أشار تقرير صادر عن الإدارة المركزية للتخطيط التربوى بوزارة التربية والتعليم، والمقدم إلى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، إلى أن إدمان المخدرات أصبح مشكلة مقلقة فى المدارس، بعد أن تزايدت الظاهرة فى الأعوام السابقة. وأكد التقرير أن لجوء الطلاب الصغار لتعاطى المخدرات يرجع لعدة عوامل بعضها مرتبط بالفرد المتعاطى، وبعضها مرتبط بالسياق الاجتماعى والثقافى للمتعاطى،إضافة إلى العوامل المهيئة للتعاطى مثل الفراغ والإحساس بالاغتراب داخل الأسرة والمجتمع، واليسر المادى المفاجئ لبعض الأسر، واتباع بعض الأسر لأسلوب التدليل فى التربية، فهذه العوامل مجتمعة يمكن أن تسهم فى دفع الطلاب إلى تعاطى المخدرات. وأوضح أن التلميذ الذى يتعاطى المخدرات هو أقرب التلاميذ لإصدار سلوكيات منحرفة، وأن أكثر الطلاب تعاطيا للمخدرات هم طلاب القسم الأدبى بالفرقة الثالثة فى الثانوية العامة يليهم طلاب الفرقة الثانية من نفس الشعبة، يليهم طلاب القسم العلمى ثم تلاميذ الصف الأول الثانوى. ولفت إلى أن التفكك الأسرى من أكبر عوامل لجوء التلاميذ إلى تعاطى المخدرات، وتشير نسب الورقة البحثية إلى أن 12.9% من أسر المتعاطين يوجد بها انفصال بين الزوجين إما بالطلاق أو بالهجر، و9% عاشوا مع زوج الأم أو زوجة الأب تحت سن 15 سنة، وأن 65% من المدمنين فقدوا آباءهم قبل سن السادسة، مشيرا إلى أن تعاطى الأب أو الأم أو أحد الأقارب للمواد المخدرة يعد نموذجا سيئا للأبناء، وقد يدفعهم لتقليد ذويهم، وذكر أن 40.4% من المتعاطين ذكروا تعاطى بعض أفراد أسرهم لنفس المخدر، وأن 10% أفادوا بتعاطى الأب لهذا المخدر. وبيّن التقرير أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المصرى منذ الثمانينات وحتى الآن دفعت بعض الآباء والأمهات إلى ترك أبنائهم طلبا لمزيد من الدخل، والعمل، سواء فى داخل البلاد أو خارجها لفترات طويلة، وهو ما يجعلهم عرضة لتعاطى المخدرات. وحذر من تدنى مستوى التعليم فى الأسر وتأثيره على الطلاب، مؤكدا زيادة احتمالات تعاطى الطلاب الصغار للمخدرات مع انخفاض المستوى التعليمى والثقافى فى الأسرة. كذلك من الأسباب التى أشار إليها التقرير فى لجوء طلاب المدارس لتعاطى المواد المخدرة إخفاق بعض الأسر فى بث القيم الاجتماعية السليمة للأبناء، وكذلك زيادة عدد سكان المقابر أو الأسر التى تقطن فى مساكن مشتركة، كذلك فإن ضغط وإلحاح رفقاء السوء وعامل الفضول لدى الصغار من أهم العوامل التى تسهم فى دفع بعض المراهقين لتجريب المواد المخدرة والاستمرار فى تعاطيها. وأشار التقرير إلى أن تعاطى المخدرات ظهر كمشكلة بين تلاميذ المدارس بسبب تكدس الفصول بالطلاب وتدنى إمكانات ومستويات ممارسة الأنشطة التربوية المدرسية التى تساهم فى بناء الشخصية المتكاملة للطلاب. كما أن انحصار دور الإخصائئين الاجتماعيين فى رعاية الطلاب ومتابعة حالاتهم، واقتصار دور بعض المدرسين على تقويم بعض التلاميذ فى جانب التحصيل المعرفى، دون مراعاة لميوله واتجاهاته وتنمية قدراته ومهاراته وابتكاراته وإبداعاته وأساليب سلوكه يدفع الطلاب إلى تعاطى المخدرات، كما ان عزوف بعض الطلاب عن طلب المشورة من معلميهم فى بعض المواقف التى لا يستطيعون اتخاذ قرار فيها بمفردهم، قد يكون لسبب ممارسة ضغوط عليهم لتعاطى المخدرات أو ترويجها بين زملائهم. خبير التقويم التربوى بالمركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى الدكتور محمد فتح الله أكد أن تعاطى المخدرات بالمدارس زاد خلال عامى الثورة بسبب حالة الانفلات الأمنى التى تعانى منها البلاد، مشيرا إلى أن الظاهرة تزداد فى التعليم الفنى عن التعليم العام، لأن الطالب فى التعليم الفنى يشعر بأنه لا جدوى من الدراسة، كما أن مناهج التعليم الفنى تجعل الطالب غير قادر على الإبداع، والمدرسة النجاح فيها أوتوماتيكى. وقال فتح الله، بوجه عام فإن الاحساس بالتهميش يشعر الطالب بالظلم، الأمر الذى يدفعه إلى الانحراف السلوكى والأخلاقى بوجه عام، كما أن غياب القدوة وعدم مشاركة هؤلاء الطلاب فى العمل السياسى، وغياب الأهداف السياسية عنهم، وعدم إشباع رغبات الطالب من خلال الأنشطة المدرسية يؤدى إلى أنه يلجأ إلى إشباعها بطرق سلبية.