أبنائى القادة والضباط والصف والجنود .. يسعدنى أن ألتقى اليوم برجال القوات الخاصة..وأبطال الصاعقة والمظلات..وأن أتحدث إلى هذه النخبة المتميزة من أبناء قواتنا المسلحة. وتعلمون جميعا مدى اعتزازى بمؤسستنا العسكرية العريقة..فقد خرجت من بين صفوفها.. وقضيت عمرا وسط رجالها..خضت معاركها وحروبها..وكنت شاهدا على بطولات وتضحيات أبنائها. أثق أنكم تشاركوننى هذه المشاعر..فليس من شرف يعلو على شرف الدفاع عن الوطن..تلك هى المهمة المقدسة لقواتنا المسلحة .. ولرجالها فى ذلك سجل مشرف فى أوقات الحرب والسلام. الإخوة والأبناء .. إننا إذ نمضى نحو المستقبل الذى ننشده لوطننا وشعبنا..علينا أن نعى دروس التاريخ، وأن ندرك أبعاد الوضع الإقليمى والدولى الراهن، بانعكاساته وتداعياته على أمن مصر القومى ومقدرات أبنائها..ذلك هو جوهر حديثى معكم اليوم. نعم ..إن علينا أن نعى دروس التاريخ..علينا ألا ننسى ملابساته هزيمة عام 1967 ومسبباته..وعلينا ألا ننسى تضحيات شهدائنا فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر لتحرير الأرض واسترداد كرامة الوطن لقد فتحت مصر الطريق لسلام الشرق الأوسط..سلام تحميه القوة..استعدنا به كل شبر من سيناء..وضعنا نهاية لحروب استنزفت الكثير من أرواح أبنائنا وثرواتنا..ومضينا- ولا نزال- فى توجيه مواردنا لصالح مصر وشعبها. إن الشرق الأوسط لا يزال بعيدا عن الأمن والاستقرار .. ولا تزال منطقتنا تموج بالأزمات والصراعات وبؤر التوتر.. وتلقى بتداعياتها على أمن مصر القومى بمختلف أبعاده ودوائره. إننا لا نملك الانعزال عن قضايا عالمنا العربى .. كما أن قضايا الداخل المصرى لا يمكن أن تشغلنا عن دور مصر الإقليمى .. فى ارتباطه بأمن واستقرار الشرق الأوسط، وأمن الخليج والبحر الأحمر وأمن المتوسط، وبالتطورات فى السودان والصومال ودول حوض النيل، بمجمل الوضع فى أفريقيا. سيظل الشرق الأوسط ساحة للاضطراب وزعزعة الاستقرار..فى غياب تسوية سلمية عادلة للقضية الفلسطينية..وستظل هذه القضية مفتاح الحل لباقى أزمات المنطقة وصراعاتها. لقد ضاعت من قبل فرص عديدة للسلام، كنت شاهدا على وقائعها وانتكاساتها، واليوم فإننا أمام فرصة سانحة آمل ألا تضيع..فالوضع فى الشرق الأوسط بات منذرا بالخطر .. وعملية السلام لم تعد تحتمل فشلا آخر. إننا نتعامل مع إدارة أمريكية جديدة.. وقد أعلن الرئيس أوباما منذ اليوم الأول التزامه بقضية السلام وفق حل الدولتين..دعا إسرائيل لوقف الاستيطان..وأكد ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. لقد تضمن خطاب الرئيس أوباما من جامعة القاهرة..العديد من الرسائل المهمة للعالمين العربى والإسلامى، وقد استعرضت معه فى مشاوراتنا رؤية مصر لمجمل الوضع فى الشرق الأوسط .. واستمعت منه لمواقف إيجابية للغاية..واتفقنا على مواصلة العمل معا من أجل سلام عادل .. ينهى معاناة شعب فلسطين ويقيم دولته المستقلة..يفتح الباب أمام سلام شامل يغلق ملف الصراع العربى الإسرائيلى الى الأبد..ويحقق ما دعت إليه مبادرة السلام العربية. لقد أكدت للرئيس أوباما أن حل أزمات العالمين العربى والإسلامى يمر بالقدس..أكدت له ولرئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو ضرورة العودة لمفاوضات الوضع النهائى من حيث توقفت..دون إبطاء، أكدت أن الدعوة للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية تزيد من تعقيد الموقف وتجهض فرص السلام..وأن الدعوة لتعديل المبادرة العربية لإسقاط حق العودة، لن تجد من يتجاوب معها فى مصر أو غيرها. نعم..إننا أمام فرصة سانحة للسلام..تلتف حولها رؤى الولاياتالمتحدة وأوروبا.. والعديد من القوى المحبة للسلام، تلتقى هذه الرؤى مع رؤية طالما طرحناها فى مصر .. وطالما دافعنا عنها وعملنا من أجلها، رؤية تحقق تطلعات شعوب المنطقة للسلام والنمو والتنمية..رؤية تتمسك بوقف الاستيطان وإنهاء الاحتلال وبتحقيق السلام وفق أسس الشرعية الدولية..ومبدأ الأرض مقابل السلام..رؤية تؤكد أن السلام العادل هو الطريق للتعامل مع مخاطر انتشار السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل،وتهديدات قوى العنف والتطرف فى الشرق الأوسط وخارجه. إننى أتابع يوما بيوم تحرك مصر من أجل القضية الفلسطينية، واتصالاتنا بالجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وبأطراف الرباعية الدولية، وأشقائنا العرب، وشركائنا الدوليين، أتابع اتصالاتنا لدعم السلطة الفلسطينية وتحقيق الوفاق الوطنى الفلسطينى .. وأتابع جهودنا لتثبيت التهدئة فى غزة لفتح معابرها ورفع حصارها وإعادة إعمارها. إن تحركنا من أجل الشعب الفلسطينى وقضيته .. يحتم إنهاء الخلافات بين الفصائل الفلسطينية .. كى تتحدث بصوت واحد دفاعا عن شعبهم وقضيتهم . كما أن الوضع العربى الراهن يحتم - هو الآخر - إنهاء الانقسام الراهن، وصولا لمصالحة حقيقية تنحاز لهويتنا العربية .. تتصدى لمحاولات الهيمنة وبسط النفوذ .. توحد مواقفنا وتدافع عن مصالحنا المشتركة .. تدعم الأمن والاستقرار بمنطقة الخليج والعراق ولبنان .. وتحقق السلام العادل لشعب فلسطين وقضيته . الإخوة والأبناء .. إن أمن مصر القومى يواجه تحديات مماثلة فى محوره الجنوبى..نواجه فى السودان تداعيات الأزمة فى دارفور، واقتراب موعد استحقاق اتفاق السلام الشامل مع الجنوب.. إن أبناءنا رجال القوات المسلحة يشاركون فى عمليتى الأممالمتحدة لحفظ السلام فى كلا الإقليمين .. ونحن نواصل اتصالاتنا مع حكومة الخرطوم، وفصائل دارفور، وحكومة الجنوب من أجل مصالحة وطنية شاملة تحفظ وحدة السودان واستقراره ووفاق أبنائه . إننا نتابع الوضع فى القرن الأفريقى بوجه عام..وفى الصومال على وجه الخصوص، نواصل جهودنا لاستعادة الأمن والاستقرار، ونسعى للتصدى لجوهر المشكلة الصومالية، وليس لما تفرزه من ظواهر كظاهرة القرصنة . كما نوالى اتصالاتنا مع دول منابع النيل..نعمل من أجل اتفاق يعزز التعاون بين دول الحوض..ويحفظ فى ذات الوقت حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل..وهى حقوق ترتبط بأمن إمدادات المياه وأمن مصر القومى .. لا نملك التفريط فيها أو التنازل عنها. الإخوة والأبناء .. وفضلا عن الوضع فى الشرق الأوسط وأفريقيا،هناك تطورات الوضع فى أفغانستان وتداعياته على باكستان، وانعكاسات الأمن الإقليمى فى غربى آسيا على أمن منطقتنا.. وهناك تطورات الوضع فى شبه الجزيرة الكورية، وتداعياته على جهود منع الانتشار النووى فى الشرق الأوسط .. سواء فيما يتعلق بإيران أو إسرائيل . يخطئ من يتصور أننا بمعزل عن هذه التطورات..وأقول إن أحدا لا يملك أن ينعزل عن عالم اليوم بتحدياته ومخاطره..إننا نعتز بما يقدمه المستشفى العسكرى المصرى الميدانى من رعاية صحية للشعب الإفغانى..وتتواصل اتصالاتنا مع أطراف الصراع الأفغانى لاستعادة السلام والاستقرار..إلا أننى - فى ذات الوقت - لم أتجاوب مع دعوة أطراف دولية عديدة .. للمشاركة بقوات مصرية فى العمليات الدائرة بأفغانستان، قلت لهم إننى لن أغامر بأرواح أبنائى..وأكدت أن مصر لا يمكن أن تشارك فى عمليات عسكرية ضد شعوب مسلمة شقيقة. الإخوة والأبناء رجال الصاعقة والمظلات .. إننا نحتفظ بعلاقات متوازنة مع مختلف القوى الدولية المؤثرة..نمد يد الصداقة والتعاون للجميع..ونوظف علاقتنا لخدمة قضايا منطقتنا، ولدعم جهودنا لتنمية وتطوير مجتمعنا . سأستقبل هذا الشهر الرئيس الروسى ميدفيديف وسنبحث معا الوضع الإقليمى بالشرق الأوسط، بالتركيز على جهود السلام،إن الإتحاد الروسى قوة دولية كبرى ومؤثرة،وطرف هام من أطراف الرباعية الدولية،وهناك مبادرة روسية لعقد مؤتمر دولى فى (موسكو) لدفع عملية السلام .. ونحن نرحب بكل ما يمكن أن يسهم فى سلام المنطقة. لقد حظيت هذه العلاقات المصرية المتوازنة باحترام العالم .. وسوف أشارك الشهر المقبل فى قمة مجموعة الدول الثمانى الصناعية الكبرى فى إيطاليا، وسأحمل لهذه القمة رؤية مصر وأفريقيا والدول النامية..إزاء العديد من القضايا ذات الأولوية. سوف تتناول القمة قضية السلام فى الشرق الأوسط، وقضايا الاقتصاد والاستثمار والتجارة والتنمية والأمن الغذائى وأمن الطاقة،كما ستتناول قضايا البيئة وتغير المناخ.. بانعكاساتها الضارة على ظاهرة الجفاف وتصحر الأراضى، خاصة فى أفريقيا. وسوف تتناول القمة المقبلة أزمة الركود الحالى للاقتصاد العالمى..وهى أزمة بدأت فى الدول المتقدمة..وتتحمل الدول النامية معاناتها وتداعياتها..إن من حق هذه الدول النامية أن تشارك فى الحوار الدائر حول سبل تخطى هذه الأزمة،ومن حقها أن تشارك فى إصلاح مؤسسات التمويل الدولية القائمة . إننا نواصل التنسيق مع مجموعة الدول الثمانى الصناعية ومجموعة العشرين..ومع الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وغيرها من الدول النامية .. كى نطرح كل ذلك بصوت قوى ومسموع أمام القمة المقبلة فى إيطاليا .. كما نتابع ذات التنسيق مع دول الإتحاد الأفريقى .. لنخلص لمواقف مشتركة خلال القمة الأفريقية المقبلة فى ( سرت ) .. مطلع الشهر القادم. الإخوة والأبناء رجال الصاعقة والمظلات .. لقد تحركنا منذ بداية هذه الأزمة العالمية لمواجهة تداعياتها على اقتصادنا.. وأعطينا الأولوية للحفاظ على فرص العمل، ولاحتواء انعكاساتها على الأبعاد الاجتماعية لجهودنا من أجل النمو والتنمية. سوف يحقق اقتصادنا معدل نمو نحو (4 \%) بنهاية هذا العام..وسوف نعود لتحقيق معدلات نمو تتجاوز (7 \%) بعد خروج اقتصاد العالم من الركود الحالى ..نمضى فى جهودنا لتحفيز الاقتصاد بزيادة الإنفاق العام..وبمزيد من حوافز الاستثمار للقطاع الخاص المصرى والعربى والأجنبى .. وسنخرج من هذه الأزمة ببنية أساسية أكثر تطورا.. وباقتصاد أكثر قدرة على مواصلة تحقيق معدلات مرتفعة للنمو. نمضى فى ذلك بسياسات أثبتت جدواها فى احتواء أزمة الغذاء العالمى العام الماضى.. ومواجهة الأزمة العالمية الراهنة .. نمضى فى ذلك بالمزيد من خطوات الإصلاح.. وبشراكات دولية عديدة تعى قدر مصر ودورها..وتساند تحركها نحو المستقبل الأفضل . نمضى فى طريقنا بأولويات واضحة تستهدف النمو والتنمية وتوسيع قاعدة العدل الاجتماعى .. نضع نصب أعيننا المواطن المصرى والأسرة المصرية والقرية المصرية وأبناءنا الأكثر احتياجا والأولى بالرعاية ..ونصنع معا المستقبل الأفضل لمصر القوية الآمنة بجيشها تسليحا وتدريبا واستعدادا..وباقتصادها وديمقراطيتها وشعبها وحركة مجتمعها . أسعدنى أن ألتقى بكم اليوم، وأتمنى لكم كل التوفيق .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ،،،