أقسم بالله أيها الناس غير حانث في قسمى أن هذا الذي يمارسه المسلمون عوامهم وخواصهم ليس من الإسلام في شيء، وهو يترك حسرة في النفوس، وخيبة أمل، وألمًا ما بعده ألم، لذلك نحن لا نحتاج إلى تجديد الخطاب الديني، فالخطاب الدينى الذي عشنا معه ونعايشه هو خطاب فاسد، والفاسد لا يرد عليه تجديد ولكن يرد عليه تغيير وتبديل، نحن نحتاج إلى ثورة في المفاهيم، وثورة في السلوكيات، نحتاج إلى تطهير الدين من الخرافات والأساطير التي دخلت عليه، نحتاج أن يفهم المسلم أن الدين يحتاج إلى إيمان ثم إلى سلوك مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد الرجال "قل آمنت بالله ثم استقم" نعم نحتاج الاستقامة، ولو استقمنا لاستقامت حياتنا. نحتاج إلى تأكيد المقاصد العليا للإسلام، تلك المقاصد التي لم ينظر إليها أحد، ولم يسع لتأصيلها علميًا إلا قليل، وهى تدور حول "الحرية، والعدالة، وتعمير الأرض، وحفظ الكرامة لكل إنسان"، ثم نحتاج بعد ذلك أن نضع فاصلا بين الإسلام والمسلم، فالمسلم له وعليه، سلوكه وفكره يحسب له وعليه، عدله وظلمه يحسب له أو عليه، علمه وجهله يحسب له أو عليه، سيفه ورحمته يحسب له أو عليه، والعالم من المسلمين مهما كان قدره ما هو إلا رجل علم أشياء وجهل أشياء، ولا ينبغى أن ننسب ما علمه إلى الإسلام، فلربما يتضح لنا ذات يوم أن علمه هذا لم يكن إلا وهما أو ظنا، لذلك فإن العالم مهما علا فإنما علمه لنفسه وجهله عليها. لذلك ينبغى لنا أن نقوم بترسيخ مفاهيم إنسانية عبر خطاب دينى جديد يتخلص من شخصنة الإسلام، ويتحرر من المصطلحات المغلوطة، ويقبل التنوع والاختلاف، وتكون ملامحه قائمة على أنه ليس لأحد الادعاء بامتلاك الإسلام، أو أنه صاحب الفهم الوحيد للدين، فالإسلام نزل ليصلح للبدوى في القرن الأول الهجري، وللأوروبي والأمريكى في القرن الحادى والعشرين وإلى أن تقوم الساعة، ومن المستحيل أن ينتظم الجميع في فهم واحد، ومع ضبط المصطلحات ينبغى أن نحقق على أرض الواقع مقاصد الإسلام العليا المتعلقة بالرحمة والعدل والسلام والحرية وتعمير الأرض، فإن فعلنا هذا فقل إننا وضعنا أقدامنا على أول الطريق، وإلا فقل علينا وعلى أمتنا السلام، واطلب لها الرحمة كما تطلبها للأموات.