في تحقيق ثروات غير مشروعة.. والمحكمة الإدارية تقضى بإعادة الشركة للدولة كانت أشهر تلك المعارك التي خاضها جموع الصحفيين للحفاظ على الاقتصاد القومى هي معركة بيع وخصخصة سلسلة متاجر "عمر أفندي" والتي تأسست في القاهرة منذ أكثر من قرن ونصف القرن، والتي كانت إحدى أوائل العلامات التجارية في مصر والشرق الأوسط ومن أعرق السلاسل التجارية في العالم، وبلغ فروع السلسلة 82 فرعا و68 مخزنا. وفى عام 2004 بدأت حكومة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك في الخصخصة الجزئية لفروع "عمر أفندي" ضمن برنامج واسع لخصخصة شركات قطاع الأعمال العام شمل أكثر من 140 شركة، وطرح وزير قطاع الأعمال العام آنذاك مختار خطاب فروع "عمر أفندى" للقطاع الخاص للمشاركة في إدارة الفروع بالكامل مثل فرع الفيوم لصالح شركة "النساجون الشرقيون" وفرع الجامعة العمالية لصالح شركة الخزف والصينى وفرع 26 يوليو لصالح المركز المصرى للهندسة والتجارة وغيرها. الصفقة وفى عام 2005 أعلنت الحكومة المصرية عن بيع "عمر أفندي" لشركة "أنوال" السعودية المملوكة لرجل الأعمال جميل القنبيط بقيمة 560 مليون جنيه. وأثار قرار خصخصة الشركة العديد من الانتقادات الحادة وخرجت مانشيتات الصحف الخاصة والحزبية وحتى القومية رافضة للقرار واعتبرته مخططا فاسدا لبيع مصر أو موجة أخرى لنهب البلاد ورغبة المسئولين في تحقيق ثروات من العمولات في مثل تلك الصفقات المشبوهة، وكان تنفيذ صفقة بيع "عمر أفندي" كاشفا عن حجم غير مسبوق من الفساد ليس من القائمين على الخصخصة فحسب وإنما كذلك من المستثمرين سواء من الأجانب أو المصريين. فمبيعات وتقييمات الشركة كانت حجر الزاوية في دعوى بطلان الخصخصة، وكانت مبيعاتها السنوية تتراوح بين360 و380 مليون جنيه وهى تمثل 50% من حجم المبيعات التي كانت تحققها قبل ذلك. وبالرغم من أن المستثمر السعودى تعهد بأن يضاعف مبيعات الشركة فإن النتائج جاءت عكسية، وتراجعت المبيعات لتصل إلى 30 مليون جنيه في العام الثالث إلى أن بلغت صفرا في العام الرابع حتى خرجت تصريحات حكومية تفيد أن المستثمر السعودى تعمد عدم تشغيل الشركة مما أدى إلى انهيارها بهدف تحويل فروعها لأصول عقارية. ودأبت الصحف آنذاك على تفنيد مخاطر الخصخصة واعتبرتها نارًا في الهشيم تطيح بمستقبل آلاف العمال وتحرق الفقراء والكادحين في البلاد، ففى دنيا البشر لا يوجد مقدس سوى الشعب والوطن وما يخدمهما ويحقق مصالحهما ويصون أملاكهما وما عدا ذلك فهو باطل بطلانا باتا لا يسنده شرع أو قانون. كما وصفت الصحف بيع "عمر أفندي" بمصطلح "خصخصة الإذعان" وهى الخصخصة القائمة على الإذعان لبيع القطاع العام بشروط المؤسسات الدولية بدعوى إعطاء القروض والتسهيلات الجديدة والسماح بإعادة جدولة بعض الديون سعيا نحو تصفية القطاع العام وخلق اقتصاد أكثر حرية، وهو الأمر الذي على أثره تم إنشاء مكتب لقطاع الأعمال بموجب اتفاقية بين برنامج التنمية للأمم المتحدة والحكومة المصرية للإشراف على برامج الخصخصة ومتابعة تنفيذها. استفتاء شعبي ووصل حد الصدام إلى مطالبة بعض الصحف الخاصة بضرورة إجراء استفتاء شعبى على صفقة بيع عمر أفندي، وأكدت أن القطاع العام ليس ملكا للحكومة المصرية تتصرف فيه كما تشاء وإنما هو ملك لكل المصريين ولا يجوز من ثم التصرف فيه إلا بالرجوع إلى الشعب. واستمرت معركة الجماعة الصحفية مع الحكومة المصرية في بيع "عمر أفندي" حتى أصدرت المحكمة الإدارية العليا في أغسطس 2013 حكما نهائيا ببطلان بيع 90% من أسهم شركة "عمر أفندي" وبطلان خصخصتها وإعادتها للدولة، لتبدأ معركة جديدة حول موازنة الشركة.