ارتفاع مفاجئ في الأسعار.. وصيدلي: اسألوا سماسرة «فيس بوك» وتجار الشنطة حجاج: الصيادلة يخشون توفيرها لعدم بيعها والشركات المنتجة ترفض استرجاع حقن الثلاجات ما أن تصل لغة البيزنس إلى أهل الطب حتى تتوقف مصالح المرضى على أبواب "الجنيه"، وما شهدته سوق حقن الهرمونات الأنثوية المستخدمة في تنشيط التبويض لدى النساء الراغبات في الإنجاب "خير دليل على ذلك"، بداية من تعمد منعها عن الصيدليات ثم ظهورها بأسعار مرتفعة لدى "تجار الشنطة وسماسرة فيس بوك". حضرت مريضة إلى صيدلية تطلب حقنة "جونابيور" تستخدم لتنشيط التبويض، فسألها الصيدلى من أين حصلت على عبوة تلك الحقنة؟ فأجابت بأن طبيب أمراض النساء وصفها لها بمركز الخصوبة الذي تتردد عليه، ويوجد بجوار الصيدلية وأعطتها الممرضة لها بسعر 250 جنيهًا، والحقنة في الأصل سعرها الجبرى 167.30 جنيهًا، حسبما رواه الصيدلى عبدالرحمن هلال. وعندما سأل الصيدلى عبد الرحمن السيدة عن سبب عدم صرف تلك الحقنة لها من المركز، أكدت له أن تكلفة "ضرب" الحقنة -حسب تعبيرها– 20 جنيهًا، فرفضت وقررت الذهاب للصيدلية لتأخذ الحقنة فيها لأنها أرخص. "هلال" واصل حديثه مؤكدًا أنه فحص العبوة الورقية للحقن فوجد السعر الأصلى "ممسوحًا"، وتم وضع سعر جديد بنفس تاريخ الإنتاج، وللأسف هذه الحقن غير متوفرة حاليًا في الصيدليات ويبحث عنها الصيادلة لتوفيرها ولا يجدونها، مؤكدًا أن الطبيب المعالج للمريضة أوهمها أنه بدلا من البحث عن الحقنة فهو يوفرها لها بسهولة. وأشار "هلال" إلى أنه في تلك الواقعة تم إلغاء دور الصيدلية؛ بل تهرب الأطباء من الضرائب وضياع حق الدولة في دفع ضرائب على بيع تلك الحقن، موضحًا أن حقن الهرمونات الأنثوية تنتجها شركتان فقط، وتسيطران على السوق بأكملها، وأهم الحقن المنتجة هي "جونال إف، وديكابيبتيل، وجونابيور، وفوستيمون، وماريونال، وكوريمون". الصيدلى "عبدالرحمن" أكد كذلك أن سوق الدواء مفتوحة ولا توجد قوانين تحكمها وتنظمها، مشيرًا إلى أن الصيادلة أصبحوا عرضة لتلاعب الأطباء بهم ومصادر دخلهم، موضحًا أن شركات إنتاج الحقن ابتدعت البيع مباشرة في مراكز الخصوبة وتجاهلت دور شركات التوزيع والمخازن والصيدليات وهى الحلقة الأساسية في بيع الدواء، واختصرت كل ذلك في قيام المندوبين بالتوريد للمراكز مباشرة بعروض وخصومات هائلة لا يرفضها أي طبيب تجبر المريض على شرائها من المركز بدلا من البحث عن الحقن في الصيدليات التي في الأغلب لن يجدها. ونبه إلى أن الشركات المنتجة تضع الصيادلة بين شقى الرحى "إما غلق الصيدليات" طالما يحصرون بيعها في مراكز الخصوبة أو "الاحتكار"، موضحًا أنه تواصل مع أكبر 3 شركات توزيع في مصر للسؤال عن تلك الحقنة والإجابة أنها غير موجودة. وتعجب عن سر حجب تلك الحقن عن شركات التوزيع ثم ظهورها في مراكز الخصوبة، مضيفًا: "الأدهى من ذلك هو اضطرار بعض الصيدليات للحصول على تلك الحقن من تجار الشنطة وسماسرة صفحات فيس بوك بنسب ربح كبيرة". وأكد أن مراكز الخصوبة تحتكر أنواع الحقن الأساسية في التبويض التي تساعد في أخذ البويضة من السيدة للحقن المجهري، وهى المرحلة الأهم في عملية الإنجاب والمريضة الواحدة تنفق لها مبالغ تصل إلى 30 ألف جنيه في تلك العمليات، مشيرًا إلى تحقيق حقن الهرمونات نسب مبيعات طائلة في السوق. وذكر الصيدلى على عبد الله -مدير مركز الدراسات الدوائية- أن سوق حقن الهرمونات تسيطر عليها شركة واحدة، موضحًا أنها كانت تستورد حقن "الكوريمون"، وهى الأكثر رواجًا في السوق ومنذ سنوات كان تسعيرها 33 جنيهًا، ويوجد شركة أخرى تصنع نفس المنتج، وكان تسعيرها ب25 جنيهًا، بينما تصنع نفس الحقنة شركة حكومية وهى "النيل" بما يقرب من 20 جنيهًا. وأشار إلى أن الشركة الأولى نجحت في القفز بسعر الحقن إلى 70 جنيهًا بالتسعير الجبرى لها، في حين فشلت الشركة الحكومية في الاستمرار في السوق، وتوقفت عن إنتاج الهرمون إلى أن تم حصر السوق على حقن "الكوريمون" وحقن "مريونال" وحقن "فوستيمون" لشركة واحدة في السوق. وأوضح أن مراكز الخصوبة تحتكر بعض التركيزات من تلك الحقن، فمثلا قصر توزيع الحقن 75 وحدة دولية على الصيدليات بينما توزيع الحقن 150 وحدة دولية على مراكز الخصوبة وهى أقل سعرًا من ثمن حقنتين 75 وحدة، خاصة أن سيدات كثيرات يحتجن الحقن بتركيزات أعلى. وأشار مدير مركز الدراسات الدوائية إلى أن الشركات المنتجة للحقن تعطى الأولوية في التوزيع لمراكز الخصوبة بعيدًا عن الصيدليات وما يزيد على حاجتها يوزع على الصيدليات؛ ما يؤدى إلى عدم تحصيل ضرائب على بيع تلك الحقن لغياب الرقابة عن بيعها في مراكز الخصوبة لأنه أمر مخالف للقانون. وشدد على أن مصنع "إيبيكو" كان يصنع الحقن باسم "بروفاسي" لصالح شركة أجنبية، ثم توقفت عن الإنتاج وبدأت في تسجيلها من جديد وإنتاجها لصالح شركة أجنبية أخرى باسم "إبيفاسى"، وتحرك سعرها من 25 إلى 45 جنيهًا، موضحًا أن أغلب الأطباء يكتبون للمرضى حقن "الكوريمون". وذكر "عبدالله" أن سعر حقن "الفوستيمون" قفز ليصبح 126 جنيهًا بعد أن كان 45 جنيهًا فقط، ويصل استهلاك المريضة إلى عبوتين من الحقن كمتوسط كل عبوة تضم 10 حقن لتنشيط التبويض لدى السيدة للإنجاب. ولفت إلى وجود نوع آخر من الحقن باسم "بيوريجون" لتنشيط التبويض أيضًا، وتعتمد على بيزنس الأطباء في مراكز الخصوبة ولا يتوفر منها إطلاقًا في الصيدليات ويوجد نوع آخر تراجع استخدامه وهو "جونال إف"، رغم ارتفاع سعرها من 145 جنيهًا إلى 203 جنيهات، موضحًا أن كل تلك الأسماء جميعها تؤدى نفس الغرض العلمى إلا أنها مختفية من السوق ويوجد أعداد قليلة من الكوريمون والفوستيمون بالصيدليات وتوافرها يكون نسبيًا. الدكتور ثروت حجاج -رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة للصيادلة- تحدث بدوره عن أن المكان الأصلى لتوفير حقن الهرمونات الأنثوية هي الصيدليات، خاصة أنها تحتاج إلى وجودها داخل ثلاجة ولا توجد على أرفف الصيدليات إلا أنها مختفية حاليًا. وأضاف حجاج: "الصيدليات عندما تبيع حقن الهرمونات تلتزم بالتسعيرة الجبرية، بينما في مراكز الخصوبة لا تلتزم به، ويبيع المركز للسيدة الحقنتين بمبلغ 1000 جنيه دون أن تدرى أي نوع من الهرمونات أخذت أو سعرها الحقيقي" وإن وجدت بالصيدليات فهي مهددة بانتهاء الصلاحية ولذلك ترفض الشركة المنتجة استرجاعها لعدم ضمان طرق حفظها ومشادها.