يتعلم الدبلوماسي كيفية التعامل وكيف تكون الابتسامة، وأن ضحكاته لابد أن تكون خفيفة ، والابتعاد عن الضحك الكثير، وإطلاق النكات، وأن تكون التعليقات سريعة ومصحوبة بابتسامة لتخفيف حدة الأجواء، ولعل أشهر الضحكات الدبلوماسيه كانت لهنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية - فى السبعينيات من القرن الماضى- والذى يعد صاحب أكبر ضحكة صفراء تخفى كرهه للعرب وانحيازه الكامل لإسرائيل وهو ما جعل العبض يصف ضحكته «بالصفراء» والبعض الآخر قال عنها ضحكة تجعلك «تضع السم في العسل لاعدائك»، فأحيانا ما يضطرون لرسم ابتسامة على وجوههم، حتي مع ألد اعدائهم، فكل شيء بحساب غير أن الدبلوماسيين يرفضون وصف ضحكاتهم بالصفراء لانها تنم عن شر متوقع، وهو بالطبع لا يتناسب مع طبيعة عمل السلك الدبلوماسي، ويروى بعضهم ل «فيتو» مواقف استخدم فيها ضحكات صفراء، وبعضهم كان يضحك لمجرد ان نخبره هل للدبلوماسيين ضحكة صفراء؟ السفير الدكتور جمال بيومي قال إن ضحكة السفراء والدبلوماسيين «يجب ألا ترقي الي القهقهة» ، وأن الضحكة الصفراء لا توجد إلا في افلام فريد شوقي فقط، مضيفا أن الدبلوماسيين لابد ان يبتسموا مع كل الناس، وان يحسنوا المعاملة مع الآخرين، لأن مهمتهم الاساسية هي تكوين علاقات طيبة مع البلاد. وأشار إلى أن هناك جهات ودولاً تراقب عمل الدبلوماسيين وتتصيد لهم الاخطاء، من أجل انتهاز الفرصة للهجوم علي بلادهم، وأن التعامل مع الدبلوماسيين الاسرائيليين يكون بمبدأ «اضحك في وشه تحط له السم في الشاي» وانه لا مانع من ان يكون الدبلوماسي ظريفا أو ابن نكتة لكن بما لا يخرج عن القواعد العامة والمألوفة وبما يفهمه الاخرون . وسرد بعض المواقف فى هذا الصدد أنه كان حاضرا لمؤتمر في فيينا هو وبعض الدبلوماسيين العرب وتحدث سفير اسرائيلي عن ان العرب يجب ان يقوموا بتطبيع العلاقات مع اسرائيل ، وهو ما لم يعجب الدبلوماسيين العرب الذين «تحرشوا» بالسفير الاسرائيلي ، فقام أحد الدبلوماسيين الشباب من مالطة ورد عليه ردا شديدا وقاسيا ، لكني طلبت التحدث وقلت للحاضرين «صديقنا العزيز بيتكلم كلام كويس قول لحكومة بلادك تفتح المطار الفلسطيني الذي اغلقته في وجه الفلسطينيين» . وعلي النقيض تماما حينما كنت شابا حديثا في السلك الدبلوماسي، وفي خضم الازمة مع اسرائيل عام 1946 مد دبلوماسي اسرائيلي يده لي ولكني رفضت السلام عليه وقلت له لن اسلم عليك دون ان ابتسم له وكان هذا هو الموقف الوحيد الذي اظهرت ما اخفيه لكني كنت دائما الجأ معهم للضحكة «اللي من ورا القلب وليس الضحكة الصفراء في افلام فريد شوقي التي تنم عن شر متوقع» . أما السفير مهاب مقبل سفير مصر السابق في الاردن فقال لا توجد ضحكة حقيقية وضحكة مزيفة فالضحكة ضحكة ولا توجد ضحكة صفراء، والدبلوماسيون منضبطون جدا من اول يوم يلتحقون فيه بالسلك الدبلوماسي ، والكلام محسوب عليهم حتي الابتسامات والضحكات محسوبة هي الاخري عليهم ، وأحيانا اللجوء للضحكة هو دبلوماسية حينما يتحدث دبلوماسي في بلد ما بحديث «خارج عن السياق» او غير مألوف . واضاف ان الدبلوماسي لا يجب ان يكون «ابن نكتة» ، لأن طبيعة عمله صارمة ولا مجال فيها لاطلاق النكات ، لكنها تبقي في اضيق الحدود ، وانه يجب ان يعمل علي توطيد علاقة مصر بالخارج عن طريق الابتسامة والضحك في وجه الآخرين ، اما غير ذلك فيترك انطباعات غير جيدة. وأكد سفير مصر السابق بالبحرين ان هناك بعض الدول تتصيد الاخطاء لنا ولابد ان نفكر في اي رد فعل حتي الابتسامة لأن لها ابعادا ذات طابع خاص، وهو ما يجعل الناس يتصورون أن الضحكات والابتسامات وتعابير وجوهنا «صفراء» فالدبلوماسية تعني الحرص الشديد . من جانبه أوضح السفير مصطفي الحيلولي أن الدبلوماسية لا تعرف ما يسمي بالضحكة الصفراء رغم ان عدداً كبيراً من الناس يلصقون الضحكة بالدبلوماسيين، لكن التعبير الامثل لهذه الضحكة هي انها ضحكة دبلوماسية، وانه لا يجب ان تظهر من الدبلوماسي إلا الابتسامة التي هي اول ما يتعلمه الدبلوماسي حينما يلتحق بالسلك . واضاف: هناك معايير دبلوماسية يسير عليها الجميع لا يوجد شيء ارتجالي ، والدبلوماسي يتعلم البروتوكول ويعلم جيدا متي يضحك ومتي يبتسم ومتي يقهقه ، واعترف انه بالفعل هناك دبلوماسيون يستخدون ابتسامات لا تنبع من القلب، خاصة مع العدو الصهيوني او مع الاشخاص الذين يتحدثون بعنجهية،وأحيانا قد يخرج الدبلوماسي عن المألوف لكنه لا يصل الي حد التجاوز ولا يحدث هذا الا فيما ندر، مع صغار الدبلوماسيين ، الذين لا يتحلون بخبرات كافية ، تؤهلهم للتعامل مع تلك الامور .