ما نعيشه في أيامنا هذه من انقطاع للكهرباء في مختلف ربوع مصر يدل على أن من تولوا أمرنا لايبالون أصلا بمواطنيهم من أمثالنا الفقراء.. سيخرج لى من يقول إن المشكلة عامة ولاتخص الفقراء وحدهم.. سأقول له: لا ياصديقى.. فمشكلة الانقطاع المستمر للكهرباء يعانى منها الفقراء وحدهم.. لأنهم لايملكون البديل الذي تستمر به حياتهم سوى لمبة جاز وشمعة ودعاء إلى الله أن ينتقم ممن كان السبب.. أكتب هذه المقدمة بعد أن قرأت تلك الرسالة التي وصلتنى من أحد أصدقائى الحرافيش، والتي جاءت على النحو التالى: عزيزى الحرفوش الكبير.. بالتأكيد أنت تعانى مثلنا من هذا الانقطاع المستمر في الكهرباء.. هذا الحدث الذي يتزامن مع انتشار للفقر والغلاء والتعب والعناء في جلب لقمة العيش وطلب الزرق.. وهذا عمل فضيل جليل ينسب للإخوان المسلمين ورئيسهم المناضل محرر الجنود ورافع رأس إخوته في كل مكان بالعالم.. هذا الرئيس الذي يعلم جيدا أن من بين شعبه أناسا ليس لهم من يعيلهم بعد أن قتلهم غول البطالة.. بل ويكادون لا يجدون ما يسد رمقهم ولا يعلم بحالهم إلا الله جل في علاه.. إنهم من انتخبوك ياسيادة الرئيس وأنت عنهم مسئول.. راجع ياعزيزى الجمعيات الخيرية لترى ما باتت تئن به ملفات أمثالنا من الثقل في زمن مادى مجحف قاسٍ ملىء بالفتن.. زمن فيه الجار الغنى لايكاد يعلم شيئا عن جاره الفقير المحتاج.. فكيف بالبعيد أن يشعر؟!!.. نعم.. لقد أصبح الرئيس مرسى بعيدا عنا كل البعد بفضل إخوته في المقطم الذين يجرجرونه للهاوية وهو لايعلم.. يأخذونه بعيدا عنا نحن الحرافيش الذين أوصلناه لما هو فيه الآن.. فقطع عنا الكهرباء ليتركنا فريسة للظلام الدامس طوال الليل والنهار.. ياعزيزى الحرفوش الكبير.. لا أبالغ إذا قلت لك إننى أكتب إليك هذه الرسالة وأنا خارج هدومى.. أفترش صالة المنزل مستحوذا على شمعة وحيدة.. وأبنائى من حولى يتسللون إلى حدود الإضاءة في صمت.. وأمهم تشير إليهم بالسكوت كى لايضايق أحدنا الآخر.. فحرارة الجو وحدها كفيلة بأن تجعلنا لا يطيق أحدنا الآخر.. أصبحت كثير الضجر في منزلى الهادئ أو الذي كان هادئا قبل حكم الإخوان ومرسيّهم.. ميزانية البيت الضعيفة اخترقها بند جديد اسمه بند الشمع الذي صار بأضعاف ثمنه هذه الأيام.. لذلك ياعزيزي أقول لك إن أزمة انقطاع الكهرباء هذه لايعانى منها سوى نحن الفقراء.. فمائة جنيه للشمع كفيلة بأن تهدم جدار راتبى الذي لايتجاوز خمسمائة جنيه شهريا.. أما من فتح الله عليهم بدخول آدمية فهم يشترون الشموع وكشافات الكهرباء وحافظات المياه الباردة.. بل وأحيانا يكون هناك مولد كهرباء في المنزل يعمل حين قطع الكهرباء.. لذا فالمشكلة لديهم لها حلول بعكسنا نحن من لا نملك حيلة ولا حلا لمشاكلنا التي طفت على سطحها مؤخرا مشكلة قطع الكهرباء وكلمة السر مرسى وإخوانه المسلمون.. هل تعلم ياسيدى الحرفوش الكبير أن هاجسا يكاد يسيطر علينا نحن فقراء هذا الوطن، يشير إلى أن كل ما نحن فيه من معاناة بفعل فاعل؟!.. نعم نحن توصلنا للأسف لهذا الهاجس الذي يسيطر علينا.. فالكهرباء مقطوعة والماء ملوث.. هذا إن وجدناه، وأنبوبة البوتاجاز تباع في السوق السوداء.. والعيش طوابيره تقصم الظهر.. وإذا قُصم الظهر لا تكون هناك حياة زوجية سعيدة إلا بالمقويات وغيرها من العقاقير التي تملأ شاشات الفضائيات لتفرد الظهر وتطيل العمر وتضخم الرأس.. لكن حتى هذه ليس معنا ثمنها لأنها ليست من ضروريات الحياة.. نعم أصبح هاجسنا هو أن الحكومة القنديلية بقيادة الجماعة الإخوانية تريد تجويعنا على جوع.. وإقهارنا على قهر.. وزيادة اليأس على يأس.. حتى نصبح عبيدا لهم في ولايتهم الجديدة.. فالتاريخ يقول إن الولايات يحكمها أناس أو جماعات متوحدون أما باقى الشعب فهم عبيد وإماء وسبايا.. الغريب أن مرسى وجماعته لايدركون أن انقطاع الكهرباء يجعل الناس تخرج من بيوتهم كما خرجت من هدومهم.. وبالتالى سيرون ماهو خارج البيت من مظاهرات واحتجاجات فيشاركون فيها لأنهم متأهبون لذلك.. انقطاع الكهرباء وبال على الرئيس وجماعته وهو لا يعلم.. ومن هنا أقولها لك ياعزيزى.. إن انقطاع الكهرباء المستمر هو القشة التي ستقصم ظهر الإخوان!!..