أمين الرافعي هو أحد رواد الصحافة والحركة النضالية في القرن العشرين، خاض العديد من المعارك من أجل حرية صاحبة الجلالة، ومواقفه الوطنية لم تنته إلا بوفاته مبكرًا. في 18 ديسمبر 1886، ولد أحد رواد الصحافة والحركة الوطنية في القرن العشرين، أمين الرافعي، منتميًا إلى أسرة كريمة ترجع أصولها إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب، والده هو الشيخ عبد اللطيف بن مصطفى بن عبد القادر الرافعي، الذي كان يعمل في سلك الفتوى بعد تخرجه في الأزهر، وله ثلاثة أشقاء منهم المؤرخ الشهير عبد الرحمن الرافعي، وقد هاجر أجداده من الشام إلى مصر في السنوات الأولى من حكم محمد علي باشا، واشتغل معظم أفراد هذه الأسرة بالعلم والقضاء، إلا أن صاحبة الجلالة جذبت أمين إلى ساحتها. في عام 1905، التحق أمين الرافعي بمدرسة الحقوق الخديوية، وتخرج فيها عام 1909، وطوال سنوات دراسته بالحقوق كان يكتب في جريدة اللواء حتى تم تعطيلها في أغسطس 1912، ومن بعدها جريدة العلم حتى تم تعطيلها في نوفمبر 1913، ثم ترأس تحرير جريدة الشعب حتى أعلن هو نفسه توقفها عن الصدور في 27 نوفمبر عام 1914 حتى لا في عام 1905، التحق أمين الرافعي بمدرسة الحقوق الخديوية، وتخرج فيها عام 1909، وطوال سنوات دراسته بالحقوق كان يكتب في جريدة اللواء حتى تم تعطيلها في أغسطس 1912، ومن بعدها جريدة العلم حتى تم تعطيلها في نوفمبر 1913، ثم ترأس تحرير جريدة الشعب حتى أعلن هو نفسه توقفها عن الصدور في 27 نوفمبر عام 1914 حتى لا ينشر خبر إعلان الحماية البريطانية على مصر، لذا كان من أوائل المعتقلين لمعارضته فرض الحماية، ومعارضته لمنع عودة الخديوي عباس حلمي الثاني إلى البلاد 19 ديسمبر 1914. وبعد تدخل سعد زغلول لدى السلطان حسين كامل للإفراج عن أمين الرافعي وزملائه من الحزب الوطني المعتقلين، استدعاه السلطان وطلب منه إعادة إصدار جريدته الشعب، وأمر بأن يُصرف له خمسة آلاف جنيه، فرفض رغم قيمة المبلغ ورغم عدم امتلاكه آنذاك سوى عشرة قروش، وعمل أمين تحت لواء حزب "الوفد" محبًا لسعد زغلول، رغم انتمائه إلى الحزب الوطني، وفي فترة أخرى احتدم الخلاف بينه وبين سعد باشا، وحاول أحد مريديه أن ينال من الزعيم أمامه، فأوقعه على الفور، وقال: "إن سعد هو أقرب الناس إلى الشعب، وهو أكثر الزعماء كفاءة ومقدرة على أعباء الزعامة". وعندما بدأت حركة الوفد في نوفمبر 1918 رأى في الوفد قوة فتية جديدة يحسن الربط بينها والحزب الوطني، وأصبح من عناصر حزبه القريبة إلى "الوفد"، الذي اعتبره وكيلًا عن الأمة وليس مجرد حزب، وحينما اندلعت ثورة 1919 انصهر أمين في بوتقتها، ودعا إلى نبذ التعصب الحزبي، وفي 22 فبراير 1920، أصدر جريدة "الأخبار"، والتي أصدرها في البداية يوسف الخازن 1896، ثم تنازل عن رخصتها لعبد الحميد حمدي في أخريات عام 1918، ثم آلت "الأخبار" إلى شركة الصحافة الوطنية، وكان أمين الرافعي شريك فيها، فأعاد إصدار الجريدة. "إن مهمتي الوحيدة أن أقول ما أعتقد وأن أقوله في الصحافة، وما خُلقت لأغنم مالًا أو جاهًا، بل خُلقت لأدعو الناس وأرشدهم عن طريق الصحافة إلى الوطنية والفضيلة والإيمان".. أمين الرافعي. وفي مارس عام 1920، كتب سعد زغلول عن الأخبار: "سرنا أن أصدر أمين بك الرافعي جريدة الأخبار التي نرجو لها التوفيق والنجاح"، وتعرضت فيما بعد الجريدة لأزمة مالية، وبادر سعد باشا إلى عرض مساعداته على أمين الرافعي الذي اعتذر شاكرًا، ثم تعرضت لأزمة أعنف في أواخر عام 1923، فكرر زغلول عرض المساعدة، فكتب أمين: "وقع من نفسي أحسن وأعظم ما وقع ما علمته من استعداد معاليكم لإقراضي مبلغا أعالج به الأزمة التي تجتازها الأخبار الآن على أن أرده عندما تتحسن أحوال الجريدة، وإني لعاجز كل العجز عن أداء واجب الشكر لكم"، ثم اعتذر مجددًا. خاض الرافعي ب"الأخبار" العديد من المعارك، وأهمها معركة لجنة الدستور التي أطلق عليها سعد زغلول إنها لجنة الأشقياء، ثم نشر سلسلة من المقالات يطالب بضرورة تقييد سلطة الملك، وحملته القوية على تصريح 28 فبراير 1922، وهو التصريح التي أعلنت فيه بريطانيا إنهاء الحماية على مصر، وأن مصر دولة مستقله ذات سيادة، لكنها احتفظت بحق تأمين مواصلات إمبراطوريتها، وحقها في الدفاع عن مصر ضد أي اعتداء أو تدخل أجنبي، وحماية المصالح الأجنبية والأقليات فيها، حيث وصف تلك الضمانات بأنها تهدم الاستقلال وتقضي على مبدأ السيادة. وعندما أصدر الملك فؤاد مرسومًا بحل مجلس النواب نهاية عام 1924، كتب الرافعي على صفحات "الأخبار"، سلسلة مقالات اعتراضًا على القرار، وطالب النواب بالاجتماع بدون دعوة الملك، وكان لدعوته أثر كبير في تشجيع النواب، وبالفعل عقد البرلمان جلسته التاريخية بفندق "الكونتننتال" في 21 من نوفمبر 1925، وكسبت الأمة عودة الحياة النيابية بقوة إرادتها، وكتب حينها: "انعقاد البرلمان كان له أثران في نفسي: الأول سروري بإنقاذ الدستور، والثاني ارتياح ضميري ارتياحًا يشعر به كل من وفقه الله إلى دعوة صالحة كُتب لها التحقيق بنجاح". رغم كل الإنجازات ورحلة النضال الوطني، وتجاربه الرائدة في بلاط صاحبة الجلالة، سرعان ما غاب أمين الرافعي عن الساحة، حيث توفى في 29 ديسمبر 1927، وهو في مطلع الأربعينيات، وإذا بجنازته تتحول إلى جنازة شعبية شارك فيها خصومه قبل رفاقه وأصدقائه من أدباء وكتاب ومفكرين وسياسيين، وقد رثاه شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدة بعنوان "أما أمين"، ومن أبياتها:- أما أمين فقد ذقنا لمصرعه وخطبه من صنوف الحزن ألوانا مضى نقيا عفيف النفس محتسبا فهد من دولة الأخلاق أركانا وكتب فيه أمير الشعراء أحمد شوقي:- يا أمين الحقوق أديت حتى لم تخن مصر في الحقوق فتيلا ولو استطعت زدت مصر من الحق على نيلها المبارك نيلا تنشد الناس في القضية لحنا كالحواري ورتل الإنجيلا ما تبالي مضيت وحدك تحمي حوزة الحق أم مضيت قبيلا وقال عنه الكاتب صبري أبو المجد: "كان الرافعي أجرأ الصحفيين على الخديو عباس والسلطان حسين والملك فؤاد بوصفهم ممثلي السلطة، بل كان أجرأ الصحفيين على كرومر وكتشنر وونجت بوصفهم ممثلي السلطة الفعلية في البلاد، وكان إلى جانب هذا كله سياسيًا بعيد النظر إلى أبعد الحدود". فيما قال أخوه المؤرخ عبد الرحمن الرافعي: "إن أمين لم يكن أخي فحسب، بل إن منزلته كمجاهد في الحركة القومية تعلو في نفسي على منزلته كأخ أكبر لي، ولولا ذلك لما شعرت نحوه بهذا الحب العميق الذي كان يغمرني في حياته واستمر أعوام بعد وفاته". كما كتب عنه عباس العقاد: "كان أمين الرافعي رحمه الله مؤمنًا وكفى بالإيمان عزاء في شقاء الحياة، وكفى به شقاء في عالم الكفاح، فلولا إيمان الرجل لعز عليه الصبر على بلائه، فالإيمان عدوه والإيمان حليفه، ويا لشقاء من يأتيه الكيد من حليفه الحميم، ويا لسعادة من يأتيه العون من عدوه المبين". قضى أمين الرافعي حياته القصيرة في معارك الدفاع عن استقلال الوطن وحرية الصحافة، وبعد أكثر من نصف قرن على رحيله كرمه الرئيس أنور السادات إبان الاحتفال بالعيد الأربعين لنقابة الصحفيين في مارس عام 1981، وذلك بمنح اسمه قلادة الجمهورية، اعترافًا بدوره النضالي وفضله على مهنة الصحافة.