شاركوا فى تحرير الوطن بالجهد والدم وحملوا أرواحهم على أكفهم مساهمين بذلك فى نقل مصر من عار 67 إلى شرف 73، بعضهم ضباط وبعضهم سائقين ومساعدين وأسر شهداء كانوا يعملون فى قوات الدفاع الجوى، وبدلًا من أن ترعاهم حكومة قنديل، تتركهم يعيشون مأساة وهى مشكلة الطرد من مساكنهم التى خصصت لهم منذ 41 عامًا بالقرب من مطار شاوة بالدقهلية، الذى انتقلوا للعمل فيه بعد نصر 6 أكتوبر 73. بداية الحكاية كانت فى عام 1973 عندما خصصت القوات المسلحة 3 عمارات رقم 3و4و5 بنتها على أرض أوقاف بقرية سندوب بالدقهلية لرجالها من الضباط والسائقين والمساعدين ليعيشوا فيها مع أسرهم بالقرب من مناطق عملهم. وبالفعل عاش هؤلاء وأنجبوا أولادهم فى هذا السكن ولم يكن لهم بديل آخر حتى تخرجوا على المعاش ليفاجأوا بأن القوات المسلحة تنازلت عن المساكن للأوقاف نظير ديون عليها عن الإيجارات المستحقة، علما بأن هؤلاء الأبطال كانت تخصم منهم القيمة الإيجارية من المرتب 2 جنيه شهريا. "حكم بالطرد" الأوقاف مدفوعة برغبة الحصول على الحق بعيدًا عن العاطفة والرحمة رفعت دعوى قضائية بطرد السكان وكسبتها وجاءت لهم القوة الجبرية من الشرطة والجيش والدفاع المدنى والإسعاف لتنفيذ الحكم وبعد تدخل الكثير تركت لهم مدة لتنفيذ الإخلاء وتركتهم بلا مأوى فى مشهد موجع لأى رجل يحب هذا الوطن ويقدر مافعله هؤلاء الأبطال من أجل مصر . ووسط بكاء ومعاناة هؤلاء المضارين ذهبت "فيتو" لهذه المساكن لتجد انتظارًا رهيبًا منهم لأى شخص ممكن أن يساعدهم حتى ولو بالكلام "، عملًا بالمثل القائل " الغريق بيتعلق بأشاية "، علمًا بأنها مساكن وسط مستنقع من المجارى والثعابين والقوارض والزبالة وآيلة للسقوط، والشقة عبارة عن 35 مترًا حجرتين صغيرتين بلا مطبخ ولا صالة بل يستخدمون البلكونة كمطبخ، وعلى الرغم من هذا "راضون بالهم ولكن الهم ليس راض عنهم ". "أروح لمين يا سيسى" وتبكى وتستغيث الحاجة نوال فوزى: أروح فين وأنا عمرى 70 سنة ومريضة بالقلب والضغط والكبد والمرارة ولدى 4 أولاد مابشتغلش منهم غير واحد فى القوات البحرية ، جوزى خدم فى حرب اليمن و67 والاستنزاف وأكتوبر وجينا مهاجرين للمنصورة بعد نقل عمله من الاسماعيلية كان يعمل سواقًا مدنيًا بالمطار ، وجوزى توفى أثناء خدمته للوطن بعد انفجار تنك سيارة العمل فى سيناء, وآخر خدمتنا للوطن الجيش يسلم السكن للأوقاف تتحكم فينا، وأنا بسأل هل يرضى السيسى عن اللى بيحصل, دى آخر مكافئتنا أجيب لهم منين ثمن شقة ولا مصاريف العيال ولا اللبس والأكل والشرب والتعليم وأنا ماخدتش مكافاة جوزى ولا معاش أعيش به ، لو مشونا نروح نعيش فين يبقى نروح اسرائيل يمكن تقدر الجميل. "كافأونى بالطرد" ويحكى لنا الرقيب متولى الذكرى المرسى : أنا على المعاش وخدمت فى الجيش وخرجت بسبب إصابة أثناء العمل وبسببه وكنت سبب أسر العقيد عساف يجورى قائد اللواء 19 المدرع الإسرائيلى وكانت مكافأتى بهدلتى وطردى من السكن بعد حصولى عليه فى 1973 وعندى 6 أولاد والمصاريف مش قادرين نتحملها وأصغر ولد 10 سنين فى 4 إبتدائى وعامل عملية ذرع شرايين وبجيب علاج على حسابى ، وتم تسليم ملف للمجلس العسكرى وماحدش عبرنا وخائفين من اقتحام أفراد من الجيش لضرب أفراد من الجيش على المعاش وده هيسبب فتنة ونرجو حل هذه المشكلة لإنقاذنا من التشرد فى الشارع . "حرام يا ناس" وفى مشهد مأسوى وهى تحتضن بنتها وابن ابنها وتبكى وهى تنظر للسماء تحكى أم تامر راشد 65 عامًا مصابة بشلل وأنا قعيدة الفراش منذ سنوات ولا أقدر على الحركة وسكنت في هذه المساكن منذ 50 عامًا قبل وفاة زوجى ولدى 3 أولاد منهم ولد متزوج وعايش معايا هو ومراته وبنته فى الحجرتين هو واحدة وأنا والأولاد واحدة وبصرف كثير على علاجى وكله على حسابى وبنتى بتشتغل شغل يدوى هنا فى البيت العباية ب 2 جنيه عشان تقدر تكفى مصاريف العلاج ومش عارفه أروح فين وانا عاجزة وجوزى خدم الجيش وخاض حروب والله لوعندى مكان بديل لهسيبها لكن لو طردونى هابقى فى الشارع مش انا وبس وفيه 2 غيرى عندهم شلل و20 واحدة أرملة وكلهم بشتغلوا غرز يدوى عشان يكفوا المصاريف نفسى أنام وأرتاح مااقعدش أفكر هاعمل ايه حرام والله الى احنا فيه .، لم يكن هذا إلا جزءًا بسيطًا من مأساة 60 أسرة اتفقوا فى خدمة الوطن والطرد من المسكن الذى يأويهم ، واختلفوا فى طريقة عذابهم مع هذه الحياة. فهل نرضى لأبطالنا التشرد فى الشارع؟ .