حاليا فى 10مارس 1949.
يقول البعض إن كامب ديفيد حققت مكاسب فأقول حققت مكاسب لإسرائيل فقط لا غير، ويزعمون أننا حررنا سيناء وكان بمقدورنا التحرير دون المعاهدة بالقوة والقتال وذلك بعد أن عبرنا قناة السويس ولكن للأسف!! عن طريق كامب ديفيد أخذنا سيناء منزوعة السلاح فى ثلثى مساحتها، ومقيدة التسليح فى الثلث الباقى، وباستطاعة إسرائيل استعادتها فى أى لحظة، ولقد صرح فآفى ديختر وزير الأمن الإسرائيلى منذ بضعة شهور أنهم خرجوا بسيناء بشرط إمكانية العودة إليها متى يشاءون بموجب ضمانات أمريكية!!.
وعلى كل حال فلننظر للمكر والدهاء الإسرائيلى ولماذا احتلت سيناء حيث أدركت إسرائيل أن مصر فى مقدورها منع ملاحتهم من المرور فى البحر الأحمر وقناة السويس عملت العصابات الصهيونية على إيجاد منفذ لهم على البحر الأحمر فرفضوا كل التقسيمات فى عام 1948 التى تضم العقبة إلى الأراضى العربية لأن هذا يحرمهم من هذا المنفذ الوحيد. ولم تعد إسرائيل تصبر على المفاوضات التى قد تسلبها هذا الحق من وجهة نظرها فبادرت باحتلال مثلث أم الرشراش المصرى عام 1949 واخترقت بهذا شبه جزيرة سيناء واستولى الإسرائيليون على معظم النقب وهكذا اخترعوا لهم منفذ على البحر الأحمر بوضع اليد ومساندة الانجليز. ثم أرادت مصر سلب إسرائيل ميزة ميناء أم الرشراش فأغلقت فى وجهها البحر الأحمر وهو الطريق الوحيد الموصل إلى أفريقيا عن طريق التحكم فى جزيرتى تيران وصنافير عند شرم الشيخ جنوب سيناء، وهكذا تحكمت فى مدخل خليج العقبة لتمنع إسرائيل من المرور فيه.
ومن هنا أصبح لمضيق تيران أهمية عظمى بسبب تزايد النشاط الإسرائيلى على ساحل أم الرشراش ( ميناء إيلات) ولهذا السبب احتلت إسرائيل جنوب سيناء عند شرم الشيخ عام 1956 وسيطرت على مضيق تيران وشرم الشيخ وصنافير حتى عام 1957 حين انتهى الأمر بتدويل هذه المنطقة كلها يوم 16 مارس1958 وتمكنت بذلك سفن إسرائيل من دخول خليج العقبة والبحر الأحمر وتحقق لها ما تمنته.
وباحتلال إسرائيل لأم الرشراش المصرية حرمت سيناء من السيطرة على كل الوديان والمصادر المائية التى تنحدر نحو الجزء الشمالى من سيناء أى حرمت سيناء من المياه سبب النمو والرقى والحضارة فى سيناء.
كما حرمت مصر عموما من التحكم فى رأس خليج العقبة بأقل قدرة عسكرية واستطلاع كل ما يجرى فى هذا الخليج. ولن تستطيع مصر استرداد أم الرشراش إلا بالتحرر من اتفاقية كامب ديفيد التى جعلت أم الرشراش تابعة لحدود إسرائيل وهذا ما يخالف التاريخ والجغرافيا منذ آلاف السنين.
فيا عباد الله لا يجوز التنازل عن الأوطان والخضوع للعدو بحجة أنه الأقوى، وأننا لا قبل لنا به، ولا يمكن استعادة الحقوق بالاعتراف بالعدو والخيانة والعمال والسير فى ركاب أمريكا. فالواجب أن نسعى إلى التحرر من قيود كامب ديفيد واستعادة حريتنا فى تسليح سيناء والدفاع عنها.
كما أؤكد على أنه لو اجتمعت الأنظمة العربية كلها على الاعتراف بإسرائيل أو أقامت معها علاقات دبلوماسية فهذا شأنهم وقرارهم، بل إن أهل فلسطين أنفسهم وسلطتهم أيضاً لا يملكون حق التصرف فيما لا يملكون،، فلو أنهم اتفقوا على الصلح الدائم، واعترفوا بحق إسرائيل بما تحت أيديهم من أرض فلسطين المقدسة، فإنهم يتصرفون فيما لا يملكون، بل لو أنهم اتفقوا مع الدول العربية كلها على ذلك، ونفذوا أى مبادرة من مبادرات السلام فإنهم فى الحقيقة يتصرفون فيما لا يملكون لمن لا يستحقون، نعم لو كان صلحاً مؤقتاً ظاهراً جلياً فى بنود الاتفاق لكان مقبولاً، إما وانه صلح دائم يحمل إقرار العدو على ارض إسلامية ومقدسة ومباركة واعتراف بوجوده، فإن الميزان الشرعى نصوصه وقواعده قاطعة برده، نص على ذلك فقهاؤنا فى سائر المذاهب قديماً وحديثاً.
وفى هذا المقام لابد من الاستئناس بالفتوى الصادرة من لجنة الفتوى بالأزهر الشريف بتحريم الصلح الدائم مع الكيان الإسرائيلى ووجوب الجهاد- فى يناير سنة 1956م حيث أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف برئاسة الشيخ حسنين مخلوف فتواها بشأن الموقف الإسلامى من إنشاء ما يُسمى دولة إسرائيل ومن الدولة الاستعمارية التى تساندها ومن الصلح معها، وكان الجواب التالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
اجتمعت لجنة الفتوى بالجامع الأزهر فى يوم الأحد 18 جمادى الأولى سنة 1375ه الموافق (أول يناير سنة 1956م) برئاسة السيد صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسنين محمد مخلوف عضو جماعة كبار العلماء ومفتى الديار المصرية سابقًا وعضوية السادة أصحاب الفضيلة الشيخ عيسى منون عضو جماعة كبار العلماء وشيخ كلية الشريعة سابقا (الشافعى المذهب) والشيخ محمد شلتوت عضو جماعة كبار العلماء (الحنفى المذهب) والشيخ محمد الطنيخى عضو جماعة كبار العلماء ومدير الوعظ والإرشاد (المالكى المذهب) والشيخ محمد عبد اللطيف السبطى عضو جماعة كب العلماء ومدير التفتيش بالأزهر (الحنبلى المذهب) وبحضور الشيخ زكريا البرى أمين الفتوى.
ونظرت فى الاستفتاء الآتى وأصدرت فتواها التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فقد اطلعت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف على الاستفتاء المقدم إليها عن حكم الشريعة الإسلامية فى إبرام الصلح مع إسرائيل التى اغتصبت فلسطين من أهلها وأخرجتهم من ديارهم وشردتهم نساء وأطفالا وشيبًا وشبانًا فى آفاق الأرض واستلبت أموالهم واقترفت أفظع الآثام فى أماكن العبادة والآثار والمشاهد الإسلامية المقدسة وعن حكم التواد والتعاون مع دول الاستعمار التى ناصرتها وتناصرها فى هذا العدوان الأثيم وأمدتها بالعون السياسى والمادى لإقامتها دولة يهودية فى هذا القطر الإسلامى بين دول الإسلام وعن حكم الأحلاف التى تدعو إليها دول الاستعمار والتى فى مراميها تمكين إسرائيل ومن ورائها الدول الاستعمارية أن توسع بها رقعتها وتستجلب بها المهاجرين إليها وفى ذلك تركيز لكيانها وتقوية لسلطانها مما يضيق الخناق على جيرانها ويزيد فى تهديدها لهم ويهيئ للقضاء عليهم.
وتفيد اللجنة أن الصلح مع إسرائيل كما يريده الداعون إليه، لا يجوز شرعًا لما فيه من إقرار الغاصب على الاستمرار فى غصبه، والاعتراف بحقية يده على ما اغتصبه، وتمكين المعتدى من البقاء على دعواه، وقد أجمعت الشرائع السماوية والوضعية على حرمة الغصب ووجوب رد المغضوب إلى أهله وحثت صاحب الحق على الدفاع والمطالبة بحقه، ففى الحديث الشريف: "من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قٌتل دون عرضه فهو شهيد" وفى حديث آخر "على اليد ما أخذت حتى ترد" فلا يجوز للمسلمين أن يصالحوا هؤلاء اليهود الذين اغتصبوا أرض فلسطين واعتدوا فيها على أهلها وعلى أموالهم على أى وجه يمكن اليهود من البقاء كدولة فى أرض هذه البلاد الإسلامية المقدسة، بل يجب عليهم أن يتعاونوا جميعًا على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأجناسهم لرد هذه البلاد إلى أهلها، وصيانة المسجد الأقصى مهبط الوحى ومصلى الأنبياء الذى بارك الله حوله، وصيانة الآثار والمشاهد الإسلامية من أيدى هؤلاء الغاصبين وأن يعينوا المجاهدين بالسلاح وسائر القوى على الجهاد فى هذا السبيل وأن يبذلوا فيه كل ما يستطيعون حتى تطهر البلاد من آثار هؤلاء الطغاة المعتدين.
قال تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم" ومن قصر فى ذلك أو فرط فيه أو خذل المسلمين عنه أو دعا إلى ما من شأنه تفريق الكلمة وتشتيت الشمل والتمكين لدول الاستعمار والصهيونية من تنفيذ خططهم ضد العرب والإسلام وضد هذا القطر العربى والإسلامى فهو فى حكم الإسلام مفارق للجماعة المسلمة ومقترف أعز الآثام كيف ويعلم الناس جميعًا أن اليهود يكيدون للإسلام وأهله ودياره أشد الكيد منذ عهد الرسالة إلى الآن، وأنهم يعتزمون أن لا يقفوا عند حد الاعتداء على فلسطين والمسجد الأقصى وإنما تمتد خططهم المدبرة إلى امتلاك البلاد الإسلامية الواقعة بين نهرى النيل والفرات، وإذا كان المسلمون جميعًا فى الوضع الإسلامى وحدة لا تتجزأ بالنسبة إلى الدفاع عن بيضة الإسلام فإن الواجب شرعًا أن تجتمع كلمتهم لدرء هذا الخطر والدفاع عن البلاد واستنقاذها من أيدى الغاصبين، قال تعالي: "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا" وقال تعالى: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًا فى التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم"، وقال تعالي: "الذين آمنوا يقاتلون فى سبيل الله والذين كفروا يقاتلون فى سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا".
وأما التعاون مع الدول التى تشد أزر هذه الفئة الباغية وتمدها بالمال والعتاد وتمكن لها من البقاء فى الديار فهو غير جائز شرعًا، لما فيه من الإعانة لها على هذا البغى والمناصرة لها فى موقفها العدائى ضد الإسلام ودياره
قال تعالي: "إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون". وقال تعالي: "لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها رضى الله عنه ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون".
وقد جمع الله سبحانه فى آية واحدة جميع ما تخيله الإنسان من دوافع الحرص على قراباته وصِلاته وعلى تجارته التى يخشى كسادها، وأمر بمقاطعة الأعداء وحذر المؤمنين من التأثر النفسى بشىء من ذلك واتخاذه سببًا لموالاتهم، فقال تعالي: "قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره إن الله لا يهدى القوم الفاسقين".
ولا ريب أن مظاهرة الأعداء وموادتهم يستوى فيها إمدادهم بما يقوى جانبهم ويثبت أقدامهم بالرأى والفكرة وبالسلاح والقوة-سرًّا وعلانية- مباشرة وغير مباشرة، وكل ذلك مما يحرم على المسلم مهما تخيل من أعذار ومبررات، ومن ذلك يعلم أن هذه الأحلاف التى تدعو إليها الدول الاستعمارية وتعمل جاهدة لعقدها بين الدول الإسلامية ابتغاء الفتنة وتفريق الكلمة والتمكين لها فى البلاد الإسلامية والمضى فى تنفيذ سياساتها حيال شعوبها لا يجوز لأى دولة إسلامية أن تستجيب لها وتشترك معها لما فى ذلك من الخطر العظيم على البلاد الإسلامية وبخاصة فلسطين الشهيدة التى سلمتها هذه الدول الاستعمارية إلى الصهيونية الباغية نكاية فى الإسلام وأهله وسعيًا لإيجاد دولة لها وسط البلاد الإسلامية لتكون تكأة لها فى تنفيذ مآربها الاستعمارية الضارة بالمسلمين فى أنفسهم وأموالهم وديارهم، وهى فى الوقت نفسه من أقوى مظاهر الموالاة المنهى عنها شرعًا والتى قال الله تعالى فيها: "ومن يتولهم منكم فإنه منهم" وقد أشار القرآن الكريم إلى أن موالاة الأعداء إنما تنشأ من مرض فى القلوب يدفع أصحابها إلى هذه الذلة التى تظهر بموالاة الأعداء فقال تعالي: "فترى الذين فى قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتى بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا فى أنفسهم نادمين".
وكذلك يحرم شرعًا على المسلمين أن يمكنوا إسرائيل ومَن وراءها من الدول الاستعمارية التى كفلت لها الحماية والبقاء من تنفيذ تلك المشروعات التى يُراد بها ازدهار دولة اليهود وبقاؤها فى رغد من العيش وخصوبة فى الأرض حتى تعيش كدولة تناوئ العرب والإسلام فى أعز دياره. وتفسد فى البلاد أشد الفساد وتكيد للمسلمين فى أقطارهم، ويجب على المسلمين أن يحولوا بكل قوة دون تنفيذها ويقفوا صفًّا واحدًا فى الدفاع عن حوزة الإسلام وفى إحباط هذه المؤامرات الخبيثة التى من أولها هذه المشروعات الضارة، ومَن قَصَّر فى ذلك أو ساعد على تنفيذها أو وقف موقفًا سلبيًّا منها فقد ارتكب إثمًا عظيمًا.
وعلى المسلمين أن ينهجوا نهج الرسول صلى الله عليه وسلم ويقتدوا به، وهو القدوة الحسنة فى موقفه من أهل مكة وطغيانهم بعد أن أخرجوه ومعه أصحابه رضوان الله عليه من ديارهم وحالوا بينه وبين أموالهم وإقامة شعائرهم ودنسوا البيت الحرام بعبادة الأوثان والأصنام فقد أمره الله تعالى أن يعد العدة لإنقاذ حرمه من أيدى المعتدين وأن يضيق عليهم سبل الحياة التى بها يستظهرون فأخذ عليه الصلاة والسلام يضيق عليهم فى اقتصادياتهم التى عليها يعتمدون، حتى نشبت بينه وبينهم الحروب، واستمرت رحى القتال بين جيش الهدى وجيوش الضلال، حتى أتم الله عليه النعمة، وفتح على يده مكة، وقد كانت معقل المشركين فأنقذ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، وطهر بيته الحرام من رجس الأوثان، وقلم أظافر الشرك والطغيان.
وما أشبه الاعتداء بالاعتداء، مع فارق لا بد من رعايته وهو أن مكة كان بلدًا مشتركًا بين المؤمنين والمشركين، ووطنًا لهم أجمعين بخلاف أرض فلسطين فإنها ملك للمسلمين وليس لليهود فيها حكم ولا دولة. ومع ذلك أبى الله تعالى إلا أن يظهر فى مكة الحق ويخذل الباطل ويردها إلى المؤمنين، ويقمع الشرك فيها والمشركين فأمر سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بقتال المعتدين قال تعالي: "واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم".
والله سبحانه وتعالى نبه المسلمين على رد الاعتداء بقوله تعالي: "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" ومن مبادئ الإسلام محاربة كل منكر يضر العباد والبلاد، وإذا كانت إزالته واجبة فى كل حال، فهى فى حالة هذا العدوان أوجب وألزم. فإن هؤلاء المعتدين لم يقف اعتداؤهم عند إخراج المسلمين من ديارهم وسلب أموالهم وتشريدهم فى البلاد، بل تجاوز ذلك إلى أمور تقدسها الأديان السماوية كلها وهى احترام المساجد وأماكن العبادة وقد جاء فى ذلك قوله تعالي: "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم فى الدنيا خزى ولهم فى الآخرة عذاب عظيم".
أما بعد فهذا هو حكم الإسلام فى قضية فلسطين وفى شأن إسرائيل والمناصرين لها من دول الاستعمار وغيرها، وفيما تريده إسرائيل ومناصروها من مشروعات ترفع من شأنها. وفى واجب المسلمين حيال ذلك تبينه لجنة الفتوى بالأزهر الشريف. وتهيب بالمسلمين عامة أن يعتصموا بحبل الله المتين. وأن ينهضوا بما يحقق لهم العزة والكرامة وأن يقدموا عواقب الوهن والاستكانة أمام اعتداء الباغين وتدبير الكائدين، وأن يجمعوا أمرهم على القيام بحق الله تعالى وحق الأجيال المقبلة فى ذلك، إعزازًا لدينهم القويم.
نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبهم على الإيمان به وعلى نصرة دينه وعلى العمل بما يرضيه والله أعلم.
عيسى منون عضو لجنة الفتوى وعضو جماعة كبار العلماء وشيخ كلية الشريعة "الشافعى المذهب" وحسنين محمد مخلوف رئيس لجنة الفتوى وعضو جماعة كبار العلماء، ومفتى الديار المصرية سابقًا ومحمد الطنيخى عضو لجنة الفتوى وجماعة كبار العلماء ومدير الوعظ والإرشاد "المالكى المذهب" ومحمود شلتوت عضو لجنة الفتوى وجماعة كبار العلماء "الحنفى المذهب".
وأقول أنه سواء قدمت الحكومات العربية والإسلامية ما وجب عليها بحكم الشرع أو لم تقدم فان واجب الشعوب الإسلامية فى النصرة لا يسقط عنهم فقد تعذرت النصرة بالنفس فتعينت النصرة بالمال فهو المستطاع. وهذا من أسمى أنواع الجهاد، ولهذا قدم الله تعالى الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس فى سائر المواضع التى يجتمع فيها جهاد النفس والمال، ولعل ذلك أن جهاد المال لا ينقطع، والجهاد بالنفس قد ينقطع، كما أن جهاد النفس لا يستغنى عن جهاد المال، ومن ذلك قوله تعالي: (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فى سبيل الله) وقال صلى الله عليه وسلم: «من جهز غازيا فقد غزا» ونصوص الشرع وقواعده قاطعة بوجوب الجهاد بالمال لمن استطاع بذله.
يتساءل البعض: هل كانت كامب ديفيد سببا ً فى هذه النسبة الفظيعة من الأمية والرشوة والفساد الذى عم المجتمع المصرى نقول نعم وأن من خص ثمار معاهدة كامب ديفيد طبقة رجال الأعمال التى صنعتها المعونة الأمريكية للدفاع عن السلام وعن التبعية لأمريكا، أما باقى الشعب المصرى المغلوب على أمره الذى صنع النصر وقدم التضحيات، فلقد خرج من المولد بلا حمص، بل أصبح من اشد المتضررين ولا يجد قوت يومه بسبب فساد النظام فى كافة النواحى الاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية، ولنقرأ معا ما ورد فى تقرير التنمية البشرية الصادر عام 2007 أى قبل ثلاث سنوات، بعد 33 سنة من معاهدة الاستسلام: 14 مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر، منهم 4 مليون لا يجدون قوت يومهم وأن 55% من المصريين فقراء وأصبحت مصر تحتل المركز 111 فى ترتيب البلاد الأكثر فقراً، وانه فى المقابل هناك 20% من المصريين يملكون 80% من ثروات البلاد، وان 1% من فقط من هؤلاء يمتلكون 50% من حجم هذه الثروات، ويتشارك ال99% من باقى الأغنياء فى ال50% الباقية.. وكان الله فى عون شعب مصر وقبل الأخير: كان من الأجدر والأولى لمن يتحدث عن المبادرات والمعاهدات أن يتحدث عن الحصار المفروض على أبناء فلسطين والحصار المفروض من دول الطوق، هذا الحصار المفروض على كل فلسطين والمستمر منذ عشرات السنين، والنظر فيه تفصيلًا وفى حكم الشريعة فيمن يصر على فرض الحصار على الحدود منذ عدة عقود محيطًا بكل الأراضى المقدسة لحماية الدولة اليهودية، من أى محاولات جهادية من شأنها مواجهة العدو المعتدى، لاسترداد شيء من الحق المغتصب، أو المقدسات والحرمات المهانة، فنحن أمام أربع أنظمة عربية لها حدود مع إسرائيل، ولكن تلك الحدود كلها مؤصدة فى وجه أى تسريبات مالية كانت أو عسكرية ضمن تشديدات مؤكدة ومقيدة باتفاقيات سرية أو علنية.
كان الأجدر والأولى التحدث عن لماذا لا يعلن أهل العلم كلمة الدين فى مشروع بيع فلسطين، الذى يتحالف فيه فريق المنافقين مع المرتدين وترجيح خيار تولية الأدبار أمام زحف الكيان الصهيونى، فلقد أُبرمت معاهدات، ووُقعت اتفاقات، وأُطلقت مبادرات، يعلم الجميع أنه لم يُعرض بند منها على نصوص الشريعة، ولم يدع إلى مناقشتها أو التشاور بشأنها أحد من علماء الشريعة، فلماذا تظل تلك المعاهدات والاتفاقات بمنأى عن تقويم شرعى، وحكم فقهى، بل قضائى، فى شرعية بنودها، وحكم إبرامها، والتعاهد باسم الأمة على تنفيذها واحترامها !، وأى شرعية أصلًا يمكن أن تبقى لهذه الاتفاقات أو المبادرات التى حل العلمانيون فيها وعقدوا دون أن ينظروا إلى حلال أو حرام، ودون أن يشركوا أهل الحل والعقد من العلماء فى تقويمها، أو حتى يطلبوا منهم النظر فيها؟
فاتفاقية "كامب ديفيد"، تلك الاتفاقية الإلزامية التى مضى عليها نحو ثلاثين عامًا، والتى لم نسمع خلال تلك الثلاثين حكمًا شرعيًّا مؤصلًا ومفصلًا فى بنودها وأحكامها الإلزامية من أى مؤسسة علمية، رسمية كانت أو غير رسمية، مع أن خطرها تخطى الحدود المصرية حتى وصل إلى جميع الدول العربية والإسلامية، إذ كانت تلك الاتفاقية نقطة البدء فى جر مزيد من العرب إلى خيار الاستسلام، وما ترتب عليه من توجه إلى تطبيع العلاقات مع العدو الممعن فى عدوانه والمجاهر بعداوته، فى معاهدات أو علاقات أخرى "طبيعية" علنية أو سرية.
وتلك بذاتها نازلة قديمة مقيمة منذ أن تولت "دول الطوق" افتراضًا مهمة تطويق العدو لمحاصرته، غير أنها أصبحت تطوق ما حوله بجدار أمنى عربى "رسمي"، لا يسمح منذ عقود طويلة بأى نفاذ مؤثر ولو كان محدودًا يمكن أن يرعب اليهود يومًا، أو يخفف من وطأة استفرادهم بإخوتنا داخل الحدود، وهو ما حول دول الطوق تلك إلى حرس حدود للكيان الصهيونى بذريعة الصالح الوطنى المحلى أو الأمن القومى والإقليمي!!
والمطلوب هنا التجرد لله، فسواء كانت كلمة الحق على الساسة أو لهم، فالأصل أن على الجميع الوقوف عند حدود الله، والتعامل مع المواقف وفق شريعة الله، فما يجرى التشاجر حوله، لا خيار فى حله إلا بتحكيم كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم، ما دام الجميع يقولون إنهم مسلمون، (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِى أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء: 65].
وحتى لا أطيل أكثر من ذلك فى تفاصيل الواقع المؤسف، فإنى أناشد قادة الأمة الحقيقيين من العلماء الربانيين، أن يبادروا من الآن لاستعادة حقهم فى الإمساك بزمام الأمور، على الأقل من ناحية البلاغ والبيان لحكم الشريعة فيما يُبرم ويُعقد باسم الشعوب، وما يُتفق عليه دون علمها وفى معزل عن رأى علمائها وولاة أمرها.، وأذكر نفسى وإخوانى من أبناء الحركة الإسلامية من لم يستطع أن يقول كلمة حق من أبناء الأمة فليصمت، يقول المعصوم صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".
وفى الأخير: أذكر بأن السادات قد دفع ثمن توقيعه على معاهدة كامب ديفيد على أيدى شباب ضحوا بأنفسهم فى سبيل الله – نحسبهم شهدء عند الله ولا نزكى على الله أحدا – فلقد أقدم خالد الإسلامبولى وإخوانه رحمهم الله على هذه العملية بروح الاستشهاد والتضحية، وقد بدا هذا واضحاً فى وصاياهم التى تركوها، فقد قال "خالد" فى وصيته: تصلكم رسالتى ونكون نحن فى دنيا الآخرة"، وكتب فى مذكراته: "إن الغنيمة الكبرى لأى مؤمن... وخلاصه... هى أن يقتل أو يُقتل فى سبيل الله".
وكتب "عبد الحميد عبد السلام" فى وصيته: وأسأل الله تعالى أن تشتروا آخرتكم بدنياكم ولا تغرنكم الحياة الدنيا فإن الله تعالى كتب لعباده الفوز والفلاح طالما باعوا دنياهم بأخراهم، ولا تلتفتوا إلى ما يقوله الناس عنا فهكذا لو اتبعنا أكثر من فى الأرض لأضلونا عن سبيل الله.
وأوصى "عطا طايل" أسرته ب: تحمل ما سيجرى عليهم، وأن يمسكوا أنفسهم ولا يبكوا عليه.
وأوصى "حسين عباس" ب: تحمل المشاق واستودع أهله وزوجته.
ولقد ذكر خالد الإسلامبولى فى تحقيقات النيابة العسكرية، عندما سئل عن الدافع وراء قتله أنور السادات فأجاب: "إن هناك ثلاثة أسباب دفعتنى إلى ذلك العمل:
1- أن القوانين التى يجرى بها الحكم فى البلاد لا تتفق مع تعاليم الإسلام وشرائعه.
2- أن السادات أجرى صلحاً مع اليهود.
3- اعتقال علماء المسلمين واضطهادهم وإهانتهم"
وأنهى كلامى واستشهد بما قاله فضيلة الشيخ الدكتور عمر عبد الرحمن - فك الله أسره - فى مرافعته فى قضية الجهاد أمام المحكمة العسكرية:
"قال سبحانه: {وَأُولِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ} فما المراد بأولى الأمر منكم؟ هو الحاكم المؤمن المطيع لله والرسول الملتزم بشريعته، فلا بد أن يكون أولو الأمر هم جماعة الإيمان والاستقامة والتقوى، لأن ولاية الأمر خلافة ونيابة عن صاحب الشرع فى حفظ الدين، فمن البديهى أن تودع هذه الأمانة فى يد من يؤمن بهذا الدين ويحرص على إقامة أحكامه وتطبيق شريعته، فأما من لم يكن منا أى غير المؤمنين، بأن كان ساخرا من الإسلام مستهزءا به، مهدرا الحدود، مقرا التعامل بالربا، غير حاكم بالشريعة ولا محرم كثيرا مما حرمه الله مجترئا على الدين حين قدم قانون الأحوال الشخصية، متوعدا المسلمين بأن لن يرحمهم، واعدا الصهيونية بمد زمزم الجديدة إليها، مناديا ببناء مجمع للأديان، مطبعا العلاقات مع أشد الناس عداوة للذين آمنوا، موقعا على اتفاقيتى كامب ديفيد، زاعما أن المسيح صلب، مجزئا لقواعد الدين، جاعلا القرآن عضين حيث يقرر آثما أنه لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين، فإن مَنْ هذا شأنه لا يستحق أن يكون من أولى الأمر فضلا عن أن يستحق الطاعة".
وأضاف الشيخ الدكتور عمر: " إن علماء السلطة ومن لف لفهم استدلوا بهذه الآية الكريمة على صحة معاهدة كامب ديفيد وهم بذلك يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون، فإن الآية تقول {وَإِنْ جَنَحُوا} ولم تقل وإن جنحت فما بالك والرئيس السابق هو صاحب المبادرة! وهو الذى جنح وجنحه للسلم ورحى الحرب دائرة أمر محظور شرعاً وهو الذى يقول الله فيه {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}، {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}.."
لقد جاءت كلمات الشيخ الدكتور عمر عبد الرحمن قوية مدوية تصفع كل الجهالات، وتنبه كل الغافلين القاعدين الذين رضوا بالسلامة والدعة من أجل عرض من الدنيا قليل‎.
وأعلنت كلماته بوضوح أن القانون الوضعى كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداراة.. فهو يتعارض تماماً مع شرع الله.. ومع الفطرة السليمة للبشرية جمعاء، وأن التبرؤ منه أحد المسلمات التى لا ينكرها مسلم عاقل، وأن الله قد حدد لنبيه صلى الله عليه وسلم طريقاً واحداً لإزالة فتنة الكفر (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه).. فلا التقاء بين الحق والباطل، ولا مداهنة ولا مصافحة، ولا سياسة ولا لين.. بل عداء صريح واضح هو منهج الأنبياء والرسل ومن سار على هديهم..
ومع كل ذلك فإنى أقول أن عهد السادات كان أفضل من عهد مبارك، ولنا أن نترحم على أيام السادات مقارنة بأيام مبارك.. ولا تعليق إلا أن أقول رحم الله إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد لقد ضحى بنفسه وتحمل العذاب والسجن والاهانة من اجل أن ينقذ نفسه من السقوط فى الوحل وبالتالى أنقذ أمته من السقوط، لقد كانت كلمة واحدة منه لإمام زمانه كفيله بأن يعيش فى رغد وتنتهى معاناته إنها كلمة صغيرة كما يراها من لا يأبه بالسقوط ولكنها كلمة عظيمة لمن عرف الحق وآمن به كان بإمكانه أن يقول إن القرآن مخلوق لكنه صبر وتصبر حتى أعلى الله شأنه وأصبح بحق إمام للحق، قد اجبر الجميع على أن يشهدوا له بأنه لا يقبل بالسقوط فى الوحل..
حقا أن الأعمال بخواتيمها.. فكم من الرجال ينتهى سقوطا فى الوحل.. يا مثبت القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك.. وكان الله فى عون شعب مصر.. والله المستعان والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"
أبو عمار ياسر السرى
من أبناء الحركة الإسلامية فى أرض الكنانة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.