نهب, وسلب ثروات, وإهدار مال عام فى مختلف مؤسسات الدولة فى عهد مبارك, فضلا عن الاستخفاف -طوال عهده- بأحكام القضاء, دفع البعض, وعلى رأسهم المستشار هشام جنينة - رئيس محكمة الاستئناف, ونائب رئيس نادى قضاة مصر سابقا- إلى المطالبة بإلغاء محاكم مجلس الدولة, وهيئة قضايا الدولة, والنيابة الادارية, ودمج كل الكيانات فى كيان واحد, لضمان استقلال السلطة القضائية, وهى الدعوة التى فتحت النيران عليه من جميع الاتجاهات, فى اشتباك له مذاق خاص.. هذه تفاصيله.. هشام جنينة : إلغاء «قضايا الدولة» هو الحل الاستقلالية تتطلب كيانا واحدا للقضاء بكلمات لها وقع طلقات الرصاص على الآخرين, قال المستشار هشام جنينة -رئيس محكمة الاستئناف وعضو مجلس نادى القضاة السابق- إن عمل هيئة قضايا الدولة اقرب ما يكون لعمل المحامين, مطالبا بدمج هيئة قضايا الدولة, والنيابة الإدارية فى السلطة القضائية, للوصول لإصلاح قضائى حقيقى, مشيرا إلى ان هذا المطلب ليس جديدا, مؤكدا ان القضاة نادوا به عام 1986. ساخرا مما كان يحدث فى سنوات حكم الرئيس السابق , اضاف قائلا : التشريعات فى عهد مبارك كانت كلها معيبة, ولم تكن مدروسة, وكان يتم سلقها فى ورشة تفصيل القوانين, ولم تكن تعكس توافقا عاما, مشددا على أن الحل الوحيد يكمن فى توحيد الهيئات القضائية فى السلطة القضائية. راميا الكرة فى ملعب الاخوان قال جنينة : آمل ان يكون مجلس الشعب الحالى عند حسن الظن به, وان يضع التشريعات التى تحقق العدالة, واستقلال القضاء, ليقوم برسالته على اكمل وجه. «توحيد جهات التقاضى ضرورة ملحة» هكذا قال المستشار هشام جنينة مؤكدا أن الدمج بات ضرورة , فى ظل تصاعد الشكاوى من بطء الإجراءات فى التقاضى, الناجم عن عجز مادى, وفنى, ربما لا تتمكن الدولة من توفيره, حتى بعد الثورة, فى ظل الاوضاع الاقتصادية الحالية . المستشار جنينة شدد على ان الدمج يقتضى إعادة هيكلة المنظومة القضائية, والاستفادة من كل الطاقات بصورة مثلى, وبما لا يكلف الدولة وميزانيتها مليما واحدا, مؤكدا أن الدمج سيساعد على تعويض النقص فى عدد القضاة, لأن دوائر الابتدائى, والاستئناف , سوف تستفيد بالخبرات المتراكمة لدى المستشارين العاملين بهيئة قضايا الدولة, والنيابة الادارية, وبالتالى يقل عدد القضايا التى ينظرها القاضى, وتتحقق السرعة فى إنجاز القضايا, وتتحقق العدالة الملموسة , والمقرونة بجودة العمل. وضعية النيابة الإدارية فى حالة الدمج -حسبما يقول جنينة- سيكون بإلحاقها بالنيابة العامة, ونقل اختصاصاتها للنيابة العامة, مؤكدا على ضرورة نقل جميع المقار والأبنية الخاصة بهيئة قضايا الدولة, والنيابة الإدارية للسلطة القضائية. الدمج المحقق للإصلاح القضائى - وفق رؤية المستشار جنينة- يتطلب ايضا نقل تبعية أبنية المحكمة الدستورية العليا, ومجلس الدولة للسلطة القضائية الموحدة, والتى يجب ان يحددها ويقرها القانون الجديد للسلطة القضائية, على ان يعامل جميع القضاة معاملة مالية واحدة, اسوة باعضاء المحكمة الدستورية. المستشار جنينة اتهم هيئة قضايا الدولة, باختزال جهود أعضائها فى الندب, مؤكدا ان الانتداب يؤثر على مجلس الدولة, ويختزل كثيرا من الكفاءات, ويترتب على ذلك تراكم الطعون, امام القضاء الإدارى, مشيرا الى ان عددهم يزيد علي 20 ألف محام تحت إشراف التفتيش الفنى بوزارة العدل, ويمكن الاستعانة بشيوخ القضاة لتأهليهم ليكونوا كوادر قضائية . أحمد مكى : نعم للدمج ولا لإلغاء مجلس الدولة ردود المستشار احمد مكى -نائب رئيس محكمة النقض- جاءت متفقة فى بعض الأمور مع كلام جنينة, ومختلفة معه فى جوانب أخرى, حيث يرى أن توحيد السلطة القضائية فى كيان واحد ضرورة حتمية للاستقلال الحقيقى للسلطة القضائية, ولكنه يرفض بشدة إلغاء محاكم مجلس الدولة, لأنها تنظر فى الكثير من القضايا المهمة ولأن لها دورا بارزا فى الدولة. «مكى» أكد ان الكيان الواحد للسلطة القضائية عن طريق الدمج يؤدى الى تيسير الأمور على المتقاضين, ويسهم بشكل قوى فى سرعة البت فى القضايا, وبالتالى فى تحقيق العدالة الناجزة. المستشار احمد مكى اوضح ان فكرة الدمج طرحت فى مؤتمر العدالة, وكانت تقوم على التوفيق, بمعنى تقسيم التخصصات القضائية فى كيانات موحدة, سواء القضاء الدستورى, او الإدارى, أو العادى, مؤكدا على ضرورة تجميع محاكم مجلس الدولة, والنيابة الإدارية, والمحاكم الاقتصادية, فى كيان واحد لتأخذ الشكل الدولى المعمول به فى العالم كله. «التوحيد لا يعنى الإلغاء» هكذا قال مكى مؤكدا فى الوقت نفسه ان دمج مجلس الدولة سيعزز مكانة القضاء, موضحا ان الدمج يعنى -من وجهة نظره- ان تكون المحاكم موحدة فى العمل, وقائمة فى الوقت نفسه على التخصص, وتبادل الخبرات.. المستشار احمد مكى انهى كلامه بأن الهيئة القضائية الموحدة قضية معروفة دوليا, مشيرا الى ان هناك دولا تؤمن بالقضاء الموحد, وتمثل 90% , منها انجلترا وأخرى تعمل بالنظامين مثل فرنسا, وبالتالى فإن تطبيقه فى مصر لن يكون بدعة, أو بالأمر الجديد أو المستحدث. محمد حامد الجمل : كلام نظرى ووهمى وغير مفهوم «كلام نظرى ووهمى» هكذا علق المستشار محمد حامد الجمل -نائب رئيس هيئة قضايا الدولة سابقا- على مطالبة المستشار هشام جنينة بدمج الهيئة, وتوحيد السلطة القضائية, قائلا : هيئة مستشارى الدولة لها دور محدد, هو الدفاع عن الحكومة, ومؤسساتها الإدارية, والقطاع العام أمام القضاء الإدارى, ويشرف عليها وزير العدل . الجمل وصف مناداة جنينة بالدمج, بأنه أمر غير مفهوم , متسائلا فى دهشة : كيف تدمج هيئة قضايا الدولة فى هيئات اخرى ؟! مؤكدا انه من الصعب الإقدام على هذه الخطوة, لأنها ستؤدى الى حرمان الدولة من وجود محامين يترافعون عنها امام القضاء, فى ظل الاتهامات التى توجه لها, والقضايا التى ترفع ضد مؤسساتها. برؤية ماهو ابعد فى كلام جنينة قال المستشار الجمل إن إلغاء محاكم مجلس الدولة يعد ضربة قاضية , لهيئة عريقة, موجودة منذ عام 1946 ترسخت فى الحياة المصرية, ومنصوص عليها فى الدستور المؤقت.. متهكما من المناداة بالدمج اضاف : لا يوجد مبرر للإلغاء إلا إذا كانت الدولة لا تريد الخضوع لسيادة القانون, ولا تريد مشروعية لقراراتها, وتصرفاتها, التى تصدر عنها, مؤكدا على انتفاء الفائدة من ضم مجلس الدولة لباقى الهيئات القضائية, وتوزيع مهامه على القضاء العادى, لأن هناك محاكم متخصصة فى القضاء الادارى, موضحا ان مجلس الدولة هيئة مستقلة, طبقا للدستور والقانون ولايمكن الاستغناء عنها, لأنه يؤدى الى اختفاء العدالة. المستشار حامد الجمل انهى كلامه بقوله : يجب التصدى لمثل هذه الدعوات, ورفضها, واصفا تحميل جنينة لتلك الهيئات مسئولية تباطؤ التقاضى بأنها حجة غير سليمة, لأن المشكلة تكمن فى قلة عدد القضاة, وهو امر يمكن التغلب عليه بزيادة عدد القضاة, خاصة أن هناك 10 آلاف خريج حقوق وشريعة وقانون لايعملون ويمكن الاستفادة بهم. تهانى الجبالى : ردة 08 عاماً «هذه الدعوة مرفوضة لانها تعد ردة بمصر لما يقرب من 80 عاما مضت» هذا رأى المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا فى دعوة المستشار هشام جنينة مؤكدة ان مصر دولة كبيرة ولا يصح ان يكون القضاء الادارى فيها مجرد غرفة فى القضاء كما هو معمول به فى الكويت وغيرها من الدول الصغيرة. الجبالى قالت إن مقترح جنينة يعد رجوعا الى الخلف فى قيمة القضاء المصرى لان كل هيئة قضائية سواء القضاء العادى او الدستورى او الادارى لها كيان خاص ورصيد تراكمى وتاريخى من العطاء فى بناء الدولة ولكل واحدة منها فهم اختصاص فى العدالة للوصول بدولة القانون الى بر الامان معربة عن دهشتها واستغرابها من كلام جنينة منهية حديثها بأنه كلام لايمكن قبوله او تأييده شمس الدين خفاجى : الاقتراح يهدم القلعة الحصينة «نرفض آراء جنينة وأمثاله لأنها تهدف لهدم مجلس الدولة» بهذه الكلمات بدأ المستشار أحمد شمس الدين خفاجي حديثه, موضحا ان النظام القضائى فى مصر يعتمد على الازدواجية فى القضاء, اى القضاء الإدارى إلى جانب القضاء العادى, وهو أمر متبع فى فرنسا, وفى العديد من الدول الأخرى, قائلا وموجها كلامه للمستشار هشام جنينة : الشعب المصرى كله يعرف ان مجلس الدولة هو مجلس الحريات, والعدالة الإدارية . خفاجى وصف الترويج بأن القضاء الإدارى بطئ بأنه كلام عار تماما من الصحة, مؤكدا انه سريع جدا, واكتسب خبرات كبيرة على مدار السنين, وقادر على نقل هذه الخبرات المتراكمة للأجيال القادمة. «مجلس الدولة هو الذى أسس المبادئ العامة لحقوق المواطنين, وساهم فى إنشاء مجالس دولة على شاكلته فى جميع الدول العربية» هكذا قال خفاجى مشيدا بمساهمة مجلس الدولة باحكامه فى حل برلمان 2010, الذى تم اختيار أعضائه بالتزوير, رافضا بشدة ما اسماه بالدعوات الرامية للتعدى على استقلالية مجلس الدولة, واصفا المجلس بأنه قلعة حصينة , للحفاظ على حقوق المواطنين, مؤكدا على أن كل أعضائه حريصون على التوحد للدفاع عنه. المستشار خفاجى كشف ان المجلس الخاص لشئون مجلس الدولة قرر تكليف لجنة مصغرة لإعداد مشروع البيان الخاص بقضية القضاء الموحد, ودمج مجلس الدولة, وهى مشكلة برئاسته, وعضوية المستشار سيد الطحان نائب رئيس المجلس ورئيس التفتيش القضائى, والمستشار احمد الوكيل نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحاكم الإدارية والتأديبية.