مثل غيري كنت أعرف أن نظام مبارك لا يترك الحرية لأحد . وبالذات للنائب العام أو القضاء . وكان يجد مخرجا قانونيا لكل من يريد ويفعّل القانون ضد كل من يريد . وقماشة القانون واسعة تتحمل التأويلات .ومن ثم مثل غيري كنت أري أن عزل النائب العام السابق مطلب ثوري . لكن كغيري كنت أتمني لو أتي النائب العام الجديد بالطريقة القانونية . وكنت أتصور أن الطرق مفتوحة بين الرئاسة ومجلس القضاء الأعلي بل النائب العام القديم نفسه ليخرج معززا مكرما – كغيره – ويأتي النائب العام الجديد بالشكل الذي لا يحتج عليه أحد لا من القضاء ولا النيابة ولا الساسة . لم يكن ذلك صعبا . وهنا كان يتميز مبارك - شوفولنا طريقة قانونية وماتوجعوش دماغي - هكذا أتصوره يتكلم . لكن حتي اذا تجاوزنا ذلك كله . فما أسمعه عن النائب العام يجعلني أسأله . ألا يخدش ثوبك القانوني يا سيدي ما يقال . حادثة المستشار الجليل مصطفي خاطر مع المتهمين أيام معركة قصر الاتحادية الاولي . وأخيرا النائب الذي ترك التحقيق مع متهمي قسم بولاق أبو العلا وأعلن انك تريد منه ألا يفرج عنهم . صحيح أنك في كل مرة تصدر بيانا يقول إن ذلك لم يحدث . وإن الإفراج أو الحبس مسئولية المحقق . لكن تكرار ذلك ومن رجال النيابة يترك أثرا سيئا علي ثوبك . وثوبك القانوني هو ما سيبقي لك. هل من الصعب يا سيدي أن تسد كل الطرق أمام تشويه ثوبك . هل من الصعب أن تفتح تحقيقا مع من اعتدوا علي المعتصمين أمام الاتحادية أول مرة ومن جمعهم من البلاد ليفعلوا ذلك ومن ظهرت صورهم يعذبون الناس علي اختلاف أوضاعهم خفير وسفير وما بينهما . هل ستعبر الكتب التاريخية عن ذلك ولن تقول إن تحقيقا لم يحدث في كذا وكيت . ليتك تطلب من أحد أن يأتي إليك بكتب التاريخ التي كتبها مؤرخون كبار مثل عبد الرحمن الرافعي وعبد العظيم رمضان وطارق البشري ومحمد أنيس وغيرهم . لتري ماذا يقولون عن كل من قصّر أيام الثورات والانتفاضات الكبري في تاريخ مصر . لا شيء يا سيدي يضيع . والأمر سهل جدا إذا نظرت الي نفسك . نفسك فقط ولا شيء آخر وسألت نفسك السؤال . هل من راحة نفسية يمكن أن يفوز بها الإنسان وهناك من يقول عنه إنه ليس محايدا ويعلن ذلك فأضطر الي تكذيبه وهو من رجال النيابة التي أنا علي رأسها . وهل حين يتكرر ذلك لن يصدقه أحد . وما الفائدة التي ستعود عليّ واسمي يقرن بعدم الحياد ومن رجالي .ربما يا سيدي لو فعلت ذلك اخذت نفسك بعيدا الي مكانها الذي لا يشوهه احد لا في قول ولا في مقالة ولا في كتاب . هذا عن السيد النائب العام . أما السيد وزير العدل فأنا أعرف أنه قانونيا لا يستطيع التدخل في أعمال النيابة أو القضاء . فلماذا لا يلتزم الصمت السياسي خاصة أن ما يقوله يبرر أخطاء لم يرتكبها هو فيبدو موافقا علي ما يحدث . يقول عن التعذيب والسحل إن ستة أو سبعة رقم كويس إذا قسنا الأمر علي عهد مبارك بينما العدل ألا تحدث حادثة واحدة . ويقول إن محمد الجندي مات في حادث سيارة قبل ظهور تقرير الطب الشرعي ثم يقول إن تصريحه هذا كان خطأ لكن الذي أبلغه هو وزير الداخلية . يا سيدي لقد أصبحت أنت الذي في الصورة لسبب بسيط جدا أن وزارتك اسمها العدل ولأن لك تاريخا كان دائما موضع احترام .وليتك أيضا تنظر الي نفسك وتسألها السؤال لماذا أتحمل كل هذا العبث من حولي وفي هذه السن التي تحتاج الي الراحة . الراحة يا سيدي هي مكسبك العظيم الذي سيبقي لأنك مهما فعلت فلن يأتي بنتيجة ايجابية أبدا . لأن الثورة وصلت إلي مفترق الطرق بين النظام والمعارضة وقريبا بين النظام والشعب كله حين تغرقنا السياسة الاقتصادية في مستنقع الفقر الشامل