في الوقت الذي تنفق فيه الدولة الملايين من الجنيهات علي إنشاء المستشفيات, وشراء الأجهزة لعلاج المواطنين البسطاء من الأمراض الفتاكة, مثل أمراض الكبد والكلي, من جراء التلوثات البيئية التي أصبحت سمة هذا العصر. نجد نموذجا صارخا يهدر كل هذه الجهود التي تبذل من الدولة بمدينة قويسنا, وتنتج عنه آلاف المرضي في اليوم الواحد, وتعد قرية كفور الرمل والمنطقة الصناعية مثالا حيا علي ذلك, بعد أن غرقت بمياه الصرف الصحي والصناعي, علاوة علي قيام أكثر من100 مصنع بالمنطقة الصناعية بقويسنا بإلقاء مخلفات مصانعها, بالإضافة إلي قيام أكثر من7 قري وهي: قويسنا البلد, وبجيرم, وبني غريان, وكفر بني غريان, وكفر هلال, و3 عزب أخري بإلقاء أكثر من150 جرار كسح مياه وترنشات المنازل بالترع والمصارف التي تروي منها الأرض الزراعية, مما يعد كارثة صحية بسبب تلوث الزراعات, مما دفع المئات من أهالي قرية كفور الرمل وتوابعها بمركز قويسنا بمحافظة المنوفية إلي التجمهر وقطع الطريق, وإغلاق البوابات الرئيسية للمنطقة الصناعية احتجاجا علي غرق القرية وعدد من المناطق بالمنطقة الصناعية بمياه الصرف الصحي, وانتشار الأوبئة والأمراض بسبب مياه الصرف والكيماويات الناتجة عن مخلفات مصانع الجلود والأدوية الملاصقة لمنازل القرية. وقد قام الأهالي بإغلاق محطة الصرف الرئيسية بالمنطقة الصناعية ومنع المصانع من صرف مخلفاتها في الأراضي الزراعية والمصرف الرئيسي بالقرية, مطالبين بسرعة إنشاء محطة للصرف الصحي تخدم القري, بالإضافة إلي علاج جميع المصابين, وكفالة أسر المتوفين جراء الإصابة بأمراض الفشل الكلوي, وفيروس الكبد الوبائي( سي), وأمراض الرئة والسرطان, بالإضافة إلي إنشاء محطة لتحلية المياه. وطالب الأهالي بإقالة كل من المستشار أشرف هلال محافظ المنوفية, والمشرف العام علي المنطقة الصناعية لعدم استجابتهما للاستغاثات المتكررة التي أرسلها الأهالي إليهما. وفي أثناء جولة في هذه القري, خاصة علي المصرف الذي يعد من أكبر المصارف الموجودة بالمنوفية, وهو مصرف الخضراوية الذي يخترق هذه القري السبع والمنطقة الصناعية, كانت المفاجأة التي تعتبر قنبلة موقوتة تهدد بكارثة بيئية جديدة, وهي إنشاء25 مزرعة سمكية تربي علي مياه الصرف الصحي الصناعي وطرنشات الأهالي. قال طارق الحداد عضو جمعية حقوق الإنسان بالمنوفية: إن هذه المشكلة موجودة بالفعل داخل مدينة قويسنا, وتتمثل في قيام أهالي أكثر من25 قرية بإلقاء مياه الصرف الصحي الخاصة بمنازلهم في الترع, وقد تعددت الشكاوي للمسئولين عن البيئة بضرورة عمل الحملات المفاجئة, خاصة ليلا, علي الجرارات التي تلقي بهذه المخلفات في الترع والتحفظ عليها, وإحالة سائقيها إلي النيابة العامة وتغريمهم ماليا بغرامات كبيرة, مشيرا إلي وجود أكثر من25 مزرعة أسماك بقري المدينة, علاوة علي وجود5 مزارع أخري داخل مصرف بأجهور, وكذلك مزرعة أخري بمصرف أبنهس, بالإضافة إلي ما خفي من مزارع أخري تربي علي مياه الصرف الصناعي والصحي. وأكد ماهر شندي سالم رئيس المجلس المحلي السابق أن مسئول الزراعة بالمدينة قدم بالفعل مستندات تؤكد تعاقد أصحاب تلك المزارع مع مديرية الزراعة لإنشاء تلك المزارع داخل تلك المصارف, مشيرا إلي أن هذه المشكلة تعد كارثة بيئية خطيرة تهدد أكثر من200 ألف مواطن من سكان مدينة قويسنا بالأمراض الفتاكة نتيجة تربية هذه المزارع علي مياه الصرف الصناعي والصحي, كما تهدد الثروة الزراعية بالدمار حيث يتم بيع تلك الأسماك داخل الأسواق بهذه القري. وطالب ماهر شندي بالمرور علي تلك المزارع وحصرها تمهيدا لإصدار قرار بإزالتها فورا وتحويل أصحابها إلي النيابة العامة. وقال عرفان موجي: إن أكثر من15 فدانا تم تبويرها وحرق الزراعة, خاصة في محصولي البرسيم والقمح الموسم الماضي, بسبب هذه المياه الملوثة, وقد تعددت الشكاوي أمام مكاتب رؤساء المدن الذين تولوا مسئولية مدينة قويسنا, وآخرها في أوائل العام الماضي, لكن دون جدوي, حيث يتحول المحصول من اللون الأخضر إلي الأسود. وتشير كوثر عبدالواحد غنيم( ربة منزل) إلي أن معظم الأسماك التي يتم شراؤها من الباعة الجائلين بالقري نجدها في حالة تعفن شديد ورائحتها كريهة بسبب هذه المزارع التي تربي من مياه الصرف الصحي والصناعي, وطالبت بتعقب أصحاب الجرارات التي تلقي هذه المياه الملوثة, بالإضافة إلي أنه في فصل الصيف تزداد المشكلة بانبعاث الروائح الكريهة, فضلا عن مشكلة السحابة السوداء.