عبد الهادي القصبي: ملف حقوق الإنسان يحظى باهتمام بالغ يتجسد في الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان    بدء مؤتمر الهيئة الوطنية للانتخابات لإعلان نتائج جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    بدء امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة بنى سويف    جامعة بني سويف ضمن أفضل 100 جامعة في التصنيف العربي لعام 2025    استقرار سعر الدولار اليوم الخميس 25/12/2025 أمام الجنيه المصرى عند 47.54 للشراء    بحضور علي جمعة ونبيلة مكرم، "الصديقية" و"أورثوميدكس" تطلقان مبادرة شاملة لتمكين "ذوي الهمم"    وزير التعليم العالي يشهد توقيع اتفاق ثلاثي مع الخارجية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي    وزير التموين: تطوير مكاتب السجل التجاري أولوية لتحسين جودة الخدمات ودعم مناخ الاستثمار    وزير الخارجية يكشف موقف مصر من مطالب بعض الدول بحقوق المثليين    الهلال الأحمر المصري يدفع ب5900 طن مساعدات إنسانية و شتوية عبر قافلة زاد العزة ال102 إلى غزة    قصف إسرائيلى على مناطق متفرقة فى غزة.. جيش الاحتلال يستهدف المخيمات فى جباليا وخانيونس.. مصر تدفع ب 5900 طن من المساعدات الإنسانية إلى الأشقاء.. تل أبيب: لن نخرج من القطاع أبدا وننفذ مناطق أمنية عازلة    صحف جنوب أفريقيا: بروس يجهز مفاجأتين ل الفراعنة.. وصلاح السلاح الأخطر    البوروندي باسيفيك ندابيها حكما للقاء مصر وجنوب أفريقيا في كأس الأمم الأفريقية    رجال سلة الأهلي يصلون الغردقة لمواجهة الاتحاد السكندري بكأس السوبر المصري    سقوط 4 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار بروض الفرج    الإعدام شنقا لعامل قتل صديقه بسبب خلافات فى المنوفية    المؤتمر الدولي لدار علوم القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    المؤتمر الدولى لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    وزير الصحة يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية    بيان عاجل من الخارجية السعودية بشأن أحداث حضرموت والمهرة في اليمن    استشهاد لبنانيين بغارة إسرائيلية في البقاع    محافظ الإسماعيلية يهنئ الأقباط الكاثوليك بعيد الميلاد المجيد    منع التغطية الإعلامية في محاكمة المتهمين بواقعة وفاة السباح يوسف    إصابة عضلية تبعد حمدالله عن الشباب لأسابيع    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    مصرع 3 تجار مخدرات وضبط آخرين في مداهمة بؤر إجرامية بالإسكندرية    وزير الخارجية: سنرد بالقانون الدولي على أي ضرر من سد النهضة    قرار هام مرتقب للبنك المركزي يؤثر على تحركات السوق | تقرير    الصور الأولى لقبر أمير الشعراء أحمد شوقي بعد إعادة دفن رفاته في «مقابر تحيا مصر للخالدين»    الكيك بوكسينج يعقد دورة للمدربين والحكام والاختبارات والترقي بالمركز الأولمبي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    أحمد البطراوي: منصة "مصر العقارية" الذراع التكنولوجي لوزارة الإسكان وتستوعب مئات آلاف المستخدمين    أشرف فايق يطمئن الجمهور على حالة الفنان محيى إسماعيل: تعافى بنسبة 80%    «تغليظ عقوبات المرور».. حبس وغرامات تصل إلى 30 ألف جنيه    «مدبولي»: توجيهات من الرئيس السيسي بسرعة إنهاء المرحلة الأولى من حياة كريمة    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي ويؤكد دعم تطوير المنظومة الصحية    المندوب الأميركي لدى "الناتو": اقتربنا من التوصل لتسوية للأزمة الأوكرانية    25 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    تواصل تصويت الجالية المصرية بالكويت في ثاني أيام جولة الإعادة بالدوائر ال19    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    بشير التابعي يكشف عن الطريقة الأنسب لمنتخب مصر أمام جنوب إفريقيا    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    طقس الكويت اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد غياب أكثر من 4 سنوات.. ماجدة زكي تعود للدراما ب «رأس الأفعى»    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انه عمل غير صالح ..!!
نشر في الشعب يوم 05 - 02 - 2008


بقلم عبد الرحمن عبد الوهاب

الواقع العربي غني عن التحليل وتوضيح ما هو على بيّن الملأ إنها أيام طغيان وعذابات شعوب تضرب في التيه ،، أمة الإسلام العظيمة تعيش أيام نحس مستمر أو حسب ما يقول اليهود diaspora
الشتات ، وتبحث عن الخلاص . إننا نعيش دياسبورا إسلامية .. نريد فقط أيام مجد نضرب فيه الرقاب . نشد الوثاق ، فقط نريد يوم يشفي صدور قوم مؤمنين .. أمه الإسلام كالأيتام على مأدبة اللئام ..
غرض لنابل وأكلة لآكل ، ويحتوشها الأوغاد من كل جانب .. ولا من خليفة متوضيء يحكم الكون ويدفع الكفر له الجزية ..حسبنا صناديد الكفر في واشنطن ..
كان السياق الإسلامي في الحكم .. إصلاح الدين والدنيا للبشر ونصرة الله ورسوله.. لقد كتب الإمام علي إلى مالك الاشتر يوما : هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين، مالك بن الحارث الأشتر في عهده إليه، حين ولاه مصر: جباية خراجها، و جهاد عدوها، و استصلاح أهلها، و عمارة بلادها. أمره بتقوى الله، و إيثار طاعته، و اتباع ما أمر به في كتابه: من فرائضه و سننه، التي لا يسعد أحد إلا بإتباعها، و لا يشقى إلا مع جحودها و إضاعتها، و أن ينصر الله سبحانه بقلبه و يده و لسانه، فإنه، جل اسمه، قد تكفل بنصر من نصره، و إعزاز من أعزه.
نلاحظ .. جهاد عدوها، واستصلاح أهلها وعمارة بلادها .. وتقوى الله وإيثار طاعته .. إلا أنهم اليوم لم يجاهدوا عدوها ولم يتقوا الله ولم يتبعوا الكتاب ولا السنة ،، وحاربوا الله ولم ينصروه . لا بقلبهم ولا بيدهم ولا لسانهم .
بل على العكس كانوا اشد على الرحمن عتيا.. (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً) (مريم : 69 ) ماذا يعني ، ان يسب شاعر الله سبحانه وتعالى .. على صفحات مجلات مبارك وفاروق حسني ، اننا اليوم إزاء مافيا شرسة المخالب والأنياب ،متعددة الأطراف كالاخطبوط . مافيا الأمن .. ومافيا المال ، ومافيا الإعلام . ومافيا السياسة .ومافيا الدين وما أدراك بزقزوق وابن ابي جمعه والمستغرب ان كل هذه الأنواع من المافيا أعلنت الحرب على الله ..ناهيك عن الحرب الدائرة في العراق ، ناهيك عن الساحة الإسلامية والحرب على الإسلام في هولندا .. والدانمارك من قبل . غريب ان يقوم المصلحين بدورهم على الساحة وقد اتسع الخرق على الراقع .. وعلى أي جهة يكون الإصلاح وكل ركن من الأركان ضرب فيه الفساد إلى منتهاه ..بالرغم انه لا يكلف الله نفسا الا وسعها ,, ويأتي النبي يوم القيامة ومعه الرجل والرجلان ويأتي النبي ليس معه أحد فالمفترض ان يؤدي كل منا واجب الدعوة الى الله..وان رجع من الصفقة صفر اليدين على ساحة المجتمع.. واقع كان فيه هذا الشعب، المصري العظيم .. لا يستحق كل هذا ، وايم الله لا يستحق كل هذا البلاء والظلم.. والتجويع، لأرى أحدهم يسب الشعب المصري على العربية نت .. قائلا عن مصر انها بلاد جائعة.. لماذا يفعل مبارك بمصر كل هذا ..؟!
هذا الشعب الذي سرق ملياراته اللصوص وحولوها إلى الخارج. وبقية الشعب..لا يجد وجبة الضعفاء (الفول والطعمية) .. أهذا ما يستحقه شعب مصر ؟!! أين الضعيف والمسكين .. ومن يحمل هم الأرامل والأيتام .. إذا كان من يعمل لا يسد فاقة بيته ،، فأين الأرامل والمساكين والأيتام ،، ليذهب احدهم ويحاول دفن أولاده أحياء. لقد قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه .. لو تعثرت بعير في العراق لسألني الله عنها .. أما نحن اليوم .. لسنا بصدد بعير ، انه شعب والله سائل مبارك لا محالة عنه وليعد نفسه للمساءلة بين يدي جبار السماوات والأرض .. لم ضيعت الأمانة .. ولم ضيعت هذا الشعب .. وليدخر مبارك نفسه لايام سوء تسوقه فيه ملائكة العذاب في قاع جهنم وساءت مصيرا.. لم ضيع الأرملة والمسكين لم ضيع الشباب والفتيات.. لم ضيّع الدين..
قال الإمام علي لمالك الاشتر عندما ولاه حكم مصر :
ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم، من المساكين والمحتاجين وأهل البؤسى والزمنى، فإن في هذه الطبقة قانعا ومعترا ، واحفظ لله ما استحفظك من حقه فيهم، و اجعل لهم قسما من بيت مالك، و قسما من غلات صوافي الإسلام في كل بلد، فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى، و كل قد استرعيت حقه، فلا يشغلنك عنهم بطر، فإنك لا تعذر بتضييعك التافه لإحكامك الكثير المهم. فلا تشخص همك عنهم، و لا تصعر خدك لهم، و تفقد أمور من لا يصل إليك منهم ممن تقتحمه العيون، وتحقره الرجال، ففرغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع. فليرفع إليك أمورهم، ثم اعمل فيهم بالإعذار إلى الله يوم تلقاه، فإن هؤلاء من بين الرعية أحوج إلى الإنصاف من غيرهم، و كل فاعذر إلى الله في تأدية حقه إليه. وتعهد أهل اليتم وذوي الرقة في السن ممن لا حيلة له، ولا ينصب للمسألة نفسه، وذلك على الولاة ثقيل، والحق كله ثقيل، وقد يخففه الله على أقوام طلبوا العاقبة فصبروا أنفسهم، ووثقوا بصدق موعود الله لهم.
واجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرغ لهم فيه شخصك، وتجلس لهم مجلسا عاما فتتواضع فيه لله الذي خلقك، و تقعد عنهم جندك و أعوانك من أحراسك وشرطك، حتى يكلمك متكلمهم غير متتعتع، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول في غير موطن: «لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متتعتع». ثم احتمل الخرق منهم والعي ، ونح عنهم الضيق والأنف يبسط الله عليك بذلك أكناف رحمته، ويوجب لك ثواب طاعته. وأعط ما أعطيت هنيئا، وامنع في إجمال وإعذار .
لقد هجا أحدهم احد الحكام
قائلا:
إن تصبك من الايام جائحة *** من نبك منك على دنيا ولا دين
إلا انه قد استلفتني ،، أشياء غريبة .فيما تنقله المواقع على الشبكة أحدها كان من تونس .. حيث نزعوا حجاب جمع من الطالبات،، واعتقالات طالت من تظاهروا غضبا لغزة بالقاهرة. انتهاء الى تقرير إخباري عن فيلم يسيء الى القرآن الكريم،، في هولندا.. وعلى الساحة الدينية نرى معالجات وإفرازات فكرية تلعب على الحبلين، ان لم تكن على كل الحبال من رجال الدين، وأخرى تبيع الوهم للشعوب بمعالجات مستورده على غرار ما أتوا بالحضارة الأمريكية إلى ابي غريب . بداية ومن حيثيات المعالجات ،لابد أن نضع في الاعتبار أن مرتكزات النهضة تعتمد أساسا على القرآن ،،حصرا وبداية وانتهاء.. ونفيد ان استبعاد القرآن من أي معالجات للنهضة هي معالجات قاصرة ومكر السيئ لحاجة في نفس الأعداء ، وهاهي الحرب تدار في العلن ،،بما يعني ان هناك مخطط مدروس. ندرك يقينا من خلال رصيدنا القرآني بأن الذكر محفوظ.. (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر : 9 ) إلا ان لابد للحق من رجال وللحق من سيوف،، لا يمكن للحق أن يعيش بدون سيف.. من هنا قال تعالى.. (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد : 25 ) والحديد هنا السيف ومادة الالة العسكرية. ولقد قالها ابن تيميه اذ لم ينفع مع الكفر الكتاب تعينت الكتائب. بل لا يختلف الغرب عن تلك الأساسيات في المعالجات.. يقول نيقولو ميكافيلي،، من هنا نستنتج ان كل الأنبياء المسلحين كانوا منتصرين والمجردين من السلاح هزموا ..
Hence it comes about that all armed Prophets have been victorious, and all unarmed Prophets have been destroyed. Niccolo Machiavelli
الحرب،، قائمة.. وصارت الشعوب ما بين مطرقة الكفر من الأغراب ومابين سندان أبناء جلدتنا من الطغاة الذين لا يتورعون ان يبطشوا بيد من حديد لجريمة اللحية وحمل المصحف، الإسلام اعتقد انه لم يشهد مثل هذه الأوضاع.. من إجرام الطرفين في( وقت واحد) فيما سلف من أزمان .
فماذا نفسر تضايق زين العابدين بن علي ان تضع طفلة مسلمة قطعة قماش على رأسها كما أمر الإسلام.. أو أن يجلب إلى السجناء في تونس المصاحف بعد تكرر مطالبهم ومن ثم يدوسها الأوغاد بالأقدام،، على مرأى من الجميع.. أو أن يضع القرآن في هولندا ضمن مشاهد داعرة.. أما على الساحة العربية فلا مانع ان يحول الطاغية المساحة الجغرافية إلى سجون ومعتقلات وزنازين ومقابر والدفن ليلا.. ويصرف عليها أكثر مما يصرف على التنمية.. غريب آمر الحكام العرب ، تراه ضاحك السن وفي اثوابه دماء العباد، وهكذا العالم العربي [إما نعجة مذبوحة أو حاكم قصابٍ] .. لقد كانت نوعية الحكام في زمننا الراهن لا تصلح لإدارة زريبة.. او مجزر أو مسلخ،، او مذبح.. لقد كانت معضلة الشعوب أنها يوميا تحت السكين .
لقد قال الإمام علي ..في رسالته للاشتر وما نحن بصددها :
إياك و الدماء و سفكها بغير حلها، فإنه ليس شي‏ء أدنى لنقمة، و لا أعظم لتبعة، و لا أحرى بزوال نعمة، و انقطاع مدة، من سفك الدماء بغير حقها. و الله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد، فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك مما يضعفه و يوهنه، بل يزيله و ينقله. و لا عذر لك عند الله و لا عندي في قتل العمد، لأن فيه قود البدن. و إن ابتليت بخطأ و أفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة، فإن في الوكزة فما فوقها مقتلة، فلا تطمحن بك نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلى أولياء المقتول حقهم.

لا مانع ان يجلب الحاكم طعامه الخاص من أوربا بطائرات خاصة.. وعلى الجانب الآخر،، يرتفع سعر الفول إلى الضعف.. انه يعتبر أن وجبة الفول المدمس المضمخة بالسوس والطعمية ذات الزيت الذي احترق غليا على مر العصور وكر الدهور.. يعتبرها الطغاة (كثير) وانها من الترف الغذائي على الشعب، بل ويحاربه فيها..
يأكل من أوربا كما قال طباخه الخاص وما زالت (عينه) على طبق الفول الذي في يد المسكين على عربة الفول بالرصيف ؟!! أمر غريب. انه مسلك قارون .فلم يطالب موسى عليه السلام قارون.. إلا بالقليل من الزكاة من ماله ليعطيه للفقراء. ولكن قارون اعتبر هذا القليل في أوضاع كانت مفاتيح كنوزه تنوء بها العصبة أولي القوة،، (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) (القصص : 76 ) اعتبر يومها قارون ان الزكاة.. كثير.
الطغيان يعتبر أن الآدميين ليسوا إلا حشرات متحركة.. تداس بالنعال.. فقط وليمر القارئ على سجون المشرق.. سترى صورة مبارك في ابي زعبل يطوف حولها السجناء.. انها صورة متطابقة مع ما قاله فرعون بالأمس..(فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) (النازعات : 24 ) وكانت مصائب هذا القرن لم نشهد لها ..عندما يتم تهديد الطلاب يرفعون الأذان.. سيفصل من المعهد الدراسي. ويجعلون لمبارك ما ليس لله ..يطاف حوله بأبي زعبل هنا.. أما( الله أكبر) تصادر أذانا هناك .. أو ان يعتبر علي جمعة ان ميكرفون الأذان من الاذي البالغ. تعالى الله علواكبيرا عيب الطغيان أنه لا يدرك أنه بشر ممن خلق .. ويجعل نفسه لله ندا .. انها نفس منهجية النمرود .. أنا أحيي وأميت .. (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (البقرة : 258 )

قال الشاعر :
كنت من كربتي أفر إليهم *** فهم كربتي فأين الفرار ..
روعة القرآن انك عندما تمر على مواقف الأنبياء مع الطغاة والمجرمين.. فما عليك إلا أن تقرأ وتسحب على الواقع.. وهنا تكمن روعة القرآن.. ستجد فرعون ما زال جاثما يذبح بالساطور.. وسترى قارون في الخليج ،،الذي يقول اوتيته على علم عندي ،، (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) (القصص : 78 ) وسترى الشعوب المسكينة غير مدربة على مواجهة الطغيان .. سترى شيوخا آتتهم آيات الله فانسلخوا منها مثل بلعام بن باعوراء .. (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الأعراف : 176 ) روعة القرآن .. انك ما أن تقف على آية ما إلا إن تصاب بالدهشة جراء الروعة.. ففي قصة نوح عليه السلام.. مكث نوح يدعو الى الله فترة زمنية ليست بالبسيطة،، ومع ذلك ما آمن معه الا قليل،، وبالرغم من تلك القلة.. إلا أن المؤمن عزيز على الله،، ولا يضيعه ولا يفرط فيه ،،فكانت السفينة ليركب بسلام ومن آمنوا معه ..كان السياق الاجتماعي بما يحمله من الألم لدى نوح عليه السلام ، بعدما استهلك نوح الدعوة بكل أشكالها ،، جهرا . (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً) (نوح : 8 ). وإسرارا .. (ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً) (نوح : 9 ) إلا أنهم عصوه .. واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا .. (قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً) (نوح : 21 )
نعم كانوا يريدون دراهم .. ولا يختلف السياق مع مسلك بني إسرائيل ، ان طالوت لم يؤت سعة من المال (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة : 247 ) ونتوقف مع نوح عليه السلام في هذا الموقف العسير والأمواج ..كان ابن نوح ..يرفض ان يفيء إلى نداء ابيه .. يا بني اركب معنا .. قال سآوي الى جبل يعصمني من الماء .. (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) (هود : 43 )
من هنا نادى نوح ربه ..
(وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) (هود : 45 )
فكان الجواب الإلهي ..

(قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (هود : 46 )
(نه عمل غير صالح )
ان روعة الإبداع ان يتكثف المشهد في عبارات دقيقة محكمة.. فكانت كلمات الله تختصر المشهد (انه عمل غير صالح ) لملمت قضية ابن نوح من كل الزوايا والأبعاد ..باختصار ..متقن ورهيب وجليل الإتقان ..
لقد ضرب الله تعالى مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط فهل كان ابن نوح منساقا وراء أمه في الخيانة للرسالة والله ورسوله وحسب التعبير القرآني (فخانتهما)...بالرغم أن هناك فرضيات اجتماعية كانت من المفترض أن تجعل ابن نوح عليه السلام وهو يرى صلاح الوالد ونور الوحي في زوايا الحيز البيئي الصغير للبيت الذي نشأ فيه ..ولكنه رفض الاستجابة للمنطق والضمير .. فضلا عما قاله الإمام علي: أضاء الصبح لذي عينين، لم تكن القضية بالنسبة لابن نوح إنها تحتاج إلى قدح زناد فكر، أو أنها معضلة عويصة على الاستيعاب أو كثير من المجهود الذهني وهو يرى وحي السماء في بيته.. وان والده بالمقاييس الأخلاقية.. رجلا فاضلا جليلا بكل الأوصاف المعتبرة للإنسان الكريم.. وعلى مقاييس السماء كان الاصطفاء كنبي كريم (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) (آل عمران : 33 ) وبالثناء الإلهي (إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً) (الإسراء : 3 )، كان هناك أمثلة رائعة.. من ال ابراهيم عليه السلام ،في إسماعيل وهو في الانصياع لأمر الله في المصطلح القرآني (فلما أسلما وتله للجبين) ،(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات : 102 ) وكان وضوح المشهد تجاه موضوع (الصلاح )في آدم عليه السلام وهو يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج ..مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح،، وتكررت نفس الكلمة من إبراهيم عليه السلام مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح .. ورأيناها في تحية الأنبياء مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح .. كانت مسيرة الأنبياء أنها ركب الصالحين ،، والرموز من الصلاح .. وقالوا في نظريات المجد ان هناك شخص ماجد في ذاته ويرفع الآخرين الى مستويات مجده ، لهذا قالها المصطفى آل محمد كل تقي ، لتتسع الدائرة لتشمل الأتقياء ليكون امة محمد هذا الشعب من الأتقياء .. كانت أمثلة رأيناها في الصالحين من العباد ممن نسلم عليهم في الصلاة (السلام عليك ايها البني ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .) كان محمد صلى الله عليه وسلم هو الابن الصالح لإبراهيم عليه السلام ..
فلقد قالوا
المجد ما بني والد الصدق ***وأحيا فعاله المولود
فكان بناء إبراهيم عليه السلام للبيت الحرام وخوضه التجربة العظمى في ميدان التوحيد ودفع ضريبة المجد والتضحية وان كان الإلقاء في النار ،، الى محمد صلى الله عليه ليخوض الملحمة .. على نحو مشابه في روعة الثبات والتحدي والتضحية ولم يختلف ال محمد عن سياق التضحية ..فكانت تضحية الحسين بشكلها الرائع .. (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (آل عمران : 34 )
فهل استنفذ ابن نوح كل درجات الرسوب في ميدان الإيمان ..بوصف جمع كل متعلقات جوانبه الشخصية والحياتية والدينية في هذا المصطلح القرآني الرهيب ..(انه عمل غير صالح )
كانت مسيرة الصالحين من العباد بمدى ما كان لهم من جانب التضحية والبذل في سبيل الله ، فلم يكن لابن نوح في ذلك الميدان شروى نقير وهو الذي كان من المفترض بما رآه من الحق المحض لرسالة أبيه ،كان من المفترض أن يحمل عبء الدعوة وما لها من سياق البذل والتضحية وهو الذي لم يقدم مجرد الطاعة أي شيء حتى وان كان الأمر يتعلق بركوب السفينة فكان (العصيان) حتى آخر طلقة في الميدان .

وإذا أردنا أن نسحب المصطلح القرآني (انه عمل غير صالح ) على واقعنا السياسي والاجتماعي ، وتلك الرموز على الساحة في ظل إعلان الحرب على الله ، آو التقاعس عن الانتصار لله ورسوله ناهيك عن تحويل حياة الشعوب الى ما لا يطاق من العذاب لتتحول حياتهم الى نوع من الجحيم سواء بالسجون او اضطرارها إلى الانتحار.. او الهروب الى شواطئ أوربا حيث الموت .وان كان ثمة نجاة من الموت فهناك موتات أخرى ..يوم ان تعاملك بلاد الاغتراب كالكلب الضال، ولا مفارقة ان تموت في سجن ابي زعبل او معتقل وادي النطرون موت الكلاب حال البقاء.. ان الإسلام يعيش المجزرة في بلاده وما زال الحاكم شاهرا سيفه في وجه الشعب.. قائلا هل من منازل .؟!
وكان السياق ..حرقوه وانصروا آلهتكم ..
وفي النهاية نفيد ، لا خلاف أن كل رمز على الساحة من هؤلاء .. ينسجم يقينا مع المصطلح القرآني وينسحب عليه القول الإلهي (انه عمل غيرصالح )
وان كان لديكم نقيض ذلك أي (أنهم عمل صالح ) فأتوني به إن كتنم صادقين .!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.