هل تسمعونَ عن المَثَلِ الفرعوني الخالد " جَه يكحّلها عماها "؟! هذا بالضبط ما يحدثُ الآنَ على الساحتين ، الواقعية والافتراضية ، فقد حاولَ بعضُ الفدائيين المتطوّعين من أفراد الميليشيات القانونيّة الدفاع عن السيد الرئيس ، بدون طلب منه ، ضد العدو الغاشم المتسبب في كلّ البلاوي والمصائب التي نسبحُ في مستنقعاتها ، والذي أصبح يهدد أمن مصر ومستقبلها ويوشك أن يأتي على أخضرها ويابسها ألا وهو المدعو باسم يوسف ، وذلك بما يشنّه من هجماتٍ وغارات وحشية مُباغِتة من خلال برنامجه " البرنامج " على شاشة إحدى قنوات الفلول والعياذُ بالله !! تلك الغارات التي أدت إلى حدوث نقص في المواد البترولية ، وانقطاع الماء والكهرباء ، وارتفاع الأسعار والضرائب ، ونقص الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة ، وزيادة معدل الأزمات القلبية والنفسية وأمراض السكّر لدى المواطنين كافة . تحرّكت المدفعية القانونية الجبّارة لتحاصرَ المذكور ، وشنّت غاراتها المضادة من منصة النيابة العامة تؤازرها منصّات إعلاميّة كثيرة ( متطوّعة أيضا ، وبما لا يخالفُ شرع الله ) ، وبعد عدة طلعات عشوائية بالأسلحة الخربانة المتهالكة ، انقلب السحر على الساحر ، واشتعلت النارُ داخليًّا وأصبحت الفضيحة بجلاجل ، كما انتفضت الأصابع العالمية وهاجت وماجت بقيادة المذيع الأمريكاني الساخر جون ستيوارت الذي يبدو أنه لم يكتفِ بمدّ أصابعه فقط ، بل انتابه نوعٌ من الطمع المفاجئ الذي يباغت مثل هذا العشوائي المندسّ ، فمد يديه معًا ، وربما رجليه ، ورأسه... بالمرّة ! المندسّ الجديد في شؤوننا الداخلية ، ولا مؤاخذة جون ستيوارت ، أشهر مقدّمي البرامج الكوميدية الساخرة في العالم ، وهو أمريكاني يهودي كما تعرفون ، وتعرفون أيضًا أنهم في مثل تلك الدول التي لا تطبّق شرعَ الله ، لا يتنابزون بالألقاب ولا بالأديان ، ولا يتربّصون بعقل أي مفكّر ليقوموا بتفتيشه أثناء نومه ، ولا يحاسبون أحدًا مُقدّمًا على أفعاله وجرائمه التي لم يرتكبها بعد !! هناك ، عند هؤلاء ، المقياس الوحيد لقيمة الإنسان ومعنى وجوده هو عمله ، وما يقدمه لوطنه ومن بعده البشرية جمعاء ، وإذا استثنينا الإدارة الأمريكية بانحيازها المُزمن لإسرائيل وعلى طول الخط ، ثم نضيف إلى تلك الإدارة / الإدارات تجّار الموت ورعاة الخراب ومشجّعيه من صانعي الحروب والفتن .... والأسلحة ، ثمّ بعض شواذ الفكر والتفكير من العنصريين ، سنجد مجتمعًا راقيًا متحضّرًا ، به مجرمون محترفون وعلى كلّ شكلٍ ولون أي نعم مثل كلّ المجتمعات ، لكنّ السواد الأعظم من الناس ( العامة ) من الأسوياء أنقياء القلب لا يعانون أمراضًا نفسية ولا تطاردهم التوهّمات والافتراضات التآمريّة كلما شاهدوا كائنا غريبا عنهم ومن غير بلادهم ، أو رأوا بعض أصابع الموز أو أصابع الروج أو أصابع الطبشور ( الطباشير ) . أما صورة العرب والمسلمين فأنت تعرف يا أخي المؤمن أنها ليست صورة إيجابية في الذهنية الغربية بوجهٍ عام ، والأمريكيّة بوجهٍ خاص ، وزاد الأمر سوءًا وسوادا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 م عندما تمّ نسف بُرجي التجارة ومعهما كرامة أمريكا ، ويومها ، تسابق الكثيرون منّا للتعبير عن الشماتة والفرحة والمناداة بالمزيدِ من الانتقام من الأمريكان وكلّ مَن يناصرونهم ، ولم نكن نعلم أننا سندفع الثمن غاليًا ، وما ضحكناه ورقصناه وزغردناه سنردّه بكاءً وحسرةً وندمًا،إذ أصبحت صورة " الإسلامي"مرادفًا لكلّ مفردات مُعجم التخلّف والبدائية والإرهاب ، ولم نفق من غفوتنا إلا عند قيام المأسوف على إدارته جورج بوش الابن بشنّ الحرب المقدّسة ضد دولة أفغانستان الشقيقة ومن بعدها العراق الشقيقة برضه ، من أجل تجفيف منابع الإرهاب والسيطرة على منابع البترول ، وتعرفون جيّدًا بقية حلقات المسلسل الذي لم ينتهِ بعد ! وبالرغم من صلف الإدارات الأمريكانية السابقة وبجاحتها ، فإنّ أحدًا من رؤساء أمريكا السابقين لم يجرؤ ليقولها علنًا جهارًا نهارًا " إنّ القدس ستبقى عاصمة إسرائيل الأبدية " دون أدنى مراعاة لمشاعر جماعة الإخوان المحظورة وشركائها وفروعها ، ولكن فعلها باراك أوباما مُخرِجًا لسانه لأكثر من ثلاثمائة مليون زلمة بعد أن وضع مَن يظنّون أنفسهم زعماء في فردة شرابه ( جوربه ) ، ووضع الخريطة العربية الممزقة كلها في الجَورب الآخر ، قالها في قلب إسرائيل ولم نسمع ردًّا أو رفضًا أو شجبا أو تنديدا كالمعتاد ، الجميع منشغلون ببرنامج "البرنامج " الذي سيدمر مستقبل الوطن وسيقضي على كلّ طيور النهضة وهي في البيضة لم تفقس بعد ! انشغل المنافقون " بأقل من ساعة في الأسبوع " هي تجميعات من أرشيف الشاشة التي أصبحت تنوء بحمل ما ينسكب عليها من كذب واستهبال ونفاق مفضوح حتى من مواطنين يعملون في مجال كرة القدم ولا يعرفون شيئا أبعد من الأوفسايد ورمية الآوت ! وبالرغم من استمرار وزراء خارجية أمريكا على نهج رائدهم الصهيوني الفج هنري كسينجر ، ومعهم سفراء أمريكا في الوطن العربي المشروخ وخصوصًا مصر ، فإنّ أحدًا من هؤلاء السفراء لم يجرؤ على الإتيان بربع ما تأتيه آن باترسون ، سفيرة إسرائيل أقصد أمريكا في القاهرة ، فالست آن تمرح كما تشاء ، وتلعب كما تشاء ، وتصرّح كما تشاء ، ولا أحد يقول لها : عيب اختشي يا ست انتي ، لكن هاجت الدنيا وماجت عندما ارتكبت السفارة طرفنا خطأ فادحا فأدرجت على حسابها الخاص ب" تويتر " جزءا من حلقة برنامج الأخ جون ستيوارت التي يتضامن فيها مع باسم يوسف ، النسخة المصريّة منه ، ارتعشت الأرض وتزلزلت لأن باترسون سمحت بذلك ، كيف تجرؤ سفيرة أمريكا على المجاهرة بمناصرة هذا العدو اللدود باسم يوسف الذي خرّب البلاد وأهلك الحرث والنسل وجابنا الأرض ؟ بينما الصمت الرهيب هو الرد الطبيعي على كلّ ما تفعله خالتك آن في كلّ آن ! وقد تحقق لنا الانتصار على هذه السفيرة وأجبرناها على التراجع ومسح هذا الفيديو من موقعها على " طنيطر "، لكننا نسينا أن هذا الفيديو أصبح اللبانة التي يمضغها الانترنت بكلّ مواقعه ، وقد يأتي منه سؤال إجباري في جميع امتحانات نهاية العام بجميع الدول المتحضّرة التي تحترم حقوق الإنسان وتضع حرية الرأي على رأسها ، الدول التي تعرف معنى الديموقراطية وتطبّقها عمليا وليس في الأبواق الإعلامية مثل قناة واحد اسمه خميس !! لم يمنعنا من حبّ جون ستيوارت واحترامه كونه يهوديًّا أو أمريكيّا ، فليس كلّ اليهود بن جوريون وجولدا مائير وإسحق شامير ورابين وبيريز وإيريل شارون والمدعوق نتن ياهوووووووو ،، وليس كلّ الأمريكان نيكسون وكيسنجر وجورج بوش الأب والابن وبينهما كلينتون وحولهم مادلين أولبرايت وكوندناليزا رايس وهيلاري وماكين وآن !! فكم من يهودٍ وأمريكان ملأوا حياتنا بالابتكارات والاختراعات في كلّ المجالات الحيوية وفي مقدمتها الدواء ، وكم من فشّارين وجعجاعين ونخّاعين ومناضلين بالصوت من طرفنا عولجوا ونالوا الرعاية الإنسانية التامة على أيدي أطبّاء يهود أو أمريكان ، فلا ينبغي أن نضع المبدعين والمخترعين والعلماء جنبًا إلى جنب مع تجّار الموت ورعاة الخراب في سلّةٍ واحدة . جون ستيوارت كمبدع موهوب وتلقائي وشجاع ، استفزّه ما يحدث لباسم يوسف ومعه ! فانتفض غاضبًا مدافعًا عن إبداعه أولا في صورة هذا المصري الموهوب ، ثم عن هذا المصري الموهوب ذات نفسه باعتباره صديقًا شخصيًّا له ، وهذا تصرف في قمة التحضّر .. أن تخاف على مبدع من مبدعي " كارك " لا أن تفرح فيه وتقول " الحمد لله اللي شالوه من طريقي .. دا كان بينافسني !!" ويبدو أن ستيوارت لم تصل إليه ترجمة المثَل الخالد : "ما عدوّك إلا ابن كارك "، ولهذا جاء دفاعه عن باسم جريئا وصادقا وحارقا بالنسبة لأعداء باسم وأعداء الحرية ومنافقي كل عصر ، تصدّقوا بالله ... جون ستيوارت كاد يبكيني ، وجعلني أشعر بقيمة مصر عندما أراها في عيون الآخرين وبعيونهم !! نحن دائما بحاجة إلى مَن يذكّرنا ، للأسف الشديد ، بقيمة وطننا ، ولكن أهل النفاق لم يلتفتوا إلى المعاني الكبرى التي يهديها إلينا الآخرون مجانًا ، ولكن التفتوا إلى ما يعنيهم هم لدرجة أن هناك دعاوى جديدة ضد باسم بسبب حلقة جون ستيوارت !! لماذا يا أخي المؤمن الغلبان ؟ من أجل أن يعرفوا حدود العلاقة بين ستيوارت ويوسف ! انظروا إلى " بعض " ما جاء في خطاب جون ستيوارت موجّها كلامه إلى رئيسنا : ".. أنت رئيس مصر.. أعظم أرض وأعظم شعب في التاريخ المدوّن، شعبك - سيدي الرئيس - اخترع الحضارة ، حتى أن اليونانيين القدماء حين ذهبوا إلى مصر ذهلوا وقالوا: ماذا عندكم هنا؟، علم الهندسة والأساطير؟ عندما تفرغون منها يمكننا استخدامهما !! سيدي الرئيس .. لقد اخترع المصريون اللغة المكتوبة والورق ومعجون الأسنان ، حتى أنهم دفنوا مع قططهم الأليفة ، كذلك أصبح الكثيرون يقلدون الطريقة المصرية في الرقص، المصريون هم من بنوا الأهرامات...كل مافعله باسم يوسف هو السخرية من قبعتك وعدم قدرتك على الأداء الديمقراطي، ما الذي يقلقك؟ أنت رئيس مصر، ولديك جيش وأسلحة ودبابات وطائرات، ونحن نعلم ذلك لأن الفواتير ما تزال لدينا ، أنصت لي جيدا، محاولة إسكات كوميديان لن تؤهلك كي تصبح رئيس مصر ، دعني أقُلْ لك شيئا: ما الذي يقلقك سيدي الرئيس؟ خوفك من قوة النقد الساخر على هيبتك؟ انظر إليَّ.. هذا ما أفعله في الخمسة عشر عامًا الماضية ، أنا أعرف باسم شخصيا، وهو صديقي وأخي، وإن كان هناك شيئان يحبهما باسم جدا فهما مصر والإسلام " ومن وجهة نظري أنا كمواطن مصري مسلم دارس للقانون ولأصول الفقه ، لم أرَ في حلقات باسم أي اعتداء على مصر ، بالعكس ، هو مقاتل شجاع يدافع عنها باستماتة ، كما لم أجد لديه أي ازدراء لديننا الحنيف إلا إذا كان المتاجرون بالدين الآن هم الدين الإسلامي ذات نفسه ، كلّ ما أخذناه على باسم هو بعض المفردات والتلميحات وعاتبناه عليها هنا ، وها هو الآن بسبب تصرّفات غشيمة من الباحثين عن الضوء أصبح أشهر من السيد رئيس الجمهورية في العالم كله ، واللي مش مصدّق يرجع للإنترنت ، أما المتغاظ ف.... يقرقض صوابعه !!