على أبواب قرية قزمان بالمنيا يقف فيروس سى وتابعه الفشل الكلوي ليحصدان أرواح زهور يانعة لم تكمل عقدها الثالث من العمر بعد.. قرية طالتها لعنة الصرف الصحي ومعها عدة عزب تابعة فتحولت إلى مقبرة للشباب من أبنائها! عزب رحمي والقاضي وهدى شعراوي والقرية الأم قزمان فقدت فى العام الماضي 83 شابا في مقتبل العمر بعد إصابتهم بفيروس سى والفشل الكلوي بالإضافة إلى معاناة 8 آلاف مصاب بالفشل الكلوي يخضعون للعلاج فى انتظار المجهول. الدكتور أحمد أبو الفضل، أستاذ أمراض الكبد الوبائي بكلية الطب جامعة المنيا،أكد ل«فيتو» أنه اضطر لإعداد بحث متكامل عن هذه القرية وتدريسه لطلابه كبؤرة انتشار خطيرة لمرض الفشل الكلوي والإصابة بفيروس سى و كلما قلب فى صفحات هذا البحث كلما اكتشف مآس دامية . «فى البداية كان شابا واحدا يتوفى كل 51 يوما , و بعد أن تمكن المرض من حوالي 07 % من سكان هذه القرية والبالغ عددهم 21 ألف نسمة يشربون مياها مخلوطة بمياه الصرف الصحي ».. هكذا أوضح الدكتور أبو الفضل. بين الوجوه التى أعياها المرض تنقلت «فيتو» لترصد عطا عبد الحكيم ، 54 سنة ، عامل بكلية الهندسة ،يقول : ارتفاع مستوى مياه الصرف الصحي التي نقوم بتخزينها داخل «طرنشات» سطحية يضر الأهالي عند نقل المياه بأنفسهم إلى مصرف عمومي لتروى منها الأراضي الزراعية وتزداد الكارثة فبدلا من أن تؤذى أعيننا وأنفسنا من الرائحة ، نأكل طعاما ملوثا ، وذلك نتيجة لتأخر عربات نقل مياه الصرف بما يزيد على ثلاثة شهور بالرغم من دفع الرسوم التى تطلبها بالوحدة المحلية . ماهر إيليا, وجه آخر يقترب منا فيقول: مياه الصرف التي نقوم بنقلها إلى المصرف تصيبنا بأمراض خطيرة نتيجة انبعاث الروائح الكريهة فضلا عن تلوث الخضروات والفواكه التي تروى من مياه ملوثة ولا تضرنا وحدنا بل تضر كل من يأكل من ثمر هذه الأرض . عبد الناصر محمد يشارك هو الآخر , مشيرا إلى أن أحلام العديد من أبناء القرية فى السفر للعمل بالخارج هروبا من الفقر تتبدد حين يفاجئونا بأنهم مصابون بفيروس سى, أي ممنوعون من السفر طبقا للحجر الصحي . مصطفى على، طالب بكلية تربية نوعية ،يشيد إلى خطر جديد وموت مؤجل: « تسرب مياه الصرف من «البيارات» المحفورة داخل المنازل أدت إلى تأكل جدران المنازل فاضطر الأهالي إلى ترميم المنازل خوفا من انهيارها عليهم مما زاد من أعباء المعيشة . سعاد محمد أبو النصر،إحدى الأمهات المكلومات تصف جنازة ابنها شهيد الكبد الوبائي : لم يكن قد بلغ الأربعين من عمره , ولديه من الأطفال ثلاثة ..فوجئنا به يعانى من التهابات في المعدة وأعراض لا نعرفها وكل طبيب يصف دواء مختلفا وبعد 4 أيام من الحجز بمستشفى المنيا الجامعي فارق الحياة .