انتخابات النواب 2025، إقبال كثيف للتصويت في لجنة شجرة مريم بالمطرية (صور)    القس أندريه زكي يهنئ بطريرك الأقباط الكاثوليك بعيد الميلاد المجيد    الكهرباء تكشف حقيقة تحصيل 12 ألف جنيه لتغيير العدادات    تخصيص قطع أراضي لإقامة 5 مشروعات خدمية في 4 محافظات    دبلوماسية الغاز    التشكيل المتوقع لنابولي أمام ميلان في كأس السوبر الإيطالي    نبيل دونجا يخوض المرحلة الأخيرة من برنامجه التأهيلي في الزمالك    ضبط القائمين على شركة غير مرخصة لإلحاق العمالة بالخارج بالقاهرة    الداخلية تكثف حملاتها لضبط المخالفات وتحرير آلاف القضايا خلال 24 ساعة    ضبط 441 قضية مخدرات و207 قطع سلاح وتنفيذ 84 ألف حكم خلال 24 ساعة    الست.. حِرْشَة؟!    جوارديولا: لو كان مرموش معنا لما لعبت بهذه الطريقة أمام برينتفورد    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    علي ماهر يضع اللمسات الأخيرة قبل مواجهة الأهلي في كأس عاصمة مصر    إعلام عبري: نتنياهو يُبلغ واشنطن قريباً بممثله الجديد في مفاوضات سوريا    المنشاوي يتلقى تقريرًا حول زيارة نائب رئيس جامعة أسيوط للمركز القومي للبحوث الاجتماعية    ارتفاع سعر الدولار بالبنوك المصرية فى تعاملات اليوم الخميس    أمواج 2.5 متر.. الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة بالبحر الأحمر    مكانش قصدى أموته.. اعترافات طالب 6 أكتوبر بقتل زميله بقطعة زجاج    التشكيل الرسمي لمواجهة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025    أمين مجمع اللغة العربية: العربية قضية أمة وهويتها ولغة الوعي القومي العربي    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    البرد القارس يودي بحياة رضيع في غزة ويرفع عدد الضحايا إلى 13    محافظ الغربية يتابع سير التصويت في اليوم الثاني لجولة الإعادة لانتخابات النواب    اسعار الفاكهه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى أسواق المنيا    وزيرة التنمية المحلية ومحافظ قنا يفتتحان محطة مياه الشرب بقرية حجازة بحري    إخماد حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم.. وتحرير محضر بالواقعة    تجديد حبس 4 سيدات بتهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب في التجمع    اقتراح أمام الشيوخ لتشكيل المجلس الأعلى للضرائب    إقبال ملحوظ على لجان الاقتراع بالسويس في اليوم الثاني لانتخابات الإعادة    انتخابات النواب 2025، توافد المواطنين على لجنة أبطال بورسعيد بالزاوية الحمراء (صور)    صحة الدقهلية نجاح فريق طبي بمستشفى السنبلاوين فى إعادة بناء وجه وفكين لمصاب    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    أنشطة مكثفة لصناع الخير عضو التحالف الوطنى فى محافظات الوجهين البحرى والقبلى    سد النهضة وتسوية الأزمة السودانية تتصدران قمة السيسي والبرهان اليوم بالقاهرة    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 3 أشخاص    مصدر بالصحة: الدفع ب10 سيارات إسعاف في حادث مروري بدائري المنيب صباح اليوم    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: انطلاق اليوم الحاسم لجولة الإعادة وسط تصويت محسوب واستقرار أمني    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    عام استثنائي من النجاحات الإنتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    سعر جرام الذهب صباح اليوم الخميس، عيار 21 وصل لهذا المستوى    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    بوليتيكو: الاتحاد الأوروبي انقسم إلى معسكرين بسبب الخلاف حول مصادرة الأصول الروسية    انخفاض ملحوظ، درجات الحرارة اليوم الخميس في مصر    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    محمود عبد الشكور يدير ندوة نقدية عقب عروض أفلام مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    سوليما تطرح «بلاش طيبة» بالتعاون مع فريق عمل أغنية «بابا» ل عمرو دياب    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أى دولة فلسطينية على أى أرض؟
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 05 - 2010

فى عام 1948 صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 181. نصّ القرار على «إقامة دولتين مستقلتين واحدة عربية والثانية يهودية على أن تخضع مدينة القدس إلى نظام دولى».
كانت تلك المرة الأولى، التى يطرح فيها شعار الدولتين. لكن هذا الشعار لم يبصر النور حتى اليوم. فهل تتحقق المعجزة الآن وتقوم الدولة العربية الفلسطينية فى موازاة إسرائيل؟
كان الفلسطينيون حتى بعد حرب عام 1948 يملكون 97.2% من مساحة ارض فلسطين التاريخية. ولكن عشية قيام إسرائيل عرضت الأمم المتحدة على الفلسطينيين بموجب مشروع التقسيم 47%من الأرض. ولما رفض العرض الفلسطينيون والعرب (وكذلك الإسرائيليون) توسعت إسرائيل فى كل اتجاه مما أدى إلى تقلّص مساحة الأرض الباقية للفلسطينيين من وطنهم إلى 22% فقط.
وبعد حرب يونيو 1967، ضمّت إسرائيل 20% من هذه الأرض الفلسطينية الباقية (بما فيها القدس).
وبموجب اتفاق أوسلو 1993، كان يفترض أن تقوم دولة فلسطينية على مساحة 47% من الثمانين بالمائة المتبقية من الاثنين والعشرين بالمائة من مساحة فلسطين التاريخية. ولكن حتى اتفاق أوسلو سقط رغم كل ما فيه من ظلم وإجحاف.
وبموجب «خارطة الطريق» فان المطروح على الفلسطينيين هو إقامة دولة على 42% من هذه البقية الباقية.
أى ان هذه الدولة العتيدة ستقوم (إذا قامت فعلا) على 42% من 80% المتبقية من أصل 22% من مساحة الأرض الفلسطينية. ولقد ابتلعت إسرائيل مساحة إضافية من تلك التى حددها اتفاق خارطة الطريق، أقامت عليها مستعمرات جديدة وشقت إليها طرقات جديدة.
ثم إن ذلك مشروط بالتنازل عن حق عودة اللاجئين، الذى كفله لهم قرار مجلس الأمن الدولى رقم 194، كما أنه مشروط بأن تكون الدولة منزوعة السلاح. وهو مشروط كذلك بتصفية مسبقة لكل فصائل المقاومة الفلسطينية. حتى إذا قامت هذه الدولة على هذه البقية الباقية من الأرض، وبموجب هذه الشروط التعجيزية، فإنها ستجد نفسها محاطة «بجدار برلينى» من الأسمنت المسلح يبلغ طوله ألف كيلومتر، وتعلوه شبكة من الأسلاك المكهربة بلغت نفقات بنائه 2 مليار دولار.. الأمر الذى يجعل من الدولة سجنا كبيرا.. بل ربما قفصين مكتظين بشعب معتقل. قفص فى بقية غزة. وقفص فى بقية الضفة الغربية. وفوق ذلك كله، بل ومقابل ذلك كله، مطلوب من الفلسطينيين أن يسبّحوا بحمد أمريكا التى تعمل على تحقيق المعجزة التى طال انتظارها وهى ولادة الدولة الفلسطينية!
وفى الواقع فإن ثمة قوى سياسية دينية فى كل من إسرائيل والولايات المتحدة ترفض من حيث المبدأ أن يكون للفلسطينيين دولة، ولو على شبر واحد من الأرض «التى وعد الله بها بنى إسرائيل». وتؤمن هذه القوى التى تتمتع بنفوذ قوى فى حكومة نتنياهو، وتلك التى تشكل العمود الفقرى لليمين الدينى الأمريكى المتجمع فى الحزب الجمهورى، بأن إقامة دولة فلسطينية فى الضفة الغربية (يهودا والسامرة) هو رفض للإرادة الإلهية، وتعطيل للوعد الإلهى، وبالتالى فهو تحدٍّ لله. وتحذر هذه القوى اليهودية والمسيحانية الصهيونية معا بأن من يفعل ذلك سوف يتعرّض لسخط الله وغضبه. لقد تمكنت هذه القوى من إفشال مشروع خارطة الطريق. كما فشّلت من قبل مشروع التقسيم فى عام 1947، ومشروع أوسلو فى عام 1992، ومشروع واى ريفر بعد ذلك.. وأخيرا مشروع كامب ديفيد فى الأسابيع الأخيرة من عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون.
غير أن الرئيس الحالى باراك أوباما يوحى بأنه جاد هذه المرة فى استيلاد الدولة الفلسطينية، كما يوحى بأنه متحرر من ضغوط اليمين الدينى الأمريكى. فالولايات المتحدة، بعد الحرب على العراق وما ألحقته به من مجازر ومآسى، تحتاج إلى مبادرة تحتوى غضب العالم العربى والإسلامى وتمتصّ كراهيته.
فى عام 1935 نشر مناحم بيجين (رئيس حكومة إسرائيل الأسبق وزعيم الليكود) مذكراته التى قال فيها: لقد عرفت طعم الجوع والخوف مرات عديدة، ولكننى بكيت مرتين فقط. المرة الأولى لدى إعلان قيام إسرائيل فى عام 1948، والمرة الثانية لدى وقوع حادث «الطالينا».
والطالينا هو اسم سفينة عسكرية أمريكية اشتراها أنصار الحركة الصهيونية فى الولايات المتحدة وأرسلوها إلى مرفأ حيفا لحساب منظمة أرجون الإرهابية التى كان يتزعمها بيجين نفسه، وذلك بعد شحنوها بخمسة آلاف بندقية حربية وثلاثة ملايين رصاصة، وثلاثة آلاف قنبلة يدوية وبمئات الأطنان من المواد المتفجرة، إضافة إلى850 متطوعا أمريكيا للقتال إلى جانب اليهود ضد عرب فلسطين.
وصلت الباخرة إلى شاطئ حيفا عشية إعلان بن جوريون (زعيم عصابة الهاجانا ثم رئيس أول حكومة إسرائيلية) قيام إسرائيل الدولة. ورغم أن الإعلان جاء بعد الاتفاق على توحيد كل العصابات الإرهابية اليهودية (الهاجانا والارجون وشترن وسواها) لتشكل كلها نواة الجيش الإسرائيلى، فقد أراد بيجين أن تحتفظ منظمته بالأسلحة. ولكن بن جوريون أصرّ على أن تحوّل الأسلحة إلى الجيش. مما أدى إلى الخلاف بين الرجلين والى وقوع أول مجابهة بينهما. اعتصم بيجين داخل السفينة، فأمر بن جوريون بقصفها. وقُصفت بالفعل، مما حمل بيجين على الفرار منها مع معظم المتطوعين القادمين من الولايات المتحدة. أدى القصف إلى إحراق السفينة والى غرقها بكامل حمولتها، وغرق معها أيضا نحو 15 متطوعا من الذين بقوا على متنها!
اعترف بن جوريون بعد ذلك فى مذكراته «أن هذا الحادث وضع الإسرائيليين عشية إعلان الدولة أمام حرب أهلية بين اليهود أنفسهم. ولكن بعد أن غرقت السفينة وخمدت النيران المشتعلة فيها. تمت ولادة الدولة». أما بيجين الذى كاد يُقتل ويغرق مع السفينة، فقد تولى فيما بعد رئاسة الحكومة. وهو الذى استقبل الرئيس المصرى الراحل أنور السادات فى القدس المحتلة فى عام 1979.. ووقّع معه على معاهدة السلام فى كامب ديفيد برعاية الرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر.
إن من سخرية القدر أن يموت بيجين فى فراشه وهو صاحب أبشع المجازر، التى ارتُكبت ضد الفلسطينيين، بما فيها مجزرة دير ياسين التى ذهب ضحيتها 200 فلسطينى فى ساعات قليلة فى شهر أبريل من عام 1948، وأن يموت إسحق رابين اغتيالا فى إحدى ساحات تل أبيب بسبب موافقته على مشروع للسلام مع الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات شخصيا. حتى إن قساوسة الحركة الصهيونية المسيحية فى الولايات المتحدة اعتبروا اغتياله انتقاما وعقابا إلهيا، لأنه وافق على «التنازل للفلسطينيين عن جزء من الأرض اليهودية المقدسة». وقد أثمر اغتيال رابين عن سقوط حزب العمل وعودة قادة الليكود (الذين اتهمتهم أرملة رابين بأنهم مسئولون عن اغتياله) إلى السلطة، حيث توالى على رئاسة الحكومة من بعده نتنياهو وباراك وشارون وأولمرت والآن نتنياهو مرة ثانية!
لقد كان رابين من «أبطال» إسرائيل ومن رجالاتها المؤسسين، وذلك نظرا للأدوار التى قام بها على الصعيدين العسكرى والسياسى. ومع ذلك فان اغتياله على يد أحد الأصوليين اليهود، جعل من القاتل رمزا مقدسا يتبارك به الأصوليون اليهود والأصوليون المسيحانيون الأمريكيون المتصهينين.
من هنا السؤال: ما هو السيناريو الذى سوف تعتمده إسرائيل إذا التزمت بالفعل بحلّ الدولتين؟ وكيف سيبرر نتنياهو إلى اليمين الدينى اليهودى.. والى اليمين الدينى المسيحانى الأمريكى حلا يقتضى «التنازل» عن أجزاء من الضفة الغربية لتقوم عليها الدولة الفلسطينية.. وماذا عن القدس.. وماذا عن الهيكل؟
معروف عن بن جوريون قوله: «لا إسرائيل من دون القدس، ولا قدس من دون الهيكل».
ومعروف عن الحركة المسيحانية الصهيونية الأمريكية شعارها الدينى: «لا عودة ثانية للمسيح من دون الهيكل». وفى أساس عقيدتها «إن الله هو الذى أعلن القدس عاصمة لإسرائيل، وإن ما قرره الله لا يغيره البشر»!
لقد واصلت إسرائيل ممارسة سياسة قضم الأراضى العربية وابتلاعها من عام 1947 حتى اليوم. فتضاءلت جراء ذلك مساحة الأرض المتبقية لقيام الدولة الفلسطينية حتى أصبحت الآن فى حجم النملة بعد أن كانت فى حجم الفيل. وإذا كان قد استحال على الرؤساء الأمريكيين السابقين تمرير الفيل من «سمّ الخياط» أى من ثقب الإبرة.. فيبدو أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما قد استجمع كل قواه الآن للقيام بمعجزة تمرير النملة.. فهل تمر؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.