ميناء دمياط.. 39 عامًا من التطوير

في حضرة التاريخ، تتوقف عقارب الزمن احترامًا لمحطات المجد، وتُفتح صفحات الإنجاز لتروى سيرة وطن خطّ طريقه نحو التنمية بثبات وعزيمة.
وفي مثل هذا اليوم الموافق 26 من يوليو ، منذ تسعة وثلاثين عامًا، وُلد ميناء دمياط كأحد الشرايين الحيوية للاقتصاد المصري، ليقف شامخًا على ساحل المتوسط، شاهدًا على إرادة شعب اختارت أن تكون بواباتها البحرية منارات للتقدم.
لم يكن افتتاح ميناء دمياط في عام 1986 مجرد تدشين لمرفق بحري، بل كان إعلانًا عن انطلاقة تنموية جديدة، أعادت تشكيل الخريطة اللوجستية لمصر، وربطت الحاضر بالمستقبل.
ومنذ ذلك اليوم، والميناء يسطر فصولًا من العمل المتواصل، والتطور المستدام، مؤكدًا مكانته كمحور استراتيجي في حركة التجارة الإقليمية والدولية. في هذه الذكرى المجيدة، نستعيد معًا حكاية ميناء لم يتوقف عن النماء، ونرصد محطات تطوره ، وإنجازاته، في مشهد يليق بتاريخ عريق، وطموح لا يعرف حدودًا.
حيث يعتبر ميناء دمياط من أقدم الموانئ في مصر .. ويعد حاليا واحدًا من أهم موانئ حوض البحر المتوسط ..
نبذة تاريخية
فمنذ عهد الفراعنة .. اتخذوا مصبات نهر النيل ثغورا وموانئ فكانوا يستقبلون المراكب من البحر المتوسط وكذلك المراكب النهرية القادمة من الجنوب الى الشمال من خلال ثغر دمياط.
و خلال العصر اليوناني الروماني .. كان ثغر دمياط من أهم موانئ البحر المتوسط، ومنذ أوائل العصر البيزنطي تبوأ الميناء مكانة متميزة .. فمن خلاله كان يتم شحن السفن الشراعية الكبيرة بالقمح و الكتان و ورق البردي و الزجاج و المنسوجات اليدوية ليتم تصديرها، ويستقبل سفنا أخرى محملة بأخشاب الشام و مرمر اليونان و معادن روما.
وخلال الفترة الفاطمية و فترة حكم الأيوبيين، أزدهر ثغر دمياط و تساوى في أعداد المراكب مع الموانئ الأوروبية مثل نابولي و فينيسيا و اليونان و أرمينيا و قبرص.
و في فترة الحكم العثماني، بالرغم من الإضطرابات التي مرت بها مصر، ظل ثغر دمياط مزدهرا بالقياس إلى الموانئ المصرية الأخرى.
اقرأ أيضًا | وزير النقل يشهد توقيع إجراءات تسليم محطة الحاويات «تحيا مصر 1»
كما استمر في الحفاظ على إزدهاره تجاريا خلال القرن التاسع عشر، ففي عام 1805 كان أهم الثغور و أعظمها تجارة و كانت تتم معظم التجارة الخارجية لمصر من خلاله، بل و كان له أيضا دور حربي حيث كانت تصنع به المراكب و السفن الحربية.
وفي العصر الحديث تم اجراء دراسات عديدة للموقع الحالي، إلى أن صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 546 لسنة 1980 بشأن انشاء ميناء دمياط بعدد 14 رصيف باجمالى اطوال 3350 متر ، واستمرت خطى تنفيذ هذا المشروع العملاق الى ان صدر القرار الجمهوري رقم 317 لعام 1985 بإنشاء هيئة ميناء دمياط ، وفى شهر يوليو عام 1986 تم إفتتاح الميناء أمام الملاحة إيذانا بتشغيله واصبح يتبوأ مركزاً مرموقاً بين موانئ الجمهورية.
التعريف بالميناء
تبلغ المساحة الكلية الحالية لميناء دمياط 12.5 مليون متر مسطح منها مساحة مائية 3.8 مليون متر مسطح ومساحة ارضية 8.7 مليون متر مسطح تشمل عدد 36 رصيفا باجمالى اطوال 9 كيلو متر.
ويتميز موقع ميناء دمياط بقربه من موانئ شرق البحر المتوسط وجنوب أوروبا ويبعد عن مدخل قناة السويس بمسافة 65 كيلو مترا ، و عن وسط الدلتا بحوالى 115 كيلومتر ويبعد عن منطقة أعمال أنابيب البترول بمنطقة الجرابعة بحوالى 45 كيلو متر وعن مطار الجميل ببورسعيد بحوالى 55 كيلو متر وعن المنطقة الصناعية بدمياط الجديدة بحوالى 10 كيلو متر وعن مدينة الاثاث بحوالى 15 كيلو متر.
و يتوفر بالميناء وسائط النقل المتعددة كونه مجهزا بشبكه سكك حديد بطول حوالي 23.6 كيلو مترا متصلة بأرصفة الحاويات و البضائع العامة لخدمة نقل البضائع بما في ذلك الحبوب والغلال والحاويات وغيرها من البضائع عبر خطوط السكك الحديدية على مستوى الجمهورية، ومتصلًا بنهر النيل فرع دمياط بقناة ملاحية طولها 4.5 كيلو متر ، وبه 22 كيلو متر طرق برية متصلة بالطريق الدولي الساحلي ومنها إلى شبكة طرق تصل إلى قلب الدلتا وكل أنحاء الجمهورية.
و الميناء مفتوح للملاحة طول العام حتى فى النوات. وتتوافر به صوامع للغلال تابعة الى هيئة السلع التموينية بطاقة اجماليه 220 ألف طن.
و منذ عام 2004 كان ميناء دمياط سباقا فى تبنى مبدأ smart port وتطبيق أحدث النظم الالية وميكنة النظم التشغيلية المختلفة وتفعيل النافذة الواحدة والتكامل الالى داخليا وخارجيا .
وقد اتخذ ميناء دمياط خطوات كبيرة ضمن مفهوم green port و كان سباقا في التوافق مع البيئة و حصوله على شهادات البيئة والجودة والسلامة والصحة المهنية (ISO9001:2015 و ISO 14001:2015 وISO 45001:2018 ) .
كما يتواءم الميناء مع المدونة الدولية لأمن السفن والمرافق المينائية ISPS Code
ويعد ميناء دمياط من الموانئ السباقة و الرائدة في الشرق الأوسط وإفريقيا في تطبيق نظام تزويد السفن المتراكية على الأرصفة بالكهرباء (OPS) (onshore power supply) إلى جانب تطبيقه منظومة الوصول الآنى للسفن ( Just In Time ) (JIT) بهدف الوصول إلى صفر إنتظار خارجى للسفن. مما له بالغ الاثر فى التوافق مع تعليمات المنظمة البحرية العالمية IMO لحماية البيئة البحرية .
محطات الميناء
المحطة الأولى (محطة الغاز والبتروكيماويات )
بأطوال أرصفة 1150 متر وعمق 14.5 متر وساحة خلفية حوالى 3 مليون متر مربع .
المحطة الثانية ( محطة الحاويات الأولى )
بأطوال أرصفة 1450 متر وعمق 17متر وساحة خلفية حوالى 800.250 متر مربع .
المحطة الثالثة ( محطة البضائع العامة )
بأطوال ارصفة 740 متر وعمق 12 متر وساحة خلفية حوالى 472.500 متر مربع .
المحطة الرابعة (بضائع الصب)
باطوال ارصفة 960 متر وعمق 12 متر وساحة خلفية حوالى 250 الف متر مربع .
المحطة الخامسة (المحطة متعددة الاغراض)
باطوال ارصفة 680 متر وعمق 17 متر وساحة خلفية حوالى 70 الف متر مربع .
المحطة السادسة (محطة حاويات تحيا مصر1)
باطوال ارصفة 1970 متر وعمق 18 متر وساحة خلفية حوالى 922 الف متر مربع .
المحطة السابعة ( محطة الحبوب والغلال )
باطوال ارصفة 1260 متر وعمق 15 متر .
المحطة الثامنة ( محطة الميناء النهري )
باطوال ارصفة 340 متر وعمق 5 متر متصلة بنهر النيل عن طريق قناة بطول 4.5 كيلو متر .
جهود إقامة المشروعات
و فى اطار توجيهات فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لتحويل مصر الى مركز اقليمى للنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت ، وتحت قيادة السيد الفريق مهندس / كامل الوزير .. نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل تقوم وزارة النقل بتنفيذ خطة شاملة لتطوير قطاع النقل البحرى وجميع الموانئ البحرية المصرية و منها ميناء دمياط من خلال الاستفادة من الموقع الجغرافي ، وتعظيم مزاياه التنافسية لخدمة التجارة الدولية ، وزيادة حصته من تجارة الترانزيت .. وذلك من خلال إقامة عدد من المشروعات الكبرى بالميناء
ومنها :
مشروع تعميق الممر الملاحي للوصول الى عمق 19 متر وحوض الدوران للوصول إلى عمق 18 متر لزيادة جاهزية الميناء لاستقبال أحدث أنواع السفن العملاقة .
مشروع تطوير حواجز الامواج بميناء دمياط بانشاء حواجز امواج جديدة ، حيث تم الانتهاء من اقامة حاجز الأمواج الشرقي بإضافة امتداد بطول 1420 م وتعد المهمة الرئيسية لحواجز الأمواج هي حماية الممر الملاحي للميناء من الاطماء الناتج عن المد والجزر وحركة الأمواج لإتاحة حركة السفن طوال أيام العام .
وجارى حاليا تنفيذ حاجز أمواج غربي جديد بطول 5400 م عبارة عن 4 مسارات .
كما يتم حاليا الإنتهاء من مشروع محطة الحاويات تحيا مصر 1 والتي تصل طاقتها الى 3.5 مليون حاوية مكافئة وبأطوال أرصفة 1970 م وعمق 18 م وساحة خلفية 922 ألف م2 حيث سيساهم المشروع في زيادة طاقة تداول الحاويات بميناء دمياط ويتم تشغيله بواسطة المشغل العالمي تحالف ( يوروجيت ، كونتشيب ، هاباج لويد ).
كما يتم تنفيذ مشروع محطة لتداول الحبوب والغلال خلف الحاجز الشرقى بأطوال أرصفة حوالى 850 م وعمق 18 م وساحة خلفية حوالى 270 ألف م2 بغرض زيادة طاقة التداول بنسبة 3.5 مليون طن وزيادة الطاقة التخزينية بنسبة 6 مليون طن .
يتم حاليا تنفيذ مشروع المحطة متعددة الأغراض تحيا مصر 2 بجوار حاجز الامواج الغربى و ستصل أطوال أرصفتها إلى حوالى 3320 م بعمق 18 م وساحة خلفية مقدرة بحوالي 2.2 مليون م2 بغرض زيادة طاقة التداول بنسبة 20 مليون طن وزيادة الطاقة التخزينية بنسبة 40 مليون طن وذلك لمواجهة الزيادة المتوقعة في كميات البضائع العامة المتداولة بالميناء.
و في مجال تطوير و تحديث أسطول وحدات الخدمات البحرية للتعامل مع الزيادة المتوقعة لحركة السفن من و إلى الميناء، تم إبرام عقد بناء وتوريد عدد أربع قاطرات بحرية جديدة متعددة الأغراض بين هيئة ميناء دمياط والشركة المصرية لإصلاح وبناء السفن .
و تعد إضافة جديدة وقوية لإسطول الوحدات البحرية التى تمتلكها هيئة ميناء دمياط حيث تصل قدرة الشد الى 70 طن و ستساعد في التعامل مع السفن الحديثة و العملاقة التي من المتوقع زيادة أعدادها بعد إنهاء المشروعات القومية الجارى اقامتها بالميناء .
تدشين خط الشحن البحرى ( الرورو ) الرابط بين مينائى دمياط وتريستا الايطالى الناقل للبضائع سريعة التلف ومختلف المنتجات المصرية الى ايطاليا ومنها الى مختلف الدول الاوروبية عبر رحلة تتم اسبوعيا بين المينائين بغرض تعزيز ودعم نفاذ المنتجات المصرية الى الاسواق الاوروبية .
وبين حركة السفن وأصوات المعدات ، تمضي رحلة ميناء دمياط بخطى واثقة نحو المستقبل، مدفوعة بإرث من العمل والإنجاز، ورؤية لا تنفصل عن متغيرات العصر. تسعة وثلاثون عامًا مرّت، لم تكن مجرد أرقام في دفتر الزمن، بل محطات حقيقية من التحديث والتوسع، والعمل الدؤوب من أجل أن يظل الميناء نقطة التقاء بين الحاضر والمستقبل.
واليوم، ومع كل حاوية تُحمّل، وكل سفينة ترسو، تتجدد المسؤولية وتتسع الآفاق، ليبقى ميناء دمياط شاهدًا حيًّا على قدرة الإنسان المصري على البناء والتطوير، ومكونًا أساسيًا في معادلة التنمية المستدامة التي تتبناها الدولة المصرية بثقة وعزم.
اقرأ أيضًا | دمياط تشهد حركة تجارية نشطة تعزز الاقتصاد وتدعم احتياجات المواطنين