يكتسب الطفل منذ صغر سنه سلوكيات حميدة وأخري سيئة, وقد يكتسب الطفل أو الشاب سلوكيات من رفقائه بالمدرسة أو المجتمع الذي يعيش فيه أو من أفلام ومسلسلات تليفزيونية وغيرها, وللأسرة والمدرسة دور أساسي في تقويمها وبقدر ما لهما من أثر في التقويم بقدر ما يكون لهما من تأثيرات في اكتسابهم سلوكيات حضارية ينعكس أثرها علي المجتمع بأسره, حيث يترتب عليها احترام الأفراد لواجباتهم ومبادئهم واتباع الارشادات التي تدعو للمحافظة علي البيئة وسلامة صحة المواطنين ووقايتهم من الأمراض والحوادث والمخدرات والتدخين وغيرها. ومن أمثلة السلوكيات السيئة مخالفة قواعد المرور وانطلاق مكبرات الصوت من بعض المساجد فجرا والمدارس صباحا, حيث تسبب الأرق لبعض الناس وخاصة المرضي المسنين الذين يعانون صعوبة النوم, ومخالفة تحذيرات التدخين في الأوتوبيسات والأماكن المغلقة مخالفة قد يترتب عليها الحاق الضرر بالأفراد الموجودين فيها, فقد يكون من بين هؤلاء مريض مصاب بمرض تزداد متاعبه وخطورته باستنشاق الدخان, أو سيدة حامل يسبب لها التدخين القهري ولجنينها أضرارا قد تصل الي حد الخطر. أما مثل السلوكيات الحضارية, فهو مثل يوضح أهميتها في مكافحة المخدرات والوقاية من أضرارها, فحينما كنت أجري بحوثا بإحدي كليات الطب بالسويد شاهدت احدي عاملات المعمل, وهي تحطم حقنة استخدمتها في التجربة قبل إلقائها في سلة المهملات, وعلمت منها أنه تخشي أن يعبث أحد المدمنين بالقمامة ويستخرج منها حقنة ملوثة ليتعاطي بها مخدرا, وأنها بهذا السلوك قد أسهمت في منع انتشار الأمراض المعدية والأوبئة, ودفعني هذا السلوك المتحضر الي تقصي سبل مكافحة المخدرات والتدخين بالسويد, وأدركت ان هناك سلوكيات حضارية أخري, مثل الالتزام بعدم التدخين في أماكن العمل والأماكن المغلقة, والاهتمام بوقاية الأطفال والشباب من خطر المخدرات والتدخين, وذلك من خلال وسائل الاعلام ونشرات التوعية وتدريس أخطارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية في جميع المدارس, كما يهتمون بدراسة دوافع التعاطي علي أسس علمية, ويضعون خططا وسياسات تستهدف الإقلال من أعداد المتعاطين. واقترح ان تقدم مدارسنا, ضمن مقرراتها, برامج تربوية متطورة لغرس السلوكيات الحضارية واقتلاع السلوكيات السيئة من نفوس الأطفال والناشئة, وأن يقدم التليفزيون برامج وأعمالا درامية تبين للناس أثر السلوكيات الحميدة في بناء المجتمعات, وأثر السلوكيات السيئة في تخلفها عن ركب الحضارة والرقي. والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا نحقق من مكاسب اقتصادية واجتماعية وصحية بالتزامنا بالسلوكيات الحميدة, وماذا نخسر جراء تفشي السلوكيات السيئة؟.. سؤال يحتاج الي دراسات عديدة لكي نتأكد أنه كلما سادت السلوكيات الحضارية وتقهقرت السلوكيات السيئة زادت مكاسبنا وقلت خسائرنا. د. عز الدين الدنشاري