مسمى «المجموعة 39 قتال» جاء لتنفيذها 39 عملية خلف خطوط العدو قبل تكوينها عام 1967 هذه قصتي داخل «مدرسة الصاعقة» كنا نقفز من الطائرات أثناء طيرانها ونسبح فى «برد طوبة» ونمشى 20 كيلومترًا ونعود مرة أخرى عندما كنت فى فرقة «معلمي الصاعقة» كنت أترك الطوابير وأذهب لمتابعة تدريبات رجال الرفاعى وكنت منبهرًا بهم جدًا أكثر شيء كان يحزننا فى 67 أننا لم نحارب اليهود وجهًا لوجه وقواتنا كانت تحارب فى العراء دون أي غطاء جوي البطل شاكر أحمد واحد من أبرز أبطال المجموعة «39 قتال» التى أسسها البطل الشهيد إبراهيم الرفاعى، وكان ل«شاكر» نصيب فى اختياره ليكون ضمن «رجال المجموعة»، التى لا يزال، رغم مرور السنوات، يتذكر أدق تفاصيل العمليات التى نفذها، والإخطار التى كانت تحيط بهم فى كل عملية. «فيتو» حاورت البطل «شاكر» الذى تحدث عن ذكرياته داخل «مدرسة الصاعقة»، وكواليس اختياره ليكون ضمن عناصر مجموعة «الرفاعي»، والعمليات التى نفذتها المجموعة القتالية خلف خطوط العدو.. وإلى تفاصيل الحوار: *هل تذكر تاريخ تجنيدك فى القوات المسلحة؟ بالطبع.. خضعت للتجنيد فى السابع من أبريل عام 1966، والتحقت بمدرسة «تدريب الصاعقة» فى منطقة «أنشاص» لأنني كنت أتمتع بمقومات جسدية قوية، وتعلمت فى المدرسة الكثير مثل التحمل فى الجبال وكيف نتغذى على أي شيء فى الطبيعة مثل الفئران البيضاء والثعابين وكيف نحصل على المياه من الصبار بما يساعدنا على البقاء على قيد الحياة. بعد تخرجي من المدرسة انضممت إلى الكتيبة 93 صاعقة وكنت قدمت من اليمن منذ 22 يوما فقط، ثم انتقلت الكتيبة للاستطلاع فى رفح قبل نكسة 5 يونيو ب20 يوما فقط، وأذكر أنه كان هناك سلك شائك يفصلنا فقط عن اليهود فى فلسطين، وعندما حدثت الضربة يوم 5 يونيو شاهدنا طيرانًا منخفضًا يمر فوقنا ثم سمعنا صوت انفجارات، ولاحظنا أنها لم تكن طائراتنا لأنها تحمل «نجمة داود» الملعونة. وهذه اللحظات كانت صعبة علينا وعلى قائدي وقتها الرائد محمد الجزار، الذى انتابته حالة من الحزن بعدما ضرب العدو الإسرائيلى مقدمة الكتائب ومؤخرتها حتى يقوم بتعطيلها ثم يلاحق بقية الجنود، وأكثر شيء كان يحزننا فعلًا أننا لم نحارب اليهود وجهًا لوجه، فهم كانوا يستهدفون قواتنا التى كانت تحارب فى العراء دون أي غطاء جوى بطيرانهم المنخفض. *ماذا عن كواليس اختيارك للانضمام إلى المجموعة «39 قتال» بقيادة البطل الشهيد إبراهيم الرفاعى؟ المجموعة 39 قتال أطلق عليها هذا الاسم لتنفيذها 39 عملية خلف خطوط العدو قبل تكوينها عام 1967، وكانت مكونة من 39 ضابطًا وعسكريًّا، وتم إلحاق تكوين المجموعة لإبراهيم الرفاعى وقتها وقيادتها، والذى عمل على اختيار أفضل العناصر من رجال الصاعقة والصاعقة البحرية وبقية أفرع القوات المسلحة تحت قيادة اللواء محمد أحمد الصادق مدير المخابرات العسكرية، وتكون مهامها بتوجيه مباشر منه، واختار «الرفاعي» «رأس النمر» شعارًا للمجموعة التى أرهبت العدو وزلزلت حصونه، والتحقت بالمجموعة فى عام 1968 بعد اجتيازي فرقة «معلمي الصاعقة». والتدريبات فى المجموعة كانت مختلفة تمامًا عن تدريبات مدرسة الصاعقة، حيث كنا نقفز من الطائرات أثناء طيرانها، ونسبح فى «برد طوبة» ونمشى 20 كيلومترًا ونعود مرة أخرى فى توقيت غاية فى الدقة وصعود جبل عتاقة شديد الوعورة بمهارة، وأهم شيء تعلمته من المجموعة أنه عندما يصاب زميل لك أو يستشهد لا تتركه أبدا فى أرض المعركة وتحمله إلى الوطن ، إلى جانب المساواة بين عناصر مجموعة الضباط وضباط الصف والجنود. وأذكر أننى عندما كنت فى فرقة «معلمى الصاعقة» كنت أترك الطوابير وأذهب لمتابعة تدريبات رجال الرفاعى ، وكنت منبهرًا بهم جدا لكن بعد الانضمام شعرت أنى إنسان آخر، وآمنت أن بداية رجولتى ولدت مع أول التدريبات التى خضتها مع المجموعة بقيادة «الرفاعي». *ما أبرز العمليات التى نفذتها المجموعة قبل انضمامك إلى صفوفها؟ بعد 5 يونيو 67 وعقب انسحاب قواتنا من سيناء بعد أن احتلها العدو الإسرائيلى نفذ «الرفاعي» مهمة تدمير مخازن الأسلحة والذخيرة التى تركتها قواتنا، إضافة إلى القطار الذى وضعت عليه إسرائيل مخلفات الأسلحة والذخيرة التى تركتها قواتنا، حيث نجح فى زراعة متفجرات فى القطار، وتمكن من تدميره كاملًا، وهذه كانت أول عملية نفذت فى سيناء بعد الانسحاب بأيام بسيطة. والعملية الثانية كانت بتكليف الفريق عبد المنعم رياض، بعدما وصلت معلومات تشير إلى نشر إسرائيل مجموعة من الصواريخ الجديدة على شاطئ القناة ، وطلب الخبراء الروس إحضار صاروخ من هذه الصواريخ لإجراء أبحاث عليها، وأوكلت المهمة إلى «الرفاعي» ومجموعته، وبالفعل عبرت مجموعة بقيادة «الرفاعي» قناة السويس ليلا وتمكنت من إحضار 3 صواريخ منها فتعجب الروس من هذه العملية الانتحارية. أما العملية الأغرب والطريفة هى قيام العدو الإسرائيلى بإحضار مجندات معه إلى سيناء ، وكانت المجندات تسبحن فى القناة بمواجهة الجبهة وتستفز رجالنا، فأمر «الرفاعي» رجاله بإحضار مجندة منهن، وبالفعل تم القبض على إحداهن ، واكتشفنا أنها برتبة عقيد، وتم أسرها واستبدالها بعدد من الأسرى المصريين بعد ذلك، مما أعطى رد فعل كبير لدى الجيش الإسرائيلى ومنع المجندات من الاقتراب من القناة مرة أخرى أو الخطوط الأمامية. *ماذا عن أبرز العمليات التى شاركت فيها مع المجموعة بعد التحاقك بها؟ المجموعة نفذت 92 عملية خلف خطوط العدو ، اشتركت فى 30 عملية منها، وكنت من أهم 3 عناصر الضاربين بسلاح ال«آر بى جي» فى الجيش وقتها، الأول محمد الصادق عويس ومرسى أحمد، وضربتى دائما تصيب الهدف المحدد والحمد لله وفقنى الله فى أكثر من عملية. ومن أهم العمليات التى نفذتها وأجرأ عمليات المجموعة 39 عملية ضرب الأتوبيس الذى كان يحمل على متنه خيرة الطيارين للعدو الإسرائيلى، بعدما توافرت معلومات للقيادة بأن الطيارين الإسرائيليين يتم تغييرهم كل فترة فى سيناء، وتم تتبع خط سيرهم. وحددت عناصر الاستطلاع بالمجموعة أهم مكان يتم استهداف الأتوبيس منه، وبالفعل استقلت المجموعة التى ستنفذ العملية الطائرة الهليكوبتر بقيادة الطيار جلال النادى، وأنزلتنا بالقرب من مكان التنفيذ بنحو كيلومتر ونصف. وكانت الأوامر أن تتركنا وتعود بعد 3 ساعات لانتشالنا، لكن الطيار جلال رفض التحرك إلا بعد تنفيذ العملية، وتحركنا معه من منطقة الإنزال إلى منطقة الهدف، وكان معنا فى العملية «الرفاعي» والدكتور على نصر والصحفى عبده مباشر ومطاوع وغدنفر، وتقدمنا «الرفاعي» كعادته وفى منطقة بين دهب ونويبع زرعنا بعض المتفجرات وعندما توقف الأتوبيس وجهت إليه قذيفة «آر بى جي» فتحطم تماما وتم تنفيذ المهمة. وعدنا إلى الطائرة وجدنا البطل جلال النادى فى انتظارنا وعندما سأله «الرفاعي» عن عدم إقلاعه قال كنت أريد رؤية النصر فى هذه المهمة وعودة أبطالها سالمين، والجدير بالذكر إن الطيار جلال النادى من أبطال القوات الجوية وكان لاعب كرة مشهور. والعملية الثانية عملية «رصيف الكرنتينة» الذى كانت تستخدمه إسرائيل فى تموين السفن التى تعمل فى سيناء وإمداد قواتها بالمواد التموينية والذخيرة، وتوافرت المعلومات بأن هذا الميناء لا بد من تدميره لوقف الإمداد عن القوات الإسرائيلية. وخطط «الرفاعي» وقادة المجموعة للعملية واختار لها 3 مجموعات فى 3 لنشات كل لنش به 5 عناصر. أنا كنت في مجموعة الرائد وسام حافظ وكان معي في اللنش أبو الحسن والرائد عصام الدالي ويحي عامر الذين استشهدوا في العملية ، فالرائد عصام كان حصل على خطاب أجازة للسفر الي روسيا للحصول على دورة وكان المكلف بالمأمورية بدلا منه الرائد محسن طه ولكنه صمم أن يشارك في العملية قبل الأجازة. وأيضا عامر كان متبقيا علي فرحه 3 أيام وحصل على أجازة هو الآخر ولكنه صمم علي المشاركة في العملية وعندما رفض الرفاعي وقال له: "أنت عريس لازم تجهز"، بكي وصمم أن يشارك في العملية وتحرك اللنش لمنطقة الهدف وقمنا بتفخيخ الميناء وتحركنا باللنشات الثلاثة وفجأة توقف لنش الرفاعي بسبب تأخر انفجار إحدي العبوات. وعاد مرة أخري برغم الضرب من مدفعية العدو علينا فتوقفنا وأرسل رجال الإشارة إلينا علي اللاسلكي أن "الدبابير طلعت"، ومعناها أن الطيران الإسرائيلي استعد لضربنا وقبل أن يصل الرفاعي للعبوة ببضع أمتار انفجرت فبدأ العودة ولكن كان العدو تنبه لنا وبدأ الضرب علينا بكثافة وهذا اليوم كانت الرياح شديدة ومياه القناة مرتفعة ولكن قائد اللنش الخاص بي وسام حافظ كان متمكنا جدا ويناور دانات المدفعية بكل شراسة وجسده كله علي مقود اللنش ولم يتركه. وقد أصابت إحدى الشظايا الرائد عصام الدالي في وجهه وأخذت رأس عامر وذراعه وأصابت بعض الشظايا ظهر الرائد وسام ولكنه لم يهتم بالإصابة حتي وصلنا إلى البر الغربي للقناة وقد استشهد في العملية عامر والرائد عصام الدالي وفي اليوم التالي ذهبنا مع القائد ابراهيم الرفاعي لحضور مراسم دفنهم كلا في مسقط رأسه وحزن الرفاعي كثيرا عليهم ولكنه كان كتوما وكلماته دائما تحفزنا حيث كان يقول : كلما سقط منا شهيد كان الثأر من العدو الإسرائيلي أكبر. الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية ل "فيتو"