سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 20 يوليو 2025    الأونروا تطالب برفع الحصار عن غزة: إسرائيل تجوع المدنيين وبينهم مليون طفل    فلورنتينو بيريز يستعد لتجديد عقود ثلاثي ريال مدريد    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض تدريجي في درجات الحرارة مع نشاط الرياح    إنشاء سجل مدنى منقباد الفرعي بقرية منقباد    الصحة: اعتماد 7 منشآت رعاية أولية من GAHAR ليصل العدد الإجمالي ل61 منشأة معتمدة    الأمطار الغزيرة تودي بحياة 10 أشخاص على الأقل في كوريا الجنوبية    استشهاد طفلة فلسطينية نتيجة مضاعفات سوء التغذية والجوع    وزير الدفاع الإسرائيلي يختتم زيارته لواشنطن ويشيد بعملية استهداف البرنامج النووي الإيراني    بنك التنمية الصناعية يحصد جائزة التميز المصرفي في إعادة الهيكلة والتطوير لعام 2025    المصري يبدأ تدريباته في "سوسة" التونسية استعدادا للموسم الجديد    أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم.. البطاطس ب8 جنيهات    وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية برواتب مجزية    إصابة شخصين إثر حادث انقلاب سيارة فى أطفيح    إحالة طرفي مشاجرة نشبت بالأسلحة النارية في السلام للمحاكمة    مدمن شابو.. حكاية مقتل شاب طعنا وإصابة اثنين آخرين ببولاق الدكرور    عمرو دياب يتألق ويشعل المسرح ب "بابا" في حفله بالساحل الشمالي    بكلمة ساحرة.. ريهام إبراهيم تفتتح فعاليات الدورة ال18 للمهرجان القومي للمسرح    صحة غزة تعلن إدخال شاحنات أدوية لمشافي القطاع.. وتطالب بحمايتها    الصحة السورية تعلن إرسال قافلة طبية عاجلة إلى السويداء    مصرع 3 أطفال أشقاء غرقا داخل حوض مياه ببالبحيرة    ذكرى رحيل الشيخ محمود علي البنا.. قارئ الملائكة    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية اليوم الأحد 20 يوليو 2025    رسمياً.. فتح باب التقديم للكليات العسكرية 2025 (شروط الالتحاق والتخصصات المطلوبة)    رسميًا.. موعد بداية العام الدراسي الجديد في المدارس والجامعات وقرارات وزارة التربية والتعليم للمناهج    إسرائيل.. 2000 درزي يعلنون نيتهم للانضمام إلى القتال في سوريا    ألمانيا: قرار ترامب بمواصلة دعم كييف جاء بفضل «ميرتس»    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 20 يوليو 2025.. طاقات إيجابية وتحولات حاسمة بانتظار البعض    أحمد شاكر: اختفيت عمدا عن الدراما «مش دي مصر».. وتوجيهات الرئيس السيسي أثلجت صدر الجمهور المصري    في حفل سيدي حنيش.. عمرو دياب يشعل المسرح ب"بابا"    موعد بداية شهر صفر 1447ه.. وأفضل الأدعية المستحبة لاستقباله    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    ب9 آلاف مواطن.. مستقبل وطن يبدأ أولى مؤتمراته للشيوخ بكفر الزيات    أحمد شاكر عن فيديو تقليده لترامب: تحدٍ فني جديد وتجربة غير مألوفة (فيديو)    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم في مصر بعد هبوط كبير تجاوز ال1300 جنيه    «دماغه متسوحة.. وطير عربيتين ب 50 مليون».. مجدي عبدالغني يشن هجومًا ناريًا على أحمد فتوح    «اتباع بأقل من مطالب الأهلي».. خالد الغندور يكشف مفاجأة عن صفقة وسام أبوعلي    «حماة الوطن» بأشمون يناقش تعزيز دور الشباب في العمل الحزبي    لويس دياز يبلغ ليفربول برغبته في الانتقال إلى بايرن ميونيخ    «احترم النادي وجماهير».. رسالة نارية من نجم الزمالك السابق ل فتوح    الكونغو الديمقراطية و«إم 23» توقعان اتفاقًا لوقف إطلاق النار    مفتي الجمهورية ينعى الأمير الوليد بن خالد بن طلال آل سعود    علاء مبارك يرد على ساويرس: عمر سليمان «كان رجل بمعنى الكلمة»    "عنبر الموت".. شهادات مروعة ..إضراب جماعي ل 30قيادة إخوانية وسنوات من العزل والتنكيل    جولة تفقدية لرئيس جامعة القناة على شئون التعليم والطلاب    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    في عطلة الصاغة.. سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن الأحد 20 يوليو 2025    الملاك والمستأجرون وجها لوجه في انتظار قانون الإيجار القديم    "روحهم كانت في بعض".. وفاة شخص أثناء محاولته اللحاق بجنازة والدته ببني سويف    نجم الزمالك السابق: عبدالله السعيد يستطيع السيطرة على غرفة الملابس    تجنبها ضروري للوقاية من الألم.. أكثر الأطعمة ضرراً لمرضى القولون العصبي    محمد ربيعة: عقليتى تغيرت بعد انضمامى لمنتخب مصر.. وهذا سبب تسميتى ب"ربيعة"    قافلة بيطرية من جامعة المنوفية تفحص 4000 رأس ماشية بقرية مليج    غلق 6 مطاعم فى رأس البر بعد ضبط أطعمة منتهية الصلاحية    «قولي وداعًا للقشرة».. حلول طبيعية وطبية تمنحك فروة صحية    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا يعتزل أيمن نور ويجلس فى منزله محتفظا بذكرى الوصيف؟
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 06 - 2009

إذا سألت أحدهم لماذا تتحول تيارات المعارضة المصرية العاصفة إلى نسمات هوائية رقيقة على وجه النظام بعد عام أو ثلاثة أو خمسة من ظهورها؟ أو كيف تنهار حركات المعارضة بهذه السرعة رغم هتافات الناس المتحمسة وتصريحات النخبة المتفائلة ورعب النظام الذى يظهر جليا كلما طوق مظاهرة يشارك بها 20 فردا بعشرين سيارة أمن مركزى، بواقع سيارة بها 30 فرد أمن مركزى وضابط لكل متظاهر، حتى ولو كان يبلغ من العمر أرذله؟.. سيقول لك انتظر شهرين حتى أدرس الموضوع، وأهديك إياه فى 300 صفحة من القطع الكبير.
دعك من صديقك لأن بحثه سيدور ويلف حول دور الدولة والظروف السياسية والعالمية والقبضة الأمنية، وسيغفل دون قصد شيئين، الأول: أن غالبية الحركات الاحتجاجية وتيارات المعارضة فى مصر ماتت بخناجر خلافاتها، قبل أن تمتد يد الدولة الباطشة لتنهش فى باقى عظامها، أما الشىء الثانى فإن معظم رموز المعارضة لا يملكون شجاعة التراجع المحسوب إذا كان هناك فشل أو ثقافة الاعتزال المؤقت، إن لم تكن لخططهم فرص حقيقية للمرور.. فقط يصرخون ويهددون وينددون بالنظام فى كل وقت، ويطلبون المواجهة على الرغم من كونهم «عزل».
أشعر أحيانا أن الدكتور أيمن نور رمز التغيير المصرى -شاء من شاء وأبى من أبى- سقط فى هذا الفخ، واستسلم لظلامه وضبابه لدرجة أن تحركاته تأتى فى أغلبها غير مدروسة وغير هادفة تثير حوله الشكوك أكثر مما تمنحه من تعاطف الناس، وتعيد رسم صورته من جديد فى برواز المعارض المصرى التقليدى الذى يصرخ فى التليفزيون ويشتكى من المؤامرات فى الصحف، ويطلق مبادرات وكأنه يملك سلطة تنفيذها، وهى صورة على عكس المشهد القديم الذى ظهر فيه أيمن نور زعيما سياسيا يملك حزبا شابا متماسكا وله رؤية واضحة، وخصما عنيدا يرفع شعار التغيير، ومنافسا قويا يملك تعاطفا شعبيا وشبابيا، ولا يتكلم إلا حينما يأتى وقت الكلام ولا يطلق تصريحا إلا بعد حساب دقيق لاتجاهاته وأهدافه.
ربما تكون رغبة نور فى إثبات إخلاصه لما كان ينادى به قبل دخوله السجن، هو الذى جرفه دون أن يدرى إلى فخ المعارضة على طريقة طلعت السادات ورفعت السعيد، أو ربما كانت رغبته فى نفى وجود صفقة مع النظام لأجل خروجه من السجن هى السبب فى حماسته الزائدة فى مواجهة النظام عبر تصريحات وخطط متناقضة فى بعض الأحيان ،وحالمة وخيالية فى أوقات أخرى كثيرة، بشكل جعل من درجة الالتفاف الشعبى حول نور وحزبه تختلف تماما عما كان عليه سنة 2005، على اعتبار أن الزعيم الذى انتظر الناس خروجه من السجن لم يقدم حتى الآن سوى بعض التحركات والمشروعات التى تشبه ما فعلته جبهة الإنقاذ الوطنية ورفيقاتها على درب المعارضة الوهمية، التى تبدأ بضجة إعلامية صاخبة حول فكرة وجود ائتلاف وطنى يستعد لإصدار وثيقة لإنقاذ مصر، وتنتهى بمجرد أن يقرأ هذا الائتلاف بنود الوثيقة على جموع الشعب.. وبعدها ينفض المولد، وكان الله بالسر عليما!
100 يوم وأكثر بقليل منذ خروج الدكتور أيمن نور من السجن عقب إفراج صحى بقرار من النائب العام ،بعد رحلة شاقة من البحث عن قرار الإفراج قادتها جميلة إسماعيل مستخدمة كل الأسلحة اللازمة، بداية من رسائل طلب العفو من الرئيس، ومرورا بالتظاهر والاعتصام والتقارير الصحية، وانتهاء بالشكوى للمنظمات الدولية، رحلة شارك فيها نور بمقالاته المهربة من داخل السجن أو بلاغاته عن مضايقات الأمن له داخل زنزانته، وأيضا برسائله الإعلامية إلى أوباما وغيره، وشارك فيها الناس إما بالتظاهر الواقعى أو الإلكترونى أو عبر دعوات مفتوحة للسماء، بهدف الإفراج عن رجل تعرض للظلم كونه قرر أن ينافس الرئيس على كرسيه المفضل.
خرج نور من السجن وفى رقبته آمال وطموحات بإحياء حزب الغد، وإعادة الحركة لسوق المعارضة النائمة منذ سقوط كفاية، وفشل جبهات الإنقاذ المتلاحقة بمسمياتها المختلفة، غير أن الأيام المائة نالت من أيمن نور قبل أن ينال هو منها عبر حصار أمنى وسياسى وسلسلة من المشاكل قيدت حركة الرجل الذى ينتظر منه الناس الجرى بأقصى سرعة يتحملها أمبير الحياة السياسية.
فى الأيام التى تزيد على المائة، خسر نور وظيفته بعد أن تم شطبه من نقابة المحامين، وتلقى ضربة سياسية صعبة بعدما قررت لجنة شئون الأحزاب إهداء حزب الغد إلى جبهة موسى مصطفى موسى، فى حركة حرمت نور من المظلة السياسية التى قرر أن يعمل أسفل حمايتها القانونية كزعيم روحى وعضو نشط فى الحزب، ثم جاءت الضربة القاسمة حينما خسر مصدر قوته، بعدما أعلنت جميلة إسماعيل انفصالها المؤقت عنه، وهى المعركة التى خسر فيها نور قدرا كبيرا من التعاطف والحب الشعبى الذى اكتسبه فى فترة السجن، وراهن عليه كثيرا، وهى خسارة قاسية أقسى مما يتخيلها نور نفسه، وأكثر تأثيرا على مستقبله السياسى، وأكثر مما تتوقع الدولة نفسها، لسببين:
الأول أن الناس رأت فى جميلة مثالا للزوجة المضحية والمخلصة على مدار ثلاث سنوات من السجن، وأى انفصال يحدث ستتم ترجمته على أنه حالة نكران للجميل من قبل الزوج الذى كان مفترضا أن يحمل التراب الذى تسير عليه زوجته فوق رأسه، هذا بخلاف التأثير السلبى للطلاق لدى المجتمع الشرقى.
أما السبب الثانى فهو يتعلق بفشل أيمن نور فى إدارة مشكلة انفصاله عن جميلة إسماعيل، نفى نور وحالة اللف والدوران التى اتبعها فى معالجة القضية حتى ولو كانت محاولة منه للحفاظ على أسرار بيته، تسببت دون أن يدرى فى فقدان جزء كبير من مصداقيته لدى الجماهير التى ظلت لأيام طويلة تتابع رمزها السياسى، ينفى، وينفى، وينكر، ويتهم الأمن والصحافة بمحاولة النيل منه، ثم انتهى الأمر بأن الكل كان صادقا إلا أيمن نور.
أزمة جميلة لم تكن الوحيدة فى المائة يوم وأكثر التى عاشها نور بعد الخروج من السجن، ولكنها كانت الأكثر إرباكا لزعيم حزب الغد وخططه، ولكن الفشل الذى صاحب إضراب 6 أبريل وضعفه، مقارنة بما حققه الإضراب فى العام الماضى، وضع أيمن نور وحزب الغد فى مأزق، خاصة أن نور أعلن تبنيه الكامل للإضراب على عكس الأحزاب والتيارات الأخرى، ففشل إضراب 6 أبريل 2009 طرح سؤالا حول مدى تأثير نور وحزبه؟ وإذا كان المراقبون أجابوا عن السؤال بأن حزب الغد يعانى من مشاكل كثيرة قد لا تساعده على إنجاح الإضراب بالشكل الذى حدث فى 2008، فإن نور وأعضاء الحزب، كان لديهم رأى مختلف وهو الإصرار على نجاح الإضراب وتحقيقه أهدافه، وهو الإصرار الذى لم يلق قبولا لدى الشارع ولدى بعض أعضاء حركة 6 أبريل، الذين اعترفوا بفشل الإضراب، وهو ما تسبب فى خلاف بين أعضاء الحركة انتهى باتهامات متبادلة فسرها الدكتور عمرو الشوبكى الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية بأن شباب 6 أبريل يسعون لتقليد أيمن نور والسير على خطاه.
حتى مفاجأة أيمن نور للشعب المصرى، وأول مشروعاته التى أعلن عنها عقب خروجه من السجن لم يلق النجاح المنتظر، وانتهى مصيره إلى دفاتر النسيان كحال أى أفكار لا تملك أرضية واقعية، المشروع حمل عنوان «إعلان القاهرة للديمقراطية»، تحدث عنه نور كثيرا، وراهن عليه أكثر وتعامل معه شباب حزب الغد بجدية، غير أن النتيجة كانت صدمة كبيرة لعدد من محبيه، خاصة أن إعلان القاهرة للديمقراطية جاء على طريقة الحركات الوطنية صاحبة الشو الإعلامى التى ترفع شعار لحظة واحدة يا مصر سوف نكتب وثيقة إنقاذك ونجيلك، المسودة الأولى التى أعلنها نور لإعلان القاهرة حملت مطالب يوتوبية دون آليات تنفيذ واضحة، بخلاف أن المطالب نفسها جاءت متشابهة مع ما تم إعلانه من قبل فى وثائق المعارضة المختلفة، وهو ما جعل الجميع ينظر لنور على أنه خرج من السجن ليعمل منظرا عاما، ويصرح ويرفع شعارات قد تختلف عما ترفعه الحكومة فى المضمون، ولكنها تتشابه فى مصيرها الذى ينتهى إلى مفرمة الورق أو رفوف الكتب وملفات الأرشيف، على اعتبار أن إعلان القاهرة للديمقراطية اختفى تماما بعد الإعلان عنه وكأن الأرض انشقت وبلعته.
الاندماج مع النخبة السياسية فى مصر، كان أمرا متوقعا حدوثه لأيمن نور عقب خروجه من السجن على اعتبار أن هذا الشكل هو المناسب لعودة نور للمشاركة فى الحياة السياسة فى ظل حالة الحزب السيئة، وفى ظل تهمة التزوير الذى تمنعه من المشاركة فى أى شىء، عمل جبهوى يجمع نور مع تيارات المعارضة المختلفة، يحل أزمته ويدفع به إلى أرض المشاركة السياسية فى ثوب جديد، غير أن هذا لم يحدث، وظلت الفجوة كبيرة وواسعة بين تيارات المعارضة المختلفة وبين نور، وهى حال عداء من جانب تيارات المعارضة تشبه عداء الدولة لأيمن نور، ولكن إذا كان للدولة سبب لهذا العداء، فإن عداء أهل المعارضة والنخبة فى مصر لأيمن نور ليس له مبرر حتى الآن، وهى النقطة التى كان من المفترض أن يعيد أيمن نور دراستها ويسعى لتقريب وجهات النظر بينه وبين هذه النخبة حتى يجد ظهرا يستند إليه فى معركته مع الدولة، ولكنه لم يفعل فكانت النتيجة أنه الآن يلعب وحيدا، وراجع ما حدث مع الزعيم الروحى لحزب الغد فى قضية الاعتداء الأخير عليه بلهب نارى لتكتشف أن النخبة المثقفة سواء فى صحفها أو فى جلسات نميمتها هى من أعلنت قبل أجهزة الأمن أن نور اخترع مسألة الاعتداء عليه بعدما شعر بخفوت الأضواء من حوله.
الدولة من جانبها لم تترك لنور أية فرصة لكى يلتقط أنفاسه، وسط خطواته المترنحة وغير المحسوبة بدقة، وظهر جليا أن نور سيعيش خارج السجن محاصرا، فهو ممنوع من حضور ندوات فى الجامعة الأمريكية، وهو هدف لرؤساء تحرير الصحف الحكومية، وهو عميل وخائن لأنه سافر للاجتماع مع نشطاء سياسيين فى أوروبا، وأعضاء من الاتحاد الأوروبى والبرلمان الأوروبى، وهى الحال التى فسرها لنا نور قائلا: (100 يوم وأكثر أعيشها فى سجن أكبر منذ خرجت من سجن طرة ذى الأسوار.. 100 يوم وأكثر أعيشها فى حصار وتلفيق وملاحقة ومنع من العمل والمشاركة فى الندوات والمشاركة فى العمل السياسى، حتى التعامل مع البنك مسألة شديدة الصعوبة.. حقوقى كلها معطلة، رغم أننى منذ تم الإفراج عنى قلت إننى لست أمير الانتقام، وتصورت أن هذا المعنى سيكون لدى الأطراف الأخرى، لكن تصورى طلع خاطئا لأنهم مارسوا معى نفس الدور بدون رحمة.. النظام يتدخل فى كل تفاصيل حياتى أفسد على حياتى العائلية والمهنية والسياسية، ولم يكتف بذلك بل يسعى لتشويه صورتى أمام الجماهير).
هذا الحصار وهذه المشاكل دفعت نور لأن يعلن أنه على استعداد للعودة إلى السجن مرة أخرى، طالما أنه يعيش فى سجن أكبر الآن، ربما يعكس تصريح نور السابق كثيرا من اليأس فى بعض جوانبه، وقليلا من التحدى والرغبة فى فضح الدولة على جانب آخر، ولكنه يدفعنا للعودة إلى الطرح القائم على إمكانية إعلان أيمن نور الاعتزال المؤقت ليمنح نفسه فرصة لالتقاط الأنفاس، ويحتفظ فى أذهان الناس بذكرى الوصيف (هذا هو النجاح الأقوى لنور) بدلا من الخسائر المتتالية التى يحققها فى ظل الحصار الأمنى وعدم وجود أى منفذ لتمرير مخططاته، ألا يقول العقل بذلك؟، ألم تخبرنا الأحداث السابقة أن أغلب تيارات المعارضة فى مصر انهارت لأنها خسرت قدرتها على إعلان التراجع والهدنة المؤقتة، وكأن الشعب سيتهمها بالاستسلام، إن هى قررت السكون لإعادة ترتيب الأوضاع!.. حدث ذلك مع كفاية، حينما شعرت أنها مطالبة أمام الناس بصناعة مظاهرة تسب الرئيس كل يوم فى ميدان التحرير، حتى وصل الأمر إلى أن تحولت المظاهرة إلى نكتة والهتاف إلى صراخ والآلاف المشاركة إلى أفراد لا تعدهم أصابع اليد الواحدة، فلماذا لا يقرر نور أن ينجو بنفسه من فخ استهلاك نفسه فى محاولات تقديم ما يثبت عدم تراجعه للناس، ويجلس ليفكر قليلا فى مستقبل الحزب الذى يتداعى ومستقبله الذى يوشك أن يقترب من شكل زعماء التصريحات الرنانة، بعدما بدأ مؤخرا يكثر من مناشدة الرئيس مبارك، ويطالبه بالتدخل لحل القضية الفلانية أو إنصافه أمام لجنة شئون الأحزاب، وهى تحركات تشبه إلى حد كبير تحركات زعماء الأحزاب الآخرين، ولا تليق أبدا بشخص يؤكد أنه منافس.
كلمة اعتزال لم تلق قبولا لدى أيمن نور، لأنه يرى أن ما حققه منذ خروجه من السجن جيد المستوى حتى الآن، وحينما أشرت إلى أن قرار الاعتزال يأتى بعد تقييمه للمرحلة الماضية، وتحديد نسبة نجاحه فيها قال: (أنا لا أستطيع أن أحسبها بهذا الشكل، فأنا لا أتعامل مع النتائج على طريقة ماتش الكورة ولا تستهوينى الأرقام ولكن حساباتى تتعلق بالناس، والواضح أن الفترة الماضية زادت فيها محبة الناس أكثر وزاد فيها التعاطف، وهذا هو ما أريده، ولهذا لم أفكر أبدا فى فكرة الاعتزال ولم تأت على بالى مطلقا فكرة الجلوس فى المنزل دون أن يتحقق دورى كاملا، ودورى ينتهى حينما نرى مصر أفضل، أكثر حرية وأكثر عدالة من الآن، أنا لست لاعب كرة حتى أعتزل، أمامى مشوار مهم سوف أستكمله رغم الصعوبات).
رفض نور الاعتزال بقوة ،لكنه فتح الباب لمخطط آخر أعلنه من قبل، ولكن الناس تعاملت معه على أنه مجرد نكتة، ولكن كلام نور التالى يحمل أكثر من مضمون النكتة: (باب الاعتزال مغلق ولكن باب العودة إلى السجن مفتوح .. الجميع تخيل أننى ألقى نكتة حينما قلت إننى أفكر فى العودة إلى السجن ،لأن الوضع الآن أننى فى سجن أكبر وأشد قيودا، ولكن الحقيقة أن هذا خيار مطروح وسيناريو قريب جدا، ولكن مازلت أدرسه لأنه فى وجهة نظرى سيكون أقوى رد على ما يفعله النظام معى).
انتهى كلام أيمن نور، وتبقى أفعاله فى الطريق إلينا، ربما تأتى وربما تكون مجرد طلقات فى الهواء، هذا هو ما ستخبرنا به الأيام القادمة، ولكن حتى وإن نفذ نور تصريحه الجرىء بالعودة إلى السجن، ستبقى إشكالية أن مطالبة نور بإرجاعه إلى السجن بطولة تحسب له، وتصرف غير مدروس من زعيم سياسى تنتظر منه الناس أكثر من مجرد الهروب من أرض المعركة.. فهل يستجيب أيمن نور إلى صوت العقل ويعلن هدنة مؤقتة مثل التى طلبتها جميلة إسماعيل عقب خروجه من السجن، أم أنه سيعاند الظروف ويذهب إلى حيث توجد منصات الاستعراض فقط!!
لمعلوماتك..
1964 ولد أيمن نور وبدأ حياته داخل حزب الوفد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.