لم يتجاوز الأنبا بيشوى الكلام المباح عندما نصح المسيحيات بالاحتشام فى الملبس، حتى يغضبن وينظمن وقفات احتجاجية ضد الأنبا الذى لم يخالف فى دعوته نصوص الكتاب المقدس. فمن يقرأ نصوص الإنجيل لا يخالجه شك فى أنه يدعو بكل وضوح المسيحيات إلى الاحتشام فى الملبس وعدم التعرى، تماما مثلما يأمر القرآن المسلمات بارتداء الحجاب، باعتباره رمزا للحشمة. آيات القرآن الكريم فى هذا السياق متعددة ولا خلاف بين أهل العلم الثقات على تفسيرها، فالقرآن يقول: «وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»-سورة النور، وفى سورة الأحزاب:«يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ». تلك المعانى التى تتضمنها الآيات القرآنية سالفة الذكر التى تدعو فى وضوح إلى الحشمة فى الملبس، تتوافق تماما مع عديد من الآيات الواردة فى الإنجيل التى تدعو المسيحيات إلى الاحتشام فى كل حال، ما يكشف أن أولئك الغاضبات من نصائح «بيشوى» غير محقات فى غضبهن وتجاوزهن فى حق رجل دين فى قدر «بيشوى». «أُريد... أنّ النساء يزيِّن ذواتهن بلباس الحشمة... كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله...» (1 تيم 2: 9 – 10)، هذا ما أوصى به الرسول بولس تلميذه تيموثاوس في شأن معالجة موضوع لباس النساء اللاتى لم يكن محتشمات. والحشمة –كما تصفها كتابات قبطية عديدة- تعبير عن التزام المؤمن والمؤمنة تقوى الله، «لا تكون تقيّاً إذا ما فرّطت بجانب الحشمة في لباسك ومظهرك». وثانياً إذ يُفترض أن تعكس الحشمة ما في النفس من تقوى الله يعطي المؤمنون والمؤمنات، بالتزامها، مثلاً صالحاً في الوقار والرزانة وألاّ يجرحون الإحساس بالحياء لدى الآخرين، ويُحدثون بينهم تشويشاً ويكونون عثرة لهم. والتفريط بالحشمة يُدخل في صفوف الجماعة روحاً غريباً يحرِّك أهواء غير نقيّة في النفوس، علينا أن ندرك أنّ التغاضي عن الحشمة يعني اقتبال الفجور والسلوك بدون حشمة هو سلوك بروح الزّنا. بحسب تعبير القديس إيريناؤس فإن الجسد هو علامة الشخص وظهوره بمعني أن الجسد هو الهيكل الذي يحوي نسمة الحياة الإلهية التي نفخها الله في الإنسان (تكوين 2:7).. وقد يتهم البعض الجسد أنه مصدر كل الشرور أو يتعامل أحد مع جسده باحتقار.. وهذا يتعارض مع الفكر المسيحي الإنجيلي السليم.. لأن الإنجيل يعلمنا أن مصدر الخطية ليس في الجسد بل في القلب الذي هو مركز النفس.. فمن القلب تخرج سرقة وزنا وقتل (متي 6: 28), وما الجسد إلا وسيلة تعبير عن رغبات القلب.. من هنا يأتي اللباس المحتشم الملتزم في حرية كاملة وليس فرضاً أو كبتاً.. لأنه لا يمكن أن تكون الحشمة بسبب تقاليد اجتماعية بفرض زي معين أو أي ضغوط خارجية.. فلا نستطيع أن نُسمي هذا الزى حشمة لأنه لا يعبر عن عفة داخلية حقيقية.. أو احتراماً وتوقيراً لجسد منير مبارك موضع لسكنى الله.. والحشمة تعبير عن تناغم الداخل مع الخارج.. النعمة الداخلية والعفة الخارجية وبهذا تصبح الحشمة ضرورة لذيذة ومفرحة إذ إنها نابعة عن قناعة داخلية. إن في حشمة الشابة المسيحية وهي تغطي جسدها ليس لأنه قبيح أو شر ولا لمجرد التزام بشكل موحد, أو حتي مجرد حفظ لها.. بل لأن جسدها مبارك وكريم يليق به الغطاء والستر, لأنه بحسب تعبير أشعياء النبي أن لكل مجد غطاء (أش 4: 5) فالجسد يُغطي لأنه مسكن لله.. هيكل لله.. وعضو في جسد المسيح المقدس وليس لأنه رديء أو قبيح.. وعندما سئل البابا الراحل شنودة الثالث عما يجب أن ترتديه الشابة المسيحية؟.. أجاب قائلا: إن هناك ثلاثة أنواع من الملابس لابد من الابتعاد عنها للشابة المسيحية.. ويجب أن تختار ملابسها في ضوء ثلاثة معايير:- الملابس الضاغطة.. أي الضيقة التي تبرز ملامح الجسد والملابس المكشوفة.. أي غير المحتشمة التي تكشف الجسد، والملابس الشفافة.. أي التي يُري من خلالها ملامح الجسد. من جانبه قال القس نحميا ابراهيم ل«فيتو» فى تعليقه على تلك الأزمة المفتعلة: يوجد العديد من الآيات التى تؤكد على القبطيات ضرورة الحشمة والوقار، كما جاء فى رسالة إلى أهل تطيس فى الآية « 3 »: «العجائز يكن قدوة للحدثات في ملابسهن وأقوالهن في ورع واحتشام بلا أحاديث باطلة»، مؤكدا أن الأنبا بيشوى كان موفقا فيما قال، ولم يتفوه بشيء يبرر تلك الغضبة النسائية. أما القس اسطفانوس شحاتة وكيل نطرانية سمالوط فقال ل«فيتو»: إن الحشمة صفة أساسية للمرأة القبطية، ولكن يبدو أن طريقة طرح الموضوع من جانب الأنبا بيشوى أسيئ فهمها. اسطفانوس ساق عديدا من الآيات الإنجيلية المحرضة على الحشمة منها : « وكذلك أن النساء يزيِّنَّ ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل» .