بطلة هذه الحكاية سيدة تبلغ من العمر 64 عاما اسمها "بشرى"، تقضى عقوبة السجن لمدة 5 سنوات فى قضية إيصال أمانة.. سألها المحقق عن تفاصيل قضيتها وكيف تقضى وقتها داخل سجن القناطر فأجابت بثبات واضح: "أنا سيدة فقيرة اضطرتنى الظروف للعمل خادمة فى المنازل، لتدبير مصاريف أسرتى..كنت أعيش فى منزل متهالك مبنى بالطوب اللبن فى كفر الزيات بمحافظة الغربية، وإلى جانب أولادى كنت أربى وأرعى ابن شقيقتى بعد وفاة والدته.. كبر الأبناء وقررت أن أهدم المنزل وأبنى منزلا بالخرسانة مكانه حتى يتزوجوا فيه.. كنت قد ادخرت مبلغا قليلا من المال، وبعد أن هدمت منزلى وشرعت فى بناء الجديد، نفدت الأموال منى، واضطررت لاقتراض 10 آلاف جنيه من أحد الأشخاص.. فى هذه الأثناء أصيب ابن شقيقتى بمرض السكر ودخل المستشفى لمدة شهرين متتاليين توقفت خلالهما عن البناء وأنفقت كل أموالى على علاجه، وكانت النتيجة أننى عجزت عن تسديد المبلغ لصاحبه". بشرى أضافت: "جاءنى الدائن طالبا سداد الدين، وبعد أن شرحت له الظروف والأحوال وافق على أن يمهلنى المزيد من الوقت بشرط أن أسدد المبلغ مع فوائده وعلى دفعات بواقع 500 جنيه فى الشهر، ولضمان جدية الاتفاق وقعت له إيصال أمانة على بياض.. بعد فترة قصيرة فوجئت به يطالبنى بسداد المبلغ كله دفعة واحدة.. حاولت بشتى الطرق أن أثنيه عن طلبه هذه وأدخلت الكثير من الوسطاء لحل المشكلة، ولكنه ازداد إصرارا، وبالطبع عجزت عن دفع المبلغ فما كان منه إلا أن أقام ضدى دعوى تبديد أمانة بمبلغ 60 ألف جنيه وليس 10 آلاف.. وبعد فترة طويلة قضيتها بين مركز الشرطة والنيابة والمحكمة، صدر ضدى حكم بالسجن لمدة خمس سنوات.. الطامة الكبرى أن الدائن خدعنا حتى وقعنا له على إيصالات جديدة مقابل التنازل عن القضية الأصلية فى الاستئناف، ولكنه لم يفعل ولم يحضر أساسا إلى المحكمة.. ومنذ دخولى إلى السجن انقطعت أخبار أولادى وابن شقيقتى عنى ولا أعلم عنهم شيئا ولم يحضر أحد لزيارتى منهم، والله وحده هو العالم بأحوالهم الآن".. ترقرقت دمعة فى عينيها وهى تقول: " حاولت أن أتعلم صنعة أو حرفة داخل السجن، ولكن كبر سنى ومرضى حالا دون ذلك، فأنا مريضة وأحتاج إلى جراحة فى القلب، وقد أجريت لى جراحة لتوسيع شرايين اليدين بعد أن أوشكت على الانسداد داخل سجن القناطر، وتسببت هذه الجراحة فى عدم قدرتى على تحريك اليدين بشكل طبيعى".