لم أكن أرغب في الكتابة عن أزمة صحيفة الدستور وصحفييها ورئيس تحريرها السابق وملاكها الجدد، ولكن وجدت نفسي في خضم نقاش طويل دار بيني وبين صديقي الأستاذ " محمد الشبة"، رئيس تحرير جريدة نهضة مصر، حول دور الصحافة في التنوير ومستقبل الصحافة الخاصة في مصر، ولقد كان الحديث وديا وشيقًا ويسبق تسجيلنا لبرنامج تليفزيوني بقناة (دريم 2) مع المتألقة الدكتورة " درية شرف الدين "، والذي يعد له صديقي "الشبة"، وتوصلنا في هذا الحوار إلي نقاط اتفاق حيث ينقصنا شيء مهم جداً، وهو الوظيفة التي يشغلها صحفي، سواء كان محرراً أو رئيس تحرير. مهما كانت إتجاهاته أو مواقفه السياسية أو مشاربه الأيديولوجية، اتفقنا علي أن الجرائد الخاصة لها ملاك وللملاك سياساتهم التي يملونها علي سياسة التحرير، فهذا لا شك فيه، فكل مالك حر فيما يملك ولا يمكن أبداً أن نقر بعكس ذلك !! وبالتالي فإن هيئة تحرير جريدة خاصة، يجب أن تتوافق في أدائها مع سياسة الملاك فإذا كان ملاك جريدة الدستور الجدد أرادوا أن يحولوا هذه الجريدة إلي جريدة موجهة للأطفال أو للأزياء أو للعلوم فهم أحرار، وهنا يتحدد دور هيئة التحرير ومدي ارتباطهم بالمهنة، حيث يصنف الصحفي بأنه (مهني) ولا يمكن أن ترفض هيئة تحرير الجريدة توجيهات الملاك إلا في حالة واحدة، أن يكون لهذه الهيئة أو أحد أعضائها (رئيس التحرير) أسهم في ملكية هذه الجريدة. وهنا يجب العودة إلي الجمعية العمومية للملاك، لكي يحددوا سياسة التحرير وأهداف الجريدة، وفي حالة جريدة الدستور فإن الأخ "إبراهيم عيسي" ليس بمالك ولا بحائز لأي أسهم في الجريدة وبالتالي فإن دوره الرئيسي المهني هو أنه رئيس تحرير وصحفي، وليس زعيماً سياسياً وليس مالكاًً، وليس أيضاً مهيمناً علي الجريدة بعد أن تعدلت أوضاع الملاك، فالجدد لا يبغون رئيس تحرير يهاجم النظام "عمَال علي بطَال" ولا يريدون زعيماً سياسياً داخل هيئة التحرير، فهذا ليس من مهام الوظيفة الموكلة لصحفي أو مهني بدرجة رئيس تحرير، فالفارق كبير جداً بين جريدة الدستور كملكية خاصة، وبين إبراهيم عيسي كرئيس تحرير (موظف) مهني محترم، له أن يترك الجريدة ويذهب إلي أي من وسائل الإعلام التي برع فيها سواء مرئياً أو مسموعاً أو مكتوباً. ويجد من يتوافق مع توجهه ويقبل أن يقوم بدور الزعيم ويتفق معه علي الراتب أو النسبة أو شكل المكافأة، وهذا يتيسر "للأخ عيسي" في ظل مناخ الإعلام المفتوح والمسموح به من هامش حرية لم يسبق لمصر أن تعيشه ولم يسبق لصحفي مثل "إبراهيم عيسي" أن يمارس ما يراه وما يشبع هواه. ولقد شاهدتُ " عيسي" في مواقف متناقضة كثيرة، والشيء الذي إتفقت عليه في حواري مع صديقي "الشبة" هو أن "عيسي" هو المهني ذو التوجه المعروف، والدستور هي جريدة خاصة انتقلت ملكيتها إلي من لا يرغب في استمرار المهني "عيسي" في توجهه السياسي، وهذا يمكن أن يتوفر له ككاتب عمود في أي من جرائد المعارضة التي تتوافق مع توجهاته أما أن يكون رئيس تحرير جريدة، فهذا يتناقض مع الملكية الخاصة التي لا تتوافق مع توجهات الزعيم (عيسي)، ولعل عيسي يفكر أن ينشئ (لجريدته حزباً)، وهذه حرية خالصة للملكية، ومن حكم في ماله فما ظلم !!