نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مقالاً مطولاً لخبيري معهد "كارنجي" لدراسات السلام الدولي، "توماس كاروثرز" و"ناثان براون"، يحثان فيه الإدارة الأمريكية، على تغيير نهجها مع الحكومة المصرية الحالية. ويقول الكاتبان، أنه بعد الانتخابات الرئاسية في مصر الصيف الماضي، اتبعت إدارة الرئيس "أوباما"، سياسة برجماتية، تجاه الحكومة المصرية الجديدة، بقيادة الإخوان المسلمين، وكانت الرسالة الأمريكية للرئيس المصري"محمد مرسي" واضحة، وهي احترام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وإرساء قواعد الديمقراطية الأساسية، على أن تكون الحكومة الأمريكية، شريكًا مفيدًا. ويضيف خبراء "كارنجي"، أنه عن طريق ضعف مصداقية هذا المنهج، أنهت الإدارة الأمريكية الشكوك العربية القائمة منذ زمن طويل، بأن الولاياتالمتحدة، لن تقبل أبدا انتصارات إسلامية في الانتخابات.؛ مشيرًا إلى أن هذا المنهج كان مناسبًا، لأشهر قليلة، ولم يظهر"مرسي" أي علامات شك في معاهدة السلام مع إسرائيل، وعمل بشكل وثيق مع الولاياتالمتحدة، لأنهاء العنف بين الفلسطينيين وإسرائيل في نوفمبر الماضي، وداخليًا أظهرت الحكومة يدًا ثقيلة نظرًا إلى افتقارها للخبرة، ويبدو إنها تدفع البلاد إلى اتجاه ديموقراطي، ينتابه نوع من الغموض على حد تعبير الصحيفة. كما يرى الخبيران، أنه في الأشهر الخمس الماضية، اتخذت السياسة المصرية، منحى مقلق، وخرجت الاحتجاجات العنيفة إلى الشوارع، حتى وصل الأمر إلى طريق مسدود، وانعدمت الثقة بين أحزاب المعارضة والحكومة، وازداد السخط العام، والتوترات الطائفية، حتى طالب البعض بانقلاب عسكري. وأوضحا، أن جماعة الإخوان المسلمين، لم تخلق كل هذه المشكلات، بل إن الجماعة واجهت مشهدًا سياسيًا صعبًا قبل توليها السلطة، جيش مكتئب، ومعارضة عنيدة وغير واقعية ومقسمة، ودولة راكدة، إلا أن تصرفات الجماعة أدت إلى تفاقم الأوضاع، ورغم أن بعض شكواها من حقد المعارضة ومقاومة أجهزة الدولة مشروعة، إلا أن الإخوان يسيطرون على الرئاسة، بما يمنحهم الوسائل والمسئوليات التي لا يمتلكها أطراف أخرى، وقد أبدى الإخوان رغبة في نشر وليس إصلاح الآليات الاستبدادية الموروثة منذ عهد "حسني مبارك"، مما أدى في بعض الأحيان إلى تعميق الممارسات الاستبدادية، ومن بين ذلك الإسراع في الدستور الجديد، وتعيين نائب عام جديد رغم اعتراضات القضاة المستندة إلى القانون. وفي الوقت نفسه تغرق مصر في المشاكل الاقتصادية، وحتى الآن فشلت الحكومة في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، بشأن القرض 4.8 مليار دولار، فإما أن تضطر مصر لفرض إجراءات تقشفية، أو تفشل في الوصول إلى اتفاق وتواجه عجزًا ماليًا مدمرًا. هذا ويشير خبراء كارينجي، إلى أن إدارة "أوباما" تحاول أن تساعد مصر لتجنب هذه المشكلات، ووعدت بمساعدات جديدة، إن تم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، إلا أن مسئولي "أوباما" يتشبثون بنهجهم السابق، الذين يرون في ضوئه أن الإخوان ذات نوايا سياسية طيبة، حتى لو كانت ليست ذات خبرة، وفي بعض الأحيان تستخدم ممارسات غير ديمقراطية، لكن هذا لم يعد يتماشى مع الحقائق، فعادة الإدارة الأمريكية في التقليل من خطورة التصرفات غير الديمقراطية للحكومة المصرية، يخاطر بجعل الولاياتالمتحدة، تبدو غير مرنة و لا معقولة لأنها تضلل ذاتها. ويرى الكاتبان، أنه يجب أن لا تكون الرسالة الأمريكية "نحن معك، وخذ حذرك من بعض التفاصيل حول الحواف"، وبدلًا من ذلك، ينبغي على المسئولين في إدارة "أوباما"، أن يقولوا للقادة المصريين: "نحن قلقون للغاية بشأن انتهاكات المبادئ السياسية والقانونية الأساسية، ونحن لن نكون شركاء في تلك الانتهاكات، أو الشريك الذي تحتاجه مصر، لو قمتم بتقويض التطلعات الديمقراطية للمصريين". ويتابع الكاتبان: "كما أن تفعيل هذه الرسالة، يتطلب ردودًا أكثر حدة ووضوحًا، من البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، ردًا على انتهاكات القواعد الديمقراطية والقانونية الرئيسية، كما يقترحا وهذا يعني وضع حد لتبرير الخطوات السياسية السلبية للإخوان، ويجب على الولاياتالمتحدة، تقديم مساعدات جديدة لمصر، ترتبط بالواقع السياسي المصري الداخلي. وأختتما بالقول :"إعادة ضبط خط السياسة الحالي تتطلب فارقًا بسيطًا وحذرا ، فانقلاب الولاياتالمتحدة ضد الإخوان، يجب ألا يكون واضحًا، ولكنها تقف أكثر وبشكل حاسم مع الديمقراطية، وينبغي على إدارة "أوباما" أن توضح أيضا أنها تعارض بشدة تدخل الجيش في السياسة المصرية؛.وأن الولاياتالمتحدة لديها تفهم حساس تجاه اتهامها بالموقف المعادي للإسلاميين في العالم العربي". أخبار مصر- البديل