مازلت أحلم بعرض تمثالى «الصمود» و«النصر» في إسرائيل لنعكس صمود وصبر هذا الشعب من بين الحطام تولد حياة جديدة ؛ ومن رحم الهزيمة يولد النصر؛ وقهر الصعاب يتطلب رجالا لا يعرفون كلمة «مستحيل»..منهم «جلال عبده هاشم» الفنان الإسماعيلاوي الذي صنع تمثالي«الصمود» و«النصر» من شظايا الرصاص، وحطام الطائرات, عقب نكسة 1967 .. «فيتو» التقت هاشم الذي تحدث عن كيفية صناعته للتمثالين قائلاً: فى الايام الاولى من غارات الطيران الإسرائيلى على مدينة الإسماعيلية عقب هزيمة 1967 كان مشهد الدمار والقتل والخراب يؤلمنى لدرجة اليأس والاحباط والقهر على وطنى وشعبى , وكنت أتجول ليلا وسط هذا الخراب , المبانى التى اخترقتها شظايا المدافع, واخرى آيلة للسقوط, وغيرها انهارت بالفعل, ووسط هذه المحنة تعلقت عيناي بالأرض, وبين بقايا الشظايا ولدت الفكرة ان اصنع تمثالا من تلك الشظايا يمثل الصمود, ربما اشحذ به همم المصريين من جديد بعد نكسة 1967واحتلال سيناء, وبالفعل عكفت على جمع الشظايا ليلا ونهارا، حتي جمعت خمسة آلاف شظية مختلفة الاشكال والاحجام, ووقفت على شكل التصميم, واستعنت بجار لى يعمل لحام كهرباء لتجميع اجزاء التمثال، ونجحت فى الانتهاء منه بعد شهرين متتاليين، بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائى, إثر ظروف الحرب المستمرة, ليخرج بعدها هذا التمثال الشهير الى النور مجسدا جسد مقاتل مدنى يرفع بيده اليمنى بندقيته والأخرى على شكل دانة, وطول التمثال متر ونصف المتر ووزنه 312كيلو جراما. ويواصل هاشم حكايته بالقول: عقب تحقيق انتصار اكتوبر، ولدت فكرة اقامة تمثال آخر يمثل النصر؛ واعتمدت هذه المرة على بقايا شظايا الاسلحة المصرية التى جلبت النصر, وقمت بتجميع اجزاء من حطام طائرة فانتوم اسرائيلية كانت اسقطتها المدفعية المصرية، لكى اجعل منها قاعدة يقف عليها تمثال المقاتل، الذى يقف رافعا يديه الى اعلى مشيرا بيده اليمنى بعلامة النصر، ويده اليسرى يحمل سلاحه، وهو يقف على حطام الطائرة المرسوم عليها نجمة اسرائيل, وكنت قد بدأت العمل فيه من منتصف نوفمبر 1973 وانتهيت منه فى يناير 1974 ، ويبلغ وزنه 290كيلو جراما، موضحاً أنه وضع هذين التمثالين امام محال الاثاث التى امتلكها لسنوات طوال، إلى ان جاء محافظ الإسماعيلية الأسبق عبد السلام المحجوب عام 1995، وقرر وضع تمثال «الصمود» امام مديرية أمن الاسماعيلية , وتمثال «النصر» بجوار تمثال الشهيد عبد المنعم رياض بطريق نمرة 6بالاسماعيلية . وهاشم حصل على درع النصر من الرئيس الراحل انور السادات فى اول احتفالية بأعياد اكتوبر المجيد , وكرمه محافظو الاسماعيلية وسفارة فيتنام غير أنه يقول: التكريم الأبرز فى حياتي كان تكريم محمود امين عمر , محافظ الاسماعيلية فى زمن الحرب, حين منحني مكافأة قدرها 5 جنيهات، رغم تقشف الحكومة من اجل المجهود الحربى, وكانت كلماته: «انا كسرت القانون، ومنحتك هذا المبلغ لعملك الضخم», ومازلت احتفظ بالمبلغ حتي الآن . واختتم حديثه قائلاً: رغم عرض تمثالى فى معظم الجامعات المصرية، وقت الحرب، أمام طلاب مدن التهجير وميدان روكسى الشهير، وفي نقابة الصحفيين إلا أننى مازلت احلم بعرض تمثالى «الصمود» و«النصر» في إسرائيل لنعكس صمود وصبر هذا الشعب، الذى يحول آلامه الى آمال وصبر، وليكون الاسرائيليون شهود عيان فى عقر دارهم على جرائمهم الوحشية.