قبيل ساعات قليلة من إلقاء خطاب أوباما للعالم الإسلامى، والذى يحظى باهتمام إعلامى عالمى, لا يزال مضمون الخطاب يشغل بال الصحف العالمية، ومنها صحيفة لوموند، التى ذهبت إلى أنه إذا كان لا أحد يعلم بعد مضمون خطاب أوباما، فعلى الأقل، يدرك الجميع ما يتمنى سماعه هؤلاء الذين سيتوجه إليهم أوباما بخطابه: أولا احترام الإسلام، وثانيا قضية الصراع الإسرائيلى الفلسطينى. أولا: الاحترام، هى تلك الكلمة التى ينبغى أن تسود مساعى أوباما للمصالحة مع العالم الإسلامى، وذلك بعد ثمانى سنوات من إدارة بوش.. احترام المسلمين بوجه عام والعرب بوجه خاص، احترام الديانة التى يعتنقها 1,2 مليار شخص فى العالم (من بينهم 350 مليون عربيا) احترام معتنقيها وأصولها، وكذلك احترام اختياراتهم فيما يتعلق بحكم ذاتهم. وثانيا: ما ينتظر العالم العربى سماعه اليوم يتعلق بالصراع الإسرائيلى الفلسطينى، والذى يشكل أساس عدم التفاهم بين الشرق والغرب. يقول دكتور عبد المنعم سعيد، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجة أن القضية الفلسطينية هى القضية التى يجتمع جميع المسلمين حولها، حتى إذا اختلفوا حول العراق أو إيران أو قضايا أخرى. وإذا كان البعض يكتفى بالحديث عنها دون اتخاذ أى موقف عملى، إلا أن الجميع يهتم بالظلم الذى يمارس هناك منذ فترة طويلة للغاية. وتؤكد الصحيفة أن أوباما قد حقق بالفعل خطوات متقدمة بهذا الصدد عندما طالب حليفته إسرائيل بتجميد عملية الاستيطان. وما ينتظره العالم العربى اليوم هو أفكار محددة حول خطته للسلام وحول يقينه بأن أمريكا قادرة على إعادة قطار المحادثات الجادة إلى مسارها الصحيح، وذلك لأن إقامة دولة فلسطينية فى الضفة الغربية وغزة لا تأتى فقط فى صالح الفلسطينيين، وإنما فى صالح الإسرائيليين كذلك. بل وفى صالح الولاياتالمتحدة أيضا، والتى أصبحت اليوم مقتنعة بأن إحدى وسائل دفع الخطر الإيرانى يكمن فى حل الصراع الإسرائيلى الفلسطينى. ومن ثم جاءت المحطة السعودية غير المنتظرة فى برنامج الزيارة الرئاسية الأمريكية، يوم الأربعاء إلى الرياض، للحصول من الملك عبد الله على إعادة التأكيد على العرض المطروح فى 2002 والخاص "بالتطبيع التام والشامل" للعلاقات بين الدول العريبة وإسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من الأراضى التى احتلتها إسرائيل منذ 2007. وهو العرض الذى لم تدرسه يوما إسرائيل بصورة جدية. وهذا الأمر هو ما يشغل الخبراء المصريين: كيف يمكن للإدارة الأمريكية الضغط على حليفتها إسرائيل لتغيير موقفها، خاصة فى ظل ردود الفعل السلبية الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية؟ إذا كان رأى دكتور عبد المنعم سعيد أن أوباما سيتوصل إلى أبعد مما ذهب إليه بوش الأب الذى فرض عقوبات مادية على إسرائيل اعتراضا على نمو الاستيطان، يبدو الشارع المصرى أقل تفاؤلا. حيث يقول محمد أبو الغيط، وهو موظف يبلغ من العمر 27 عاما : "أوباما هو بلا شك رجل شجاع، ولكنه قبل كل شىء رئيس الأمريكيين، وسوف يلقى المسئولية على المسلمين إذا كان ذلك يلائم إسرائيل". ومن ثم، تذهب الصحيفة إلى أنه سيكون من الخطأ تصور أن مصر، أكبر الدول العربية فى عدد السكان (80 مليون مواطن)، تنتظر أوباما على أنه المخلص. ففى مصر، شأنها شأن نظم ديكتاتورية عربية أخرى، تلقى الشعوب على أمريكا وعلى الغرب بوجه عام مسئولية مساندة تلك النظم السياسية فى بلادهم. وقد دعت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الرئيس أوباما للحصول على التزام باحترام الحقوق والحريات من جانب الرئيس مبارك، الذى يعد بالنسبة لأوباما قوة استقرار واعتدال داخل منطقة جغرافية تفتقر إلى ذلك بشدة.