لم يعد سرا أن الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع الحالى ينتمى لأسرة إخوانية، فابن عم والده عباس السيسى هو أحد قيادات الإخوان من الرعيل الأول وعضو مكتب الإرشاد، وما يهمنا هنا هو توضيح بعض الحقائق عن عباس السيسى وبالتالى عن علاقة وزير الدفاع الجديد بالجماعة. هناك حقيقة يجدر البدء بها وهى الاختلاف حول شخصية حسن البنا، مؤسس الجماعة، فهناك من يصلون به إلى مرتبة الانبياء، وهناك من يضعونه في مصاف زعماء العصابات، ويرجع ذلك إلى طبيعة شخصية البنا وأسلوبه فى إدارة الجماعة، ويوفر علينا الأستاذ عباس السيسى عناء البحث ويكتب فى كتابه المهم «حسن البنا.. مواقف فى الدعوة والتربية» والذى وضعه بمناسبة مرور 05 عاما على دعوة الإخوان عام 8791، فيقول فى نص بليغ يفسر التناقض الذى اشرنا إليه «لقد نشأت دعوة الإخوان المسلمين فى نهاية العشرينات وتبلورت أهدافها أول ما تبلورت فى نفس الإمام الشهيد .. ولهذا حرص البنا من أول يوم فى دعوته أن يحدد الأسس العقائدية والحركية لها تحديدا واضحا لا لبس فيه ولا غموض، ولكن التكتيك الحركى كان يقضى بألا يوضح مراحل دعوته ومعالم طريقها بشكل كامل.. ولهذا لم يفصح عن جميع أهداف دعوة الإخوان ووسائلها..» وهذا النص له دلالته فى أن طبيعة حسن البنا وشخصيته جعلته يتعامل مع كل فرد فى جماعته بما يراه فيه، والسيسى كان من الفريق الذى كاد أن يجعل من البنا نبيا، فهو يصف أول لقاء له بمؤسس الجماعة وهم يستقبلونه على محطة القطار فى رشيد فيقول «فى أوائل سنة 6391 كانت قلوبنا متلهفة لرؤية حسن البنا فقد سمعنا عنه كثيرا وتطلعنا إلى رؤيته الشخصية.. فقد كانت له عندنا صورة قمنا بتكبيرها وكتبنا تحتها بخط جميل «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه» وفى هذا اليوم بايعة السيسى ويقول فى كتابه سالف الذكر «أنها كانت البيعة الأولي» مما يوحى بأنه كانت هناك بيعة ثانية!! أما فى عام 9391 فيحكى عباس السيسى فى كتابه السابق فيقول «حين حصلت على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية فى عام 9391 توجهت إلى القاهرة لأبحث عن عمل، والتقيت بفضيلة المرشد العام رحمة الله فى دار المركز العام بالحلمية الجديدة، وبعد أن رحب بي.. سألنى عن سبب الحضور للقاهرة؟ قلت: لأبحث عن عمل. قال: ألم تفكر فى التطوع لمدرسة الصناعات الميكانيكية الحربية؟! قلت: إن خريجى المدارس الصناعية معفون من خدمة الجيش. قال: لكن رسالتنا توجب علينا الخدمة فى هذا الميدان. قلت: لا مانع، ولكن لن أنجح فى الكشف الطبى حيث إحدى عينى عليها سحابة مزمنة. قال: توكل على الله وأنت تنجح!! وبالطبع رغم العيب الطبى الذى ذكره السيسى قبل فى المدرسة وتخرج منها وعمل فى سلاح الصيانة بالجيش المصري، وعند البحث في هذه الفترة يبدو لنا أولا حرص البنا على وجود كوادر تنتمى للجماعة داخل القوات المسلحة والشرطة، وكان فى ذلك الوقت على صلة قوية بعلى ماهر باشا الذى كان يشغل منصب رئيس الديوان الملكى آنذاك بالإضافة إلى صديقه الآخر الفريق عزيز باشا المصرى رئيس هيئة اركان الجيش المصرى وقتئذ والذى كان يشجع التحاق الإخوان بالجيش المصري، إذن عرفنا كيف دخل عباس السيسى إلى الجيش رغم اعاقته!! أما السؤال الذى يطرح نفسه الآن هو ما علاقة وزير الدفاع الجديد بكل ذلك؟!! وإليك الإجابة، بعد قيام ثورة 32 يوليو 2591 كان جمال عبد الناصر أحد كوادر الإخوان ويعلم جيدا أسلوب الجماعة فى العمل فاستطاع الاطاحة بها، وكان أن طهر الجيش من كل العناصر الموالية للإخوان وكان من بينهم عباس السيسى الذى طرد من الجيش عام 6591 بعد خروجه من المعتقل، كما أمر عبد الناصر بعدم قبول أى عناصر موالية للجماعة فى الكليات العسكرية حتى درجة القرابة الرابعة، إذن كيف دخل الفريق أول عبد الفتاح السيسى إلى الكلية الحربية رغم هذه القرابة من الدرجة الثانية، حيث ابيه ابن عم عباس السيسي؟!! للإجابة عن هذا السؤال نرجع إلى التاريخ الذى التحق فيه وزير الدفاع الحالى بالكلية، وطبقا للموقع الرسمى لوزارة الدفاع فأن الفريق أول عبد الفتاح السيسى من مواليد 91 نوفمبر 4591 وتخرج من الكلية الحربية فى الأول من إبريل 7791، وهنا مفتاح الحل، فالفريق دخل إلى الكلية الحربية بعد الاتفاقيات التى عقدها الرئيس السادات مع الجماعة وأخرج قادتها من السجون وسمح لها بالحركة، كما خفف من القيود التى واجهها ابناؤهم واقاربهم عند الالتحاق بالكليات العسكرية، وطبقا للسياسة التى اعتمدها عمر التلمسانى المرشد العام للإخوان أن ذاك كما تعلم من أستاذه الأول حسن البنا هى إعادة اختراق صفوف الجيش والشرطة والقضاء والنقابات وغيرها دون الصدام مع السلطة، وهكذا عرف وزير الدفاع الحالى طريقه إلى الكلية الحربية، وكما كان حسن البنا سببا فى دخول عمه عباس السيسى إلى صفوف الجيش كان عمر التلمسانى المرشد الثالث للإخوان سببا فى دخوله هو إلى صفوف الجيش!!