من المفترض أن يكون الدبلوماسيون صانعي سلام لبقين، فهم يمثلون بلدانهم في دول أجنبية، ويعملون على الحفاظ على علاقات بلدانهم مع البلدان الأخرى. لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن مقاضاتهم بسبب جرائم قد يرتكبونها أثناء تواجدهم في الخارج، أو عند إساءة استخدام مكانتهم وسلطاتهم، فحتى الحصانة الدبلوماسية لها حدود.. ولا شك أن حادث مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول، وتورط دبلوماسيين وشخصيات مهمة في السعودية في الحادث، أعاد للأذهان العديد من الحوادث المشابهة. وفي هذه السطور، سنرصد بعض الحوادث لدبلوماسيين أساءوا استخدام هذا الامتياز لارتكاب الجرائم.. قاتل بحصانة دبلوماسية كاد يدمر العلاقات الباكستانيةالأمريكية: ذكرنا أن الدبلوماسيين من مهماتهم الحفاظ على العلاقات بين البلدان، ففي عام 2011، نجح الدبلوماسي" ريموند ديفيس" في فعل العكس تماما، وكاد يدمر العلاقات بين باكستانوالولاياتالمتحدة، عندما أطلق النار وقتل رجلين باكستانيين على متن دراجة نارية ويحملان بنادق في أيديهما عندما اقتربا من سيارته. فيما قتل شخص ثالث بعد الاصطدام بسيارته. وقال ديفيس إنه قتل الأشخاص الثلاثة دفاعا عن النفس إلا أن تقرير تشريح الجثث أكد أنه أطلق النار من الخلف، وعلقت السفارة الأمريكية أن ديفيس يمثل انتهاكا للقواعد الدولية واتفاقية فيينا التي وقعت عليها باكستان، لكن سرعان ما تم تبرئته بعد أن تلقت عائلات المتوفين تعويضا نقديا وهرب من فعلته. السفارة الليبية في لندن تفتح النار وتقتل ضابطة شرطة: في 17 أبريل 1984، تم تنظيم مظاهرة مناهضة للقذافي أمام السفارة الليبية في لندن، لكن فوجئ الجميع بشخص من داخل السفارة يطلق النار على المتظاهرين ما أدى إلى إصابة 10 متظاهرين من بينهم الشرطية إيفون فليتشر، التي لقيت مصرعها في النهاية. تسبب الحادث في أزمة دبلوماسية ضخمة، حيث حاصر رجال شرطة لندن السفارة الليبية لمدة 11 يوما، وقامت المملكة المتحدة في نهاية المطاف بقطع العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا، وعندما انتهى حكم القذافي خلال ثورة 2011 في ليبيا، كان يأمل البريطانيون العثور على هوية القاتل، لكن يبدو أن مقتل فليتشر سيبقى دون حل. دبلوماسي يقتل دراج بباب سيارته: في برلين 2017، لقي دراج ألماني مصرعه بعد اصطدامه بباب سيارة أحد الدبلوماسيين السعوديين بعد توقفها في موقف للدراجات، حيث فتح الباب مباشرة في طريق الدراج، ولم يكن لديه الوقت الكافي للضغط على الفرامل أو تغيير مساره، وأسفر الحادث عن مقتل الدراج البالغ من العمر 55 عاما وهو في طريقه إلى المستشفى، والغريب أن الدبلوماسي السعودي كان يتمتع بالحصانة، ولم يكن أمام الشرطة خيار سوى السماح له بالرحيل. دبلوماسي يهرب من تهمة التحرش بفضل الحصانة الدبلوماسية: في عام 2005، ألقت الشرطة بولاية فيرجينيا القبض على سالم المزروعي المسئول عن التربية والتعليم في السفارة الإماراتية والمشرف على البعثات الطلابية عندما رصد أحد عملائها محاولات عبر الإنترنت يقوم بها المزروعي لاصطياد فتاة في الرابعة عشرة من عمرها. طلب المرزوقي على الفور الحصانة الدبلوماسية، واضطر مسئولو مقاطعة بيدفورد إلى إطلاق سراحه بعد تأكيد هويته، لكن أحد المحامين لم يكن راضيا عن النتيجة، وشرع في السعي إلى مقاضاة المزروعي. ولسوء الحظ، هرب من الولاياتالمتحدة، وحرصت وزارة الخارجية الأمريكية على عدم السماح له بدخول الأراضي الأمريكية ما لم يرد على الاتهامات الموجهة له. محاولة دبلوماسيين من كوريا الشمالية تهريب المخدرات: لدى كوريا الشمالية تاريخا طويلا في تهريب المخدرات كوسيلة للحصول على العملة الصعبة، ودفعت بالدبلوماسيين لتنفيذ هذا المخطط، في عام 1976، طلبت سفارة كوريا الشمالية في الدنمارك استيراد 2.5 مليون سيجارة للاستهلاك الشخصي، وعندما تم رفض هذه المحاولة الواضحة للتهريب، تم اعتقال اثنين من دبلوماسي السفارة مع نصف طن من الماريجوانا في سيارات ليموزين. وفي عام 2004، كشف تقرير أمريكي عن أكثر من 50 حادثة تم فيها ضبط دبلوماسيين كوريين شماليين بحوزتهم مخدرات خلال العشرين سنة السابقة، وفي النرويج، تم القبض على السفير وفريقه مع 4000 زجاجة من المشروبات الكحولية المهربة و140 ألف سيجارة. وفي عام 2013، ذكرت صحيفة تشوسون إلبو أن المخابرات الكورية الجنوبية قد اكتشفت أن حكومة كوريا الشمالية أرسلت مجموعة كبيرة من الميتامفيتامين إلى سفارتها. شيخ قطري يتسابق في شوارع لوس أنجلوس بسيارته الفيراري: في عام 2017، شهدت شوارع لوس أنجلوس نسخة حقيقية من لعبة "Grand Theft Auto V" عندما خرجت سيارة فيراري صفراء وبورش بيضاء في شوارع بيفرلي هيلز متجاهلين إشارات المرور، وأدركت الشرطة أن التحقيق سيكون صعبا إن لم يكن مستحيلا عندما اكتشفوا أن السيارات تنتمي للشيخ خالد حمد آل ثاني من العائلة المالكة في قطر. كانت صحيفة ديلي صانداي الكندية ذكرت أن شابا قطريا يعتقد أنه الشيخ خالد بن حمد آل ثاني، أو أحد ضيوفه غادر الولاياتالمتحدة بعد رفض الشرطة الأمريكية ادعاءه بتمتعه بالحصانة الدبلوماسية، عقب اتهامه بقيادة سيارته بتهور وخوض سباق سيارات، ما أثار ذعر السكان.