كتاب «العلاقات السياسية الدولية دراسة في الأصول والنظريات» لمؤلفه الدكتور إسماعيل صبري مقلد، أستاذ العلاقات السياسية الدولية بقسم العلوم السياسية بكلية التجارة والاقتصاد بجامعة الكويت، جدير بالقراءة. فقد طبع من هذا الكتاب خمس طبعات عن منشورات «ذات السلاسل» للطباعة والنشر والتوزيع – الكويت، ويتكون الكتاب من 750 صفحة من القطع الكبير، كما يشمل الكتاب سبعة عشر فصلاً علميًا تناولوا العلاقات السياسية الدولية دراسة في الأصول والنظريات وذلك بالدراسة والتحليل. وجاء في مقدمة الكتاب: هذا الكتاب «العلاقات السياسية الدولية، دراسة في الأصول والنظريات» محاولة علمية لتقديم هذا الموضوع لطلاب العلوم السياسية في جامعاتنا العربية، حيث إن المؤلفات العربية في هذا المجال تكاد تكون شيئًا لا يذكر على الإطلاق، وهو الأمر الذي يواجه من يقومون على تدريس هذا الموضوع بصعوبات لا يستهان بها. والعلاقات السياسية الدولية بطبيعتها مادة معقدة ومتشعبة الجوانب والأبعاد بشكل لا يعرف حقيقته إلا من خبرها عن قرب، ومن هنا فإن الباحث في أصولها وجوانبها النظرية الأساسية يجد نفسه أمام اختيار صعب لأن عليه أن يحصر هذه الجوانب ويربط بينها في إطاري التناسق والتكامل. وربما كانت هذه هي المشكلة التي تواجه كل من تصدى للكتابة في هذا الموضوع، ويبدو هذا جليًا في الغالبية العظمى من المؤلفات الأجنبية التي تعالج الأصول النظرية للعلاقات الدولية، حيث يندر أن يتفق اثنان منها في ترتيب الموضوعات الواردة فيهما، وإن كانت هذه الموضوعات تتشابه على نحو أو آخر. فمثلاً لا نكاد نجد مرجعًا نظريًا واحدًا في العلاقات الدولية يخلو من التعرض -إيجازًا أو تفصيلاً- لنشأة النظام السياسي الدولي وتطوره أو دور القومية في تشكيل السلوك الخارجي للدول، أو القوة القومية وتأثيراتها النسبية على اختيار الأهداف الخارجية وكذلك على تصرفات الدول الكائنة في المجتمع الدولي، أو نظام توازن القوى، أو الأمن الجماعي، أو الدبلوماسية، أو الدعاية، أو نزع السلاح، أو الاستعمار، أو التنظيم الدولي. وهذا الوضع ربما يخلق انطباعًا عامًا مؤداه أن مؤلفات العلاقات الدولية، وأعني تلك التي تتناول أصولها النظرية، تعالج موضوعات وأمورًا تفتقر إلى التسلسل والترابط المنطقي المنظم. وقد يكون هذا صحيحًا إلى حد ما، إذ إنه وحتى الآونة الراهنة لم يتيسر لأساتذة العلاقات الدولية التوصل إلى نظرية عامة في هذا المجال، وهو أمر لا يبدو أنه سيكون ممكنًا، على الأقل بمقاييس المستقبل القريب، وهذه ليست مشكلة العلاقات الدولية وحدها بقدر ما هي مشكلة العلوم الاجتماعية كلها بوجه عام، وهو أمر لا يعيبها بقدر ما يوضح الحاجة إلى ضرورة مضاعفة الجهود العلمية المبذولة لتذليل الصعاب التي تحول دون وضع هذه النظرية العلمية السليمة والمتكاملة، والقابلة للاختبار والتحقق، شأنها في ذلك شأن غيرها من النظريات العلمية. ولقد راعيت في إعداد هذا الكتاب أن يتضمن قدر الإمكان، الموضوعات الرئيسية التي يتعين على طالب العلوم السياسية أن يكون على إلمام بها وهو يدرس هذا المقرر الأساسي في العلاقات الدولية، دون أن أتجاوز ذلك إلى الإغراق في تفصيلات وتعقيدات قد لا تكون أمرًا مقبولاً مع هذا المستوى غير المتقدم من مستويات التخصص. والكتاب مقسم إلى سبعة عشر فصلاً، يتناول الأول منها تحليل أهم المناهج المستخدمة في دراسة العلاقات الدولية، التقليدية منها والمعاصرة، والفصل الثاني يعرض أهم ملامح التطور الذي مر به النظام السياسي الدولي منذ ظهر هذا النظام إلى حيز الواقع في القرن السابع عشر حتى الوقت الحالي، ثم بعد ذلك يحاول الكتاب التعرض لبعض القوى الديناميكية في العلاقات الدولية مثل الأيديولوجية التي خصصنا لها الفصل الثالث، والقومية التي خصصنا لها الفصل الرابع. وانطلاقًا من موضوع القومية أفردنا الفصل الخامس لمناقشة الأهداف القومية في السياسات الخارجية للدول، وعرضنا لكل الأبعاد الرئيسية المتصلة بهذا الموضوع، ولما كانت الأهداف القومية لا يمكن أن تتحدد في سياسات الدول الخارجية بمنأى عن الإمكانات المتوفرة لدى هذه الدول من القوة القومية، فقد ناقشنا القوة القومية من جوانبها المختلفة في الفصل السادس. وبالنظر إلى أن القوة القومية تشكل حجر الأساس في السلوك الدولي، فقد أفردنا الفصلين السابع والثامن لتحليل جوانب النظامين اللذين قاما على معالجة تأثيرات القوة في العلاقات الدولية، كل بحسب مفهومه وفي إطار تصوراته الخاصة، ونعني بذلك نظامي توازن القوى والأمن الجماعي. وحيث إن تطبيق نظام الأمن قد تعثر على أرض الواقع وصادف الكثير من المشكلات، فقد رأينا أنه يكون من الأوفق تحليل نظم التحالفات وترتيبات الأمن الجماعي والإقليمي التي ظهرت بديلاً لهذا النظام العالمي، وهذا هو موضوع الفصل العاشر، ثم كان اعتقادنا أن أي دراسة لأصول العلاقات الدولية لا تكون على المستوى المطلوب من الشمول إذا لم تتناول بالتحليل نظرية اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية وهو موضوع الفصل الحادي عشر، ثم عرضنا في الفصول الأربعة التالية الأدوات الرئيسية المستخدمة في تنفيذ قرارات السياسة الخارجية وهي على الترتيب: الدبلوماسية، والدعاية، والأدوات الاقتصادية، والقوة المسلحة. والفصول الثلاثة الأخيرة من الكتاب خصصناها لمناقشة عدد من الموضوعات المهمة في العلاقات الدولية وهي الاستعمار ونزع السلاح والتنظيم الدولي. وقد حاولنا أن نحصر التحليل في نطاق العوامل النظرية دون أن نتطرق إلى بحث كل مشكلات التطبيق، لأن ذلك ربما كان فضلاً عن إثقاله كاهل الدراسة، يعد خروجًا بها عن إطارها النظري الصميم.