بعد الانتخابات الرئاسية في مصر الصيف الماضي، اعتمدت إدارة أوباما سياسة براجماتية تجاه الحكومة الجديدة التي يقودها الإخوان المسلمون.. وكانت الرسالة الأساسية إلى الرئيس المصري محمد مرسي واضحة؛ "يجب احترام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل والقواعد الديمقراطية الأساسية، وحكومة الولاياتالمتحدة ستكون مفيدة وشريكا إنتاجيا، ودفع الحكومة المصرية إلي الأمام علي الرغم من موقف الولاياتالمتحدة في بادئ الأمر بأنها لن تقبل الانتصارات الانتخابية الإسلامية. هذا النهج تناسب والوضع جيدا بما فيه الكفاية لبضعة أشهر، ولم يظهر مرسي أي علامات على التشكيك في معاهدة السلام مع إسرائيل، وعمل بشكل وثيق مع الولاياتالمتحدة لإنهاء حالة العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن الحكومة الجديدة لا يزال نهجها تجاه الديمقراطية غامضاً في توجيه البلاد لتحقيق ديمقراطية حقيقية. ولكن في الأشهر الخمسة الماضية، اتخذت السياسة المصرية منحى مقلقا على محمل الجد، وخربت مصر عن طريق الاحتجاجات القاسية في الشارع، وهو مأزق غاضب من انعدام الثقة التام بين الحكومة وأحزاب المعارضة الرئيسية، وحالة السخط العام، والتوتر الطائفي المتصاعد وتذمر من انقلاب عسكري محتمل. وقالوا إن جماعة الإخوان المسلمين هي سبب المشاكل وتواجه صعوبة في المشهد السياسي منذ توليها السلطة، المعارضة العنيدة غير واقعية، وتصرفاتها أدت إلي تفاقم الأوضاع واتهام الإخوان بالسيطرة علي الرئاسة. وقد أظهر الإخوان أنهم على استعداد لنشر أعضائهم، بدلا من الإصلاح، وعملت علي استمرار آليات الاستبدادية الموروثة من حسني مبارك في بعض النواحي، وتعميق الممارسات الاستبدادية. ومن الأمثلة على ذلك التسرع من خلال وضع دستور جديد وتعيين النائب العام الجديد، على الرغم من الاعتراضات القضائية. البرلمانيون الإخوان يضغطون لفرض قيود جديدة على المنظمات المدنية المستقلة، وأنصار جماعة الإخوان قد ذهبوا إلى المحكمة لمضايقة المنتقدين، وأحيانا نزلوا إلى الشوارع لمواجهة المعارضين بعنف. وفي الوقت نفسه، تراكمت فى مصر المشاكل الاقتصادية، وتحاول الحكومة الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي، الذي يشترط إجراءات تقشفية صعبة وإن فشلت في الوصول للاتفاق ستواجه عجزا ماليا مدمرا للاقتصاد. إدارة أوباما تحاول المساعدة ووعدت بتقديم مساعدات جديدة كبيرة إذا تم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، وبعض المسئولين في إدارة أوباما حاولوا التشبث بالسرد في وقت سابق، أن جماعة الإخوان لها سياسة حسنة النية، ولكن السرد لم يعد يناسب الحقائق، في ظل التهديدات والإجراءات المعادية للديمقراطية التي اتخذتها الحكومة المصرية، وجعلت الولاياتالمتحدة تبدو غير مرنة، وأن ما كانت تراه من الحكومة المصرية وهم أو عملية ساخرة عميقة. الرسالة الأمريكية لمرسي يجب أن تكون أكثر وضوحا، وينبغي علي المسئولين في إدارة أوباما أن يقولوا للقادة المصريين: نحن قلقون للغاية بشأن الانتهاكات لديكم من المبادئ السياسية والقانونية الأساسية، ونحن لا يمكن أن نكون شريكا لمصر، إذا كنتم تقوضون تحقيق التطلعات الديمقراطية للمصريين. ووضع هذه الرسالة يحتاج إلى واقع عملي يتطلب أكثر وضوحا بكثير، والاستجابات العامة أكثر وضوحا من قبل البيت الأبيض ووزارة الخارجية لانتهاكات القواعد الديمقراطية وسيادة القانون الأساسية، وسوف يعني نهاية لتبرير خطوات سياسية سلبية لجماعة الإخوان المسلمين، ويجب على الولاياتالمتحدة أن تشير إلى أن إمكانية تقديم مساعدات جديدة ليست معزولة عن الواقع السياسي المصري الداخلي. لا ينبغي أن يقترن هذا الخط أكثر صرامة مع احتضان المعارضة، وينبغي أن تستند السياسة الأمريكية على دعمها الثابت لمبادئ الديمقراطية الأساسية، وليس على اللعب المفضلة. إعادة ضبط خط السياسة الحالي يتطلب فارقا بسيطا، يجب أن يكون واضحا أن الولاياتالمتحدة لا تتحول ضد الإخوان، ولكن هو انحياز أكثر حسما مع الديمقراطية، يجب على إدارة أوباما أيضا إعلان أنها تعارض بشدة أي تدخل عسكري في السياسة المصرية. تبين حتى الآن أن واشنطن جادة بشأن المعايير الديمقراطية مع الجهات الفاعلة من الإسلاميين الجدد في السلطة، وفي نهاية المطاف يجب علي الإدارة الأمريكية أن تواجه الحكومة المصرية بأوجه القصور. نقلاً عن واشنطن بوست..