من الجغرافيا قد تأتى الفتنة.. حروب أهلية تطل برأسها.. سيناريو مخيف لكنه ليس بعيدا, فسكان القرى الحدودية الحائرة بين هذه المحافظة أو تلك والمحرومون من حقوقهم الضائعة بين تنصل المسئولين هنا وتهرب المعنيين هناك, ليسوا سوى قنابل موقوتة قد تنفجر في الغد وربما الآن, إن لم ينزع الفتيل قبل فوات الأوان.. فعقب ثورة يناير تزايدت قناعات المهمشين والمظلومين أن حقوقهم لن تسترد إلا بالقوة وتبلور ذلك فى مئات من التظاهرات وقطع الطرق, وارتفعت حدة مشكلة أهالي القرى الحدودية بين مختلف المحافظات والذين وجدوا أنفسهم خارج الحسابات فى أكثر من مناسبة وكان آخرها انتخابات مجلس الشعب حيث تجاهلهم المرشحون وكأنهم ليسوا مصريين,وهو ما يزيد من احتمال اشتعال غضبة هؤلاء مع الانتخابات الرئاسية للفت الأنظار إلى مأساتهم. الدقهلية واحد ضد خمسة خمس محافظات هى «الغربية - كفر الشيخالقليوبيةالشرقيةدمياط»، فضلا عن بحيرة المنزلة التى تشترك فيها مع بورسعيد ودمياط تتشابك حدود محافظة الدقهلية وهو ما تسبب فى كثير من المشاكل الإدارية لأهالي المحافظة الذين يقطنون تلك القرى الحدودية. حدود الدقهلية مع الشرقية كانت ومازالت وبالا على أهالي قرية «السافيا», أعلي بحر «حدوث», والتى تتبع زراعيا مركز صان الحجر بالشرقية أما إداريا فهي قرية دقهلوية. ذات المشهد يتكرر فى قرية «البلامون» على حدود الشرقية مع مركز ديرب نجم رغم أنها تتبع مركز سنبلاوين بالدقهلية والتي تضم ما يزيد على 15 ألف نسمة وكذلك قرية القيطون التى تجاورها. أما قرية «السمارة» على مصرف بحر الشوبك فبدأت مشاكلها بعدما قام بعض أهالي الشرقية بردم 17 فدانا فى البر الأيمن لأراضي حوض الخلجان التابعة للشرقية فتاهت المعالم وسرقت خرائط مساحية لتمكين البعض من الاستيلاء على تلك المساحة من محافظة الدقهلية التى ضمت بشكل مريب للشرقية! و فى قرى حفير شهاب الدين بمركز بلقاس يعانى الأهالي من ندرة وصول مياه الري لأراضيهم لأنهم زراعيا يتبعون كفر الشيخ وما أكثر اضطراباتهم واعتصاماتهم خاصة أن تلك المنطقة تقوم بزراعة مئات الأفدنة من المحاصيل الإستراتيجية كالأرز وطالبوا بانضمامهم كليا لكفر الشيخ ولكن لم ينتبه لهم احد خاصة أن عددهم يتخطى 100 ألف نسمة. مشكلة جمصة البلد التابعة لمحافظة دمياط وجمصة المصيف التابعة للدقهلية تتجلى فى وضع كنيسة العذراء حيث نصفها على ارض الدقهلية والنصف الآخر يتبع دمياط وهو ما يتسبب فى أزمة فى إدارة الكنيسة بين المحافظتين . إسكندرية الجديدة قرية تابعة لمركز الجمالية ويقطنها 95 ألف مواطن بين حدود الدقهلية وحدود دمياط يبحثون عن هويتهم.. بدأت المشكلة حين أنشأت الدقهلية وحدة إسكندرية الجديدة على مقومات وخدمات دمياط ,ورغم محاولات توفيق الأوضاع والقرارات الجمهورية إلا أن النزاع لا يزال مستمرا على منطقة تفتيش السرو أو حوض 39 و40 الواقعة غرب مصرف السرو العمومي للجزء التابع لمحافظة دمياط بالقرية وهو ما أدى إلى انقسام الإسكندرية الجديدة والواقعة شرق مصرف السرو العمومي والتابع لمركز الجمالية وقرية تفتيش السرو المتنازع عليها والتابعة لمحافظه دمياط. منصور.. نموذج آخر للقرى الحائرة بين الدقهليةودمياط بسبب تبرؤ المحافظتين منها.. فذات صباح استيقظ أهالي 10 عزب على قرار بتقسيم الحدود بين دمياطوالدقهلية ولسوء حظهم أصبحوا جغرافيا تابعين للدقهلية وإداريا لدمياط دون الحصول على أي خدمة من هنا أو هناك. وعلى شاطئ بحيرة المنزلة تتصارع بورسعيد ودمياط مع الدقهلية وهو ما تسبب فى إهمال البحيرة وجعلها عرضة للتآكل ومستباحة من البلطجية , لذلك يصرخ أهالي مركز المطرية والذين تخطوا 250 ألف نسمة مطالبين باعتبار مركزهم تابعا لبورسعيد حفاظا على البحيرة قبل فوات الأوان.