أكد الكاتب والمحلل السياسي السيد يسين, أن الانتخابات البرلمانية المقبلة, ستكون كارثة, وأرجع ذلك الي آليات العملية الديمقراطية النيابية المعيبة التي نسير بها حاليا,. وأوضح أننا نقلنا هذه الآليات من الغرب, واعتبرنا صندوق الانتخابات حكما, بينما تم إغفال العناصر الأخري, وأعرب عن تفضيله إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية. وفيما يتعلق بموضوع الإرهاب, أوضح يسين أن الإخوان حاليا في مرحلة العدوان والترويع للمواطنين, إلا أنه من الوارد أن يأخذ عنفهم شكل الإرهاب وشدد علي أن الدولة المصرية قادرة علي اجتثاث جذور الإرهاب كما سبق أن فعلت في التسعينيات.. بدقة المحلل السياسي وحسه الوطني العميق, دار الحوار: هل30 يونيو أعاد التألق للشخصية المصرية؟ الشخصية المصرية لم يختف تألقها, ولنا أن نذكر نصر6 أكتوبر1973, والذي وصل تألق الشخصية المصرية فيها إلي ذروتها, وخصوصا أن ذلك النصر جاء عقب هزيمة67, وجاءت حرب أكتوبر, والتي خالفت كل التوقعات والظنون, حيث لم يتوقع أحد أن يتمكن الجيش المصري بعد هزيمته في67 في مدة لا تتعدي الست سنوات من أن يستعيد ثقته ويعبر خط بارليف ويحقق نصرا ساحقا وهزيمة خقيقية لإسرائيل, وهذه اللحظة أعتبرها ذروة التألق للشخصية المصرية. إذن أنت تري ذروة تألق الشخصية المصرية بعبور قواتنا وتحطيمها خط بارليف.. فهل تري أن تألق الشخصية المصرية يظهر في قوة جيشه؟ ليس التألق من الجيش فقط, بل الشعب هو الذي تحرك بعد الهزيمة ورفضها, وهذا ما فعله الشعب المصري أيضا بنزوله في30 يونيو لإسقاط حكم الإخوان المسلمين بعد هزيمتهم. هل تري أن الشعب المصري كان في حاجة لدعوات حركة تمرد لكي يخرج في30 يونيو أم أن الشعب كان سيخرج بدون تلك الدعوات وبمفرده؟ كيف يتحرك الشعب بمفرده. يتحرك بدافع الغضب والشعور بالظلم لعدم تحقيق العدالة الاجتماعية؟ التحركات الجماهيرية لابد لها من قيادة وشعار تسير خلفه, ولابد من تعبئة وتنظيم, فالحركات التلقائية قد لا تنجح, وقد تفشل, وقد تتم محاصرتها, فقد كانت هناك بالفعل حركات سخط تلقائية لم تنجح قبل يونيو, ولم تأخذ ذلك الشكل الثوري الرائع, ولكن الخيال الثوري لشباب تمرد وتنظيمهم وحركات توقيع بالاسم والرقم القومي بما يعني سقوط الخوف من السلطة نهائيا وإلي الأبد, وتلك التوقعات هي بمثابة توكيلات تعود بنا إلي الذاكرة التاريخية المصرية للتوكيلات التي منحت للزعيم سعد زغلول ثورة1919, وتلك الفكرة من الواضح أنها كانت كامنة في اللاشعور السياسي, وجماعة الإخوان المسلمين لم تأخذ حركة تمرد بالجدية اللازمة لها, واعتقدت أنها مجرد حركة, وهناك مبالغات حول عملها في جمع التوقيعات, ولكنها كانت خطوة أولي, والأخطر منها الاستجابة للحشد في30 يونيو كموعد محدد للنزول بالشوارع لإسقاط الحكم المستبد من الإخوان المسلمين, ونزلت الجماهير بالفعل, وذلك ذروة تألق الشخصية المصرية في الآونة الأخيرة, وهذا النزول مماثل لنزوله عام67 لإسقاط الهزيمة. هل دور حركة تمرد من المفترض أن ينتهي عند هذا الحد أم يستمر؟ قد يتطور دورهم, وتطوره سيكون حسب التفاعلات في المجتمع, والتي لا حدود لها, ولا يمكن التنبؤ بصورها أو بمجرياتها, لأننا في عصر ثوري وليس ثورة سياسية, بل نحن نعيش ثورة عالمية انقلبت الأوضاع فيها بالعالم, والعالم المستقر قبل العولمة انتهي, حيث كان العالم مقسما ما بين العالم الأول والثاني والثالث, وبعد ذلك وقع العالم الثاني الممثل في الاتحاد السوفيتي وبانهيار الاتحاد السوفيتي تحول نظام الثنائية القطبية إلي نظام أحادي قطبي, وهناك عبارة ذائعة بالعلاقات الدولية تقول:( نحن نعيش في عالم يتسم بعدم اليقين أو القدرة علي التنبؤ). وتلك العبارة صحيحة لأننا نعيش في الزمن المتسارع, بحيث إن إيقاع الزمن أسرع مما كان من قبل, وذلك بسبب الثورة الاتصالية وشبكة الإنترنت والتويتر والفيس بوك, وهذا كله غير في الموازين العالمية وجعل النظم والحكومات تلهث دائما وراء الأحداث, فمن متابعتنا للأحداث في مصر بداية لجمع التوقيعات من حملة تمرد وتحديد النزول في03 يونيو, وبخطوة ميسورة من القوات المسلحة بقيادة الفريق السيسي, دعمت الإرادة الشعبية لإسقاط حكم الإخوان المسلمين, ثم عزل الرئيس مرسي, وتولي المسئولية رئيس مؤقت, وتم تشكيل خارطة طريق, وبدء تنفيذها, ثم جاءت لجنة العشرة, ولجنة الخمسين لإعداد الدستور, وسيتلوها استفتاء, ثم انتخابات برلمانية ورئاسية بمواعيد محددة, فهذا كله يمثل الإيقاع المتسارع الذي لم يكن موجودا من قبل. في ظل هذا الإيقاع المتسارع نحو بناء مصر من جديد نعيش في أجواء عنف وحرب ضارية ضد الإرهاب.. فإلي متي تتوقع استمرار معاناتنا من العنف والإرهاب من قبل جماعة الإخوان المسلمين؟ لابد أن نفرق ما بين الإرهاب في سيناء والسلوك العدواني لجماعة الإخوان المسلمين, فمن يقوم بالإرهاب في سيناء جماعات تكفيرية إرهابية لها ماض بالإرهاب سواء كانت تابعة لتنظيم القاعدة أو لجماعات تكفيرية أو جهادية, لأن لهم أيدولوجية سلوك وعقائد خاصة, ولا يتماثلون بالضرورة مع الإخوان المسلمين. ألا تري أن هناك ارتباطا بين تلك الجماعات التكفيرية والإخوان المسلمين حاليا؟ الارتباط موضوع آخر, نتحدث عنه في موضع آخر.. عن التحالفات والصفقات المشبوهة, وكلها موجودة بالفعل بينهما, ولكني الآن أتحدث عن السلوك لجماعة الإخوان المسلمين, والذي كان لا يقوم علي الإرهاب, بل قام علي أساس العدوان علي القيم الأساسية للمجتمع ومؤسسات الدولة, وهنا يكمن الفارق, لأن مشروعهم تاريخي منذ80 عاما, وهدفه النهائي إقامة دولة الخلافة الإسلامية كما صرح صفوت حجازي من قبل: هانروح القدس بالملايين, وأن القدس عاصمة الخلافة, ومصر مجرد ولاية فيها, وهذا الحلم غير الواقعي هو صلب المشروع الإخواني. وعندما أتيحت الظروف التاريخية نتيجة الغباء السياسي لبعض القوي الليبرالية حين اصطفوا إلي جانب مرسي بعد اجتماع فيرمونت الشهير وبايعوه, وهذا كان بمثابة خيانة للمثل الليبرالية, وغباء سياسي في الوقت نفسه لأنهم ساعدوا مرسي علي النجاح, ومع ذلك نجح بفارق ضئيل, بعدها بدأ مشروع الجماعة بما نسميه أخونة الدولة وأسلمة المجتمع وبدأوا بالفعل في النفاذ إلي كل مفاصل الدولة, وتنحية القيادات الوطنية وإدخال قيادات إخوانية لتنفيذ المشروع, وهذه مرحلة, ولم يمارسوا بها العنف المتعارف عليه إلا لو أخذناه بمعناه السياسي في إقصاء المعارضة وكل قوي الشعب من المشاركة في اتخاذ القرار, والاستبداد بالحكم, وهذا نعتبره عنفا بالمعني المجازي للكلمة أما العنف الحقيقي من الإخوان المسلمين فبدأ بعد سقوطهم, حيث طار صوابهم, وانتهي الحلم, ولذا أقاموا المستوطنات الاعتصامية المسلحة وغير المشروعة, وبدأوا العدوان ليس علي السلطة, بل علي الشعب المصري, وهذا يعتبر قمة الغباء السياسي, فتعطيلهم للمترو والمواصلات وقطع الطرق ما هو إلا عدوان علي الشعب المصري. إلي متي سيستمر العنف من قبل الإخوان المسلمين من وجهة نظرك؟ نريد التفرقة بدقة بين عنف المعارضة الإخوانية للنظام الجديد, والذي يأخذ شكل اعتصامات غير شرعية, ومظاهرات غير سلمية, بين وجود قنبلة في المترو, فهذا إرهاب وليست عنفا. والإخوان لم ينتقلوا إلي مسألة الإرهاب الصريح حتي الآن, وهم حاليا في مرحلة العدوان والترويع للمواطنين وتعطيل المرافق العامة, ومن الوارد أن يأخذ عنفهم شكل الإرهاب, وفي هذا الوقت فالدولة المصرية قادرة علي إجتثاث جذور الإرهاب كما فعلت في التسعينات حين مارسته الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد, ذلك بقتلهما للسياح وقنابل بالأزهر, فالدولة المصرية دولة راسخة وتستطيع سحق الإرهاب سحقا تاما سواء بسيناء أو بداخل البلاد. ونحن بصدد إعداد الدستور.. هل تري أن لجنة الخمسين ممكن أن تتعرض لأزمات تعطل أو توقف عملها أم ستتمكن من تجاوز كل ذلك؟ ذلك سؤال مهم, ولكن لابد أن تنطلقي من قاعدة مهمة, وهي أن الأزمات ترافق أي مجتمع سياسي بالعالم, وهي جزء منه, فأوباما مثلا لديه أزمة في الوقت الراهن, حيث إنه عاجز عن اتخاذ قرار بضرب سوريا, والكونجرس لا يوافق, وكذلك النظام البريطاني في أزمة تتمثل برفض مجلس العموم البريطاني ضرب سوريا. فالأزمات لصيقة بأي مجتمع سياسي, فلا يوجد مجتمع سياسي بدون أزمات, إلا أنه توجد أزمات مغلقة ومستحكمة, وأخري وقتية بمكن حلها. ولذا نحن لا نقلق علي عمل لجنة الخمسين, لأ ن لها مواعيد محددة يجب أن ينتهي العمل خلالها بتوافق بين أعضائها, ونعلم أنه من المنطقي أن تحدث معارضات وانسحابات من داخل اللجنة, فهذا كله جزء من العملية السياسية بأي مجتمغ, ففي تونس رغم أن مسار العملية الانتقالية كان أفضل من مصر, فإن الغنوشي له مقولة نثمنها وهي: لا ديمقراطية بغير توافق سياسي, وطبق ذلك بالفعل بتونس, ورغم أن حزب النهضة التابع له أخذ الأغلبية بالانتخابات في المجلس الانتقالي, فإنه لم يحتكر المناصب الرئيسية, فأتي بالمرزوقي لرئاسة المجلس الانتقالي, رغم أنه غير منضم لحزبه, وأتي بعضو من حزبه لرئاسة الوزراء, كما أن الغنوشي له رأي نحترمه أيضا لا ينبغي لأي حزب سياسي حاكم أن ينفرد باتخاذ القرار وهذه حكمة منه بأن يحمل كل الأحزاب عنه المسئولية وتكون محل انتقادات, ورغم كل هذه الحكمة من الغنوشي واجهته انتقادات وانسحب75 عضوا من المجلس الانتقالي وطالبوا بتغيير الحكومة ومازالت الأزمة مستمرة, فلا يوجد مجتمع سياسي بلا أزمات. ومع ذلك فنحن لدينا خارطة طريق وهناك إصرار علي الالتزام بمواعيدها أما عن وجود أزمات خلالها فهي أمور منطقية. يخشي البعض من نتائج الانتخابات البرلمانية القادمة لأن الكثيرين يرون أن القوتين الموجودتين في الشارع الآن هما الحزب الوطني المنحل وجماعة الأخوان المسلمين والذين سيحصدون كل الأصوات ونعود للمأساة من جديد فهل تساورك نفس المخاوف؟ بالنسبة للحزب الوطني فهو غير قادر علي جمع أصوات لانه لم يعد قوة بالشارع أما بالنسبة للأخوان المسلمين عندما تتحدث عن أن الانتخابات البرلمانية قادمة أسميها الكارثة قادمة والمشكلة ليست في وجود الأخوان من عدمه ولكنها تتمثل في أن آليات العملية الديمقراطية النيابية معيبة بمجتمعنا فنحن نقلناها من الغرب واعتبرنا أن صندوق الانتخابات, الحكم ولكن الفهم الصحيح للديمقراطية ان الصندوق هو آلية من آليات الديمقراطية بالأضافة إلي قيم الديمقراطية والتي تتمثل في القبول الطبقي بتداول السلطة والحوار السياسي والحلول الوسط والتفاوض. ولكن الأخوان المسلمين عندما حكموا أهدروا القيم الديمقراطية جميعا واستبدوا بالحكم وأصروا علي مقولة الصندوق وتمسكوا بها رغم أن الصندوق لا يعني الديمقراطية فهناك ما يسمي بالقيم الديمقراطية. ففكرة الصندوق نشأت كقصة حاسمة بالمجتمعات الغربية عندما انتقلت من مجتمعات زراعية متخلفة إلي مجتمعات صناعية والذي عمهم التعليم العام بها لأن جزءا من مشروع الحداثة الغربي الفردية بإستخلاص الفرد وحقوق الفرد وقدرته علي التمييز والحكم من الجماعية والعقلانية والاعتماد علي العمل والتكنولوجيا والمجتمع الصناعي لا توجد به أمية ويشعر الفرد به بكيانه ورأيه ويساعد الأعلام الناضج علي ذلك أما مصر فلدينا40% أمية و20 مليونا تحت خط الفقر ولك أن تستخلص ماشئت من النتائج. وبناء علي تلك الحقائق الاجتماعية تكون الانتخابات مزيفة وليست مزيفة بالتزوير الواضح وأنما بالتزييف الإجتماعي ويؤدي إلي أن تكون العملية الانتخابية خاطئة ومشوبه إجتماعيا بعيوب بنيوية بالمجتمع فالأمية والفقر كارثة ثقافية فلو عدنا للأستفتاء الخاص علي الدستور والذي خالف الأعراف الدستورية والتي تري أنه لا يجوز الاستفتاء علي أكثر من موضوعين أو ثلاثة فكيف نستفتي علي دستورية220 مادة وعلي أي شيء نقول نعم أو لا وخصوصا أن معظم المواطنين لم يقرأوه من الأساس فما دلالة ال67% نتيجة الاستفتاء علي الدستور سوي أنها تطبق لديموقراطية مزيفة والتي إعتمدت علي مؤشرات كمية لا دلالة لها سواء لمن قرأ الدستور أو لم يقرأه. ولكن هذه الطريقة هي التي سنتبعها في الأستفتاء القادم علي الدستور؟ بالنسبة للدستور القادم والأستفتاء عليه أري أنه لا يجوز طرح مشروع دستور علي الشعب للأستفتاء إلا بعد طرحه علي المواطنين لمدة سنة كاملة حتي تتمكن الدوائر من شرح وتفسير مواد الدستور وتعطي الحق للمواطن بالمناقشة والمعارضة وإبداء الرأي بالمواد كما أن هذه المدة لها ميزة كبيرة وهي تربية الناس علي إحترام القانون والدستور. وهل تسمح الفترة الانتقالية بحدوث ذلك؟ هذا هو عيب الفترة الانتقالية أنها لا تسمح بطرح الدستور علي المواطنين لمناقشته بالمدة الكافية له وهذا هو وجه انتقادي لخارطة الطريق لأن بها إستعجالا شديدا. الإستعجال لتلافي الانتقادات الدولية وتنفيذ خارطة الطريق؟ ليس لي شأن بالانتقادات الدولية, فهل نحن نرهن تطورنا الخاص بناء علي الانتقادات الدولية, فهل يمكننا عمل انتخابات رئاسية مبكرة بحيث يكون هناك مسئول علي رأس الدولة. ولكن هذه هي الغلطة الماضية التي أوقعتنا في المشاكل التي واجهناها بأننا أجرينا انتخابات رئاسية قبل إعداد الدستور فهل نعيد نفس الأخطاء؟ لا أريد المسار الماضي ولكن أود بعد إعداد الدستور أن تجري الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية فوجود رئيس سيؤدي لوضوح الاتجاه العام للدولة قبل الانتخابات البرلمانية. ولكن وجود رئيس للجمهورية قبل الانتخابات سيؤثر علي اتجاه الأغلبية؟ لن يؤثر, لأن هذه ليست المشكلة, ولكنها تريد ألا تستعجل الانتخابات البرلمانية بعد انتخابات الرئاسية بحيث تتوفر وقت للمواطنين ليلتقطوا أنفاسهم وتمنح الفرصة للأحزاب الجديدة أن تشكل وتتمكن من عمل قواعد إجتماعية مع المواطنين وهذا كله كان يستلزم أن تأخذ خارطة الطريق عاما كاملا حتي تجري الإنتخابات الرئاسية. وهل في رأيك سنة واحدة ستكون مدة كافية أمام الأحزاب لتبني قواعد إجتماعية ؟. ستكون أفضل من الوضع الراهن والذي لن يمنحهم أي فرصة أو وقت. ولكن خارطة الطريق أمر واقع ولن تتغير؟ لماذا لا تتغير فمن حق الرئيس المؤقت إصدار إعلان دستوري بذلك وهناك إتجاه داخل لجنة الخمسين لإجراء الإنتخابات الرئاسية أولا. ما هي رؤيتك لشكل الدستور الجديد وخاصة مواد نظام الحكم أو المادة الثانية؟ أو العدالة الاجتماعية وغيرها من مواد تجعله دستورا يحقق طموح الشعب المصري؟ أي دستور لابد أن يصدر عن نظرية متكاملة, تتضمن نظرية سياسية والتي تضم نظام الحكم ونظرية اقتصادية وأخري أجتماعية وثقافية. أما عن النظرية السياسية والمتمثلة في نظام الحكم وأهم ما فيها هو توزيع السلطات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والبرلمان لكي نقضي علي التراث السلبي الخاصي بإنفراد الرئيس باتخاذ القرار في إطار توازن بين السلطات وليس الفصل بينها بحيث تكون سلطة الرئيس مقيدة بموافقة البرلمان في أشياء مهمة, وبوضوح شديد تحدد سلطات الرئيس والبرلمان وتحديد القرارات التي لا يأخذها الرئيس الا بموافقة البرلمان مع تحديد نسبة الموافقة في إطار نظرية واضحة. وأخطر من ذلك النظرية الأقتصادية بالدستور والتي يجب أن تضع حدود تدخل الدولة في النظرية الأقتصادية ومدي ذلك التدخل حي لا تتجاوزه فمع أننا مع الأستثمار وحرية السوق الا أنه يجب ألا يؤدي الي الأحتكار وأن نحافظ علي ألا يرهن الأقتصاد المصري لإقتصاد أجنبي أو بيع الأصول المصرية باسم العولمة وذلك كله يتحقق من خلال وضع رؤية واضحة للنظرية الاقتصادية بالدستور مع تحديد حدود تدخل الدولة بها يسمح بتدفق الاستثمار مع الحفاظ علي قوام الاقتصاد المصري. ثم تأتي بعد ذلك النظرية الاجتماعية التي تتمثل في العدالة الاجتماعية.. هي شعار غامض لم يفكر فيه أحد الان هناك مقولة شهيرة للعالم الاجتماعي الالماني رالف نهردروف وصاحب كتاب فرصة الحياة. وهي التنمية هي توسيع فرص الحياة هذا هو المعني الحقيقي للعدالة الاجتماعية من تعليم وصحة وتشغيل وزواج والمعاشات والتأمينات وهذه هي العدالة الاجتماعية بأنه يأخذ كل مواطن حقه من تلك المجالات من الدولة فهو حقه الطبيعي منها ولا تمن به عليه. فالمواطن الذي يدفع الضرائب هو وأبناؤه للدولة من حقه أن يتعلم ويعالج ويوفر السكن والعمل وتكون لديه القدرة لتكوين بيت ويتزوج. لأن المصريين حاليا عاجزون عن الزواج والعامل والفلاح وهذا هو صلب الموضوع ويجب ان ينص علي تلك النظرية الاجتماعية بدقة في الدستور الجديد. ويتبقي جانب مهم يجب ان يراعيه الدستور الجديد هو النظرية الثقافية والتي من الضروري لها ان تقوم علي المواطنة وعدم التمييز لأي سبب من الأسباب. هل تري ان الجدل حول المادة الثانية في الدستور والمادة219 سيؤدي الي أزمة في الدستور؟ المادة الثانية ليس بها أي مشكلة لأن الجماعات الدينية المتطرفة والتي تتاجر بالدين لا تعجبهم كلمة مبادئ ويريدون تغييرها بالأحكام مع أن الأحكام مطبقة بالفعل في قوانين الأحوال الشخصية والقانون المدني المصري والذي لا يختلف علي الاسلام, ولم يتبق سوي تطبيق الحدود وقطع الأيدي فهذا هو حديث بدائي لأن الاسلام لا يتضمن عقوبات تهديدية. وسيدنا عمر رضي الله عنه رفع تطبيق الحد عند المجاعة. هناك انتقادات توجه لأحكام البراءة لمبارك ونظامه.. ويخشون حدوث ذلك مع مرسي ونظامه ويطالبون بقوانين جديدة تضمن المحاسبة لهم تحقيقا للعدالة الانتقالية فما رأيك في ذلك؟ أحد مبادئ ثورة25 يناير الا يحاكم المواطن إلا أمام قاضيه الطبيعي بالمحاكم المصرية ولابد أن اؤكد في هذا الموضوع أن القضاء المصري قضاء راسخ ومن أرفع الأنظمة القضائية بالعالم وله تقاليد راسخة ورصينة تدرج بالمحاكم فمن ينتقد البراءة فلدينا قاعدة قضائية ان القضاء الجنائي قضاء اقتناع وان لم يقتنع القاضي بوجدانه ان المتهم الماثل أمامه ارتكب الجريمة فليبرؤه. ولذا لدينا في القانون الجنائي مبدأ شفوية المرافعة فلا يجوز للمحامي القراءة من الورق بخلاف المدني حتي يؤثر في وجدان القاضي من خلال مرافعته لتبرئة المتهم, أما القاضي الجنائي فيحكم وفقا للأدلة التي تتوافر لديه وإذا كانت غير كافية للحكم بأي عقوبة فلا يمكنه سوي تبرئته ولذا من ينتقد أحكام البراءة من الواضح انه لا يفهم طبيعة العمل بالنظام القضائي. وماذا عن المطالب التي تنادي بقوانين جديدة للمعاش؟ هذه مطالب ضد مبادئ الثورة فهل من المنطقي المطالبة بعمل قوانين تحكم علي الأشخاص بالإعدام دون دليل قطعي بالاتهام واثباتات فهذه مطالب خطيرة وضد المنطق, فيجب ان يكون معروفا للكافة انه لا جريمة بغير نص وهو مبدأ قانوني ولا يجوز الحكم بأثر رجعي, وهو مبدأ راسخ فهل المطلوب ان نتخلي عن تلك المبادئ فالعدالة لا تتحقق برأي الشارع فالشارع لا يحكم ولكن الحكم للقاضي حتي لو كانت ضد مشاعر الشارع. حالة البلطجة بالشارع المصري التي لا تنكرها عين وتغير سلوك المصري تجاه العنف والحدة دون مراعاة للقوانين فهل هذا نتيجة قيام ثورات بالمجتمع؟ أم ماذا؟ الثورة أدت الي انفجار سياسي واجتماعي والانفجار السياسي عبر عن الطاقة المكبوتة المقموعة علي المصريين في نظام مبارك فحدث انفجار هذا بالاضافة الي القمع الاجتماعي أيضا بوجود الاحتكارات من القلة لثروات البلاد. فما نراه من عنف وبلطجة ما هو إلا تنفيس عن سخط سياسي واجتماعي عنيف ويأخذ شكل تجاوز القانون والبلطجة وعدم الاعتداد بأي قيمة, لأن ملايين الناس في مصر ظلمت ظلما بينا في العهود السابقة وهذا تفسير ما يحدث الأن. وإلي متي سيستمر ذلك التنفيس؟ لن يحدث انصباط بالشارع المصري الا بحدوث انضباط سلوكي سياسي وقبل أن يحدث توافق سياسي لن يحدث توافق اجتماعي. وهل نحن اقتربنا من ذلك التوافق السياسي ؟ هذه العملية ستأخذ بعض الوقت فالتفاعلات السياسية تحتاج لوقت لحدوثها. هل تتوقع ثورة ثالثة؟ هل كل يوم تحدث ثورة؟ هذا ما قاله الاخوان المسلمون انهم لم يعتقدوا قيام ثورة أخري بعد ثورة25 يناير؟ في علم الثورات الثورة حدث استثنائي في تاريخ أي شعب وبالتاريخ العالمي. وما حدث لدينا ليس بثورتين ولكن هو موجة أولي للثورة في25 يناير والموجة الثانية في30 يونيو. ما هو مستقبل تيار الإسلام السياسي بمصر؟ مشروع الاسلام السياسي فشل سياسيا ويسقط تاريخيا. والفشل السياسي لهم ظهر في العجز الشديد في إدارة الدولة من نظام حكم بلا كفاءات ومتحيز لهدم الدولة لحساب جماعة الاخوان المسلمين. أما عن سقوطهم التاريخي لأن مشروعهم قام علي إقامة الخلافة الاسلامية وتحويل مصر إلي ولاية وعاصمة الخلافة في القدس وليست القاهرة وفي مخططهم حسب ما ذكر مرشدهم العام د.محمد بديع عندما حصلوا علي الأكثرية في الانتخابات البرلمانية قال يبدو ان حلم الشيخ حسن البنا في إقامة الخلافة الاسلامية قد قارب علي التحقق. فهم يحلمون بذلك منذ80 عاما وفي الحلم الهزلي للجماعة ان بعد الخلافة سيصلون الي استاذية العالم وهذا نوع من التبجح الفكري لانهم لم يقدروا علي ادارة دولة ولا يعرفون حتي اختيار وزير كفء.