انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع برئاسة المستشار الدكتور حمدى الوكيل النائب الأول لرئيس مجلس الدولة إلى أنه يجب على مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار تقرير مقابل للاستعمال المخالف للقانون على الأراضى الأثرية المتعدى عليها، على أن يتم تحصيل هذا المقابل بمعرفة المجلس ويئول إليه، وذلك مع عدم الإخلال بوجوب إزالة التعدى على تلك الأراضى. وصرح المستشار شريف الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المكتب الفنى للجمعية العمومية أن الجمعية العمومية قد استعرضت المادة (87) من القانون المدنى والقانون رقم (308) لسنة 1955 بشأن الحجز الإدارى والقانون رقم (117) لسنة 1983 بشأن حماية الآثار، وكذلك قرار رئيس الجمهورية رقم (82) لسنة 1994 الخاص بإنشاء المجلس الأعلى للآثار. واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن لملكية الدولة العامة حرمة، وواجب على كل مواطن حمايتها ودعمها على وفق القانون لكونها سنداً لقوة الوطن ومصدراً لرفاهية الشعب. وتنفيذاً لذلك حدد المشرع ما يعتبر مالاً عاماً، وحظر صراحة التصرف فى هذه الأموال أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، وأوكل إلى الجهات الإدارية القائمة على إدارة المال العام مهمة حماية وصيانة هذا المال، بل وإزالة ما قد يقع عليه من تعدى بالطريق الإدارى فى حدود ما كفله لها القانون من صلاحيات وسلطات. وأجاز المشرع لبعض الجهات الإدارية المنوط بها إدارة المال العام أن ترخص للغير فى الانتفاع بجزء منه، بما يتفق مع الغرض الأصلى الذى خصص من أجله على وفق ما تراه محققا للصالح العام، ويصطبغ الترخيص فى هذه الحالة بصبغة العقد الإدارى وتحكمه الشروط الواردة فيه والقواعد القانونية التى تنظم هذا النوع من الانتفاع، والتى ترتب للمنتفع بالمال العام حقوقاً تختلف فى مداها وقوتها بحسب طبيعة الانتفاع وطبيعة المال المقرر عليه، كما أنها تحدد حقوقه والتزاماته والتى يأتى فى مقدمتها التزامه بأداء مقابل الانتفاع المتفق عليه، وهو الريع الذى تجنيه الدولة من الترخيص بالانتفاع بملكها، وهو بهذه المثابة يعد جزءاً من المال العام ذاته لا يجوز التخلى عنه أو النزول عن حق الدولة فيه. حيث إن هذا المقابل له هذه الصفة، فإنه يكون من الواجب على جهة الإدارة – تبعاً لالتزامها بإدارة وحماية المال العام – قرير وتحصيل هذا المقابل إذا ما تم وضع اليد غصباً عليه، نظير ما أثرى به واضع اليد نتيجة انتفاعه بالمال العام وحرمان الجهة الإدارية من حقها فى إدارته، إذ لا يتصور أن يكون واضع اليد الغاصب فى وضع أفضل ممن رخص له بالانتفاع بالمال العام فلا تحصل الدولة منه على مقابل لعدم وجود اتفاق مسبق بينهما على ذلك. ويؤكد ذلك أن المشرع فى قانون الحجز الإدارى رقم (308) لسنة 1955 أجاز اتباع إجراءات الحجز الإدارى التى حددها عند عدم الوفاء بمقابل الانتفاع بأملاك الدولة العامة سواء فى ذلك ما كان بعقد أو كان مستغلاً بطريق الخفية. كما استظهرت الجمعية العمومية أن المشرع فى القانون رقم (117) لسنة 1983 بشأن حماية الآثار اعتبر جميع الآثار العقارية والمنقولة والأراضى التى اعتبرت أثرية من الأموال العامة، إلا ما كان وقفاً أو ملكاً خاصاً، ولم يرتب على أى استغلال قائم من قبل الأفراد، أو الهيئات لموقع أثرى، أو أرض، أو بناء ذى قيمة تاريخية أى حق فى تملكه بالتقادم، وجعل لرئيس المجلس الأعلى للآثار، أو لأمينه العام دون غيرهما – طبقاً للشروط والإجراءات المحددة - سلطة إزالة التعديات على أى موقع، أو عقار أثرى بالطريق الإدارى. حيث إن المجلس الأعلى للآثار منوط به وحده الاختصاص بجميع شئون الآثار أياً كانت طبيعتها أو موقعها، وكانت المادة (2) من قرار رئيس الجمهورية رقم (82) لسنة 1994 المشار إليه لم تحدد اختصاصاته على سبيل الحصر ليتمتع بأكبر قدر من الحرية تعينه على تحقيق أغراضه، فإنه يكون مختصاً بتقدير وتحصيل مقابل الانتفاع بالأراضى الأثرية من واضعى اليد عليها ولو تم هذا الانتفاع خفية دون سند شرعى، مع أيلولة هذا المقابل إليه كمورد من موارد التمويل لاسيما وأن المادة (12) من القرار المشار إليه جعلت من بين موارد المجلس عائد استثمار أموال المجلس وأى موارد أخرى تقرر طبقاً للقانون، فضلاً عن أن هذا المقابل يعد ريعاً للمال العام الذى يديره المجلس الأعلى للآثار ويأخذ ذات وصفه وحكمه، دون أن يعد تقدير وتحصيل هذا المقابل تقنيناً لأوضاع واضعى اليد على الأراضى الأثرية أو إقراراً بوضعهم ولا يكسبهم أى حق على هذه الأراضى ولا يمنع من وجوب اتخاذ إجراءات إزالة التعدى على المال العام طبقاً للقانون. وذلك لأنه إجراء يجب إتباعه للمحافظة على المال العام وحقوق الدولة فيه تجاه من يضع يده غصباً عليه دون أن يستفيد منه الغاصب.