«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الأهرام" تفتح ملف تجديد الخطاب الإسلامى.. رؤية لتأصيل المفاهيم
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 08 - 2015

تحتاج مجتمعاتنا إلى خطاب إسلامي يقدر تأثير معطيات العصر وتطور طرق التعاطي مع المعرفة، من التلقي إلى التفاعل، ومن أحادية المنبر الى تعددية الشبكة، ومن المطلقات إلى رفاهية اختيار اليقين المعرفي ، خطاب لا يقتصر على معيار الصح والخطأ وإنما يضيف إليها معايير تتعلق بالأنسب وما ينفع الناس.
نريد خطابا جديدا وليس مجرد تطوير في الخطاب القائم، ويتطلب ذلك تغييرا نوعيا في بنية الخطاب وأولوياته وإعادة صياغة أطروحاته، وتجديد تقنياته ووسائله وتطوير قدرات حاملي هذا الخطاب ومنتجيه، لكي يلبي احتياجات الشعوب المسلمة الراهنة،ويستجيب للتحديات التي تواجهها وفق معطيات عصر الاتصال والثورة الرقمية.
نحتاج الى خطاب ينبع من طبيعة الإسلام الذي ينطوي على دعوة مستمرة إلى التجديد ، تأخذ مشروعيتها من الحديث النبوي الذي رواه أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه عن أبى هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" وفي الوقت نفسه يستجيب للتطلعات المشروعة للشعوب العربية والإسلامية في الحرية و التقدم وتحقيق الشهود الحضاري.
هذا الهدف لا يحققه برنامج ولا مقال بصحيفة ولا حتى ندوة تنظم على عجل، فقد تابعنا على مدى الشهور القليلة الماضية ندوات ومؤتمرات، هنا وهناك حول فكرة تجديد الخطاب غلبت عليها الارتجالية والعجلة، وتدفقت انهار من الكلام في فضاء الإعلام للحديث عن الموضوع بغض النظر عن تخصص المتحدثين او مدى تأهلهم للخوض في هذا المجال، ناهيك عن مراعاة شروط التجديد ومقتضياته، وهكذا تحول التجديد عند البعض إلى تبديد وفتح اخرون النار على التراث فتحولت دعوات كبار العلماء منذ مطلع القرن الماضي الى تنقية التراث الى سيوف وخناجر لتجريحه بل وبتره من جذوره.
وتبين ان غالبية الذين خاضوا في القضية لم يحاولوا تعريف الخطاب الديني ولا كيفية تجديده؟ ولأن الكلام في المطلق وعلى الهواء مباشرة فإن المحصلة ذابت الأثير !
ثم انتهت "الهوجة" دو ان تسفر عن شىء، فلا تمت تنقية التراث ولا أنجز تجديد الخطاب.
ان اي تناول مسئول لموضوع تجديد الخطاب الإسلامي يجب ان يتوقف عند ثلاث نقاط، الأولى تتعلق بالمفاهيم ليعرف الناس معنى الخطاب والمقصود بالتجديد، والثانية تستعرض ملامح الخطاب الإسلامي الحالي من منظور نقدي يوضح سلبياته ونقاط ضعفه واخفاقاته، والثالثة تطرح رؤية للتجديد تستجيب لتحديات الحاضر وتستلهم آفاق المستقبل . وهذا ما يستهدفه هذا الملف، ونستعرض اليوم النقطتين الأولى والثانية أما الثالثة فهي مفتوحة لمن اراد ان يطرح رؤاه وفق هذا الإطار العلمي.
ولأننا نقف على أعتاب مرحلة جديدة في عمر أمتنا، فإننا تحتاج ليس فقط إلى تجديد الخطاب الديني وإنما إلى تجديد الأمة.. تجديد البناء والدماء والمؤسسات والأطروحات، فلا يمكن الحديث عن خطاب إسلامي جديد فعال في أي دولة مسلمة دون تجديد مفاصل الدولة وبنيتها وأركانها ومؤسساتها وإعادة بناء المسلم المعاصر فكرا ووجدانا ليكون مشاركا فاعلا في عملية التجديد والبناء.
كما لا يمكن تناول تجديد الخطاب الإسلامي بمعزل عما أصاب الفكر الإسلامي من جمود على مدى عقود طويلة، إذ ان الخطاب الإسلامي المعاصر لم ينتج عن فراغ وإنما هو انعكاس للمراحل التي مر بها الفكر الإسلامي، لذا فإن تجديد الخطاب الإسلامي يرتبط بتجديد الفكر الإسلامي..وهو ما يتطلب التوقف عند معنى المصطلحين:
حال الخطاب الإسلامي
لا يختلف حال الخطاب الإسلامي المعاصر عن حال الأمة الإسلامية اليوم وما تشهده من تخلف مركب.حيث نجد أن غالبية الدول الإسلامية استعاضت باستهلاك أدوات الحضارة عن صنع هذه الأدوات (من الهاتف والحاسوب المحمول إلي الصاروخ والقمر الصناعي) وكأن لسان حالنا يقول: سبحان الذي سخر لنا الغرب والشرق الذي ينتج هذه المنتجات لكي نستعملها نحن العرب والمسلمون!!، كما يكثر في عالمنا الإسلامي المعاصر،عدد الأحزاب السياسية وتعدد أشكال المجالس النيابية، في حين لا نجد تداول حقيقي للسلطة، وتمتلك أمتنا أحدث وسائل الإعلام بينما تفتقر الي حرية الرأي والتعبير باستثناء وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة مثل الفيس بوك وتوتير التي هي بطبيعتها خارج نطاق سيطرة السلطات المحلية.
في هذا السياق نجد فوضى في الخطاب الإسلامي المعاصر وتشتت وتباين واسع بين حاملي هذا للخطاب ومروجيه. وتجاهل كبير لمقام وظروف متلقيه، وتتجلي هذه الحالة ليس فقط علي المنابر التقليدية وإنما ايضا عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية.
ويتأرجح الخطاب الإسلامي المعاصر بين القوة والضعف والاعتدال والتطرف، وعدم الكفاية، اعتمادا على الظروف الداخلية ، للمجتمعات الإسلامية من ناحية ، والظروف الخارجية التي تحيط بالأمة الإسلامية من ناحية أخرى، حيث تعد البلدان الإسلامية الساحة الرئيسية التي تتحرك فيها معدات الحرب اليوم والتي بدأت تحت شعار مواجهة الإرهاب عقب أحداث 11 سبتمبر 2001م.
سمات الخطاب الإسلامي
ويمكن تمييز أربع سمات عامة توضح ملامح حالة الخطاب الإسلامي المعاصر، يعرضها د. عبد العزيز التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) في دراسته " الخطاب الإسلامي بين التقليدية والحداثة"، هي:
أولا : الضعف العام الذي يسم معظم أنماط الخطاب الإسلامي على مستوى مضمونها ويتلخص ذلك في الانحدار من المعرفة إلى الجهل، أو ما يشار إليه تقليديا بالأمية الدينية كما يظهر في هشاشة المحتوى وعدم الإدراك للمسائل والقضايا التي تناولها من الزاوية الإسلامية والتي يتم عرضها على الرأي العام داخل العالم الإسلامي ، فضلا عن الرأي العام الدولي.
ثانيا: الارتجال والعفوية الناتجة عن نقص التخطيط ، وتجاهل للنهج العلمي في الموضوعات والقضايا والأوضاع التي يتم تناولها، والاعتماد على القدرات الفردية في معظم الحالات، وذلك على حساب التعاون والتكامل والتنسيق بين الجهود.
ثالثا ضيق الأفق والتركيز على القضايا الطارئة والعابرة في تجاهل تام للمستقبل سواء المتوسط أو البعيد .وهذا يفسر إلى حد كبير لماذا تقتصر أنماط عديدة من الخطاب الإسلامي على دائرة رد الفعل ، وفي حين تكاد تغيب المبادرة تماما عن هذا الخطاب.
رابعا: انعكاس الخلافات الفكرية والثقافية والمذهبية فضلا عن الصراعات المحلية والإقليمية والدولية على الخطاب الإسلامي، مما يجعل الأطروحات التي يقدمها الخطاب الإسلامي غير مترابطة ومتناقضة، وتفتقر إلى الانسجام والتنسيق.
وتؤثر هذه الجوانب السلبية في الخطاب الإسلامي على الأوضاع العامة في العالم الإسلامي، فضلا عن صورة الإسلام والمسلمين في العالم، وعلى القدرة على مواجهة التحديات ودرء الحملات المغرضة التي تستهدف الأمة الإسلامية وتهدد وجودها، وسيادة دولها واستقرار شعوبها وازدهارها.
وفي بعض الأحيان يجنح الخطاب الإسلامي الى التجريح الشخصي أو الطائفي او الفئوي أو المذهبي فيضعف أثره ويقوى ضرره ويصبح معول هدم بدلا من ان يكون أداة بناء وإصلاح. وفي أحيان اخرى تشوب الخطاب الديني لدى البعض نظرة ماضوية للأحداث الحاضرة واللحظة الراهنة بحيث يبدو المتصدي للخطاب الإسلامي كأنه قد بعث من مرقده فاقدا التواصل مع عصره ، يعالج زمنا غير زمنه واحوالا غير الاحوال الراهنة.
تضييق المباح
و نجد بعض الذين يتصدون للخطاب الديني يضيقون مساحة المباح ويوسعون من دائرة المحظور، حتى صار لا يباح فعل عندهم إلا بدليل، مع أن الأصل في الأشياء الإباحة، أما التحريم فهو الذي سيحتاج الى دليل، وكما يقول سفيان الثوري " إنما الفقه رخصة من ثقة، وإنما التشدد يحسنه كل أحد"، وقد نجد هؤلاء قد يبالغون في التحذير من المعاصي حتى نسوا سعة رحمة الله وعظيم عفوه ، بحيث رتبوا فظيع العقوبات على صغائر الذنوب.
بالإضافة إلى هذه الظروف السلبية، يتأثر الخطاب الإسلامي بحالة التخلف التي يمر بها العالم الإسلامي إلى حد يفقد هذا الخطاب الفعالية والمصداقية والنفوذ في كثير من الأحيان، ويصبح في أحيان أخرى يدور حول كلمات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع، باستثناء حالات فردية هنا وهناك تعبر عن أشخاص وليس مؤسسات.
وهكذا، نجد أن الخطاب الإسلامي المعاصر - في كثير من جوانبه- ليس انعكاسا لصورة مشرقة للإسلام الحقيقي ، بقدر ما هو انعاكس لواقع المسلمين المتخلف.
ضعف المؤسسات الدينية
وتنسحب هذه السمات على المؤسسات المنوط بها مهمة الدعوة أو المفترض ان يصدر عنها الخطاب الإسلامي، إذ تعاني هذه المؤسسات من الضعف وفقدان الاستقلالية ومن ثم خضوعها لتدخلات السلطة في كثير من المجتمعات الإسلامية المعاصرة، بحيث يصبح خطابا انتقائيا حيث يستدعى الدين في ظروف وأوقات بعينها، بينما يغيب في ظروف أخرى، مما افقدها مصداقيتها فتراجع دورها التاريخي والحضاري في المجتمع.وقد نتج عن هذا التراجع ظهور حركات وجماعات إسلامية تحاول ملء الفراغ ولكن يفتقد معظم افرادها المؤهلات العلمية والخبرات العلمية.
ولعل أبرز مثال على ذلك هو الأزهر الشريف الذي ظل قلعة الإسلام عبر العصور ، حيث كان الجامع الأزهر يمثل الدعوة الإسلامية بمنهجه الوسطي المعتدل وكان مستقلا عن الحكام في عصر المماليك والعثمانيين وحتى بداية عصر "محمد علي" الذي في عهده بدأ تقييد حركة الأزهر و تجريده من نفوذه على مراحل عدة انتهت لما هو عليه الآن.
وقد تراجع دور الأزهر منذ ذلك العهد من خلال التدخل في عملية اختيار شيخ الأزهر، فضلا عن نزع مصادر تمويله الذاتية والتي كان مصدرها الأوقاف، لتبدأ التبعية المالية للأزهر للجهات الحكومية بتدخلات مباشرة تارة ومن خلال قوانين ترتدي ثوب التطوير تارة أخرى، وتوالت حكومات عديدة على هذا النهج عملت على تقليص دور الأزهر، وادت هذه التبعية المالية والسياسية للجهات الحكومية الى تراجع دور الأزهر إلى حد بعيد.
وفي ظل هذا التراجع ظهرت حركات وجماعات إسلامية أخذت في منازعة الأزهر دوره كمرجعية وحيدة في مجال العلوم الشرعية و الفتوى. ومن ثم وجدنا انه الى جانب صوت الأزهر الذي وهن بفعل العوامل التي أشرنا إليها،أصوات أخرى تتصدى للخطاب الإسلامي. ونتج كل ذلك عن كل تخبط وتشتت في هذا الخطاب الذي أصبحت تتنازعه جهات وفرق عديدة ومتباينة وتفتقد الى الحد الأدنى من التنسيق.وتقدم اطروحات تتراوح بين الاعتدال والغلو والتطرف.
وهكذا أصبح المسلم العادي يقف حائرا أمام هذا التشتت في الخطاب الإسلامي المعاصر لا يعرف أيهم على حق، في حين اتاح ذلك للدوائر المعادية للإسلام والمسلمين اختيار الأصوات المتطرفة باعتبارها متحدثة باسم الإسلام لنشرها عبر وسائل الإعلام العالمية بما يخدم مصالحها ويدعم الصورة الذهنية المشوهة عن الإسلام والمسلمين .
من هنا تبرز أهمية الدور الذى يقوم به فضيلة الامام الاكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر فى ترسيخ الازهر كمرجعية للفكر والخطاب الاسلامى الوسطى .
مفهوم التجديد
وإذا بحثنا عن أصول مفهوم تجديد الدين فى القرآن الكريم والسنة النبوية، نجد أنهما احتويا على العديد من النصوص التي تشير إلى هذا المفهوم بشكل أو بآخر، غير أن هناك نصاً واحدا يشير إلى التجديد بشكل مباشر، هو الحديث النبوي الذي رواه أبو داود فى سننه والحاكم فى مستدركه عن أبى هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ".
ولا شك أن التجديد لا يعني تغيير جوهر الدين أو أصوله، وإنما يعنى إعادته إلى النقاء الذى كان عليه يوم نشأته حيث الأصالة الفكرية لأركانه وثوابته أى تجديد الإيمان به والالتزام بتعاليمه الصحيحة بعيداً عما قد يعتريها من شوائب، هذا من ناحية.
استيعاب مستجدات العصر
ومن ناحية أخرى يعنى تجديد الدين أيضا القدرة على استيعاب مستجدات العصر وما يحمله من قضايا لم تكن معروفة من قبل، وتحتاج إلى بيان موقف الشريعة منها، ويتم ذلك من خلال الاجتهاد سواء كان فردياً أو جماعياً . وإذا كان التجديد لا يعنى تقليدا بلا بينة، فإنه لا يعنى تبديداً للشرع تحت أى مسمى كان، كما أنه يجب ألا ينصرف معنى التجديد فى هذا السياق إلى معانى التجديد فى الدين والشرع ذاته بل هو فى حقيقته تجديد وإحياء وإصلاح لعلاقة المسلمين بالدين والتفاعل مع أصوله والاهتداء بهديه.
فالتجديد لا يعني المساس بثوابت العقيدة والعبادات ونصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة، إنما يعني إعمال العقل في المشكلات المعاصرة لاستنباط الأحكام الشرعية المناسبة والحلول الملائمة لوضع الأمة على طريق النهوض الحضاري.
المتغيرات الدولية
ونحن نتناول التجديد ينبغي ألا نغفل الظروف والمتغيرات الدولية التي تحيط بعالمنا الإسلامي، مما قد يتطلب إعادة النظر في الكثير من الأمور التي رانت على قلب الأمة فعطلت مسيرتها وجعلتها تتخلف عن الركب الحضاري للعالم المعاصر، وإن كان الحديث عن التجديد لا ينطلق من أحداث عارضة أو ظروف وقتية إنما ينطلق من أسس إسلامية واضحة، جسدها الحديث النبوي المشار إليه.
النص والخطاب
ننبه إلى أن ما نعنيه بالتجديد يتعلق بالخطاب والفكر الإسلامي ، وهنا يحسن بنا التمييز بين النص الإسلامي من ناحية، والفكر والخطاب الإسلامي من ناحية أخرى، فالنص وهو القرآن الكريم والسنة النبوية، يتسم بالثبات ، غير أن ثبات النص لا يعني أن قراءته ثابتة، وإنما متجددة ، فعطاء القرآن وفهمه واستيعابه يتجدد في كل عصر، وعلى سبيل المثال لم تتوقف الأمة عند تفسير القرآن الكريم الذي توصل إليه الجيل الأول من المسلمين وفق معطيات عصرهم، وإنما ظهرت تفسيرات أخرى، كالتفسير الدلالي والتفسير الموضوعي، والتفسير العلمي .
منهج التجديد
تجديد الخطاب الإسلامي، بخاصة محتواه ( الفكر الإسلامي) لابد أن يعتمد على منهج قويم وضوابط وشروط تحقق الهدف من التجديد في ضوء المنظر الإسلامي وليس من خارجه، بحيث يكون التجديد آلية للإحياء وليس وسيلة للتبديد.
يقوم منهج التجديد على ثلاثة محاور : عقل ونص وأدوات، و"الحرية" أول شروط العقل ، ليكون مساهماً في ذلك التجديد: والمقصود بالحرية الانطلاقة الذاتية في التجديد غير متأثرة بمنفعة شخصية ، أو هوى متَّبع ، أو فكرة سابقة مسيطرة .
وأما النص :فشرطه المناسبة والمواءمة للإنسان كله ، وكلنا يدرك أن الإنسان، كالآلة التي تحتاج إلى دليل يبين تركيبها وطريقة عملها وتشغيلها، وهذا الدليل من فعل صانع الآلة، وكذلك الإنسان .وصانعنا هو الله جل وعلا ، دليله إلينا كتابه القرآن الكريم.
أما الأدوات فهي عديدة ولا تقتصر على ما قدمه الألوان وإنما يجب استنفار كل ما كان ، وما صار لتكون في خدمة النص، تستخدمها الحركة العقلية ، لأن الاقتصار على أدوات ماضية يفقد التجديد بعض مصداقيته، كما أن الاعتماد على الأدوات المستجدة فقط يجعل التجديد قطيعة مع النص ، لأننا لم نعتبره من خلال ما فعله السابقون.
وقد اعتمد أسلافنا أدوات ، منها المنطق واللغة والبلاغة ، واليوم ظهرت علوم و أدوات جديدة ، منها اللسانيات، والإناسيات، والتحريات الأثرية، والنمطيات، والاجتماعيات، والنفسيات، و… ، فلِماذا لا نُتقن هذه الأدوات والوسائل ، لنتفاعل بها مع النص الإلهي لخدمة التشريع؟
وربما كان بعض هذه الأدوات على حساب أدوات سابقة، وهذا استمرار وليس اعتداء .ومن ثم فإن هذا التجديد لا يعني معاداة التأصيل ، فالفكر الإسلامي يدور في فلك القرآن نصاً أساساً ، والسنة الشريفة تبياناً وتفسيراً لهذا النص.
إصلاح الفكر الإسلامي
غير أن إصلاح منهجية الفكر الإسلامي بشكل عام هو المدخل للتجديد الحقيقي لدى بعض العلماء ، انطلاقا من أن الذي أصاب الفكر الإسلامي بالجمود والقصور هو أحداث تاريخية عديدة أدت في النهاية إلى انعزال العلماء عن الواقع الاجتماعي، ومن ثم فمن الضروري إدراك مدى خطورة الخلل المنهجي الذي نتج عن الانفصام بين علوم الوحي وعلوم الطبائع والوقائع، فهذا الانفصام الذي حصل بين العلماء والواقع قد أدى إلى نتيجة أخرى هي انشطار حياة المسلم إلى جانب شخصي هو مجال نظرهم، وجانب عام تركوه ولا علاقة لهم به ، وقد نتج عن هذا التفكير أن أصبح الفقه الإسلامي مهتماً فقط بحياة الفرد ، حيث يبدأ بالطهارة وينتهي بالجنازة وتتوسطهما المعاملات، أما قضية الحكم والنظام العام والشورى والعدل والتكافل وما إليها من شئون الحياة الاجتماعية العامة، فليس للفقه بها كبير عناية، وقد نتج عن ذلك أمران أساسيان، هما:
أولاً : جمود مسائل الفقه مما يجعل من الصعب على الفقيه أن يطورها وأن يستخدم الأصول لتوليد الجديد منها، وبذلك أصبحت تتعامل فقط مع حياة الفرد، ونستطيع أن نمثل لذلك بسلوك الفرد حين يسارع بالسؤال عند الحاجة إلى فهم أمر من أمور العبادة أو يتمنى لو أن بإمكانه تلافي معاملات الربا، أما إذا خالف للدولة أمراً وأصاب منها نفعاً فإنه لا يأسف لفعله ولا ينال ضميره تأنيب، لأنه أضر بالمصلحة العامة والنظام العام ومصلحة المجتمع، ذلك لأنه ربُي بطريقة الفقه فرداً ، فالخلل إذن يكمن في المنهجية، ويتجلى ذلك في تدريس الفقه وأصوله على أنهما مسائل تحفظ وتردد لا على أنهما منهجية لبناء الفقه وتطوير قضاياه ، فأصبحت دراسة الفقه والأصول دراسة لأمور تاريخية لا ينتج عنها فكر مبدع متجاوب مع الواقع ، ومن هنا فإن المنهجية التقليدية تبلورت في ظروف تاريخية معينة، في ظل عزلة العلماء وفي حالة من التعامل الجزئي مع المسلم ، بوصفه فرداً منعزلاً وليس فرداً في جماعة.
يضاف إلى ذلك أن مبادئ الأصول تلخصت في قضية القياس، وهو أداة تحليل جزئي، مما لا يتواءم مع واقع التغير الكلي الذي آلت إليه أحوال المجتمعات الإسلامية ، ويحتاج إلى منهج شمولي تحليلي منضبط .
والثاني: قد نتج عن هذه النزعة الجزئية أنه لما استقل العلماء بالحياة الفرعية وتركوا الحياة العامة للسلاطين، أن أصبح الحكم بالضرورة مستبداً، وبالقدر نفسه، فإن العلماء بعجزهم الفكري وعدم قدرتهم على تقديم البدائل، لجأوا إلى الإرهاب والتخويف الفكريين ، فمن يخالفهم يكون مصيره جهنم ، فالسجن لمن يخالف السلطان، وجهنم لمن يخالف العلماء، (عبد الجبار الرفاعي: " مناهج التجديد" ص 161-181)
ومن هنا أصبح الفكر مبنياً على التخويف والإرهاب، وأي إنسان في حالة خوف ورهبة يكون إنساناً سلبياً لا يتسم بالمبادرة أو الإبداع.
هذا الجمود الفكري والفقهي انعكس ايضا على الخطاب الإسلامي، لذا فإن اي دعوة لتجديد هذا الخطاب لابد ان تنطلق مما آل اليه الفكر الإسلامي اليوم بحيث تضع في اعتابرها كل هذه التحديات وتعمل على مواجهتها واستشراف أفاق المستقبل وفق منهج التجديدالإسلامي وليس من خارجه، وفي هذا فليتنافس المتنافسون بشرط ان يتمتعوا بالتأهيل والتخصص المطلوب، وفي الوقت نفسه لابد ان تتناغم مع ذلك استراتيجية شمالة لتجديد مفاصل الدولة وبنيتها.. تجديد البناء والدماء والمؤسسات وإعادة تشكيل العقل المسلم وفق رؤية متزنة بحيث تعود المرجعية للمؤسسة الدينية الرسمية على أن تعاد لهذه المؤسسة مكانتها وهيبتها واستقلاليتها وما تم اخذه من مواردها فضلا عن اعادة النظر في مناهجها الإداراة والتعليمية، اما مجالات تجديد وآفاقه فهي متعددة ولا يمكن اجمالها في هذه المساحة.
مفهوم الخطاب الإسلامى
اهتم علماء الإسلام الأوائل بمفهوم الخطاب، فيعرفه سيف الدين الأمدي بانه اللفظ المتواضع عليه ، المقصود به إفهام من هو متهيئ لفهمه."
أما الإمام الجويني فيرى أن الخطاب، والتكلم، والنطق واحد في حقيقة اللغة، ، ويثبت أن معنى النص هو المعنى المفهوم بنفسه، يقوم مقام النص ، ويقدم على الألفاظ والظواهر، والإمام الجويني بذلك يثبت موقفا منهجيا له قيمته بالنسبة لتناول النصوص وتحليلها وهو عدم إعطاء مكانة للعبارات دون المعني (الكافية في الجدل للجويني إمام الحرمين،ص 78. )
ودرج علماء الأصول على استخدام الخطاب بالمفهوم الشرعي( الخطاب الشرعي) الذي قسموه إلى ثلاثة فروع تتناول خطاب الله ، وخطاب الرسول ، وخطاب الأمة. وهو يختلف عن المفهوم الذي نقصده بالخطاب الديني هنا ، إذ أننا نركز على المفهوم المتعلق باللغة والاتصال، والذي يقترب من المعنى الذي أشار إليه الإمام الجويني .
ويقصد بالخطاب عند بعض الباحثين" مجمل الرموز والإشارات التي تصدر عن مرجعية معينة، تشكل صورتها ومظهرها العام، وتبرز خطوطها الفكرية، عبر عملية تواصل بين هذه المرجعية الفكرية والجمهور، في عملية تفاعلية يكون فيها الخطاب وسيلة لا غاية".
وتطور الأمر في مجال معالجة الأطروحة المقدمة بالكامل باعتبارها بنية موحدة ،يقدمها كاتب لديه هدف تتم صياغته عبر خطاب يحتوي على بناء استدلالي ، وبناء على ذلك فإن الخطاب هو مرادف لتصور أو موقف لشخص أو جماعة بشأن قضية مطروحة.
وإذا كان الفكر الإسلامي يتجلى بشكل خاص في الكتب والندوات والأبحاث العلمية لعلماء الدين والمفكرين الإسلاميين، فإن الخطاب الإسلامي يتعلق بآليات نقل الفكر الإسلامي وتكييفه ومعالجته لغويا ودعويا وإعلاميا لكي يلائم الوسائل والطرق والتقنيات المستخدمة لتوصيله الى الجماهير سواء كانت هذه الوسائل خطبة الجمعة او درسا دينيا او صحيفة او برنامجا تليفزيونيا أو موقعا على الإنترنت. ونرى أن الخطاب الإسلامي الفكري هو الوجه الإعلامي للفكر الإسلامي أو التناول الإتصالي للفكر الإسلامي.
ومن ثم فإن الخطاب الإسلامي هو مجموعة المقولات والتصورات والرؤى التي يطرحها علماء الدين والدعاة والمفكرون إزاء قضايا المجتمع استنادا إلى الدين الإسلامي بشكل مباشر أو غير مباشر .

مفهوم الفكر الإسلامى
شغل مفهوم الفكر اهتمام علماء المسلمين الأوائل، فيرى الجرجاني – صاحب التعريفات- أن الفكر " ترتيب أمور في الذهن يتوصل بها إلى مطلوب يكون علما أو ظنا" ويفرق الراغب الأصفهاني بين الفكر والتفكر، موضحا أن الفكر" قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم . والتفكر: جولان تلك القوة بحسب نظر العقل"
ومن خلال تحليله للعديد من تعريفات علماء المسلمين الأوائل للفكر، ذكر الدكتور أحمد حسن فرحات الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات ، في كتابه " الفكر الإسلامي : مفهومه – معالمه" أن "مجال الفكر هو ما يمكن أن يكون له صورة في القلب وهذا يعني أنه لابد أن يكون محسوسا أو متخيلا ، ومن ثم كان النهي عن التفكير في ذات الله
وعرف الفكر الإسلامي، بأنه "نتاج التأمل العقلي المنبثق عن نظرة الإسلام العامة إلى الوجود والمتوافق مع قيم الإسلام ومعاييره ومقاصده" .( كتاب الفكر الإسلامي : مفهومه – معالمه، عمان : دار عمار، 2003م، ص 36)
ويشير هذا التعريف إلى عدة أمور:
أولا: أن هذا الفكر الإسلامي اجتهاد بشري قابل للخطأ والصواب، ومن ثم ليست له صفة القداسة.
ثانيا: لابد لأن يكون هذا الفكر مرتكزا على كليات الإسلام الأساسية وصادرا عنها، وتشمل "الله والكون والإنسان" وطبيعة العلاقة بينهم لما توحي به نصوص القرآن الكريم والسنة الصحيحة.
ثالثا : ضرورة التزام المعايير الإسلامية في فهم النصوص بمراعاة أصول الاستنباط طبقا لقواعد العربية ومنطق الشريعة" أصول الفقه ، وأصول التأويل"
رابعا: لابد من استحضار المقاصد العامة في الشريعة التي تحول دون الفهم الحرفي للنصوص والذي ربما يخالف مقاصد الشريعة.
وذكر أن مجال الفكر الإسلامي أوسع من الفقه بكثير، فهو يشمل الاجتهادات الفقهية. كما يشمل التأمل في النصوص الشرعية، والتأمل في آيات الآفاق والأنفس، كما يستوعب التأمل في الدراسات الإنسانية النظرية والفكرية الصادرة عن المذاهب والفلسفات والديانات المخالفة للإسلام بقصد دراستها ونقدها وتقويمها، ومن ثم فإن مجال الفكر الإسلامي يتسع لكل شىء بالضوابط المشار إليها، فيما عدا البحث في حقيقة الذات الإلهية وحقيقة صفاتها وأفعالها، وكيفيتها، وحقائق وكيفيات ما جاء من أخبار عالم الغيب.
ومن ثم فإن هناك فرقا واضحا بين الفكر الإسلامي والوحي الإلهي، وهو أمر يؤكده قادة ورموز الفكر الإسلامي المعاصر الذين يرفضون الخطأ الذي يقع فيه البعض حينما يخلطون بين الفكر الإسلامي الذي هو انتاج بشري يقبل النقد ويحتمل الصواب والخطأ، وبين الوحي الإلهي المنزه عن كل ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.