قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة قلقيلية وتداهم منازل المواطنين    جراحة ناجحة لأحمد حمدي في ألمانيا    الدخان وصل للسماء.. شاهد حريق هائل في منطقة الزرايب بالبراجيل    باستعلام وتنزيل PDF.. اعرف نتائج الثالث المتوسط 2024    دياب: راض بنسبة 80% عن مشواري وهطرح أغنية بعد العيد    صلاح عبد الله عن صداقته بعلي الحجار: أنا الأصغر.. ولكنه يصر على مناداتي ب «الأستاذ»    باسل عادل: لم أدع إلى 25 يناير على الرغم من مشاركتي بها    سبب ارتفاع درجة الحرارة بشكل غير مسبوق.. القبة الحرارية (فيديو)    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    «زد يسهل طريق الاحتراف».. ميسي: «رحلت عن الأهلي لعدم المشاركة»    حزب الله يحول شمال إسرائيل إلى جحيم ب150 صاروخا.. ماذا حدث؟ (فيديو)    الخارجية الأمريكية: نضغط على إيران لتتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    بايدن يحدد "العائق الأكبر" أمام تنفيذ خطة وقف إطلاق النار في غزة    مودرن فيوتشر يكشف حقيقة انتقال جوناثان نجويم للأهلي    يورو 2024| تصنيف منتخبات بطولة الأمم الأوروبية.. «فرنسا» تتصدر و«جورجيا» تتزيل الترتيب    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    فيديو| مشادة بين محمود العسيلي ومسلم.. والجمهور: "حلو الشو ده"    محافظ شمال سيناء يعتمد درجات تنسيق القبول بالثانوي العام    هشام قاسم و«المصري اليوم»    ننشر صور الأشقاء ضحايا حادث صحراوي المنيا    تحرير 14 محضر مخالفة فى حملة للمرور على محلات الجزارة بالقصاصين بالإسماعيلية    ضبط مريض نفسى يتعدى على المارة ببنى سويف    الخدمات الصحية بوزارة الدفاع تستعد لتقديم خدمة الإسعاف الجوي خلال موسم الحج    هل الأشجار تقلل من تأثير التغيرات المناخية؟.. البيئة ترد    بايدن يزيد من آمال أوكرانيا في الحصول على المزيد من منظومات باتريوت من الحلفاء    سموحة يعلن موافقته على تطبيق نظام الدوري البلجيكي في مصر    الحركة الوطنية يفتتح ثلاث مقرات جديدة في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    أهم الأعمال التي يقوم بها الحاج في يوم التروية    عيد الأضحى 2024| هل على الحاج أضحية غير التي يذبحها في الحج؟    ما ينبغي على المسلم فعله في يوم عرفة    إصابة 11 شخصا بعقر كلب ضال بمطروح    صحة دمياط: تكثيف المرور على وحدات ومراكز طب الأسرة استعدادا لعيد الأضحى    بايدن يكشف العائق الأكبر أمام تنفيذ خطة وقف إطلاق النار    أماكن ذبح الأضاحي مجانا بمحافظة الإسماعيلية في عيد الأضحى 2024    بعد استشهاد العالم "ناصر صابر" .. ناعون: لا رحمة أو مروءة بإبقائه مشلولا بسجنه وإهماله طبيا    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    تحرك نووي أمريكي خلف الأسطول الروسي.. هل تقع الكارثة؟    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 عمليات عسكرية بالصواريخ خلال ال 24 ساعة الماضية    مصطفى فتحي يكشف حقيقة البكاء بعد هدفه في شباك سموحة    استعجال تحريات شخص زعم قدرته على تسريب امتحانات الثانوية بمقابل مادي بسوهاج    5 أعمال للفوز بالمغفرة يوم عرفة.. تعرف عليها    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة.. ومفاجآت المجموعة الاقتصادية    بشرة خير.. تفاصيل الطرح الجديد لوحدات الإسكان الاجتماعي    3 مليارات جنيه إجمالي أرباح رأس المال السوقي للبورصة خلال الأسبوع    رئيس "مكافحة المنشطات": لا أجد مشكلة في انتقادات بيراميدز.. وعينة رمضان صبحي غير نمطية    عماد الدين حسين يطالب بتنفيذ قرار تحديد أسعار الخبز الحر: لا يصح ترك المواطن فريسة للتجار    سعر ساعة عمرو يوسف بعد ظهوره في عرض فيلم ولاد رزق 3.. تحتوي على 44 حجرا كريما    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية بالأسواق الجمعة 14 يونيو 2024    عماد الدين حسين: قانون التصالح بمخالفات البناء مثال على ضرورة وجود معارضة مدنية    وكيل صحة الإسماعيلية تهنئ العاملين بديوان عام المديرية بحلول عيد الأضحى المبارك    دواء جديد لإعادة نمو الأسنان تلقائيًا.. ما موعد طرحه في الأسواق؟ (فيديو)    نقيب "أطباء القاهرة" تحذر أولياء الأمور من إدمان أولادهم للمخدرات الرقمية    دعاء يوم التروية مكتوب.. 10 أدعية مستجابة للحجاج وغير الحجاج لزيادة الرزق وتفريج الكروب    تراجع سعر السبيكة الذهب (مختلف الأوزان) وثبات عيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 14 يونيو 2024    حدث بالفن| مؤلف يتعاقد على "سفاح التجمع" وفنان يحذر من هذا التطبيق وأول ظهور لشيرين بعد الخطوبة    قرار جمهوري بتعيين الدكتور فهيم فتحي عميدًا لكلية الآثار بجامعة سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس: لا تعديل في خارطة الطريق.. "منصور": الانتهاء من الدستور خلال شهر.. القرار المصري مستقل ولن تمس السيادة الوطنية.. "مرسي" سقط لاعتماده على "الأهل والعشيرة".. والإخوان يرفضون الحوار
نشر في فيتو يوم 06 - 10 - 2013

قال الرئيس عدلي منصور، في حوار مطول مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، في عددها الصادر اليوم الأحد، إن نصر أكتوبر حدث عظيم إذ استرد المصريون في يوم السادس من أكتوبر 1973 كرامتهم.
وأكد منصور، في حواره أن خارطة الطريق لن تعدل وأنه سيتم إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً يعقبها الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلي أن لجنة الخمسين ستنتهي من تعديل دستور 2012 خلال شهر كحد أقصي يعقبه طرح الدستور للاستفتاء الشعبي.
وإلي نص الحوار:-
* اليوم تمر ذكرى «نصر أكتوبر». ما هي مشاعركم الشخصية وأيضا رؤيتكم اليوم لذكرى «نصر أكتوبر». وأيضا رؤيتكم لمستقبل السلام في المنطقة؟
- في الحقيقة أكتوبر بالنسبة للشعب المصري حدث عظيم، لأننا كما تعلم حصل لنا في عام 1967 نكسة كبيرة، أثرت على مصر وأثرت على العرب، فأردنا أن نسترد الكرامة مرة أخرى.
الشعب كله توحد وحتى العرب كلهم توحّدوا عام 1973 وساعدوا مصر من أجل أن تثبت أن إرادتها لن تنكسر وأن الأرض سترجع. ولقد عادت الأرض وانتصرت الإرادة في النهاية. وأظن أنه آن الأوان أن يدرك العرب الآن أيضا أنه يجب أن نجتمع ويجب أن نتوحد، لأن في تفرّقنا ضعفنا، بينما قوتنا في اتحادنا. لا شك في أن المنطقة إذا ما اتحدت سيكون شأن آخر.
أما عن السلام فأنت تعلم أن بيننا وبين إسرائيل اتفاقية سلام، ومصر تحترم تعهداتها، وأبرمت اتفاقية سلام مع إسرائيل، وهي تحترم هذه الاتفاقية وليس هناك أي نية للخروج عن أحكام هذه الاتفاقية.
* كيف تلقيت نبأ تكليفكم بالرئاسة؟
- كانت لحظة صعبة جدا بالنسبة لي، وأنت تعلم ما هي مصر وماذا تمثل مصر وتعلم عدد سكان مصر وتعلم المشاكل التي تعاني منها مصر. في الحقيقة كنت في منتهى القلق وحصل لي نوع من الرهبة، إذ لم أكن أتصور أن أكون في موقع مسؤولية رئاسة دولة بحجم مصر، خاصة أن كل مساري الوظيفي كان كرجل قضاء، مع أنه يوجد في دستور 71 نصوص - حالة وحيدة في حالة شغور منصب رئيس الجمهورية أن يكون رئيس المحكمة الدستورية رئيسا للجمهورية هي لمدة 60 يوما - أي عمل روتيني للإعداد للانتخابات الرئاسية.
* استقبلتم منذ أيام الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية الأوروبية كاثرين آشتون.. ماذا دار في مباحثاتكم معها؟
- أكدت آشتون خلال لقائي معها على دعم الاتحاد الأوروبي لخارطة مستقبل الشعب المصري وأثنت في هذا الصدد على الجهد الذي تقوم به «لجنة الخمسين»، وما لمسته من توجه نحو اعتماد دستور يعبر عن كل المصريين. كما أثنت على جهود الإدارة المصرية الحالية للتواصل مع مختلف الأطراف على الساحة السياسية المصرية، مشددة على اتفاقها معنا في الرأي في أن من يريد أن يشارك في هذه المسيرة يجب أن تأتي مشاركته إيجابية، وأن الجميع بات يدرك أهمية المضي قدما في خارطة المستقبل وأنه لا عودة إلى الوراء.
كذلك أكدت آشتون أنها تولي اهتماما كبيرا بتلقي مصر الدعم الاقتصادي المناسب في هذه المرحلة، وأنها سوف تبذل مساعيها لدى المؤسسات المالية الأوروبية، لا سيما بنك الاستثمار الأوروبي وبنك الإعمار والتنمية الأوروبي. وحرصت الممثلة العليا الأوروبية على أن توضح أنها في حديثها مع الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد تقوم بشرح وإيضاح الصورة التي لم يفهمها كثيرون لأنهم كانوا يتابعون الشاشات التلفزيونية دون غيرها.
وفي هذا الإطار، أكدت على إدانة الاتحاد الأوروبي القاطعة للعمليات الإرهابية التي تشهدها مصر، حيث قدمت لي خالص تعازيها في شهداء مصر الأبرار من القوات المسلحة والشرطة الذين سقطوا في مواجهة الإرهاب.
* وماذا عن موقف المساعدات الإنمائية الأوروبية؟
- المساعدات الإنمائية تعد أحد جوانب العلاقات الثنائية بين الدول، بخلاف جوانب أخرى عديدة.. ولا توجد علاقة بين دولتين أو بين دولة وتكتل جغرافي، يمكن اختزالها فقط في قيمة المساعدات.
وفيما يخص الدول الأوروبية، فإن مصر والاتحاد الأوروبي يرتبطان بعلاقات تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية هامة، وكانت مصر من أوائل الدول التي ساهمت في بناء الشراكة الأورو - متوسطية بين ضفتي المتوسط. إلا أن الاتحاد الأوروبي أعلن في نوفمبر الماضي من خلال اجتماع فريق العمل المصري - الأوروبي، عن تقديمه دعما لمصر يقدر بخمسة مليارات يورو.. حقيقة الأمر أن ذلك المبلغ لا يعدو أن يكون أكثر من رقم إعلامي، جرى التوصل إليه عبر تجميع مجموعة من الأرقام الأخرى - البعض منها مساعدات حصلت عليها مصر بالفعل، وهو القدر الضئيل منه - وغالبية الأرقام الأخرى لا تعدو أن تكون أكثر من وعود، أو قروض لم تحصل عليها مصر فعليا. وأنت حينما تتحدث مع المسؤولين الأوروبيين في ذلك الأمر يشيرون إلى الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف ببلدانهم في الوقت الراهن.. وإلى أزمة اليورو.. ويحدثونك مطولا عن الإجراءات التقشفية التي يطبقونها في بلدانهم. ونحن، على الرغم من تفهّمنا التام للأبعاد المختلفة للأزمة الاقتصادية التي يمر بها الاتحاد الأوروبي، فإننا في الوقت ذاته كنا نأمل في أن يوجه الاتحاد الأوروبي مساعدات أكبر لدعم الثورة المصرية.. على الأقل بشكل يتناسب مع الصخب الإعلامي الذي يحرص عليه في هذا الشأن، والحل يكمن في تقديري في توافر الإرادة السياسية.
للأسف، لا تزال هناك بعض الدول الأوروبية التي لم تتفهم مغزى الثورة المصرية، وما ترمز إليه من كرامة وندية في العلاقات بين مصر وسائر دول العالم. وما زالت تصلنا معلومات حول توجه بعض العواصم الأوروبية إلى فرض ما يسمى بالمشروطيات على مساعداتها لمصر، وهي كما ذكرت ضئيلة للغاية. غير أن الشعب المصري لن يقبل تحت أي ظرف من الظروف شروطا تصاحب المساعدات المقدمة. هذه المساعدات تحقق مصالح مشتركة بين مصر والطرف المانح، ولن نجد غضاضة على الإطلاق في رفض أية مساعدات قد نستشعر أنها باتت مقرونة بأي شكل من أشكال الشروط.. مثلما فعلنا بالفعل أخيرا مع الوديعة القطرية التي أعيد تحويلها إلى الدوحة.
* كيف تنظرون إلى تلك الشروط الأوروبية؟
- كما أوضحت سابقا، لن يقبل المصريون بأي حال من الأحوال أن تمسّ سيادتهم ولن يقبلوا أي تدخل في الشأن الداخلي، أو حتى مجرد التأثير عليه، وفي حالة ما إذا استشعرنا شبهة في ذلك، فسيكون ردنا فوريا، مثلما سبق أن فعلنا مع قرارنا بإعادة الوديعة القطرية.
من يريد دعم مصر، وفقا للرؤية والاستراتيجية التي اعتمدتها الحكومة المصرية، فأهلا وسهلا به.. أما من يتوهم أنه سيرسم لنا معالم طريق محددة مقابل مساعدة ما، فموقفنا، الشعبي والرسمي، سوف يكون رافضا.. نحن نقف أمام أية محاولات غربية في هذا الصدد، واسمحوا لي بهذه المناسبة أن أحيي المملكة العربية السعودية، بشكل خاص، على التصريح الذي جاء على لسان وزير خارجيتها بشكل واضح لا لبس فيه من أنها سوف تعوض أية مساعدات لمصر لم يتم الوفاء بها.
إننا على يقين أن التيار المتفهم داخل الدول الأوروبية لطبيعة المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها مصر والتغييرات الجسام فيها، سوف يكون له الكلمة النهائية عند بلورة الموقف الأوروبي النهائي الموحّد. إن لقاءاتي المتتالية مع المسؤولين الأوروبيين خلال الفترة الأخيرة كشفت عن وجود إدراك متزايد لدى الاتحاد الأوروبي لحقيقة الأوضاع في مصر.
ومن منظور أوسع، أعتقد أن الغرب في طريقه إلى فهم الحقائق بشكل صحيح. وبدأ في الإدراك بأن التهديد بقطع المساعدات لن يؤثر في القرار المصري، بل على العكس، سيباعد أكثر فأكثر بين الشعب المصري وتلك المساعدات.
* خارطة الطريق التي التزمت بها رئاستكم وتشرفون عليها، هل ترون أنها تسير بالسرعة المناسبة التي تكفل تنفيذها في الفترة الزمنية المحددة لها؟
- تمر مصر بمرحلة تأسيسية مهمة. إننا نؤسس لدستور ديمقراطي يضمن الفصل الكامل بين السلطات الثلاث، ويكفل الحريات للمواطنين، ويستجيب لتطلعات الشعب المصري التي ثار من أجلها في يناير 2011 وثار مجددا لها في يونيو 2013 عندما استشعر أن أحلامه قد سرقت وتم الانحراف بها في اتجاه لا يرغب فيه. وعليه، فإن الجوانب السياسية التي تتضمن إعداد دستور مصري جديد إنما تستهدف بالأساس ضمان حقوق المواطن العادي بما في ذلك حقوقه الاقتصادية. إن الثورة المصرية قامت على شعار واضح، وهو «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».. ونحن في جهودنا الحالية نأخذ في الاعتبار الأضلاع الثلاثة لذلك المثلث.
نحن نتقدم على طريق الحرية عبر تأسيس نظام دستوري جديد يضمن ألا تجري سرقة الديمقراطية الوليدة مجدّدا وتحويلها إلى أداة ظاهرية تخدم فئة صغيرة من المجتمع المصري، كما أننا نتقدم أيضا على المستوى الاقتصادي عبر بذل كافة الجهود الممكنة لإعادة إطلاق نشاطه بالبلاد وخلق فرص عمل جديدة، وتلبية الاحتياجات المعيشية للمواطنين من تعليم ومسكن وخلافه. والخطط الاستثمارية التي اعتمدتها الحكومة أخيرا كلها تعد خطوات تصب في ذلك الاتجاه.. كما أننا نخطو أيضا في طريق العدالة الاجتماعية.. حيث تم على سبيل المثال أخيرا تحديد الحد الأدنى للأجور بالجهاز الحكومي.
نحن، إذن، لا نهتم بالجوانب السياسية على حساب الجوانب الاقتصادية كما ذكرت، أو على حساب الجوانب الاجتماعية. ولكن، بطبيعة الحال، الظروف قد تفرض نفسها في بعض الأوقات بحيث نجد أنفسنا بحاجة إلى معالجة قضية ما قبل الأخرى أو أن تفرض قضية ثالثة نفسها مثل الأمن على سبيل المثال. وكما تعلمون، تحقيق الأمن ضرورة لأية انطلاقة اقتصادية، فمن دونه، لا يمكن أن تعود الاستثمارات والسياحة على النحو المرجو الذي يتناسب مع احتياجاتنا من ناحية، ومع الإمكانيات الزاخرة المصرية والفرص المتاحة بالبلاد من ناحية أخرى. أما إذا كنت أرى أنها تسير بالسرعة المناسبة التي تكفل تنفيذها في الفترة الزمنية المحددة لها، فكما تعلمون تحققت كل الاستحقاقات الماضية بخارطة المستقبل طبقا للجدول الزمني الموضوع، وإنا على ثقة من أنه سيجري تطبيق كل استحقاقاتها المستقبلية في مواعيدها، حتى وإن شكك كثيرون في إمكانية تحقيق ذلك نظرا لقصر الفترة الزمنية الممنوحة لها في مقابل استحقاقاتها المختلفة.
* هل حددتم سقفا زمنيا لخارطة الطريق إلى المستقبل؟
- هي مرتبطة بما سينجز على الأرض، بمعنى أننا أوشكنا أن ننتهي من وضع الدستور. وفي خلال شهر، كحد أقصى، ستنتهي «لجنة الخمسين» من عملها وسيتم بعد ذلك طرح الدستور للاستفتاء عليه. وأنتم تعلمون أن هذه الإجراءات تأخذ وقتا، ومثلا لو قلنا تأخذ شهرا أو أقل يكون الدستور انتهى وعلى الفور سأعلن بدء الانتخابات البرلمانية التي تستغرق ما بين شهرين أو شهرين ونصف الشهر حتى نجري الانتخابات ثم الإعادة وبعدها النتيجة. كل المسائل اللوجستية تحتاج للتحضير مثل الجداول وغيرها، وهي نعمل فيها حاليا من خلال اللجنة الانتخابية. وبعد الانتخابات البرلمانية بشهرين أو ثلاثة نبدأ في الانتخابات الرئاسية.
* إذن، سوف تسبق الانتخابات البرلمانية الرئاسية بشهر؟
- هكذا رسمت خارطة الطريق وليس هناك نية للتعديل.
* فخامة الرئيس.. يدرك الجميع طبيعة المرحلة الحالية التي توصف بأنها انتقالية، لكن تراكمات المشاكل الاقتصادية السابقة على «25 يناير» وما تلاها، خاصةً خلال فترة العام الماضي، وضعت الاقتصاد المصري حسب كل التقارير والتصريحات في موقف صعب.. كيف تتخذون قراركم السياسي أخذا في الاعتبار هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة؟
- القرار السياسي المصري مستقل تماما، وهو يضع في اعتباره المصالح المصرية أولا وأخيرا. إن من أهم مكتسبات «ثورة 25 يناير»، التي أكدت عليها «ثورة 30 يونيو»، أن الشعب المصري رافض تماما بأن يربط قرارات بلاده السياسية بأي عامل آخر، باستثناء مصالحه العليا، الحالية والمستقبلية. الوضع الاقتصادي في مصر صعب، نتيجة لتراكمات عديدة.. منها: سوء إدارة من قبل الحكومات السابقة، ومنها أيضا بعض المشاكل الهيكلية التي نعيها تماما وندرك أهمية معالجتها في الوقت المناسب، مع مراعاة الجوانب الاجتماعية. بيد أن المشكلة الرئيسية للاقتصاد المصري تتمثل في الحاجة إلى الوصول إلى استقرار أمني، يمهّد لإعادة إطلاق النشاط الاقتصادي. إن مصر بلد غني بموارده البشرية.. ويمثل سوقا اقتصادية هائلة، كما أن المجال مفتوح للعديد من المشاريع الاستثمارية العملاقة التي يمكن أن تغير الصورة الاقتصادية العامة للبلاد في غضون عشر سنوات، إلا أن ذلك يستلزم بطبيعة الحال تحقيق الأمن في كافة ربوع البلاد. فلا مجال عن الحديث عن انطلاقة اقتصادية حقيقية من دون أمن كامل. وغني عن البيان أن الدعم الذي قدمته المملكة العربية السعودية والأشقاء العرب كان له أكبر الأثر في تدعيم استقلالية القرار المصري بعيدا عن ضغوط الوضع الاقتصادي المتردّي.
* في إطار ما طرح في خارطة الطريق عن أنه لا إقصاء لأحد طالما لم يتورط في العنف، بالنسبة إلى ملف الإخوان، أصبح هناك عداء شعبي لهم. في رأيكم كيف يمكن التعامل مع هذا الملف في المستقبل؟ وهل ترون أي إشارات من تيارهم إلى استعدادهم إلى المشاركة في الحياة السياسية وفق القواعد الجديدة؟ وهل تتعرضون لأية ضغوط في هذا الشأن؟
- لقد سعت جماعة الإخوان منذ «ثورة 30 يونيو» إلى الاستقواء بالخارج. وهذا النهج الذي قوبل برفض كامل على المستويين الشعبي والرسمي، ورد فعلنا يكون دائما فوريا حينما نرصد أية محاولة جديدة من قبلهم للاستقواء. وأعتقد أن الرسالة وصلت لهم أخيرا، كما أنها وصلت أيضا للأطراف التي كانت تستجيب لمطالبهم في هذا الشأن.
من أهم أسباب سقوط النظام السابق في مصر تعمّده إقصاء قطاع عريض من المجتمع، واعتماده على ما أطلق عليه «الأهل والعشيرة» مع تجاهله الكامل أية مطالب لا ترضى بها هذه العشيرة. ولهذا حرصت عند تشرّفي برئاسة الجمهورية على أن تمد السلطات الحالية يدها لكلّ الأطراف السياسية في المجتمع، أيا كانت انتماءاتها أو معتقداتها، طالما كانت أيديها غير ملوثة بالدماء والتزمت بنبذ العنف. لقد عرضنا، على سبيل المثال، التشاور مع الأطراف كافة عند اختيار رئيس الوزراء والتشكيل الحكومي، كما بعثنا برسائل إلى مختلف الأحزاب والتيارات السياسية للتقدم بمرشحيها في «لجنة الخمسين» المنوط بها اعتماد التعديلات الدستورية. إلا أن الإخوان آثروا عدم المشاركة في بناء مصر المستقبل، وفضّلوا عوضا عن ذلك الاستمرار في الاعتصامات المسلحة، والتهديد بحرق البلاد، وبذل المساعي الحثيثة لمعاداة العالم الخارجي لبلدهم.
وتقديري في هذا الصدد أن الجماعة بدأت في مراجعة حساباتها، وتبين ذلك جليا من خلال الاعتذارات الصادرة عن بعض قياداتها للشعب المصري عن سوء إدارة البلاد. إلا أن تلك الاعتذارات لا تزال غير كافية، ليست تلك وجهة نظري، وإنما هي وجهة نظر الشعب المصري. كذلك من الأهمية بمكان أن تقترن تلك الاعتذارات بتغيير في الممارسات على الأرض.. فليس معقولا أن يستمر العنف الممارس من قبلهم والتحريض على الجيش والشرطة، ثم يدّعون أنهم تقدموا باعتذار. على الجماعة أن تدرك وتصرح بشكل واضح أنها جزء من الوطن، وليس العكس.
إن مصر تسير بخطى واثقة في طريق تنفيذ خارطة المستقبل السياسية.. ونحن نعمل بكل ما أوتينا من جهد في اتجاه بناء دولة مؤسسات ووضع الأسس السليمة للدولة الديمقراطية الحرة المستقبلية في مصر، لكننا في الوقت الذي نحرص فيه على إشراك كل الأطياف الوطنية في المسار السياسي، فإننا نحرص أيضا على تجنب إهدار المزيد من الوقت. مصر لن تنتظر أحدا لكي تنهض، ومن يريد مشاركتنا البناء، فهو مرحب به طالما التزم بالقواعد الديمقراطية ونبذ العنف. أما من يتلكأ في ذلك، ويتوهم أن العالم الخارجي أو نهج العنف سيعزز من موقفه.. فذلك خياره وحده، والقانون كفيل بالتعامل معه.
أما حيال الحديث عن ضغوط تتعرض لها الرئاسة المصرية، فلعلكم تابعتهم بعضا من هذه الضغوط والتهديدات التي لم تجد لدينا أي صدى، وجرى تجاهلها تماما. ولقد أدركت تلك القوى أن مساعيها للضغط على مصر لن تغير في الأمر شيئا سوى الانتقاص من صورتها وشعبيتها في مصر.
* من هي الأطراف التي رفضت الحوار مع الحكومة؟
- نحن نحاول مع الجميع..
* حتى مع الإخوان؟
- هم الإخوان. ونحن نحاول معهم ولا نريد إقصاء أحد، ودائما الرسالة واضحة عندما نقول إن من أراد أن يمارس الحياة السياسية من جديد في ظل النظام القادم نحن نرحب به بشرط واحد هو أن يكون لم يمارس العنف أو حرض عليه أو خضع لعقوبة وسوف تجرى له محاكمة عادلة أن ثبتت التهمة عليه سيعاقب، وإن برأته المحاكمة أهلا به.
* بعض المراقبين يتوقعون أن يدفع الإخوان نحو ترشيح مستقلين عنهم خلال الانتخابات البرلمانية القادمة هل من محاذير؟
- هذه مسؤولية الشعب، أما أنا فليست لدي أي محظورات. إنها مسؤولية الناخبين وعليهم أن يدققوا في من يختارون، نأمل ألا ينتخبوا من ارتكب عنفا أو أحيل للتحقيق، وهذا الشخص غير مسموح له بالترشح إلى أن يتضح الموقف القانوني.
* هل تتوقع أن ترى برلمانا مصريا في خارطة المستقبل الحالية أكثر تعبيرا عن الشعب المصري من سابقه؟ وكيف ترى دور الشباب في هذه المرحلة السياسية؟
- قطعا سنرى برلمانا مصريا أكثر تعبيرا عن الشعب المصري في المرحلة المقبلة. هذا لا يعني أن الانتخابات البرلمانية السابقة التي شهدتها مصر كانت غير حرة. لقد كانت انتخابات حرة بإشراف قضائي كامل، لكن الشعب المصري تمرّس سياسيا طيلة 30 شهرا، وبات يدرك اليوم أن الشعارات التي كان البعض يتاجر بها لم تكن إلا خداعا لبلوغ غايات أخرى. لقد استفاد المصريون من التجربة المريرة التي مرّوا بها العام الماضي.. وإنني لعلى ثقة بأنه سينتج عن الانتخابات البرلمانية المقبلة برلمان يمثل بحق الشعب المصري، بسماحته واعتداله ووسطيته.
ونحن ندرك جيدا أن الشباب هو مستقبل مصر، والحكومة على رأس أولوياتها كل الهيئات المعنية بالشباب، وبصفة خاصة، إصلاح وتطوير وإعادة هيكلة المنظومة التعليمية بكافة مراحلها ومناهجها، بما يتيح تعليما حقيقيا يحقق طموحات وتطلعات المصريين. ثم إننا نضع في الاعتبار أن مصر دولة شابة، والشباب الذي أتى بالحرية للشعب المصري كله، يجب أن يأتي في صدارة الأولويات وأن يشهد تمكينا حقيقيا في كافة المجالات وليبني هذا الشباب مستقبله بنفسه، بفكره وحماسه، وتطلعاته، وطموحاته. وارتباطا بذلك فإن أهم ما يمكن أن نقدمه لشبابنا هو تعليم يضمن لهم مستقبلا أفضل في دولة عصرية تسعى إلى الديمقراطية من خلال التعليم والتنمية الاقتصادية.
إنني أؤكد أن الدولة المصرية ستضع على رأس أولوياتها كل الهيئات والمنشآت الخاصة بالشباب، وبصفة خاصة إصلاح وتطوير وإعادة هيكلة المنظومة التعليمية بكافة مراحلها ومفاهيمها، بما يتيح تعليما فعليا وحقيقيا يستجيب لطموحات وتطلعات المصريين في غد أفضل يحقق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المرجوة من «ثورة 25 يناير». ويهمني في هذا الصدد أن أؤكد أن نظام التعليم في مصر خلال العقود الأخيرة يتحمّل جزءا كبيرا من المسؤولية عن حالة الإحباط واليأس الذي أصاب شبابنا وإهدار فرصه في تكوين قدراته ومهاراته وكفاءاته.
* كيف تنظرون إلى أوضاع أقباط مصر، وما تعرضت له كنائسهم من اعتداءات؟
- الأقباط في مصر، مثلهم مثل المسلمين، لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات الخاصة بأي مواطن.. فالدولة المصرية الجديدة التي نؤسس لها تستند إلى مفهوم المواطنة في تعاملها مع الجميع. والدولة المصرية حريصة على حماية حقوق كل مواطنيها، ولا تتعامل أبدا من منطلق ديني. إن حرية الاعتقاد مكفولة للجميع.. ولا شأن لأجهزة ومؤسسات الدولة بعلاقة المواطن بربه.. اللهم إلا فيما يتعلق بالقوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية التي تأخذ في الاعتبار تطبيق تشريعات خاصة للمسيحيين والمسلمين كل طبقا لديانته، وفقا للقانون. إن الشعب المصري يلفظ مفهوم «الأقليات الدينية».. إذ لا يوجد في مصر أقليات بالمعني الكيفي. بالتأكيد، هناك أقليات كمية إذا نظرنا إلى نسبة معتنقي ديانة ما إلى إجمالي تعداد سكان مصر.. لكن أقلية بالمعنى الكيفي، أي جزء مختلف وربما في درجة من السواد الأعظم من الشعب.. فلا مجال للحديث عن ذلك بالنسبة لمصر. ولو توجه من يردّدون ذلك إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وغيرها من الكنائس المصرية، لسمعوا منهم ما أقوله لك.
مع ذلك، فإن مصر الجديدة لا تتبع منهج تجميل الصورة أو دفن الرؤوس في الرمال، وهنا أعني أن المجتمع المصري يشهد بين الحين والآخر بعض التوترات التي قد تتطور لتأخذ أبعادا دينية أو طائفية. إن أفضل وسيلة لمحاربة ذلك في تقديري يكمن في القانون وضمان سيادته، ومسؤولية الدولة هي فرض سيادة القانون على الجميع. ونحن، على سبيل المثال، على علم بالمناشدات الغربية التي تصدر بين تارة وأخرى في هذا الموضوع، والتي تعتمد بشكل رئيس على أقاويل مغلوطة. وثمة مفارقة يتعين تسجيلها في هذا الصدد: فأين كان الغرب من حرق الكنائس التي شهدتها مصر في الأيام الأخيرة؟ لماذا كان صامتا؟ الإجابة في تقديري أن البعض فضّل أن يغمض عينيه لأن الأحداث لم ترق له، وهو ما يؤكد لنا أن تلك الدعاوى الغربية في هذا الصدد ليست إلا دعوات حق يراد بها باطل. وعلى الغرب أن يريح ويستريح في هذا الشأن. مصر هي التي ستحل مشاكلها بنفسها. لقد استهدفت جماعة الإخوان والتيارات المتشددة الأخرى الموالية لها الأقباط وكنائسهم ومتاجرهم.. وأقدّر هنا بشدة، مثلي في ذلك مثل كل المصريين، الموقف النبيل الذي اتخذه قداسة البابا تواضروس الثاني، الذي أكد بموجبه أن للحرية ثمنا غاليا، وإن كان حرق الكنائس هو جزء من هذا الثمن، فإننا نقدمه لبلادنا بصبر وحب.
* كثرة من المراقبين تعزو المشكلة الاقتصادية المستمرة في مصر إلى حالة الاضطراب الأمني، بسبب استمرار المظاهرات وأعمال تخريب سواء كتلك التي تحدث في سيناء أو بعض المظاهرات السياسية التي تشهدها القاهرة وبعض المحافظات.. ما الذي ينبغي عمله في المجال الأمني خلال المرحلة القادمة؟
- في الحقيقة أنت لمست نقطة مهمة جدا، ونحن لدينا ثلاثة مسارات مهمة: المسار الأمني والمسار السياسي والمسار الاقتصادي. من دون المسار الأول ومن دون توفير أمن حقيقي للدولة المصرية لن يتحقق شيء على المسارات الأخرى، وسيتأثر المساران السياسي والاقتصادي. مثلا هل سيأتي المستثمرون لمصر وهي غير آمنة؟ الإجابة طبعا لا. إذن من الضروري تحقيق الاستقرار والأمن. وبالتالي، هذا المسار له الأولوية، ولقد قطعنا فيه شوطا كبيرا، وأعتقد أن الجميع يرى أن مصر الآن غير مصر التي كانت منذ شهر مثلا أو شهرين أو ثلاثة. ونحن إن شاء الله ماضون للتأكيد على أهمية الأمن وتطوير منظومة الأمن ومتابعة الخارجين على القانون، سواء في الجانب الجنائي أو بالنسبة لمن يرغب في التعبير عن آرائه السياسية بالعنف، ونحن جادون في التعامل بكل حسم وحزم وبالإجراءات القانونية تجاه الفصيلين حتى ندعم المسار السياسي والاقتصادي.
* ماذا عن علاقتكم بالولايات المتحدة والتي أصابها بعض التأثر؟
- الولايات المتحدة منذ البداية كان موقفها متحفظا على ما حدث في مصر، وكانت لها حسابات معينة. لا أريد أن أسهب في هذا الأمر، لكنني أظن الآن أنها أكثر تفهما لما حدث في مصر، وهذا ما انعكس في خطاب الرئيس باراك أوباما أخيرا. وأيضا أستطيع أن أقول إن الإدارة الأمريكية ليست متطابقة في كل مؤسساتها، بمعنى هناك من يعتقد أن ما حدث في مصر ثورة شعبية حقيقية وكذلك في الإدارة الأميركية، وأيضا في الكونغرس، ولقد جلست مع بعض أعضائه. ومعظم من جلست معهم يرون أن ما حدث في مصر ثورة شعبية، وكان لا بد أن يحدث ما حدث لأن النظام السابق كان يسير في طريق خطأ تماما.
* بحكم خلفيتكم القضائية ورؤيتكم للصراع والصدام الذي حدث بين الرئيس السابق والسلطة القضائية.. كيف ترون المستقبل الأمثل للعلاقة بين السلطة القضائية وأي تحول ديمقراطي قادم في مصر؟
- حقيقةً المعركة التي قادها النظام السابق مع السلطة القضائية كانت معركة خاسرة. والمشكلة أنه تصوّر أن كل أجهزة الدولة تعمل ضده، ولذلك اصطدم مع القضاء ومع الجيش والشرطة والأزهر والإعلام ولم يترك أحدا من دون أن يصطدم معه. أما فيما يتعلق بالقضاء كسلطة مستقلة، أنا أعتقد أن الدستور الجديد سينظم العلاقة بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية على نحو محدّد وقاطع، وهو أعطى السلطة القضائية حقها من الاستقلال. أظن أن ليس هناك أي إشكالية في الأمر لأن السلطة القضائية سلطة مستقلة، والسلطة التنفيذية لها مجال تعمل فيه ولا شأن لها بالسلطة القضائية. السلطة القضائية صمام أمان لهذا البلد لأن أي بلد بلا قضاء لا أظن أنه سيكون بلدا يسير على أصول سليمة.
* بالنسبة لمحاكمة المتورطين من النظامين السابقين.. كيف ترون طبيعة المحاكمة؟
- رئيس النظام السابق يحاكم بتهمة جرائم معينة ومحال لجهات التحقيق بجرائم، والنظام الأسبق له جرائم أخرى. ومن بين من حوكم الرئيس الأسبق لكنه طعن في الحكم بمحكمة النقض التي ألغت حكم أول درجة للأسباب التي ارتأتها، وهو الآن يحاكم وأعيدت محاكمته مرة أخرى، أما أركان النظام السابق ففي مرحلة التحقيق وقريبا ستتم إحالتهم إلى المحاكمة.
* هل تعتقد أن مصر خلال الفترة المقبلة تستطيع أن تتغير؟ بمعنى ما هي رؤيتكم تجاه وجود احتقان سياسي وبعض العنف من قبل بعض الجماعات؟
- أظن أن الأمر سوف يستغرق بعض الوقت، ويجب ألا ننسى أننا بشر. ولاحظ أن جماعة الإخوان المسلمين لم تكن تتصوّر بعدما وصلت إلى الحكم أنه ستتم إزاحتها بهذه السهولة، ولهذا ما يحدث منهم الآن هو رد فعل طبيعي على فقدانهم السلطة التي حاربوا كثيرا من أجلها منذ عام 1928. هذا الكيان له تنظيم وهياكل وخطط وبرامج.. وكونهم وصلوا إلى حكم مصر، وهي ليست أي دولة، ثم فشلوا هذا الفشل الذريع، أصيبوا بنوع من الصدمة الشديدة. وللأسف الشديد ما زالوا تحت تأثيرها وهم عاجزون عن تصور أن الأمر قد حدث وأنهم أزيحوا من السلطة.. وحتى هذه اللحظة يعيشون في العالم الافتراضي الخاص بهم.
* هل هذا العالم الافتراضي سيشهد عنفا مستمرا؟
- سوف يأخذ بعض الوقت.. لكنني أظن أن المسائل ستنتهي مع الوقت.
* ماذا عن الوضع في سيناء والعمليات العسكرية التي تجري حاليا هناك؟
- الجيش المصري يقوم بأعمال بطولية وهو يتتبع الخارجين عن القانون والجماعات الإرهابية التي تحاول أن تروع المصريين، وهو أوشك على الانتهاء من عملياته. وإن شاء الله في القريب العاجل سنعلن القضاء على جزء كبير جدا من الإرهاب هناك.
* حماس قريبة من الإخوان وتتهَم اليوم بأن لها أدوارا فيما يحدث في سيناء. كيف ترى طبيعة العلاقة المستقبلية بينها وبين مصر؟
- مصر قدمت وتقدم وستقدم الكثير للقضية الفلسطينية. والقضية الفلسطينية في قلوب المصريين جميعا، أما إذا كنت تتحدث عن الأمن القومي المصري.. فهو يسمو فوق كل اعتبار، وإذا ما جرى تجاوزه فالرد سيكون شديد الغضب وشديد القسوة.
* لدي سؤال يتعلق بالدستور.. ولا يخص مصر وحدها بحكم تجربتكم القضائية، وهو أنه في العالم العربي هناك صراع بين عدة تيارات لعل أبرزها تيار الإسلام السياسي الذي يستخدم العباءة الدينية، وما بين تيارات أخرى مدنية في العالم العربي ما هي طبيعة العلاقة التي يجب أن تحكم، خصوصا أن مصر تمر بمرحلة انتقالية ديمقراطية وما هي الرؤية الأسلم والأفضل لمثل هذه الدول حتى تتعاطى مع مسألة الدين وعلاقته بالسياسة؟
- الحقيقة أن لي رأيا خاصا، ليس كرئيس دولة لكن هذا رأيي الشخصي كمواطن. أنا أرى أن الدين مقدس.. الدين يحكم العلاقة بين الإنسان وربه، أما السياسة فلها رجالها ولها أحكامها أيضا فلا أستطيع أن أقبل أن ينزل المقدس لكي يمارس السياسة. الحاكم الذي يدين بدين الإسلام يجب أن يتعامل من منظور الإسلام.. بمعنى أن الإسلام يحرّم الكذب، فيجب أن يكون الحاكم صادقا مع شعبه ومع نفسه أولا. الإسلام يحرّم الخديعة فيجب ألا يخدع الحاكم شعبه. الإسلام يحرّم الرشوة ويحرّم كل الموبقات هذا ما أفهمه بالنسبة للإنسان الذي تكون له خلفية إسلامية أو كما يقولون مرجعية إسلامية. إنما هل الإسلام حدّد لي ما النظام الذي أتبعه من النظريات الاقتصادية.. النظام الرأسمالي أم النظام الاشتراكي؟ لا.. الإسلام قال لي لا تظلم المواطنين. الإسلام قال لي حقق مجتمع السلامة والعدل. عندما يكون لديك مواطنون تأكد أن أقلهم يعيش عيشة مناسبة، إنما في الوقت نفسه الإسلام لا يحرّم أن يكون هناك أغنياء. والإسلام يعرف هذا أن هناك أغنياء وفقراء. بمعنى أن الزكاة فرضت لهذا. خذوا من أغنيائهم لفقرائهم. هذا هو الإسلام الذي أفهمه. الإسلام دين سامٍ وراقٍ ورحب وفيه سعة. ليس دين التشدّد ولا دين الغلظة ولا الدين الذي يحاول بعض الإسلاميين أن يصدّروه للعالم. نحن ظلمنا الإسلام كثيرا. وسنحاسب على هذا أمام الله. الإسلام أرقّ وأجمل من الصورة المصدرة له. هل دعا الإسلام إلى ترويع الناس؟ هل من الإسلام أن أذهب إلى بلاد غير بلادي وأقتل وأهدم. أي إسلام هذا. أنا لا أرى أن هذا من الإسلام في شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.