اضحك مع قفشات كامل الشناوي في جريدة الجمهورية عام 1956 "رحل في 30 نوفمبر عام 1966" كتب رئيس التحرير كامل الشناوى مقالا قال فيه: "أنا ابن هذه الدنيا التي خلقها الله، ولم أغمض عنها عينى لأنى أدركت عظمة هذا العمل الفنى الإلهي.. فإذا اختارنى لآخرته فسأكون جديرا بهذه الآخرة بعدما دخلت تجربة الدنيا ويا لها من تجربة". وتابع:"أحب أن يقرأ الجميع كتابا ألفته.. فما بالك بهذا الكتاب الضخم الفخم الذي ألفه الله وسماه الدنيا.. هل يسر الله ألا يقرأه أحد بحجة أنه ناسك أو زاهد أو راهب.. إن من يظنون ذلك يعانون أمية في الإيمان". وأضاف:" التجارب علمتنى أن المرض مثل العمر سر غامض، وقد عرفت بشرا كانوا يأكلون بنهم ولا يمرضون، وأناسا كانوا يأكلون بحذر وظلوا طوال حياتهم مرضى، وأنا لا أخشى الموت فقد واجهت ماهو أصعب منه.. الحياة نفسها". وواصل "الشناوي" في مقاله:"تمهلى أيتها الأيام.. لا تدفعينى في طريقك بهذه السرعة المجنونة.. إننى لا أجرى، ولا أمشى ولكنى أحفر بخطواتى القبر الذي يضمنى، قلبى لايطيق أن يتسكع في ضلوعه بلا عمل، ولذلك فهو حريص على الا يعتزل الحب حتى لا يتعرض للبطالة.. دائما في مشاعرى همس جديد لذيذ غامض.. أحاول أن أتبينه فتحجبه عنى ثرثرة التجارب وفضول الذكريات". وقال:"أحيانا تنتابنى حيرة لا أستطيع معها أن أحزن أو أفرح لأن الأيام التي تنقضى من عمرى تزيد من سنى وتجربتى وثقافتى وانفعالى بالجمال، فكيف أحزن على النقص ولا أفرح بالزيادة.. إننى دائما زائد وناقص، الناس جميعا يتمنون أن تطول أعمارهم.. هذه هي القاعدة، وقد يشذ عنها بعض المفكرين والفلاسفة وهواة الانتحار.. ولست والحمد لله واحدا من هؤلاء، ومع ذلك فإنى كثيرا ما أتساءل هل طول العمر نعمة أم عقوبة". وأضاف: "الموت ليس مشكلة، الحياة هي المشكلة..ومشكلة كبيرة، لماذا تحاولين أن تدمرى يأسى منك بعدما تبدد أملى.. إنك لا تريدين لى أن أستريح، لقد أصبح التنكيل بطمأنينتى هواية تمارسينها بخفة وبراعة.. حبيبتى أنى أكاد أفنى فيك خجلا وحياء كلما تذكرت كلمات الطهر والبراءة والقداسة التي أتعبتها من طوال ما مرت بشفتى، ولم تستطع الكلمات ولم تستطع شفتاى أن تجعلها تتجاوز فمى إلى أذنيك، لقد كنت أطمع أن أكون في مكان الأعزاء من نفسك.. وأخجلتاه من هذا الغرور". واختتم مقاله قائلا:"لكن يعزينى أنه لم يدم طويلا.. فلقد عرفت في وقت قصير أنى لن أكون في هذا المكان.. لا لأنه لا يوجد في قلبك.. بل لأن قلبك ليس له وجود".