يجب على مصر أن تعود إلى طريق التغيير الديمقراطي، وعلي جميع القوى السياسية كبح محاولات الدولة العميقة لمعاودة الماضي، أو مواجهة العواقب العنيفة التي يمكن أن تشهدها البلاد. الأحداث الأخيرة التي شهدتها مصر منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، والهجمات الدامية تعد نقطة محورية في تاريخ الشرق الأوسط، وأن هذه التطورات سيكون لها تأثير كبير على المجتمعات العربية بأكملها، وستمثل لحظة فاصلة بين الاستمرار في الخيار الصعب باتجاه التغيير الديمقراطي، أو اتباع مسار يؤدي إلى العنف والخراب. كما أن الربيع العربي، أثبت أنه من الممكن أن يتحقق التغيير سليمًا مثلما حدث بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، وعزز ذلك رؤية الإسلام السياسي في تونس ومصر واليمن وليبيا التي شكلت مسارا للديمقراطية الحقيقية في الدول العربية، وضعف حجة الجهاديين الذين هاجم زعيمهم أيمن الظواهري التحول الديمقراطي، وهو طبعا الآن مبتسم وسعيد بعد الإطاحة ب "مرسي" في مصر. ولكن للأسف الدول العربية ذات الأهمية الاستراتيجية، صامتة عما يجري في مصر حيث تراق الدماء إراقة، بالإضافة إلى الإدارة الأمريكية الحائرة في أمرها وبتصريحاتها الغامضة حول ما حدث في مصر هل هو انقلاب أم لا، والعديد من الدول الغربية يقع على عاتقها لوم كبير لأنها تساوي بين الضحية والجلاد. وما لاشك فيه أن كثيرا من الناس في العالم العربي يشعرون الآن بأنهم خدعوا، أما بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بالعنف المسلح، وتستعد المنطقة لتلبية احتياجاتهم، مثل الكفاح المسلح المستمر في سوريا، والاشتباكات الطائفية في العراق، والتوترات الأمنية في لبنان، والأزمات الأمنية في السودان والصومال، وانتشار الأسلحة في ليبيا ومصر معا، توفر لهم فرصة مثالية لإقامة منطقة واسعة من الفوضى والعنف عبر الحدود. ولدي المجتمعات العربية خياران، وسيكونون بين نهجين، الأول أن تترك للأجيال المقبلة نزاعات دموية، لا يعرف فيها القاتل لماذا يقتل وسينتقل هذا الخراب إلى جميع دول المنطقة، ويمس دون شك مصالح أوربا والولايات المتحدة. والخيار الثاني هو أن تأخذ قرارات حاسمة بالرجوع إلى المسار الديمقراطي، ومنع الدولة العميقة من محاولة إعادة إنتاج النظام السابق ويتطلب هذا مشاركة جميع القوى السياسية، وعليها جميعا أن تلتزم الخيار الثاني.