سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«إنذار شعبي».. ضعف الإقبال «صرخة» في وجه الجميع.. «إعلام» انتصار فشل في الحشد.. القضاة أفسدوا 100 لجنة.. الإحباط والأسعار سر الغياب.. السناوي: المشاركة فشل سياسي والعزوف الشعبي أول هزيمة ل30 يونيو
عكس توقعات خبراء السياسة، وتقديرات مراكز استطلاعات الرأي، جاء ضعف الإقبال على انتخابات مجلس النواب في مرحلته الأولى ليوجه "إنذارا شعبيا" للدولة والأحزاب السياسية ولكل من يهمه الأمر. عزوف الناخبين كان "صرخة" في وجه حكومة صدعت رءوس الناخبين ليل نهار بضرورة المشاركة في العملية الانتخابية، واختيار برلمان يرضي طموحاتها، في الوقت الذي تركت فيه الشعب فريسة لجشع التجار واستغلالهم، ولم تتخذ أي إجراءات لمواجهة "غول الأسعار" الذي يلتهم ميزانية الأسر المصرية. إحباط الشباب، وابتعادهم عن المشهد السياسي، نتيجة تهمشيهم وفقدانهم الثقة في أي تغيير، وعودة الوجوه القديمة إلى صدارة المشهد كان من بين العوامل التي ساهمت في عزوف الناخبين عن المشاركة في آخر استحقاق انتخابي في خارطة الطريق. على الجانب الآخر كانت المرأة حاضرة وبقوة في المشهد الانتخابي، وكان إقبالها على التصويت النقطة الوحيدة المضيئة، ووفقا لتقديرات أولية للجنة العليا للانتخابات فإن عدد النساء المشاركين في التصويت 4 أضعاف مشاركة الرجال، ولم تفلح محاولات الجماعات الإرهابية وتهديداتهم في منع المرأة من الوقوف في طوابير طويلة أمام اللجان للإدلاء بصوتها. وفي وقت تطوع فيه الجميع للحديث عن أسباب عزوف الناخبين عن المشاركة في التصويت، واختفاء ظاهرة الطوابير من أمام اللجان ضاعت في وسط الأحداث تفاصيل مهمة ربما كانت أحد الأسباب التي أوصلت رسالة سلبية للراغبين في المشاركة، ومنها تأخر 100 قاض عن الحضور إلى لجانهم الانتخابية، الأمر الذي فتح باب التساؤلات حول هوية هؤلاء القضاة، وما إذا كان لهم علاقة بجماعة الإخوان أو من المتعاطفين معها، خصوصا أنهم لم يقدموا أي مبررات مقنعة عن أسباب التأخر عن فتح بعض اللجان التي ظلت أبوابها مغلقة حتى الساعة الثانية بعد الظهر. ضبط وإحضار الشعب قبل بدء المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية ب24 ساعة، خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي ليتحدث إلى الشعب المصري، طالب الجميع بالتكاتف لإخراج الاستحقاق الثالث بما يليق بمصر بعد ثورتين، الرئيس أكد أيضا على أهمية المشاركة، والتواجد بكثافة أمام اللجان. المثير في الأمر، أن الساعات التي تلت "خطاب الرئيس" أكدت أن الرسالة لم تصل إلى الشعب.. "تاهت في الطريق".. فاللجان الانتخابية لم تشهد الإقبال الذي كان يطمح إليه الرئيس، والتواجد الجماهيري كان دون المستوى بشكل دفع العقلاء لمطالبة القيادة السياسية بضرورة البحث عن "الحلقة المفقودة" التي ترتب على عدم وجودها "غياب الشعب". قراءة أحداث السنوات القليلة الماضية، كانت بالقطع تؤدي إلى طريق أن المشاركة ستكون في الحدود المعقولة، وأن الغالبية ستخرج لتنتهي من الاستحقاق الثالث لثورة 30 يونيو، التي أعادت مصر من "بيت الطاعة الإخواني"، ف30 يونيو يوم تاريخي شهد إقبالا تاريخيا، وخروجا مهيبا من جانب الشعب المصري، وتكرر الأمر عندما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع وقتها، بمنحه تفويضا لمحاربة الإرهاب، واستمر الوضع كما هو عليه، وإن كانت نسبة المشاركة تراجعت، ولكن في حدود المتوقع والمسموح به، في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وتراجع الإقبال قليلا في الانتخابات الرئاسية، غير أن أحدا لم يذهب إلى أن تشهد الانتخابات البرلمانية الجارية ما يمكن وصفه ب"المقاطعة الشعبية". التخبط الحكومي كان حاضرا بقوة ل"تبرير المقاطعة"، غير أن هناك أصواتا ذهبت إلى أن المواطن العادي أصابته حالة من الملل؛ حيث لم يجد وسط الكم الهائل من الوجوه التي قررت الترشح للبرلمان، ما يرضي طموحه بعد ثورتين، كما لفت البعض الآخر النظر إلى أن الوجوه التي خاضت الانتخابات لم تختلف كثيرا عن الوجوه التي تصدرت المشهد في سنوات ما قبل الثورة الأولى. وتعقيبا على هذا الأمر، قال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية: ضعف إقبال الناخبين على التصويت بالانتخابات البرلمانية، اليوم، سببه حالة الارتباك العام التي تصيب المشهد السياسي، كما أن عدم اقتناع المواطنين بأن البرلمان المقبل سيفعل شيئا مفيدا، يأتي من أهم الأسباب التي أدت إلى تلك النتيجة أيضا. "نافعة" أكمل بقوله: غالبية المواطنين أصبح لديهم شعور بأن البرلمان المقبل سيكون وجوده مثل عدمه، وأن السلطة ستفعل ما تريده دون الحاجة إلى ذلك البرلمان، كما أن ضعف الإقبال يعد رسالة واضحة من الشعب، يعلن فيها اعتراضه مثل "حق الفيتو"، ضد الحكومة وسياساتها، تتضمن عدم رضائه عن محاولات تشويه ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وكذلك عدم رضائه عن ارتفاع الأسعار وسياسات رجال الأعمال حاليا. من جانبه، قال الكاتب الصحفي عبد الله السناوي: ما شهده اليوم الأول للتصويت بالمرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، داخل مصر، من ضعف إقبال الناخبين للمشاركة فيها، يعد فشلا سياسيا كبيرا، ووفقا للمؤشرات الأولية للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، فإن الانتخابات البرلمانية تعتبر أقل استحقاق انتخابي مشاركة منذ ثورة 25 يناير، والنجاح الوحيد الذي حدث خلال الجولة الأولى نجاح أمني في تأمين الانتخابات وفشل سياسي ذريع في الانتخابات. وأجع "السناوي"، عزوف الناخبين، إلى ما وصفه ب"جريمة النظام الانتخابي"، الذي تم الإصرار عليه دون الالتفات إلى مطالبات الأحزاب والقوى السياسية، ودون إجراء حوار وطني بشأنه. وتابع قائلا: القوى السياسية كانت تطالب بنظام انتخابي يتضمن 20٪ للفئات المهمشة، و40٪ للأحزاب، و20٪ للفردي، حتى يكون هناك تنافس سياسي حقيقي يَصب في صالح الحياة السياسية والمشهد السياسي بالبلاد، لافتا إلى أن ذلك كان سيعطي مذاقا تنافسيا للانتخابات من خلال تنافس الأحزاب من خلال برامجها الانتخابية المختلفة. إعلام انتصار دخل الإعلام المصري، الرسمي والخاص، لخانة "الفشلة"، وتحديدا فيما يتعلق ب"انتخابات النواب"، التي تؤكد كل الشواهد أن القنوات الفضائية كانت تسير في قافلة "بورنو انتصار" ومن على شاكلتها. غالبية برامج "التوك شو" دخلت في حرب مقدسة، منها من يدافع عن "انتصار" ويرفع شعارات الحرية، وعلى الجانب الآخر، رفعت شاشات أخرى راية "الفضيلة" وشاركت في حفلة "تقطيع انتصار" بالأدلة والبراهين. وسط المعارك الوهمية تلك، لم تجد الانتخابات البرلمانية موضع قدم لها في أي فقرة، لم يخرج من يتحدث مع المشاهدين عن أهمية المشاركة، عواقب المقاطعة والممانعة، لم نجد واحدا من تجار الفضيلة يقدم تحليلا واضحا للنظام الانتخابي الذي تجرى به الانتخابات، واكتفوا جميعهم بالموافقة على خروج "أوردر تصوير" لمتابعة اللجان، شبه الخاوية، وإلقاء الاتهامات على بقية الأطراف التي حاولت وكان لها أجر "الاجتهاد". من جانبه قال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة: وسائل الإعلام (المرئي والمسموع والمقروء) لم تقدم شرحًا وافيا للنظام الانتخابي، أو كيفية سير العملية الانتخابية، كما لم تسع من جانبها لتوضح للناخب الفرق بين نظام القائمة الانتخابية أو النظام الفردي، وهذا كله يدفعني للتأكيد على أننا نقف الآن أمام مشهد غير سوي وعبثي ساد وسائل الإعلام. "العالم" أكمل قائلا إن برامج "التوك شو" اهتمت بقضايا بسيطة على حساب قضايا أهم، ولم تبذل مجهودا في إيصال المعلومة كاملة للمشاهد، لعل أبرزها استضافة وائل الإبراشي للراقصة سما المصري لساعات طوال؛ لمناقشتها حول أسباب رفضها من اللجنة العليا لترشحها للانتخابات البرلمنية، وأهمية دائرة "الجمالية"، وتدخل الإعلامي أحمد موسى في اختيار المرشحين من خلال إعلانه استقبال تساؤلات الناخبين حول المرشحين تحت شعار "قولوا لي وأنا أقول لكم حلو ولا وحش"، وعلينا أن نقر بأن الإعلام لم يلتزم الحياد، وتحكم رجل الأعمال أساء من دوره وقيمته الإعلام في حياة المواطن، فهل يصح أن نعتمد الأحداث الصغيرة متمثلة في مشادة تامر أمين وسعد وتصريحات الفنانة انتصار ونتجاهل القضية الأكبر وهي الانتخابات. في ذات السياق، قال الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز: الإعلام بطبيعة الحال يتحمل جزءا من المسئولية تجاه عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية بشكل أو بآخر؛ لأن وسائل الإعلام لم تقم بالدور المنوط بها لتغطية هذه الانتخابات وتوضيح القيمة الحقيقية للحياة التشريعية، ودور المرشح في البرلمان والفرق ما بين مجلس النواب والمجلس المحلي، وأهمية دور المرشح التشريعي والخدمي.. تلك تساؤلات لم يجب عنها الإعلام بشكل أو بآخر، ورغم هذا أشير أيضا إلى أن تحميل الإعلام المسئولية الأكبر غير مقبول فهناك عجز سياسي وغياب للدولة. "نقلا عن العدد الورقي..."