أثارت الأنباء التي تحدثت عن محاولة استهداف الرئيس عبد الفتاح السيسي من قبل جماعات إرهابية متطرفة، في حالة مشاركته في فاعليات القمة العربية الأخيرة بالعاصمة الموريتانية "نواكشوط"، العديد من التساؤلات حول الأسباب الأمنية التي قد تمنع أي رئيس من المشاركة في فاعليات مهمة خارج بلاده، وتفاصيل خطط تأمين الرؤساء أثناء زياراتهم الخارجية، وكيفية مواجهة أي عملية للاعتداء عليهم أو اغتيالهم.. "فيتو" طرحت هذه التساؤلات على مصدر مطلع، وحصلت منه على تفاصيل مثيرة تحملها السطور التالية: البداية كانت من محاولة الاغتيال الشهيرة، التي تعرض لها الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك في العاصمة الإثيوبية اديس ابابا والتي باءت بالفشل، بسبب مهارة طاقم الحراسة المصاحب لمبارك، والذي كانت لديه معلومات بوجود مخاطر على حياة الرئيس المصري، واتخذ كل الاحتياطات اللازمة لمواجهة أي تهديد. واقعة اديس ابابا كانت سببا مباشرا في العمل على تطوير اساليب وإجراءات التأمين لرئيس الدولة خلال زياراته الخارجية، وتم الاستقرار على عدة إجراءات لابد من القيام بها قبل الإعلان عن سفر الرئيس، أهمها سفر وفد إلى الدولة المضيفة لاستطلاع الأوضاع الأمنية، وكتابة تقرير عن الحالة الأمنية، ورفعه إلى الرئاسة، بالإضافة إلى التنسيق مع أجهزة الأمن في الدولة المضيفة تأمين الرئيس في زياراته الخارجية باهتمام غير مسبوق من الأجهزة الأمنية منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر خصوصا زياراته لدول أفريقيا التي لم تكن الأوضاع الأمنية فيها على المستوى المطلوب، وانتقل الاهتمام بتأمين زيارات الرئيس إلى السادات خصوصا بعد قراره التاريخى بزيارة إسرائيل على غير رغبة عدد كبير من الدول العربية ورغم الأنباء التي تناثرت عن محاولات اغتيال تعرض لها الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ وصوله إلى الحكم إلا أن تلك المحاولات لم يتم الإعلان عنها رسميا، مما فتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول خطة تأمين الرئيس في زياراته الخارجية. المصدر كشف عن تفاصيل دقيقة في عملية تأمين الرؤساء خلال جولاتهم خارج دولهم قائلا: "لجولات الرؤساء الخارجية ومن بينهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، ترتيبات أمنية خاصة، كى لا يتعرض شخص الرئيس لأى خطر يهدد حياته.. أهم هذه الإجراءات هو سفر وفد أمني رفيع المستوى، يضم عناصر من الحرس الخاص، وعناصر من جهات سيادية متعددة، مهمته الأساسية مراجعة تفاصيل الزيارة كاملة، وخطوط سير موكب الرئيس في الشوارع المختلفة، والتأكد من قيام البلد المضيف باتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر والتأهب الأمني، والاستعداد الكامل للتعامل مع أي أخطار محتملة.. الوفد الأمني أيضا يراجع خطط تأمين قاعات المؤتمرات التي سيتواجد فيها الرئيس، وتوزيع رجال الأمن سواء بداخلها أو خارجها، ويفحص مداخل ومخارج تلك القاعات، وكذلك فتحات التهوية، وأجهزة التكييف، والمنصة التي سيجلس عليها، ونفس الأمر يتكرر وبشكل أكثر دقة في مكان إقامة الرئيس في البلد المضيف.. أيضا الوفد الأمني الذي يسبق الرئيس إلى الخارج، يفحص السيارات التي سوف يستقلها أثناء تحركاته، للتأكد من قوة "تصفيحها" ومطابقته للمواصفات القياسية.. وتتضمن الزيارة أيضا، فحص المبانى المجاورة لمكان تواجد الرئيس لكشف أي خطر محتمل، وجمع معلومات عن المشاركين في المؤتمر أو من سيلتقيهم الرئيس أثناء زيارته، وحصر الموظفين والعمال الذين يعملون في المكان، وكذلك في مكان الإقامة، ومراجعة وسائل الاتصال التي لا يمكن التنصت عليها، حتى لا تكون عرضة للاختراق ثم تأمين الطرق، وأخيرًا مراجعة وتنسيق إجراءات التأمين أثناء الانتقال إلى المكان المقصود التوجه إليه، ولا بد أن تتضمن الخطة عناصر من القوات الخاصة، وكاميرت مراقبة حديثة، وأسلحة خفيفة وثقيلة لاستخدامها وقت الحاجة". المصدر أضاف: "قبل عودة الوفد الأمني من الخارج، يجتمع مع قيادات أمنية رفيعة المستوى في البلد المضيف، للاتفاق على كيفية تنسيق الأدوار في حماية الرئيس، ووضع خطة مشتركة وفى بعض الأحيان التدريب عليها، للتأكد من تنفيذها بدقة متناهية وفقا للبروتوكولات المعترف بها دوليا، والدقة هنا مطلوبة ومهمة للغاية، لأن أي خطأ مهما كان صغيرا، معناه كارثة كبرى.. بعد عودة الوفد الأمني من الخارج، يقدم تقريرا مفصلا عن الزيارة، يتضمن خطة تأمين الرؤساء التي أعدتها الدولة الميضفة، وملاحظاته عليها، ويوضح مدى الاستجابة لتلك الملاحظات، وفى نهاية التقرير، يكتب توصياته، والتي ربما تتضمن زيادة عدد أفراد الحراسة المرافقين للرئيس في زيارته، أو تأجيل الزيارة أو حتى إلغائها نهائيا، إذا ما كانت هناك خطورة على حياة الرئيس".. واستطرد: " أما الحراسة الخاصة المرافقة للرئيس في زياراته الخارجية، فيتم اختيار أفرادها من قوات النخبة، وهؤلاء يكونون مدربين على كافة فنون القتال واستخدام الأسلحة النارية المتنوعة بكفاءة عالية، ولديهم القدرة على اتخاذ لقرار الصحيح في جزء من الثانية، والتعامل الحاسم مع أي خطر يهدد حياة الرئيس، وهؤلاء يرافقون الرئيس في أماكن محددة، فيما تتولى أجهزة الأمن بالبلد المضيفة المهمة في أماكن محددة لا يسمح فيها بدخول الحرس الشخصى للرئيس الزائر، وفقا للبروتوكولات المتعارف عليها والتي قد تختلف من بلد لآخر".. وشدد المصدر في حديثه على أن خطط تأمين الرؤساء خلال زياراتهم الخارجية، تراعى الظروف السياسية للبلد المضيف، وكذلك نفوذ وانتشار العناصر الإرهابية المتطرفة فيها، كما تتميز بالمرونة الشديدة، لتكون قابلة للتغيير والتطوير السريع إذا ما دعت الحاجة على ذلك.