حينما نطل من القلعة نشاهد مدينة لها كل مميزات العصور الوسطي، فقبل أن يفتح المسلمون مصر في عام 640م، لم يكن هناك مدينة تسمي القاهرة، إن هذه المدينة لم يكن لها وجود في الواقع، إلا بعد هذا التاريخ بثلاثة قرون، حيث وضع القائد الرومي أساس المدينة التي اتخذها الخلفاء الفاطميون مقرًا لهم، والتي أطلق عليها اسم القاهرة. فقد بنيت في بادئ الأمر المدينة العربية التي تسمى الفسطاط، عام 641م. وفي عام 751م، أضيف إليها حي في الشمال الشرقي ليكون مقرًا للأمراء، ومعسكرًا لجيوشهم، فسميت "العسكر"، وأضيف إلى الشمال الشرقي ضاحية جديدة بناها أول حاكم مسلم استقل بحكم مصر عام 860م، وهو "ابن طولون"، وهذه المدينة تسمي القطائع وكانت تنقسم إلى أحياء منفصلة، يختص كل منها بشعب معين، وهي تقع على ضفة النيل كما أنها كانت أكبر مدن الثقافة والأعمال. ويرجع السبب في تسمية مدينة الفسطاط بهذا الاسم إلى قصة طريفة، وذلك بعد سقوط حصن بابليون صار عمرو بن العاص إلى مدينة الإسكندرية، فعدما ذهب الجند ليقيموا فسطاطة وجدوا يمامة قد باضت في أعلاه، فأمرهم عمر أن يقروا الفسطاط حتى يطير بيضها، فلما فتح عمرو الإسكندرية أخذ الجند يبنون منازلهم حول فسطاطة، وهكذا أصبحت أولى المدن العربية في مصر. ومن معالم مدينة الفسطاط "جامع عمرو بن العاص"، كان هذا الجامع عبارة عن غرفة مسطحة مستطيلة جدًا وطوله 200 قدم وعرضها 56 قدما، بني من الأحجار الخشنة وكان سقفه منخفضا جدًا ولم يكن له مأزنة، وبعد مرور 25 سنة هدم أحد أمراء مصر هذا المسجد، وأعاد بناءه بعد أن وسعه ولم يبقَ هناك الآن قدم واحدة من البناء الأصلي أما ما نراه الآن هو المسجد الذي أعاد بناؤه عبد الله بن طاهر سنة 727م، ثم أصلحه مراد بك عام 1798م قبل أن يشتبك مع الفرنسيين في معركة الأهرام بإمبابة، وأصبحت مساحة الجامع اليوم 4 أمثال مساحته الأصلية. وأيضًا من معالم مدينة الفسطاط "الكنيسة المعلقة"، وسميت بهذا الاسم لأنها معلقة بين برجين رومانيين مرتفعين، وهذه الكنيسة جديرة بالملاحظة وتثير الانتباه فهي أقدم كنائس بابليون على الإطلاق.