ارجأت محكمة الخميس البت في الحصانة الدبلوماسية لاميركي متهم بقتل باكستانيين اثنين مما ينذر باستمرار التوتر الذي تثيره القضية مع واشنطن لشهر اخر. وقال رئيس المحكمة العليا في لاهور (شرق باكستان) القاضي ايجاز محمد شودري "بما ان النيابة طلبت مهلة ثلاثة اسابيع لتقديم رد على وضع ريموند ديفيس فان الجلسة ارجئت حتى 14 اذار/مارس". وتثير قضية ديفيس منذ اكثر من ثلاثة اسابيع توترا في العلاقات بين واشنطن التي تطالب بمنحه حصانة دبلوماسية واسلام اباد، حليفة الولاياتالمتحدة في "الحرب على الارهاب" منذ 2001. ويدور جدل في الصحافة حول الوضع الدبلوماسي لديفيس حيث يقول معارضو الحكومة ان اسلام اباد تسعى الى منحه الحصانة من اجل عدم اثارة استياء الولاياتالمتحدة، ابرز جهة مانحة للمساعدات لباكستان الغارقة في ازمة اقتصادية كبرى. وامهلت اعلى سلطة قضائية في اقليم البنجاب وزارة الخارجية مهلة 15 يوما فقط لتأكيد الوضع الدبلوماسي لديفيس. وتتعرض الحكومة الباكستانية لضغوط كبيرة من الداخل من اجل عدم الانصياع لمطالب واشنطن بالافراج عن ديفيس وللاعتراض على تنقل المسؤولين الاميركيين بحرية وهم يحملون اسلحة ملقمة. وفي 27 كانون الثاني/يناير قام ديفيس الذي تعتبره وسائل الاعلام في الولاياتالمتحدة بانه عنصر سابق في القوات الخاصة الاميركية، فيما تقول واشنطن انه "مستشار اداري وفني" لسفارتها في اسلام اباد، بفتح النار على شابين كانا على دراجة نارية من داخل سيارته ما ادى الى مقتلهما بخمس رصاصات. واكد ديفيس الذي ليس لديه رخصة بحمل السلاح، انه تصرف في اطار الدفاع المشروع عن النفس لانه كان يعتقد ان الرجلين سيهاجمانه لسرقته لكن تقرير تحقيق الشرطة اتهمه بارتكاب "جريمتي قتل". وقال المحققون انهم عثروا على الجثتين على مسدسين لكنهم اكدوا ان الباكستانيين كان لديهما رخصة وانه لم يتم اطلاق الرصاص منهما. وقال شهود انهما لم يشهرا سلاحهما. ويتهم المحققون ديفيس بانه بدأ باطلاق النار من سيارته ثم خرج منها لاطلاق النار في الظهر على احد الباكستانيين الذي كان يحاول الفرار، مما ينفي فرضية الدفاع المشروع عن النفس. واشار تقرير الطب الشرعي الى اصابة كل من الرجلين بخمس طلقات بينها رصاص في الظهر. وطلب الاميركي الذي كان يحمل مسدسين ملقمين في سيارته دعما من القنصلية الاميركية في لاهور التي ارسلت فرقة لمرافقته الا ان السيارة صدمت احد المارة مما ادى الى مقتله وذلك عند مرورها في الاتجاه المعاكس بسرعة فائقة قبل ان تلوذ بالفرار. ويقول محامون باكستانيون يريدون ان تتم محاكمة ديفيس ان الحصانة الدبلوماسية لا تطبق في حالات الجرائم الخطيرة. ومع ان اطلاق النار دفاعا عن النفس مشروع في باكستان الا ان جريمة قتل مزدوجة تعتبر خطيرة. ولا تزال لدى العديد من الباكستانيين شكوك حول سبب قيام ديفيس الذي يعمل لحساب متعهد امني بحمل اسلحة ملقمة وجهاز تعقب "جي بي اس". ولم تؤكد السلطات الاميركية اسمه او وظيفته. ولم يعلق الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ولا رئيس الحكومة يوسف رضا جيلاني على وضع ديفيس واكتفيا بالقول ان الامر رهن بالقضاء. وتصر واشنطن على ان ديفيس يحمل جواز سفر دبلوماسيا وبناء عليه لا يمكن محاكمته او سجنه في باكستان. وطلب الرئيس الاميركي باراك اوباما شخصيا من اسلام اباد الثلاثاء ب"الالتزام بمعاهدات" فيينا التي تنص على الحصانة الدبلوماسية و"اطلاق سراح" ديفيس. والثلاثاء، صرح السناتور جون كيري الذي توجه الى باكستان في مسعى لتهدئة الازمة ان بلاده "تعرب عن اسفها الشديد" لمقتل باكستانيين اثنين بيد اميركي. كما ارجأت الولاياتالمتحدة اجتماعا ثلاثيا مع باكستان وافغانستان بسبب توقيف ديفيس. كما هدد بعض النواب الاميركيون بوقف المساعدات الى باكستان ما لم يتم الافراج عنه. وتشهد باكستان منذ الحادث تظاهرات يومية يغذيها الشعور القوي المعادي للاميركيين لدى الرأي العام للمطالبة بمحاكمة ديفيس حتى ان بعض الحركات الاصولية تطالب باعدامه متهمة اياه بالتجسس.