مصر التى ستدخل عهدا جديدا فى تاريخها، بدخول أول رئيس منتخب إلى القصر الجمهورى قريبا عقب انتهاء جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية بين الدكتور محمد مرسى مرشح الإخوان المسلمين، والفريق احمد شفيق المحسوب على النظام السابق ، ستشهد – بالتأكيد – تغييرا على مستوى مؤسسة الرئاسة وفى القلب منها حرس الرئيس.. ترى ماهو شكل الحرس الجمهورى فى عهد الرئيس المخلوع، وما هى التدريبات التى كان يتلقاها أفراده، وأنواع الأسلحة التى يحملونها، وتفاصيل خطط تأمين الرئيس ضد عمليات الاغتيال؟.. وما هو شكل هذا الحرس إذا فاز شفيق فى جولة الإعادة، وهل يختلف شكله إذا وصل مرشح الإخوان إلى كرسى الحكم؟.. هذه الأسئلة وغيرها طرحها محقق « فيتو» على خبير أمنى عمل لفترة فى الحرس الجمهورى، فأجاب عنها بالتفصيل ونرصد إجاباته فى السطور التالية: فى البداية تحدث الخبير عن الحرس الجمهورى فى عهد مبارك، مؤكدا أنه كان مكونا من سبع حلقات أمنية مختلفة مهمتها النهائية هى التصدى بحزم وقوة لأى محاولة للاعتداء على مبارك.. الخبير أوضح: الحلقة الأولى.. تضم عناصر من الشرطة والجيش ينتشرون فى أماكن بعيدة عن خط سير الرئيس ومهمتهم الأساسية هى منع أى شخص من الوصول إلى الموكب، وهذه الحلقة يطلق عليها اسم «التشريفات».. أما الحلقة الثانية فتضم عددا كبيرا من ضباط المباحث العامة، والأفراد السريين، وهؤلاء لهم مهمة محددة وواضحة هى عدم تمكين أى شخص مهما كان من اختراق الحلقة الأولى وإذا حدث ذلك يتصدون له بكل حسم. الحلقة التأمينية الثالثة.. عبارة عن مجموعات من ضباط أمن الدولة سابقا والأمن الحربى.. وهؤلاء مهمتهم الأساسية هى الرقابة على الحلقتين الأولى والثانية وتوجيه أفرادهما لاتخاذ أماكن ووضعيات مناسبة تمكنهم من التعامل مع أى موقف طارئ.. وتضم الحلقة الرابعة عناصر من الحرس الجمهورى وهم يرتدون ملابس ملكية وينتشرون على طول الطريق الذى سيمر به الرئيس، وفى مفارق الطرق والأماكن المرتفعة.. وهم جاهزون للتدخل فى أية لحظة والتعامل مع أى اختراق للحلقات السابقة. والحلقة الخامسة عبارة عن فرق خاصة من القناصة المدربين على أعلى مستوى.. هؤلاء يعتلون أسطح المبانى على طول الطريق الذى سيسير فيه الرئيس، ومعهم أسلحة متطورة للغاية مزودة بجهاز للنيشان يعمل بالليزر، وإذا كانت تحرك الرئيس ليلا يتم تزويد أفراد الفرقة بنظارات الرؤية الليلية.. والحلقة السادسة تتكون من عناصر الأمن التابعين لحرس رئاسة الجمهورية، وعددهم ليس كبيرا ويختلف حسب طبيعة المكان الذى يتواجد فيه الرئيس من حيث كونه مغلقا أو مفتوحا، وهم على مستوى عال من الكفاءة القتالية واللياقة البدنية، ولا يسمح باختراق هذه الحلقة مهما كانت الظروف سوى لخبير المفرقعات، الذى يتخطاها بأجهزته ومعداته للتأكد من عدم وجود أية قنابل أو متفجرات. أما الحلقة السابعة والأخيرة.. فهى أهم الحلقات على الإطلاق وتسمى «الحلقة الضيقة» لأنها تكون الأقرب إلى الرئيس، وتضم عناصر منتقاه بعناية فائقة من ضباط العمليات الخاصة بالقوات المسلحة، وعددهم يتراوح بين 4 و 10 أفراد.. هذه المجموعة الخاصة ترتدى زيا مدنيا وتتواجد داخل دائرة ضيقة محيطة بالرئيس، ويتحرك كل فرد منهم وفق خطة محكمة تضمن لهم كشف جميع المتواجدين بالقرب من الرئيس.. وهم مدربون على اكتشاف أى عناصر قد تكون نجحت فى اجتياز الحلقات السابقة، أو أى خائن من أفراد الحراسة، ويحمل كل فرد منهم 3 طبنجات مختلفة الأنواع ذات مواصفات خاصة جدا منها خفة الوزن، وزيادة عدد الطلقات وقوة التحمل. ولأن الحلقة الضيقة مكلفة بتأمين حياة الرئيس، فإن أفرادها يتلقون تدريبات من نوع خاص.. تبدأ من اختيار العنصر من القوات المسلحة وأحيانا من الشرطة وفق مواصفات جسمانية معينة منها قوة البنيان وتناسقه، وحدة النظر بالإضافة للسمات الشخصية مثل سرعة البديهة ورد الفعل والتجاوب مع الخطر والذكاء والهدوء، فضلا عن الشجاعة والاستعداد للتضحية بنفسه فى سبيل حماية الرئيس.. وبعد الاختيار تبدأ التدريبات القاسية، ومنها على سبيل المثال الوقوف لمدة ست ساعات دون أية حركة فى وضع الانتباه.. وحمل الطبنجة والوقوف بها فى وضع التصويب لمدة ساعتين دون حركة، وغيرها من التدريبات التى تهدف الى رفع الكفاءة البدنية والمهارات القتالية.. ويحظى التدريب على ضرب النار بأهمية خاصة ويظل عنصر الحراسة يتدرب على مختلف أنواع الأسلحة إلى أن يجيد إصابة الهدف وهو معصوب العينين.. هذه التدريبات تتم تحت إشراف خبراء أمنيين وعسكريين مصريين، كما تولت شركة «بلاك ووتر» الأمريكية تدريب عناصر الحرس الجمهورى المصرى، وفقا لأحدث النظم والتقنيات القتالية فى العالم، ومعروف ان هذه الشركة تعمل تحت شعار «الخطأ الأول هو الخطأ الأخير» لذلك فإن المتدربين لديها يكونون على اعلى مستوى ممكن من الكفاءة. المصدر أضاف أن الحلقة الضيقة الملاصقة للرئيس يتم تمييز أعضائها معنوية وماديا، والتأمين على حياتهم بمبالغ مالية كبيرة لأنهم معرضون للموت فى أية لحظة بدلا من الرئيس.. أيضا يتم تأهيلهم نفسيا لتقبل فكرة التضحية بالحياة فى سبيل حماية شخص رئيس البلاد والتأكد من ولائهم المطلق له، لأنه لو حدثت خيانة من أحدهم فإنه سيقتل الرئيس بسهولة شديدة. وبعيدا عن حلقات تأمين وحراسة الرئيس من العناصر البشرية، هناك وحدات مساعدات فنية تشمل أجهزة التشويش الإليكترونى على التليفونات المحمولة وجميع وسائل الاتصال فى محيط الرئيس، وأجهزة لكشف وتعطيل عمل العبوات الناسفة والمتفجرات، سواء التى تعمل بنظام المؤقت أو التى يتم تفجيرها عن بعد.. وهناك أنواع من هذه الأجهزة تكتشف القنابل على مسافة تصل إلى 3 كيلومترات.. أما سيارات الرئيس فهى مصفحة وذات زجاج مضاد للرصاص، وهذه يتم تصنيعها خصيصا فى كبريات شركات السيارات العالمية خصوصا الألمانية والأمريكية، والسيارة الواحدة لا تستخدم لأكثر من عامين تستبدل بعدهما بسيارة جديدة، وفى مصر نعتمد على السيارات الألمانية. وعن تسليح الحرس الجمهورى الخاص بمبارك قال الخبير إن الحلقات من الاولى حتى الرابعة تكون مسلحة بالرشاشات والبنادق الآلية والطبنجات العادية.. أما الحلقة الخامسة فيتم تسليح أفرادها ببنادق قنص ذات مواصفات خاصة مزودة بمناظير قوية، وبعضها مزود بأساليب تصويب متطورة تعتمد على حرارة الجسم.. أما الحلقة السادسة فأفرادها يحملون رشاشات ال «هيكلر» الألمانية وهذا النوع من الرشاشات مصمم للتعامل مع المعارك الطويلة، وبالتالى فهو مصنوع من معادن ومواد تتحمل النيران لفترات تقترب من 3 ساعات ولإطلاق نار قد يصل الى 3 آلاف طلقة، وهو يعمل بنظرية النيران الخافتة التى لا تجهد فرد الحراسة.. أما الحلقة السابعة والأخيرة فيحمل كل فرد منها 3 طبنجات مختلفة الأنواع.. بعضها يحتوى على رصاصات «خارقة» لها القدرة على اختراق حاجز أسمنتى سمكه 12 سنتيمترا وإصابة الهدف وراءه. المصدر أضاف: « مبارك كان يخشى من الاغتيال فى أية لحظة عن طريق المتفجرات أو احد المقربين منه، لذلك أنشأ وحدة مفرقعات خاصة عام 1985 مهمتها تأمين مقر زيارته وفحص خط سيره قبل تحركه بنحو ست ساعات، ثم أدخلت كتيبة من الكلاب المدربة على اكتشاف القنابل والأشخاص الخطرين كنوع من زيادة التأمين». حرس شفيق.. ومليشيات مرسى تطرق المحقق فى حديثه مع الخبير الأمنى وسأله عن توقعاته لشكل الحرس الجمهورى في ظل حكم الفريق احمد شفيق، أو حكم محمد مرسى.. فأجاب: « فى حالة فوز الفريق احمد شفيق برئاسة الجمهورية، فمن المتوقع أن يبقى على الحرس الرئاسى الخاص كما هو او زيادته ورفع ميزانيته لسببين أساسيين.. الأول هو أن شفيق ظل لفترة طويلة بالقرب من مبارك، ورأى بعينه حرس الرئيس ويعرف أهميته البالغة.. والسبب الثانى فيتمثل فى أن الفريق يعلم تمام العلم أن أعداءه من القوى السياسية المختلفة ربما يفكرون فى التخلص منه بالاغتيال، وهذا سيكون دافعا قويا لاهتمامه بزيادة الحراسة الشخصية عليه». أما بالنسبة لمرشح الإخوان الدكتور محمد مرسى فقد أشار الخبير إلى أنه لن يهتم كثيرا بالحرس الخاص، ولكنه ربما يستعين ببعض المقربين منه من جماعة الإخوان المسلمين، لأنه لن يثق فى ضباط وأفراد الحراسة الرسميين، نظرا للعداء المترسخ بين الطرفين منذ زمن طويل. واستبعد ان يستعين مرسى بما يسمى «مليشيات الإخوان» فى حراسته الشخصية، نظرا لعدم وجود هذه المليشيات بالأساس.