بعد الحكم ببراءة كل المتهمين فى قضية «موقعة الجمل» الشهيرة, التى دارت أحداثها خلال الأيام الأولى لثورة يناير, قرر الجمل بصفته بطل القصة أن يخرج عن صمته ويحكى تفاصيل الواقعة التى حيرت العالم كله ومازالت لغزا يضاهى لغز إدخال قطعة الثلج الكبيرة من فوهة زجاجة الماء.. ماء! لكن.. ترى لمن يبوح الجمل بالسر؟ فهو يعرف ان بنى البشر لو سمعوا ما يحكيه لن يصدقوه وسيعتبرونه كما أبو لمعة الأصلى, لهذا قرر أن يسر لبنى جلدته ما لديه من معلومات خطيرة حول الحادث الأشهر فى مصر. المدهش أن الجمل خاف أن يحكى ذلك السر للجمال الذكور فهو يعرف أنهم بلا خيال وأنهم ضيقو الأفق, بينما ما لديه من كلام يحتاج لذوى الخيال الواسع, وهنا قال فى نفسه «ومن أوسع من النوق خيالا», وعليها اختار نحو 001 ناقة من أصدقاء الطفولة والدراسة ليفتح لهن خزانة أسراره.. تجمعت النوق حول صاحبنا وذلك فى تلك الساحة الواسعة بالقرب من هرم سقارة, وشكلت نصف حلقة يتوسطها الجمل فبدا المشهد وكأننا أمام مجموعة من الخريجين الجدد ينصتون لخبير فى التنمية البشرية. قال الجمل وهو يمضغ بعضا من التبن: يا جماعة أنا النهاردة جمعتكم كى أحكى لكم عن تفاصيل الموقعة الشهيرة التى ارتبطت باسمى, والتى بسببها ساءت سمعة الإبل جميعا وباتت مثار غضب البشر والحيوان, وأنا هنا أبرئ ساحة فلول الحزب الوطنى ورموز نظام مبارك.. ناقة (1): إذن ومن فعلها؟ من أمرك بأن تفعل ما فعلت؟ الجمل: بصراحة لم يدفعنى أحد لذلك.. ناقة (2): يا سلام, يعنى أنت ذهبت للميدان وقتلت الثوار لوجه الله؟! الجمل: والنعمة حصل! ناقة (3): طيب, وما أسبابك؟ الجمل: يا جماعة ربنا عرفوه بالعقل, فما قمت به فى ميدان التحرير كان دفاعا عن أكل عيشى وعرفانا بجميل الرئيس مبارك.. ناقة (4): ما يتعلق بأكل العيش فهمناه, فتوقف السياحة مع اندلاع الثورة حرمك من العلف الضانى الذى كان صاحبك يقدمه لك, لكن ما هو جميل «مبارك» الذى تتحدث عنه؟ الجمل: الموضوع بعيد كل البعد عن السياحة, فلم أقتل الثوار فى ميدان التحرير لاجهض الثورة من أجل السياحة, وانا اصلا لا اعمل بالسياحة لا الآن ولا من قبل.. ناقة (5): يا ضناى يا بنى, اذن ماذا كنت تعمل! الجمل: يبدو انكم جميعا يا بنى الابل لا تعرفون قيمتى وعملى الاساسى, الا تتذكرون أننى كنت طوال فترة حكم الرئيس مبارك رمزا لمرشحى الحزب الوطنى فى كل الانتخابات البرلمانية لثلاثين عاما! ناقة (6): وهل هذه مهنة؟ الجمل: طبعا, بل اننى كنت على رتبة لواء شرطة بسبب هذا العمل, خاصة أننى كنت أرفض أن يأخذنى أى مرشح حزبى او مستقل رمزا له, كنت حكرا على رجال الحزب الوطنى وحدهم, ومعى شقيقى وتوأمى «الهلال», وكان مبارك – ربنا يشفيه – خير سند لنا فى كل الانتخابات, فكان يكفى أن أكون رمزا لفلان كى يصبح عضوا بمجلس الشعب وذلك بالذوق او بالعافية. ناقة (7): لهذا أنت تكن كل هذا الحب للرئيس المخلوع؟. الجمل محتدا: بس ماتقوليش مخلوع, بل قولى الرئيس مبارك.. ناقة (8): تقصد الرئيس السابق؟ الجمل: ولا السابق, فهو الرئيس ولا غيره رئيسا (باكيا) ربنا يفك سجنك يأبو عيلاء.. إهئ.. إهئ.. إهئ! ناقة (9): طيب وما دور فتحى سرور وصفوت الشريف ورجب حميدة وباقى المتهمين؟ الجمل: أشراف والله أشراف, وابرياء براءة الذئب من دم بن يعقوب, فقد كانوا فى هذا اليوم مشغولين بترتيب أمورهم, وانا وحدى من يتحمل الامر, فقد قلت ذلك كنوع من المسئولية والواجب الوطنى. ناقة (01) وهى تخرج من بين طيات صنمها كاميرا ديجيتال: طيب يا جمل, كل ما قلته تم تسجيله بالصوت والصورة, لو تحب نذيع قول ذيع ولو مش عايز برضوه هنذيع.. ههههه.. هههههههههههه.. ههههههههههههههههههه! الجمل مندهشا: يا ولاد الكلب.. وهنا يرتفع صوت سرينة سيارة الشرطة البيطرية, ويعلو صوت الميكروفون اليدوى ذلك الذى يستخدمه بائعو «الروبابيكيا» ويسمع صوتاً يقول: سلم نفسك يا جمل المكان كله محاصر, وكل اعترافاتك تم تسجيلها, لا تقاوم, فبصحبتنا كلاب وبهايم يستطيعون تقطيعك إربا لو حاولت الفرار.. أذهلت الصدمة صاحبنا وفقد القدرة على التصرف, لكنه سقط مغشيا عليه حين لمح هؤلاء الضباط والعساكر الذين جاءوا لإلقاء القبض عليه, فقد تيقن انهم سرور وحميدة والشريف, يرتدون ابيض فى ابيض ويضعون على اكتافهم النسور والنجوم, ويؤدون التحية العسكرية وهم فى تمام الصحة والعافية وكأنهم ولاد ال001 ناقة التى كان الجمل يحدثها قبل قليل!