يظن بعض الكتاب الصحفيين الجهلاء أن هناك حاجزا منيعا بين الملكية والإدارة! بمعنى أن ممولا ما أنشأ صحيفة ما ليس من حقه -كما يقول بعض الجهلة- التدخل في التحرير إطلاقًا! وكأن هذا المالك يعمل أجيرا لدى رئيس تحرير الصحيفة ومساعديه، بما يعنى أن هيئة التحرير من حقها نشر ما تشاء حتى لو خالفت السياسة التحريرية التي ما أنشأ المالك صحيفته إلا لتحقيقها! خذ على سبيل المثال المعركة التي إدارةا بعض الكتاب الصحفيين من الجهلاء ضد "صلاح دياب" باعتباره يملك أكبر نسبة من أسهم جريدة "المصرى اليوم". الرجل نشر مقالة انتقد فيها سياسة الجريدة في تغطية أحداث النزاع بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية. غير أن أحد الكتاب الصحفيين الذين يسهمون في تحرير الصحيفة رد عليه مستنكرًا حقه المشروع كمالك للصحيفة في إبداء رأيه في سياسة تحريرها. وكأن رئيس التحرير من حقه أن يغير من سياسة جريدة أسسها مالكها لتكون صوتًا للتيار الليبرالى إلى سياسة تحريرية جديدة تقوم على أساس المبادئ الماركسية أو أفكار جماعة الإخوان الإرهابية! وذلك بدعوى ضرورة الفصل بين الملكية والإدارة! والواقع أن الذي يقول هذا الكلام -وخصوصًا حين يكون صحفيًا مغمورًا ليس له أي تاريخ مهنى- ماعدا تعيينه بالصدفة وفى غفلة من الزمن- رئيسًا لتحرير صحيفة قومية مع أن مؤهلاته لا تكفى لكى يكون مجرد محرر بسيط! غير أن ما وقع فيه هذا الكاتب الصحفى من أخطاء جسيمة في قضية الصحافة بين الملكية والإدارة تكشف في الواقع عن جهله العميق! فالرجل لا يعرف أي لغة أجنبية وهو بالتالى لا يستطيع قراءة الصحف الغربية في لغاتها الأصلية، ولا يعرف التقاليد الصحفية المراعاة في مجال السياسات التحريرية. ولكى يفهم الموضوع نقول له إنه أثيرت منذ سنوات بعيدة مشكلة في جريدة "الموند" الفرنسية وهى جريدة تقدمية لها سياسة تحريرية ثابتة وهى ضد نشر المقالات التي تعبر عن العنصرية أو استعمار الشعوب، بعبارة أخرى السياسة التحريرية التي أنفقت عليها هيئة التحرير -في لحظة تاريخية ما- مع ملاك الصحيفة هي الحاسمة. وبالتالى ليس من حق هيئة تحرير "المصرى اليوم" تغيير سياساتها التحريرية الليبرالية كما إرادةا مالكها، وأن تغير بإرادتها المنفردة هذه السياسة. لعن الله الجهل المركب! وصاحبنا يتمتع به فهو "جاهل رضى عن جهله ورضى جهله عنه" كما قال مرة "طه حسين" عن واحد مثله!