قال الكاتب الأردني وضاح خنفر المدير العام السابق لشبكة تليفزيون جزيرة، إن ما اسماه بالانقلاب العسكري في مصر، والهجوم الدموي الذي ارتكبته القوات المسلحة والشرطة ضد مؤيدي الشرعية الدستورية سوف يُشكل نقطة تحول هامة في التاريخ السياسي للشرق الأوسط. وأوضح خنفر في مقاله على صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن هذا الأمر سيشعر العالم بأثر ذلك، صانعًا لحظة حاسمة بين استمرار الخيار الصعب المنصب على التحول نحو الديمقراطية، ومواصلة مسار يركز على العنف والفوضى عبر الحدود. أشار خنفر، أن الدولة المصرية العميقة والمتمثلة في القوات المسلحة والأمن والقضاء بدأت في التعافي، مشيرًا إلى أن الربيع العربي لم يسحب الجذور الراسخة للدولة، وإنما أزاح قمة الهرم مستبدلاً بقادة منتخبين جدد، ولكن بدون خبرة، ومن ثم تنفست الدولة العميقة الحياة مجددًا، وصورت عملية الانتقال إلى الديمقراطية باعتبارها فشل ذريع. أضاف خنفر، أن المواطنين كانوا غاضبين من تردي الخدمات ومتعبين من الأزمات السياسية التي يغذيها جرعات من التضليل، فجاءت النتيجة انقلاب عسكري بغطاء سياسي، ودعم من قطاعات السكان والدول الإقليمية المتأثرة بالربيع العربي. ويرى الكاتب الأردني، أننا الآن نواجه خيارين، أولهما هو تسليم الأجيال القادمة لصراعات دموية يجهل القاتل فيها أسباب قيامه بالقتل، وهذه الفوضى سوف تؤثر على كافة الدول في المنطقة وتتجاوزها لتصل إلى أوروبا، وتؤثر على المصالح الأمريكية. أما الخيار الثاني، هو أن يتم بجرأة وحسم استعادة عملية التغير الديمقراطي في مصر وكبح جماح الدولة العميقة، ومحاولاتها المتكررة لإعادة الماضي، وهذا يتطلب المشاركة السياسية الكاملة لكافة القوى المختلفة، وينبغي على جميع المعنيين تأييد الخيار الثاني قبل فوات الأوان. وأوضح خنفر، أن الشعوب العربية ترى الآن العنف الدموي الموجه من القوات المسلحة ضد المظاهرات السلمية في مصر، بينما مازالت إدارة الولاياتالمتحدةالأمريكية، تتساءل إذا ما كان ما حدث انقلابًا أم لا؟، وتنبثق تصريحات غامضة من الدول الغربية الأخرى، والتي تساوي بين الضحية والجلاد. ونوه خنفر، أن الإسلام السياسي الإصلاحي يُعد المستفيد الأكبر من الربيع العربي، وتمكن من تحقيق مكاسب كبيرة على مدى السنوات الثلاث الماضية، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تبنت نهج الحاجة إلى التغيير السلمي والتطويري للواقع السياسي. وقال أن الربيع العربي، أكد أن التغيير السلمي أمر متاح، وبالتالي عزز من رؤية الإسلام السياسي، وتوغل أثر هذا ليشمل الاتجاه السلفي التي شككت في المسار الديمقراطي، وهذا أضعف حجة الجهاديين مما دفع قائدهم أيمن الظواهري لمهاجمة التحول الديمقراطية، ولكنه اليوم يبتسم لرؤية الانقلاب ضد الشرعية الدستورية في مصر. وتحدث المدير العام السابق عن خطورة حقيقة شعور العديد من الشعوب في العالم العربي بأنه تم خداعهم، ولم يعد من الممكن للشعوب العربية الخضوع لدولة أمنية، وأما هؤلاء الذين يؤمنون بالعنف المسلح تستعد المنطقة لتلبية احتياجاتهم. وأكد أن الصراع المسلح المستمر في سوريا، والاشتباكات الطائفية في العراق، والاضطرابات الأمنية في لبنان والأزمة الأمنية في السودان، والصومال، وانتشار الأسلحة في مصر وليبيا، كل هذا يقدم الفرصة الأمثل لبناء منطقة واسعة من العنف والفوضى عبر الحدود.