«جت الحزينة تفرح مالقتش مطرح».. هذا هو حال الحرافيش فى مصر عقب ثورة 25 يناير، بعد أن عاد إليهم الأمل الذى كان مفقودا من الأساس ولم ينتظروه يوما ما.. الفقراء أصبحوا يأملون فى حياة كريمة، إشى خيال يا ناس، فتشبثوا بالثورة وتمسحوا فى ثوبها.. و«تجرجروا» فى ذيلها لأنها أصبحت تمثل لهم طوق النجاة. أكتب هذه الكلمات بعد أن قرأت إحدى الرسائل التى وصلتنى من أحد الحرافيش والتى جاءت كالتالى: سيدى الحرفوش الكبير.. لم نكن نتوقع يوما ما أن يأتى علينا نهار وننظر إلى مستقبل أفضل مما نحن فيه.. سيدى أنا الآن أصدقك القول.. فلقد كنا قبل الثورة نعيش فقط لأننا من المفروض أن نعيش.. سواء من أجل تربية أبنائنا أو من أجل أن نكبر ونتزوج وننجب خدما وأشقياء فى هذا الوطن.. أشقياء يحملون عنا راية البؤس الذى تزامن معنا طيلة عقود مضت. كان آخر طموح لنا أن نمتلك تلفازا وبوتاجازا وثلاجة فارغة إلا من بقايا الفول والعدس وباقى مكونات الكشرى من الأرز والمكرونة المقصوصة.. كان كل طموحنا هو لقمة العيش.. يعنى عيش فقط، ولم نكن ندرك أن يوما قد يجىء لنكمل باقى عبارات الأمل لتصبح "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".. يا سلام سلم يا سلام.. إشى خيال يا ناس.. أخذنا ننتظر تحقيق حلم العبارة التى اكتملت على أرض الواقع لمدة عامين.. نعم عامان من الثورة ونحن كما نحن لا عيش ولا باقى العبارة.. أخذ الأمل يتجدد طيلة العامين.. مرة عقب انتخابات الشعب المنحل حاليا، ومرة عقب الشورى غير المعترف به حاليا.. ومرة عقب انتخابات الرئاسة التى أسفرت عن رئيس غير معترف به حاليا.. مرات كثيرة تجدد لدينا الأمل فى إكمال عبارات الحلم الذى كان مفقودا وجاء.. جاء ليقتل ما تبقى من آدميتنا.. يقتل حتى الأمل فى حياة أفضل على يد أناس لا يفكرون إلا فى السياسة والبقاء فى الحكم ولو على حساب لقمة عيشنا.. وها نحن الآن نعود للوراء وكلنا سعادة بثورة شعب جائع.. نعود لانتظار انتخابات مجلس شعب لا نعرف إلى أين ستأخذنا.. ولا يعلم القائم عليها أننا لن نخرج للإدلاء بأصواتنا.. لأننا خرجنا وخرجنا وخرجنا دون جدوى.. يظن أصحاب اللحى أننا سنخرج لهم ويراهنون على أمثالنا من الحرافيش بكل برود وهدوء أعصاب.. يراهنون على أناس ظلوا مخدوعين لمدة عامين.. ينتظرون حريتهم ولقمة عيشهم لمدة عامين وكأنها ستأتيهم من رئيس كوالالمبور.. سيدى الحرفوش الكبير.. فلتبلغ رئيسنا بأنه خدعنا.. ولتبلغ الطامحين فى العودة لبرلمان اللحى أنهم خدعونا من قبل.. ولتبلغ من وضعوا قانون الانتخابات أنه كان أحرى بهم أن يضعوا قانونا نقتات به.. ونشعر أن آدميتنا نحن الحرافيش قد عادت على أيديهم.. على أيدى من اخترناهم ووقفنا طابورا طويلا انتهى بهم إلى مقعد الشورى.. فنحن السبعة فى المائة من الشعب الذين خرجوا من بيوتهم المهدمة على رءوسهم ليوصلوكم إلى برلمان الشورى.. أما باقى الشعب فيستنكر عليكم مجلسكم لأنه لم ينل خروجا من باقى فئات الشعب.. قل لهم يا سيدى الحرفوش الكبير.. قل للرئيس وقل للنواب وقل للطامحين فى الحكم: لا لن تنالوها مرة أخرى باسم الحرافيش.. الحرافيش استوعبوا الدرس.. الحرافيش تسيسوا وأصبحوا مثلكم يشاهدون البرامج السياسية ويقرءون الصحف التى تفضحكم أمامهم.. الحرافيش "هرشوا" الفولة وعرفوا إنهم هم من سيكيلها.. والحرافيش لن يكيلوا أبدا بمكيالين.. عرفوا أن حريتهم فى إخفاقكم.. وعيشهم فى النيل منكم.. وعدالتهم فى أحرار يحكمونهم وليس أرباب سجون ظننا يوما أنهم ذاقوا مثلنا ظلم الحياة فزحفنا خلفهم بالملايين.. نعم ملايين.. الحرافيش فى هذا الوطن ملايين يا سيدى الوالى بأمر المرشد.. بأمر الشاطر.. بأمر العريان.. هل تظن أن نخرج مرة أخرى ليحكمنا حزب العريان؟.. لا يا سيادة الرئيس.. فالمتغطى بك وبمرشدك بالفعل عريان.. فليتغط بكم عريانكم كما شاء.. لكننا لن نتغطى بكم ولا بغيركم حتى إشعار آخر.. والسلام ليس ختاما!!