تبنى الجهاز القومي للتنسيق الحضاري برئاسة المهندس محمد أبو سعدة، مشروع توثيق وإحياء الحدائق التراثية في مصر بناءً على ما انتهت إليه توصيات اللجنة القومية لتطوير وحماية القاهرة التراثية بضرورة إطلاق مشروع تطوير وإعادة إحياء الحدائق التراثية في مصر. وبناءً على هذه التوصيات، قام جهاز التنسيق الحضاري ووزارة التنمية المحلية بوضع رؤية للحفاظ على الحدائق التراثية المختلفة على مستوى الجمهورية، حيث تمتلك مصر كنزًا من الحدائق التراثية من عصر محمد علي والخديوي إسماعيل ومنها حديقة الأندلس والأسماك والأزبكية والأورمان والحيوان بالقاهرة وحديقة أنطونيادوس بالإسكندرية وحديقة القناطر الخيرية بالقليوبية والتي يعمل الجهاز حاليا على تطويرها. وأوضح "أبو سعدة" أن المشروع يهدف إلى إعادة إحياء وتطوير القناطر الخيرية، وكذلك إعادة توظيف المباني التراثية بها لتكون متنزها يستقبل الزائرين في جميع المواسم؛ وتكون منطقة جزب سياحية واستثمارية. وقد تم مناقشة هذا المشروع باجتماع عقد بوزارة التنمية المحلية وبحضور محافظ القليوبية والتنسيق الحضاري والتخطيط العمراني، وتمت الموافقة على بدء المرحلة الأولى من المشروع فور الانتهاء من الرسومات التنفيذية. وأضاف رئيس الجهاز أن الدراسة التي أعدها المهندس طارق المري والمهندس حاتم السعيد رصدت المشكلات التي تعاني منها القناطر من حيث تدهور الطابع المعماري المحيط وعدم توافقه مع المباني التراثية والأثرية، عدم صيانة النظم الميكانيكية للسدود، وعدم استغلال الفراغات العامة واستخدام الجسور الأثرية لعبور السيارت والنقل الثقيل. ونظرًا لهذه المشكلات المتعددة تم وضع حلول علمية للحفاظ على القناطر الخيرية التي تعكس مدى تقدم الدولة المصرية في ذلك الوقت، وقد وضعت دراسة متكاملة للحفاظ عليها وذلك من خلال تطبيق أسس ومعايير التنسيق الحضاري وإعادة تأهيل المباني ذات القيمة المتميزة بتوظيفها بأنشطة مناسبة مما يدر عائدا اقتصاديا يحقق وسيلة تمويل ذاتية للحفاظ وتطوير الحديقة، وعمل توثيق علمي للقناطر الخيرية شامل المباني والأشجار النادرة من خلال منهج علمي متخصص وذلك بعد ترميمها وتطويرها، وتسهيل الوصول للقناطر عن طريق الأتوبيس النهري رحلات يومية. يذكر أن القناطر الخيرية هي أحد أهم مشروعات محمد علي باشا التقدمية والتي غيرت نظام الري في مصر من الموسمي إلى الدائم حيث بدء تنفيذها في عام 1834 بعهد محمد علي وتم الانتهاء منها عام 1868 بعهد الخديو إسماعيل، وتكونت من قنطرتين كبيرتين بهما 132 بوابة على فرعي النيل يصل بينهما رصيف كبير وثلاث ترع تتفرع من النيل لتغذية الدلتا وهي الرياحات الثلاثة المنوفي والبحيري والتوفيقي أو الشرقاوي. وجلب لها محمد علي أنواعا نادرة من الأشجار من جميع أنحاء العالم لتكون متنزها ينتفع به المصريون بجانب الري وسمت حدائق الشرق، وسماها محمد على القناطر المجيدية ثم تم تغيير اسمها للقناطر الخيرية نسبة إلى الخير الذي عم على المصريين نتيجة إنشائها، فكانت أهم مشروعات العالم في هندسة الري.